الغلو في محبة الشيخ محمد بن عبدالوهاب يرحمه الله
الغلو في محبة الشيخ محمد بن عبدالوهاب يرحمه الله يظهِر الكثير من أتباع الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في كل مايكتبون عنه وعن مؤلفاته الكثير من المبالغات .. فهم يصوّرون مؤلفات الشيخ لمن لايعرفها وكأنها من أهم كتب الدين على الإطلاق .. ويلبسون أقوالهم تلك الكثير من المبالغة في تقديس تلك الكتب وتقديس الشيخ نفسه .. ويلبسون أقوالهم عن مؤلفاته الكثير من المبالغة والمغالطات .. بينما كتب الشيخ لاتعدو أن تكون ( وريقات بسيطة ) حيث أن الشيخ يرحمه الله لايعتبرمن أهل العلم المعتبرين في عصره من علماء الحنابلة .. بل لم يذكره ولم يترجم له الشيخ بن حميد في كتابه ( السبل الوابلة على أضرحة الحنابلة ) ولم يُترجم للشيخ ولم يعدّه أحد من طبقات الحنابلة في القرن الثاني عشر بينما ترجموا لوالده الشيخ عبدالوهاب بن سليمان رحمه الله وشقيقه الشيخ سليمان .. فالشيخ يرحمه الله ليس من أهل العلم المعتبرين .. وهذا واضح من خلال تراثه البسيط المكتوب والذي في متناول أيدي الجميع والذي حاول أتباعه تضخيمه والشيخ محمد يرحمه الله ( داعية ) يدعو إلى نبذ الخرافة والأباطيل وينهى عن تقديس الأشخاص من العلماء والصالحين أحياء أو أموات .. ويأمر بترك تعظيم الأضرحة ( والعلماء في كل هذا يوافقونه ونرجوا من الله أن يجزيه خير الجزاء على ماقام به من جهود في النهي عن ذلك ) .. ونهى الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله عن الغلو في محبة الصالحين والعلماء أحياء كانوا أو أموات .. ( وهانحن اليوم نرى أتباعه يغالون فيه .. ولايقبلون أن ينتقد أحد مؤلفاته .. وكأنه نبي مرسل وكتبه وحي منزل .. وهذا هو الغلو الذي ينهى عنه الشيخ محمد يرحمه الله .. فكيف لأتباعه أن يغلو فيه .. وهل هم متّبعين له وهم يخالفونه ؟؟؟ فأقول لهم : شيخكم ينهى عن الغلو في الصالحين .. والشيخ محمد يرحمه الله رجل صالح .. فكيف تغالون فيه لدرجة ان بعض من أتباعه وصفه بأنه : ( الصدّيق الثاني .. ووصفه آخر بأنه أوحد عصره .. ووصفه ثالث بأنه أتى بشجرة لاإله إلا الله التي زرعها في جزيرة العرب .. راجع الدرر السنية ) .. ألم يكن ذلك من الغلو ؟؟؟ وهل محمد بن عبدالوهاب بدرجة الصديق رضي الله عنه ؟؟ وهل هو أوحد عصره من العلماء ؟؟ وهل أتى بشجرة لاإله إلا الله .. أم أن محمد صلى الله عليه وسلم أتى بها ؟؟ ألم يكن هذا هضم لحق النبي صلى الله عليه وسلم ؟؟ ألم يكن قول بعض الغلاة بأن محمد بن عبدالوهاب أتى بشجرة لاإله إلا الله نوعاً من الإقرار بنبوة محمد بن عبدالوهاب إذا أرا مخالفهم التشدد في هذا القول ؟؟ هل بعد هذا غلو أكبر من غلوهم ؟؟ ولو قال أحد من الطوائف الأخرى بأن شيخه أتى بشجرة لاإله إلا الله .. لكفروه أتباع الشيخ ولبالغوا في تكفيره .. ثم أريد أن أوجه سؤال لمن يغلو في الشيخ وهو : هل أنتم مستثنون من نهي الشيخ ويجوز لكم الغلو في الشيخ بحكم دعاواكم بإتباعه ؟؟؟ ولماذا لاتقتدون به في نهيه عن الغلو طالما انكم تحبونه ؟؟ أم أن الشيخ يجوز الغلو فيه والغلو في غيره لايجوز ؟؟ وكيف نستطيع أن نحارب غلو الصوفية في شيوخهم .. وأن نحارب غلو الشيعة في أئمتهم .. ونحن نغلو في حب الشيخ محمد لهذه الدرجة ؟؟ الشيخ محمد يرحمه الله ألّف كتاب التوحيد ( لو تجوّزنا في تسميته كتاب أصلاً ) . أدخل في هذا الكتاب تعريفات جديدة للشرك لم يسبقه إليها أحد .. فهو في ظاهر دعوته يدعو إلى التوحيد _ إلى هنا كل شئ جميل _ لكنه يربط التوحيد بقائمة من الشروط التي لم يسبقه إليها أحد .. ولأن الشيخ محمد يعرّف لتوحيد تعريفاً خاطئاً فقد أدخل في الشرك ماليس منه ( وهذا موضع خلافه مع علماء عصره ومن تلاهم ) .. فهو توسّع في الشرك وفي تعريفاته بشكل يخالف فيه إمام مذهبه أحمد بن حنبل وعبدالله بن أحمد بن حنبل وإبراهيم الحربي(1) فالإمام أحمد لايرى بأساً في التوسل والتبرّك (2) والشيخ محمد يناقض أحمد بن حنبل ثم يدّعي بأنه يقلّده أحمد في العقائد .. أحمد بن حنبل يرى أن التبرك ( مباح ) والشيخ محمد بن عبدالوهاب يرى أن التبرك ( شرك ).. ويكفّر من يتبرّك أو يبيح التبرّك .. وهذا من أكبر تناقضات الشيخ محمد وأتباعه .. وقد كفّر الكثير من العلماء في عصره على إباحة التبرّك أو كراهته .. والسؤال الموجه لأتباع الشيخ اليوم هو : هل أحمد بن حنبل كافراً كونه اباح التبرّك ؟؟ حتماً لن يجرؤ الشيخ محمد ولا أحداً من أتباعه إلى اليوم على تكفير أحمد بن حنبل .. فطالما لم يكفّرونه فلماذا يكفّرون العلماء الذين يقولون بجواز التبرّك مثله ؟؟ ولماذا لم يكفّر الشيخ محمد بن عبدالوهاب الحافظ إبن حجر العسقلاني وهو يرى جواز التبرّك ( راجع فتح الباري 3/144,254,367 طبعة الشيخ إبن باز رحمه الله ) .. ولماذا الشيخ محمد بن عبدالوهاب لم يكفّر الإمام شمس الدين الذهبي وهو يرى جواز التبرك ( راجع ترجمة معروف الكرخي في سير أعلام النبلاء (3) ) ؟؟؟ فطالما أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأتباعه يرون بأن التبرّك شرك بالله وكفر يُخرج من الملّة .. فلابد أن يكون أحمد بن حنبل والذهبي وإبن حجر كفاراً ( وفق تعريف الشيخ للشرك ) ولا يستطيعون أن يخرجون من هذا الإلزام مطلقاً .. وطالما أنهم لم يكفروا أحمد بن حنبل والذهبي وإبن حجر .. فعليهم الحكم بإسلام من كفّرهم الشيخ محمد من علماء عصره .. وأن يقولوا بأن الشيخ أخطأ في تكفير علماء عصره .. ولا أجد تفسيراً لتناقضات الشيخ محمد وأتباعه في هذه المسألة تحديداً .. إلا إذا كان الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأتباعه يكفروّن أحمد بن حنبل والذهبي وإبن حجر ( سرّاً ) .. والعلماء في عصر الشيخ محمد لم يختلفوا معه في الدعوة إلى التوحيد وإفراد العبادة لله تعالى والنهي عن الشرك .. كما يشيع أتباعه بالكثير من المغالطات .. وانما كان إختلافهم مع الشيخ محمد في تعريفه للشرك .. وفي إدخاله في الشرك ماليس منه وإختلفوا معه في توسّعه في التكفير والقتال .. فالشيخ وأتباعه قتلوا بعض العلماء المخالفين له في مصلاّهم داخل المساجد يوم الجمعة(4) .. ولذلك نجد أن الشيخ يقول في كتابه التوحيد( العبادة هي التوحيد لأن الخصومة فيه ) وهنا يتّضح لنا شدة خصومته لمن لايوافقه على تعريفه الخاص الذي لم يقل به أحد .. أو نجده يقول العبارة التالية ( أن من لم يأت بالتوحيد لم يعبد الله ) وهذا صحيح .. لكن ليس خلاف الشيخ مع علماء عصره على ذلك ولكن خلافهم معه على تعريفه الخاص للتوحيد .. أو عبارته التالية ( أن عبادة الله لاتحصل إلا بالكفر بالطاغوت ) وهذا صحيح ايضا .. ولكن العلماء المخالفين له لايقولون بأنهم يؤمنون بالله وبالطاغوت معاً .. ولكن الشيخ يصر على أن يصف بعض السلوكيات بانها طاغوت .. علماء أن بعض تلك السلوكيات تندرج ضمن المكروهات والمباحات .. عموماً كتاب التوحيد وسائر مؤلفات الشيخ فيها من التناقضات التي يعجز عن تفسيرها هو أو أتباعه .. وقد أفحمه كل علماء عصره .. فلجأ إلى تكفيرهم جملة وفرادا .. ونهج هذا النهج المتشددون من أتباعه إلى يومنا هذا .. ولكي نكون منصفين فإن أعداد المعتدلين من أتباع الشيخ بدأت تتزايد في هذه الآونة .. فيوجد من قبل وكذلك اليوم منهم من لايوافق الشيخ على توسّعه في تعريف الكفر.. وعلى رأسهم إبنه عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب .. فقد قال قولا معتدلا في تعريف الكفر والشرك يخالف كل ماقال به والده الشيخ محمد .. فلا نستغرب أبدا تكفير الشيخ وفق الهوى .. بل أن هناك تناقضات رهيبة نجدها في كتابات أحفاده وأتباعه في التكفير .. تحاشينا ذكرها خوف الإطالة .. ولكن إن لزم ذلك سنحضرها للقارئ من مصادرها وبرقم الصفحة .. ---------------------------------------------------------------------------------- (1) إبراهيم الحربي من أكبر تلاميذ أحمد بن حنبل . (2) في كتاب العلل ومعرفة الرجال ( 2/492) لعبدالله بن أحمد بن حنبل قال : ( سألته – يقصد اباه – عن الرجل يمس منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرّب إلى الله عز وجل ؟ فقال أحمد بن حنبل : لابأس بذلك !!!! (3) ذكر الإمام الذهبي في ترجمة معروف الكرخي في سير أعلام النبلاء ( بأن تربة قبر معروف الكرخي ترياق مجرّب ) .. (4) جاء في الصفحة /97 من كتاب (عنوان المجد في تاريخ نجد) نقل حسين بن غنام عن رسائل محمد بن عبد الوهاب وأشرف على طباعته عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ التالي : يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب : ( إن عثمان بن معمَّر مشركٌ كافر .. فلما تحقق المسلمون من ذلك تعاهدوا على قتله بعد انتهائه من صلاة الجمعة .. وقتلناه وهو في مصلاه بالمسجد في رجب 1163 هـ .) وأقول أنا أي كافر هذا الذي يكون في مصلاّه يوم الجمعة .. أليس ذلك دليلاً على تكفير الشيخ للمسلمين ؟؟؟ ختاما : أعلم بأن هناك من سيقول بأني أريد التنقّص في الشيخ محمد رحمه الله وهذا غير صحيح .. ولكنه ديدنهم المعهود عنهم .. ولكن محبتهم للشيخ محبة جهل وتقليد على غير بصيرة .. والجاهل عادة يسئ لمن يحب .. فمن يحب الشيخ حقاً ينهى عن الغلو فيه كما يحب الشيخ رحمه الله .. وأن يدعوا الله أن يثيبه على محاسنه ويتجاوز عن سيئاته .. |
الساعة الآن 01:45 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir