عرض مشاركة واحدة
قديم 06-08-2002, 06:40 PM   #3
عمر خريص
مشرف سقيفة التراث
 
الصورة الرمزية عمر خريص

افتراضي

الإيضاح الأدبي على تعقيب المقدي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــ
سرني جدا واثلج صدري ما عقب به قاري ( الأيام ) الكريم الأخ طالب حسين المقدي على مقالي (البحر والمحضار ومساجلات الدان) المنوه به في ذلك العدد إذ جاء تعقيبه (خريص ومساجلات الدان) في عدد( الأيام ) (3256) دليلا على تفاعله وحرصه ، وهو بهذا يستحق الإشادة والإفادة ، فأما الإشادة فهي على لغته المهذبة وتناوله الحسن ، وأما الإفادة فهي ما أرجو أن أصل به أليها بعد تجاوز الخطوط الوهمية الفاصلة في قراءة التراث وتفسيره أو الاستنباط الصعب حول المعطيات والتراكمات التراثية التي اختزنتها الصدور ولم تخطها الأقلام .
فأما الملاحظة الأولى فصحيح أن الشاعر سالم باسباع الملقب(قريشن) مات في الأربعينات ، وذلك ماتناولته واثبته عبر سلسلة مقالات كنت انشرها في نشرة (الفكر) لجمعية المؤرخ سعيد عوض باوزير بعنوان (قصائد لها تاريخ) وقد تناولت الشاعر (قريشن) في العدد السادس (1997) عبر قصيدته التي أطلقت عليها (قصيدة المذبحة) وهي من اشهر قصائده ، التي قالها في مقتل سبعة وعشرين رجلا من رجال الحموم على يدي الدولة القعيطية ، وقلت في ذلك المقال (( وقبل أن نخوض لجة الدم المنداحة من أوردة الحموميين علينا أن نعرف بالشاعر الذائع الصيت سالم سعيد باسباع الملقب بقريشن من أهالي الشحر ولد بها وهو من شعراء القصيد وأشعار رقصة البادية المعروفة بالهبيش وشعره يثير ضجة في محيطه لما يتمتع به من سلاسة وأسلوب متين وقوة حجة .. توفي بالشحر في نهاية الأربعينات من هذا القرن )). نعم أن قريشن مات في نهاية الأربعينات ولم يمت في مطلعها إذ قال بامطرف شفاهيا (( كنت في أواخر الأربعينات في مهمة حكومية شرق الشحر فلما عدت الى الشحر قيل لي أن الشاعر قريشن توفي ووقفت على قبره وهو لايزال نديا)) .
هذه كانت الافادة من بامطرف وهو يتحسر إذ لم يثبت تاريخ الوفاة ، أما المحضار فهو من مواليد 1930م وقد قال الشعر حسب أفادته وهو في الحادية عشرة من عمره فاذا عاش خمسة عشر عاما في حياة الشاعر قريشن ألم يشفع له ذلك بأن يكون قد عاصره وكلمه وحادثه وتأثر به ؟
أما الملاحظة الثانية فهي في صحة نسبة البيت الشعري ( خط يالمداد الزين ) لبامسلم وقد يكون صحيحا ذلك فقبله حدثني الشاعر صالح باظفاري بأن هذا البيت للشاعر (سعيد زحفان) وربما يأتي من يثبت لنا غير هذا . وهذه هي المشكلة المعضلة التي يواجهها الباحث في التراث الشعبي ونسبة القصائد الحمينية الى أصحابها إذ إن هذه لم تدون في حينها أو في حياة قائليها وإنما تناقلها الرواة ، ومعروف عن الرواة الزيادة والنقصان وخلط في نسب القصيدة ، ومن الصعب أن نجزم بصحة ما اختلف فيه مائة بالمائة ، وحينما نشر ديوان العلامة حامد بن محمد السري (الغصن الطري من حدائق الفكر الثري) تناوله الأستاذ الباحث عبدالله صالح حداد في مقال ( أغنية بالغواني اصلها وفصلها) بعدد (المسيلة) (176) 19 سبتمبر 2000م وفيها تطرق الى هذه القصيدة بالذات ونسبة بعضها الى الشاعر العطيشي والملحن غداف وهو يعلل ذلك الامتزاج الى شيوع الألحان الجميلة وبناء الشعراء على هذه الألحان والقوافي اكثر من قصيدة وهذا هو التعليل الصحيح لاغلب ترادف قصائد الشعراء الحمينيين في حضرموت وهي نفس الحالة التي نواجهها في قصيدة ( خط يالمداد الزين ) .
أن تعقيب الأخ طالب يثير مشكلة غاية في الأهمية واكثر من ملاحظة عابرة ، هذه المشكلة هي مشكلة تدوين التراث وفحصه وتمحيصه بل وغربلته بأيدي خبراء وباحثين في هذا المجال ، ويلقي بالمسئولية التامة والكاملة على القائمين على أمور الثقافة في هذه البلاد ، وأرجو أن ينفضوا غبار التقاعس والخمول ويحفظوا البقية وماتبقى من تراث هذه الأمة ، وليعلموا إن فترة النصف الأول من القرن العشرين هي العصر الذهبي للشعر الحميني في اليمن عامة وفي حضرموت خاصة إذ عرف في حضرموت فطاحل الشعراء الحمينيين ذهبت جل أشعارهم أدراج الرياح وضاع اغلبه بموت الرواة أو بفقد المخطوط من أشعارهم .
أننا في انتظار لفتة كريمة وهمة عالية تحفظ لنا الزخم العظيم من هذا التراث لمئات من الشعراء ... اللهم آمين .


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
التوقيع :
وماتوفيقي الا بالله

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس