ألحان وأنين السناوة كما صورها سير جنت المستشرق الإنجليزي في حضرموت عام 1947م
ألحان وأنين السناوة كما صورها سير جنت المستشرق الإنجليزي في حضرموت عام 1947م في مابين 1947- 1948م قال "روبرت سيرجنت" المستشرق الإنجليزي أنه اختير ضمن فريق عمل كعضوا باحثا في شؤون المستعمرات للقيام بالعمل في حضرموت ، فتوجه بصحبة زوجته إلى تريم عن طريق المكلاّ ، حيث مكثا بها حوالي سبعة أشهر،قام من خلالها بزيارة عدد من المدن والقرى وشخصيات دينية وأدبية وشعبية في عدد من الأماكن في وادي حضرموت ومن ثم الساحل وبعض أجزاء من شبوة ،وبعد عودته ألفّ المذكور كتاباً طبع باللغة الإنجليزية بعنوان ((( نثر وشعر من حضرموت )) ترجم هذا الكتاب سنة 1981م من قبل الأستاذ "سعيد دحي" وتم طبعه على الأستنسل في نسخ محدودة تداولها بعض المهتمين بالتراث الحضرمي .... والكتاب على صغره مهم جداً؛ لأنه يصور جوانب كثيرة من تراث حضرموت وتاريخها وشخصياتها الإجنماعية وطبيعة تركيبها الطبقي في تلك الفترة ؛ ويعكس في نفس الوقت طبيعة الظروف القاسية التي كان يمر بها السواد الأعظم من الناس في حضرموت وتردي أوضاعهم المعيشية ،والجهل والأمية التي تسيطر على غالبيتهم ،وجملة من الاعتقادات التي انتقدها المؤلف بعد أن لاحظها في زيارة هود وغيرها من الأماكن ...ثم ما يعكسه الشعر الشعبي في مواضيع كثيرة ومنها السياسة وتركيبة المجتمع الطبقية المتخلفة المعقدة في تلك الفترة من تاريخ حضرموت وكان لمهنة السناوة الشاقة في رفع الماء من البئر بواسطة الحيوانات والإنسان لري الأراضي الزراعية بطريقة بدائية قديمة على الحـان السنا وه أي ... من التأوه والحسرات التي تقطع الأنفاس وأنين العاملين فيها مع حرارة الشمس الملتهبة فوق الرؤوس كما صور ذلك المستشرق الإنجليزي روبرت سيرجنت ( الري من الآبار) وفي عرضه لهذا الفن من التراث في كتابه ذكر أن الحان السناوة هي من أبرز الأغاني التي يرددها المزارعون في حضرموت. وقال : ( أنه لا يمكن أن ينسى أي زائر يزور تلك المنطقة ذلك الأنين الموسيقي الذي يسمعه طوال النهار ماعدا وقت الظهيرة في اشتداد الحر ، وكذلك خلال ليالي شهر رمضان ، ويعمل الجميع رجالا ونساءاً وحتى الأطفال في عملية السناوة أي في نزح الماء من الآبار بمساعدة الحيوانات أحيانا وبدونها أحيانا أخرى .) ومن مشاهدته صور لنا طبيعة الحياة القاسية والمتعبة التي تنتشر في طول وعرض الوادي وطريقة العمل الذي يقوم بها الفلاح أو الساني طوال النهار وقد يعمل ليلاً لساعات طويلة أخرى في الظلام ... وعندما ينزح الماء في الإناء ( الغرب ) وهوالدلو الكبير المصنوع من الجلد يسحب حبل من الحبال فينسكب الماء على الحوض المبني على حافة البئر ، ثم يتوزع الماء على القنوات لري النخيل ومحاصيل الحبوب والمزروعات الأخرى من خضار وغيرها ، وعندما تنمو الذرة وتحمل السنابل بالحبوب يسمع الإنسان أصوات المقاليع وتسمى ( النضف ) في اللهجة المحلية ، والتي يصوبها الأطفال نحو الطيور لأبعادها عن الحقل . . وعندما يهبط الفلاح الساني إلى ( المقود ) وهو المنحنى المنخفظ الطويل ( الذي يساعده في سهولة شد الحبل المتدلي في عمق البئر) فأنه ينادي على حماره ( هيـّا أندره ) أي أهبط وعندما يحين وقت الصعود يقول: أو..و..و..و..دي أي عودي ، كما يقولون أيضا ( اطلع بارك فيك ) أي إصعد لك البركة ، وعندما يهبطون يقولون ( قـوّة عافاك الله ) أي قوة أعطاك الله الصحة ، وبعد كل بيتين من الشعر يترنم الساني ( لما ليـالي يالما ليـالي ) -وهي الدندنة المعروفة بالدندنة حق السناوة - وكما أشرنا إلى أغاني العمل الأخرى فأن أشعار السناوة تنظم على بحر الرجز وتدور حول مختلف شئون الحياة من حب وحنين وأمثال وهزل وأغاني للزراعة ، والدين أحيانا،..الخ ومن المختارات الأخيرة نقتبس الأبيات التالية: الله يشفي كبدتي وتبرا ......... باللحم والدبّه و حضن عذرا ياسـادتي ياساده آقفولي ................... عسا تقع في سعفكم حمولي ويقــول: أن كنت تبغى الحرث يابن يعشوت شــتـاك بـالـبلـده وبــرك الحــو ت البــرمـن تـعـفـره وأنت مــرتـاب خـا يـف من الحـلـه وجـمع لسـبـاب أن قـد صـلح مـثل الـرصاص ينــداب وأن مـا صلح بعـنـا البـقر والكــتاب السـا ني يشـرد والطـبين طلاب وآخـر غـريم يـقبـض مـلانة البـاب (والطبين) هو مالك الأرض الزراعية التي يشتغل فيها الفلاح .. وتتضح أهمية وفائدة أغاني وأشعار السناوة للقائمين بهذا العمل في إنها مهنة تعتمد في ماتدره من محاصيل ، على عضلات الساني وأشهر الناظمين لشعر السناوة هو بالطبع الشاعر العظيم( سعد السويني ) والذي باسمه نقلت الأشعار. وسعد السويني هو الشيخ سعد بن علي بن عبدالله بامذحج التريمي المعروف (بسعد السويني ) والسويني تصغير للساني عاش في القرن التاسع الهجري في تريم ... ويعده البعض من الأولياء الفلاحين وله قصص مع السيد العيدروس الذي نزل مدينة عدن وقيل أنه رمى بخلبة من الطين من مكان عمله في تريم وصلت على حلقة السيد العيدروس في مدينة عدن بمسجده الحالي في القطيع ... |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
|
الساعة الآن 01:57 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir