سقيفة الشبامي - العيد والعاصمة الحضرمية وخواتيم رمضان والعودة الى التراث العربي الحضرمي الاصيل

في زمن الأحفاد
التراث جديد (ختايم) مساجد المكلا الرمضانية

17/9/2009 المكلا اليوم / كتب: صالح حسين الفردي

أحفاد المكلا .. المستحيل ممكن:

تميزت أمسيات رمضان لهذا العام 1430هـ، في مدينة بالمكلا باتساع دائرة الاهتمام الشعبي - المجتمعي - بمراسيم تراثية اندثرت، أو كادت، في السنوات الماضية، وقد ظنّ الكثيرون أن عودتها أصبحت في حكم المستحيل، ولكن، أحفاد المكلا، والجيل القادم بقوة إلى واجهة المدينة، جعل من المستحيل ممكناً.
فنفض غبار الإهمال والطمس والتشويه الذي عانى منه تراثنا الحضرمي من خلال إسقاطه في مجاهل سحيقة من الصمت المريب، حتى إذا ما جاء الدور لاستدعائه من تلك المجاهل كانت الواجهات الرسمية - المؤتمنة عليه - تعيده إلى الواجهة بشكل لا يليق به ولا يعمقه ولا يؤصله وفق قواعد فنية منهجية رصينة، تأخذ منه ما يفيد، والأدلة على ذلك ما أكثرها، ونحن هنا، لسنا بصدد نبش هذه الاستدعاءات التي لم تكن يوماً إلا وفق قانون - بكم، وحقنا عند من!.

أحفاد المكلا .. يا راد يا عوّاد:

لقد عاد الأحفاد إلى تراث الأجداد، متجاوزين ما صنعه الأبناء، بهذا الموروث الشعبي، لنجدهم وقد توشحوا بالكثير من ملامحه وتنويعاته الأصيلة، فكانت أمسيات رمضان المكلاوية فرصتهم التي لا تعوّض لإثبات الذات والبحث عن الجذور، فمن ختم مسجد الفلاح بحي السلام، إلى نور المنقذ بحي العمال، شرج باسالم، إلى مساجد بازرعة وباحيلوة وبصعر، وجامع عمربحي السلام، وصولاً إلى مسجد الغالبي ونور البلاد بحي الشهيد خالد، هذه الجوامع والمساجد التي جلّها من مساجد المكلا القديمة، باستثناء الفلاح، بما يشي أن فتيان المدينة وشبابها قد عادوا إلى خفايا التراث بما يحمله من تنويعات فلكلورية - رقصات أزياء ولوحات تعبيرية - وأدوات منزلية تراثية - تراجعت بفعل التطور التقني، هذه التنويعات التي نجحوا في تقديمها في عصريات (الختايم) لهذه الجوامع والمساجد، كانت - بلا شك - حديث المدينة الذي يتراسل في اتجاهات عدة، ويعطي مؤشرات لا تخفى على لبيب أن الجيل الذي ظنه البعض قد أصيب بالعمى التراثي، والتشظي المجتمعي، يقطع بعشقه للجذور وتراث الأجداد بما خلفه من معان وسلوكيات وأخلاقيات وترابط اجتماعي كفل للمجتمع المكلاوي حياة نقية صافية مليئة بالتواد والإيثار والحب وتقديم العون للمكلوم والمعوز، وهي معان تراجعت - كثيراً - بفعل تعميم وتعميق ثقافة الفهلوة والسمسرة وتغيير الموافق للوصول إلى الغايات الرخيصة والثراء المسموم.

أحفاد المكلا .. ابتسامة فرح ودهشة حياة:

لقد رسم فتيان المكلا وشبابها، بمساندة وتوجيه ممن تبقى من مرجعيات اجتماعية أصيلة لم تسقط في بئر التغريب المحلي والإقليمي، الذي يهيمن بقوة المال على الكثيرين، نجحوا في زرع ابتسامة الفرح لدى الكبار والدهشة والتساؤلات في وجوه الصغار، في هذه أمسيات المكلا الرمضانية، فتنقّل الناس بين نشاطات وبرامج تلك الأمسيات، من منطلق الحنين لذلك الماضي التليد الذي غرسه قومٌ كانوا أمينين على ذاكرة المدينة ونبضها الدافق بالحياة والمودة والرقي والسمو الإنساني، لتغدو مقوماً عميقاً في جسد المدينة وذاكرتها النابضة.

أحفاد المكلا.. القادم أجمل:

من الأمور التي تدفع بك إلى تقدير هذه الظاهرة، والتعمق في قراءتها، أن الفعل الثقافي يتجلّى في أبهى صوره ومعانيه من خلال هذه (العصاري) المكلاوية التي ترجمها أحفاد بالمكلا بتكليف مادية لا تذكر، من خلال تبرعات بسيطة ارتقت إلى عمق الغاية ونبل الهدف لتشكل لوحة جماعية وفريق واحد يذهب إلى النجاح بأقل التكاليف ودون حاجة إلى (كشوفات وفواتير) وقائمة من المنتفعين المخفيين إلا عند سندات الصرف، لقد كانت (ختايم) عابقة بالتراث وظفت فيها كل منظومته التي يعجز عن تشكيلها جهابذة الأطر الرسمية والمكاتب التي لا تحرك ساكناً، إلا بعد دفع مقدماً، أو التعهد من قبل ضمين مالي مسّلم!.

أحفاد المكلا .. وحياء السلطة:

لقد ركبت السلطة المحلية هذه المناشط، وحاولت الظهور بمظهر الحريص على التراث وتاريخ المدينة خاصة وحضرموت عامة، ولكننا، نؤكد أن النوايا الطيبة لدى البعض منهم، ربما، لا توقف عبثاً، ولا تعيق تشويهاً، ولا تحصّن جيلاً، ولا تعمِّق سلوكياتٍ، ولا تضيف تراكماً كمياً أو نوعياً، لهذه المدينة وأخواتها من المدن والحواضر الحضرمية التي تستنزف من داخلها في صمت متواطئ يدفع إلى الانهيارات الكثيرة التي تفاجأ بها السلطة، دون أن تكون لديها قراءة معمقة لحقائق الأشياء وفهمها بشكل يثري ولا يزيل، يبني ولا يهدم، فمنظومة الثقافة في عمقها التراثي هي المنطلق الأساس لفهم سيكولوجية شعب من الشعوب، فما بالنا بحضرموت عامة، والمكلا خاصة، وقد تراجع الاهتمام بالتراث بمفهومه الشامل، وغدت الثقافة ترفاً لا يجب الخوض فيه، وأصبحت الأجندات تتصادم وتتعارك في ساحة تؤكد يوماً بعد يوم أنها لم تفقد الوعي، ولن تفقده، حتى وإن صمتت لبرهة من الزمن..

ويا راد يا عوّاد .. كل عام وانتم في خير وأكثر!.

ولمشاهدة الصوروحمل السلاح العيلمان والبلجيك ايام العز ستعود ان شأالله
ادخل الرابط التالي:
المكلا اليوم | تفاصيل الخبر

اجمالي التعليقات 4

--------------------------------------------------------------------------------
1)- ابن الساحل (مصر) 18-09-2009 حيوية وانتعاش الختايم لهذه السنة تحمل رسائل كثيرة لأكثر من طرف وواجب الكتاب والمثقفون الآن فض هذه الرسائل وتسطيرها في صحائفهم بنفس القوة والجدية التي سطرها به أولئك البسطاء على أرض الواقع ، ويشكر للفردي بادرته في هذا الصدد ..

2)- محمد بامطرف (السعوديه ) 18-09-2009 ياسلام ايش هذا الابداع .

3)- مكلاوي (المكلا) 18-09-2009 شكراً للكاتب على حرصه على التراث الحضرمي ( يوجد خطأ بالمقال الختم كان في مسجد النور اللي بالحاره وليس نور البلاد الرجاء التعديل إلى مسجد النور وكذا لم يذكر جامع البلاد ) .

فهمي فؤاد (المكلا) 17-09-2009 ماشي كما القديم ....................