سقيفة الشبامي - عيـــار 24

با حريز فارس المدارة

بعض من أشعاره

مقدمة

لكل سماء كواكب ونجوم تتلا لأ في كبدها ,سابحة بأناقة وجمال ,ولكل أمة هامات عظام خلدها التاريخ على مر العهود لمآثرها وعظيم إبداعاتها..والقاسم المشترك بينها الظهور والبروز دون استئذان ,وإثبات الوجود ومحاكاة الزمان وما يحز في نفوسنا أننا نعمد بقصد أو دونه إلى الإساءة إلى تلك الهامات, وطمس هذه الكواكب والنجوم المتأ لقة من تاريخنا دون الإدراك والاهتمام بالمستقبل , فتطغى أمورنا الشخصية وماديتنا ونسهم في وأد ثقافتنا وحضارتنا بدلاً من رعايتها.!

من هذا المنطلق بدرجة رئيسية وكجزء من الوفاء لمدينتي المكلا التي اعشقها أيما عشق.

وحفاظا على الفلكلور الشعبي ((المكلاوي) )الحضرمي لما له من حيثيات اللهجة والعادات والتقاليد والحياة الاجتماعية والدينية والثقافية عبر الشعر الشعبي.

وأما اختياري لان يكون مادة حديثنا تجميع اشعارالشاعر(سعيد فرج باحريز) فينطلق من عدة أسس لعل أبرزها:

أولاً:عبقرية وإبداع هذا الإنسان المتواضع الوفي الذي عاش حياته التي تزيد عن السبعة عقود في عطاء مستمر دون أن يعطى حقه اللائق به, حيث أضاف الكثير والكثير إلى تراثنا الثقافي الحضاري المتميز رغم تجاهل المعنيين له , واستطاع بموهبته الفذة أن يصنع له قاعدة صلبة , إلا أن رمال التجاهل والنسيان والجهل تحاول جاهدة الزحف عليها وطمرها(تغطيتها) فهذه المحاولة اقل ما يمكن تقديمه في هذه الشخصية الفريدة في عصرها.
ثانيا:البساطة والسلاسة في استخدام الكلمات الشعبية الدارجة وتوظيفها بروعة وإتقان لصياغة أجمل الصور والتشبيهات الشعرية ,إضافة إلى عمق وغزارة المعنى في الموضوع الذي يطرح بأسلوب شيق آخذ هذه الشفا فية والسحر جعلتا باحريز موهبة تضاهي عمالقة الشعر الفصيح.
ولولا محدودية الإعلام وضيق الأفق لدرست أشعاره على مستوى الجامعات.
وارى أن البساطة التي يتسم بها شعر باحريز هي انعكاس طبيعي لدعة وسكون المجتمع المكلاوي الحضرمي خاصة في تلك الفترة والحقبة الزمنية الرائعة من ثلاثينيات القرن الماضي , حيث تواد الناس وتقاربهم والفتهم وبساطة الحياة نفسها,فلم تكن تعقيدات المدنية قد وجدت بعد,فمثلا في محاولة إزالة سوء التفاهم بين الشاعرين باحريز ويسلم
با حكم لم تحتج إلى جلسات واجتماعات مغلقة لبحث أسبابه ومناقشتها , فالفاصل بيتان من الشعر بلسان الحكم الشاعر سعيد زحفان حيث قال:
يسلم ألا ولد ما يخمي الحوض يسلم***انته يا لاس معروفه ملفتك يالاس
تراشخوا بالكوافي لأنهن ما يظهرن دم***الكوافي خرق ما منهن لكع ودحا س

بيتان من الشعر كانا كافيين لإنهاء هذا الخلاف الذي لا يمكن لنا أن نسميه خلافا بقدر ما هو سحابة صيف عابرة وانجلت .وهذا شاهد حال على ذلك.
ثالثا: من دوافع الاهتمام بتجميع شعر باحريز الوقفة التاريخية على مدينة المكلا خاصة وحضرموت عامة لما كانت عليه من أحوال ..فقد جسد الشاعر باحريز بشعره الكثير من الموروث الشعبي من عادات وتقاليد وجوانب الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ... الخ
الأمر الذي أعطى لشعره بعداً ومكانة عالية تتجاوز حدود الزمان والمكان .فمثلا حول العادات والتقاليد والمعتقدات الشعبية:

بك هتفة المحضار يا ناجي وسالم بن عمر

بغيتنا زورك وترك في زيارة عايبات

***

ربك قسم وعطا الجماعة الشرج يا سالم حمد

وزيارة العطاس للجا ويد والناس الخيار

***

من لا تجيبه العيد وتجيبه زيارة مسجدي

صفر على كتبته وعطه بالطرف ظهر النهار

***

وفي الجانب الاجتماعي وتاثير التمازج السكاني بين اهل المكلا والصوماليين نتيجة النشاط الملاحي بين الساحلين العربي والقرن الافريقي يقول باحريز مستخدما بعض الكلمات الصومالية.

أبان ما با بيع شي رجال ماعندك لعق

من لاقدر عاللحم يوخذ له لخم والاحنيد

باحريز

ميلاده ونشاته

المتحدثون عن الشاعر/ سعيد فرج باحريز اعلاميا يرجعون تاريخ ميلاده الى نحو1900م, وما وجدته في المصدر يقول- على لسان ابنته تقريب المعلومات مثل عمر المولود البكر وسن الزواج وتباعد فترات الحمل واعمار الابناء وعددهم يشير الى انه كان نهاية العقد الاول (6-9)من القرن العشرين للميلاد,وقد يزيد قليلا او يقل , اذ لم يكن العامة يهتمون بالتدوين والتوثيق للتاريخ ,بل ان القراءة والكتابة كانتا محصورتين في فئة معينة من ابناء المجتمع ,وورد في وثيقة رسمية ضمن الملف الشخصي للشاعر لدى مصلحة المالية انه من مواليد 1905م.

اما عن منطقة ميلاده فتشير المعلومات من اسرته نه قدم مع والده وعمته من مديرية حجرالى المكلا وهو في السابعة من العمر وتحديدا من قرية الحصين بمنطقة الجول عاصمة المديرية , وامه كانت في المكلا, ولم تتوجه مع زوجها,لذا فالمرجح ان الاب قد كان كثير التردد على مدينة المكلا وتزوج بها من اسرة (باصميد) ومن ثم اخذ الطفل لزيارة المنطقة وتعريف الاهل عليه.

لم يذق الشاعر باحريز الحياة الرغيدة وترف العيش,وقد حاول ان يغير نمط حياة الريف والجهل,والتحق بمعلامة السيد مصطفى بونمي بالمكلا بمسجد النور,وتعلم المباديء الاساسية للقراءة والكتابة الا انه لم يتمكن من الاستمرارفي ذلك.

بسبب ظروف الحياة القاسية التي اجبرته على ترك التعلم والبحث عن عمل لكسب قوت يومه , الى جانب وفات والدته الامر الذي الزمه ان يكون مسؤلا عن نفسه.

وكانت فترة قدوم الشاعر باحريز الى المكلا كانت من اقسى ظروف حياته حيث كانت هذه الفترة هي فترة الحرب العالمية الاولى1914-1918م, ولا شك انها اثرت في نفسية الفتى القادم من الريف وهدمت احلامه,كما تاثرة حياة الكثيرين من ابناء حضرموت ,حيث تاثرة المنطقة كغيرها من المناطق التي تضررت فيها حركة التجارة والاقتصاد بهذه الحرب التي لم تدر بخلد باحريز.

المتهن الشاعر سعيد فرج باحريز عددا من الاعمال الشاقة كالبناء والتعريص وكذلك بياعا في سوق الحراج واعداد بعض الوجبات الشعبية مثل الباقية والسانبوسة, والتحق بالعمل الحكومي في5/5/1936م حيث عمل جنديا بقسم شرطة المكلا لفترة بسيطة واستبعد منه, ثم عمل مراسلا بمكتب الجوازات بالسكرتارية في وزارة الدولة القعيطية حتى التقاعد في21/12/1965م.

بدايات الشاعر سعيد فرج باحريز

تاثر الشاعر سعيد باحريزبجده الشاعر سالم عبيد كسح جده لامه.

ويذكر ان اول مدارة شبواني شارك فيها كانت عام 1944م في مناسبة زواج عبدالله عوض بن دهري من ابناء حي الحارة, وهو في سن ال35 عاما.ومرثيته في صالح بوسبعة عام1943م ومسرحتا المعاهده الاستشارية1937م والالفية1932م,ذلك يوكد ان الشاعر باحريز قد بدأ في قول الشعر قبل اكمال العقد الثاني من عمره,والا ما كانت تاتينا اشعاره حتى قبل عام 1932م بهذا السبك والحنكة.

ومن ما استهل به الشاعر سعيد فرج باحريز في زواج بن دهري في مساجلة هذاالزواج

يارب سالك بحق عم وطسم

وما قرأ واحد الورقه وعنوانها

ايضا وما هبت العليا وريح النسيم

ايضا وما اعتدت الاشهر وايامها

وبعد صلوا على جد الحسن جيم ميم

هو لاطلب الشفاعه للعرب جابها

سلام مني على رجال حيا الحكيم

يعرف صلاح البلد ياناس وخرابها

وسلام ثاني للي يسمع وقلبه فهيم

ما دلهمت والعرب سقوا من سبالها

وبعد يا بن دحي قل يانعيم النعيم

حارة السعد زانت وانفتح بابها

جاها ولد يعرف المعنى وعظمه صميم

فزتوا بها وانت قل لي صدق فزنا بها

وفات الشاعر سعيد فرج باحريز

انتقلت روح الشاعرسعيد فرج باحريز الى رحمة الله ورضوانه وواسع مغفرته في صبيحة يوم الاحد الموافق 19من يوليو عام 1987م, بعد معاناه مع المرض وبعد معاناه استمرت لعدة سنوات , حيث كان رحمه الله يشكوا من الام في صدره , ولزم الفراش خلال السنتين الاخيرتين من حياته فاقدا للوعي في الاشهر الثلاثة الاخيرة,وقد اذيع نعيه عبر اذاعة المكلا وشيع ثمانه الطاهر بعد الصلاة عليه عصرا في مسجد عمر ووري الثرى في مثواه الاخير بمقبرة يعقوب ولتطوى اخر صفحة من حياة شاعر المكلا سعيد فرج باحريز التي دامة نحو سبعين عاما ونيف.

وقد قام فرع اتحاد الادباء والكتاب اليمنيين بجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والجمعية الادبية للشباب بالمحافظة ومنظمة لجان الدفاع الشعبي بمديرية المكلا بتابينه , والشاعرسعيد محمد البطاطي على سطح نادي المكلا 29/8/1987م, وتم تكريمه في عيد العام 1979م وكان قد تمكن من اداء فريضة الحج قبل وفاته بعدة سنوات.

شهادة للتاريخ

دار جدل عميق بين كل من الشاعرين محمد سعيد بكير ومحمد عوض بكير حول قدرات الشاعرين بكران وباحريز,وكان محمد سعيد يشيد بالشاعر بكران في حين كان محمد عوض يشيد بالشاعر باحريز,وما كان من سبيل امامهم الا الاحتكام الى استاذ الشعر والمدارة الشاعر احمد محمد بكير الذي كان حينها طريح الفراش, وذهب محمد عوض الى الشاعر باحريز حاملا معه بيت من الشعر كامتحان من الشاعر احمد بكيريقول فيه:

ما اعتكينا الهي با تقع عمبكيكه

با نلقي لها سده وابواب وخلاف

وطلب من باحريز تركيب بيتي شعر في الحال ردا على البيت السابق,فانشد باحريز لتوه:

قال بوالحرز ما حط الكتب عالركيكه

ولا جمال المعاصر شلهن حيث نختاف

كل من شلهن ورضي بهن له هليكه

له هليكه ويسقط من على راس هفا ف

فما كان من الشاعر احمد محمد بكير وامام هذا الجواب المباشر الا ان ايد راي محمد عوض ويشهد للشاعر باحريز بالمقدرة الشعرية والتميز.

( منقول لتعريف بالشاعر ) .