إن خانني التعبيرُ فالحب أوّلُ=وما كان من عُمْرِ الرياحينِ أَجْمَلُ
و ما حزْني إلا بمقدارِ ما أََرَى=تفلُّتَ وُدٍّ كان بالأمس يُعْقلُ
وإنْ سامَنِي دهري وخَلَّيتُ أُنسَه=تَبِعْنِي غَمامُ الشوقِ بالدمعِ يَنهَلُ
حَسِبْتُ الهَوى وَرْدَ البراريِ أشـمـُّهُ=فَبرَّحَ بالوِجْدانِ ما كنتُ أجْهَلُ
ويسألُني قلبي أَمَا تبْتَ منهمُ=فأمليتُهُ شِعْرِي فَمَا عَادَ يَسْألُ
وَقَفْتُ بأحْمَالِي بِأَعْتَابِ مَوْعِدٍ=وشَعْبَانُ ودَّعِنِي ورَمضانُ يُقْبِلُ
فلا الأرْضُ واسعةٌ إذَ ضاقَ ودُّكُم=و لا العذرُ يأوينِي إذ العفوُ يَعْدِلُ
دروبٌ من الأَقْدارِ شتَّى تَفَرَّقَتْ=و فرَّقَتِ الأشواقَ بالدهر ترحلُ
فصبري على بعد الرياحين مولعٌ=ومشيي على رمضائها مُتعجّلُ
وما النارُ إلّا في "التشيُّئ ِ"حيْنمَا=تميلُ بك الأشـــياءُ فيما تُمايـِـلُ
تُوهِّمْتَ أنَّ الرزق مِنْك طَرِيْدَةً= و أَنت لَها الوَثَّابُ تغزو و تشْهَلُ
و ذاكَ لهُ قَدَرٌ و كَمٌّ مقــــــــــــــــدرٌ=ووعْدٌ على قَسَمٍ من الله يَنْزِلُ
فكنْ حيثُ أودعَكَ الإِلهُ بموضِعٍ= تذودُ عن الحقِّ و بالحقِّ تَعْمَلُ
و لا تتـــــــمنَّى غَيْرَهُ فَهْوَ مُبْرَمٌ=و يأتيكَ مِنْهُ الفتحُ فيما تُؤَمِّلُ
أتانا ربيعُ الدهْرِ حتى خلا بِنَا=وقد سُرَّ مِن تِلكَ الأَسَارِيرِ مَحْفَلُ
وطافَ بِنَا في أُمسياتٍ مِن الرِّضا=بها الأُنْسُ نسناسٌ بَرودٌ و شْمألُ
كأن بـــــــــــه نغماً تهدجَّ صوتُهُ=و وسميَّ من ريّا دموعِهِ يهطلُ
وكم أودعت عفراءُ حين وداعها=لدى الليل ومضاتِ النجوم تُهلّلُ
وقد سَلبت كل النجوم منامها=فلا الليل يُخفيها و لا الفجر يُمهلُ
وصبحٌ تجدده الورودُ بفوحها=ليوقظَ منها الطيب يسبي ويقتلُ
وهيهات يبقى بالظلام مؤبدا=و شمسٌ تزمجــرهُ و دنيا تهرولُ
وحلمٌ على أهل الزمان محرمٌ=كدم بن يعقوبٍ بكِذب يُعلَّلُ
فمهما تباغتهُ الذَئابُ بغدرها=يُساق له كفٌ حنونٌ مدللُ
وقلبٌ تعلِّقهُ السماءُ بحبلها=محالٌ ينالُ الغدرُ منه و يُعضِلُ