[جمال العطاس]

نبذه عن بعض شعراء الظاهري

هناك الكثير من شعراء الظاهري القدامى الذين كانوا من الرعيل الأول من شعراء هذا الفن التراثي والذين عرفوا في منطقة وادي دوعن ووادي عمد ووادي العين ومنطقة الكسر , والذين كانت لهم أقوال يستشهد بها إلى يومنا هذا ونستمتع بسماع أقوالهم التي دائما ماكانت تعالج قضايا إجتماعية أو سياسيه أو تسرد بعض المواقف والأحداث من خلال رقصات الظاهري وأشعاره . وحيث أن هذا اللون يعتبر عادة سنويه تقام في حريضة ويتشوّق لحضورها الكثير من أهل المنطقة قاطبه , تجدهم يحضرون إلى حريضة والمكوث فيها ثلاثة أيام لمتابعة مايقولونه هؤلاء الشعار والإستمتاع بالرقصات الفريدة للظاهري , من ذلك ترسخت في أذهان أهل المنطقة بعض أقوال لشعراء الظاهري وصار بعضهم أشهر من نار على علم من القدامى بالذات أمثال :

بالقاسم , باحفي , بادحمان ( الأب ) , بن قديم , مبارك بن عقيل ( بوبشر ) , باسلامه , بن فايد , وكثير غير هؤلاء .
إلا أنه وللأسف الشديد لم تدوّن أقوال هؤلاء الشعراء البارعين خلال الفترة الماضية , حيث انها لاتوجد أنذاك وسائل التوثيق :
كالتصوير ( بالفيديو ) أو كاسيتات التسجيل , وبقي بعضا مما قالوه في ذاكرة أهالي المنطقه واصبح معظم ما قالوه في مجاهل النسيان والضياع ..

كغيري من أهل المنطقة قد عشت أحداث هذا الكرنفال السنوي منذ الطفولة , وبحكم أن هؤلاء الشعراء يقدمون وينزلون في منازلنا ويمكثون بيننا , فقد أعجبت كثيرا بهؤلاء وتعلمت الكثير منهم
من خلال المسامر والجلسات , حتى أتى الوقت الذي شاركتهم فيه للتعلم منهم والإستفادة من هؤلاء المبدعين , ومن الذين عاصرتهم
هناك بعض الأسماء وتتفاوت معرفتي بهم حسب نوع العلاقة والمقابلات معهم فمن الذين أعرفه حق المعرفة :
الشيخ عبدالله بن محمد بادحمان الكندي ( يرحمه الله )

من أهالي الهجرين ينحدر من بيت علم وصلاح وتقوى , عرفته وجالسته كثيرا في حريضة والهجرين وسيوؤن ومكة المكرمة وجده
كان رحمه الله فقيهاً متوسع في الفقه زاهدا نديما , يحب الأشعار وجلسات المساجلات وقد ورث هذا من والده رحمه الله الذي لم أدركه رغم حضور والده قديماً إلى الظاهري في حريضة .
كان بادحمان لا يحب إثارة المواضيع الحسّاسة في أشعاره ولايحب أثارة الشعراء الآخرين , ولكنك تجده يبدع عندما يستثار ويأتي بأقوال تجعل من يساجله يعمل له ألف حساب , فتجد جميع الشعراء يرغبون في إثارته , يلقي شعره بطريقة ساخره وكوميديه تجذب النظّار والمستمعين بحركة يديه ونطق المفردات بطريقة ظريفه جدا , لاتمل حتى من مشاهدته على ( الفيديو ) في جلساته بين الشعراء . كان محبوبا رحمه الله , وكان يتعاطى الأسفار إلى الحجاز , وكان يصيب اهل المنطقة نوعا من الضجر إذا لم يحضر الظاهري بدواعي سفره ويشعر الجميع بفراغ كبير لايستطيع غيره سدّه , كان بسيط جداً ومحافظاً جداً على صلواته وأذكاره وأوراده .
توفي فجأة في رمضان سنة 1422 هجرية بعد رجوعه من الحجاز
وقد تخطى عامه الستين تقريبا . بعد أن حظيت وسعدت بمقابلته في شعبان من نفس السنة رحمه الله رحمة الأبرار وتغمده الله في فسيح جناته .

محمد عبد الشيخ بايعشوت

من أهالي منطقة ( حوره ) رجل عامي متواضع جدا , طيّب يتعامل مع الآخرين على السليقة . شاعر متمرس عاصر الكثير من الشعراء القدامى وعاش كثيرا من الأحداث في المنطقة , يحب مساجلات الظاهري ويأتي من حوره لهذا الغرض إلى حريضة
سريع الرد وله حضور متميز يحب إثارة الشعراء ومساجلتهم بحدّه , تجده دائما لايفارق ( الحبوَه ) وكيس ( المضغه ) يسعد الكل بحضوره ومشاركاته . يعيش الآن في ( حوره ) وهو رجل تخطّى الستين من عمره تقريبا , عرفته فقط في حريضة في الظاهري وفي مسامر وجلسات مع باقي الحضور من الشعراء ولأنه لايتعاطى الأسفار فقد ظلّت معرفتي به مقصورة على حضوري أحيانا إلى حريضة ولمدة أيام الظاهري فقط .

سعيد بن عبيد بن سعد ( رحمه الله )

رجل مسن تخطى السبعين تقريبا من عمره , عامي وبسيط لايقرأ ولا يكتب على ما أعتقد , محبوب جدا وله في كلامه قفشات طريفه
لمّاح , لايفوته موقف ولا لفظه , كثير التندّر , سريع البديهة في الرد نثراً , مقل شعراً , ولكن ردوده دائماً تأتي مركّزة وقويه , له خدمات جليلة في المجتمع , نفّاع , لايتردد عن القيام بالخدمة في مناسبات حريضة العامة من أفراح وغيرها , يقوم شخصيا في مناسبات الزواج في حريضة بالحنّا ( للعريس ) . أعرفه جيدا
ويعرفونه الكثير من أهالي حريضة فهو نديم في جلوسه ويحب الجميع مجالسته , تجده واضعاً ( سكينه ) في خاصرته , وله طريقه مميزة في المشي . توفي في حريضة سنة 1423 هجرية تقريباً رحم الله أبو مبارك وتغمده الله في جناته .

خميس صالح بن نقح

من أهالي حريضة . رجل ظريف وطريف في تعاملاته مع الآخرين
ذكي , قليل الكلام , لايحب التجمهر ومخالطة الكثير من الناس , مقل في الشعر ولكنه متميز , في الخمسين من العمر تقريبا , كان يعمل في العسكرية ( ضابطاً ) وترك العسكرية قبل الوحدة . عرفته جيدا .. يعيش حاليا في حريضة .

عبود بكران بن لعجم

من أهالي ( حوره ) رجل مظهري ويحب الأناقة . شاعر مقل
قارب الستين من عمره , يتعهد المجئ إلى حريضة للظاهري وفي أوقات مختلفة , لاأعرفه جيدا إلا من خلال مساجلات الظاهري
يعيش الآن في حوره .

القحم العمودي

كان طالباً في ثانوية حريضة في القسم الداخلي . لا أذكر اسمه الأول سوى ( القحم العمودي ) , بعد أن سألت أخي احمد العطاس عنه . شاعر متمرس قوي الحضور له أسلوب مميز في الإلقاء رغم حداثة سنه ,يقول البيتين والثلاثة والاربعة دفعةً واحده دون تردد أو لجلجه . لا أعرفه جيدا بحكم الإغتراب . ( علماً ان مساجلات الظاهري ) إرتجالا وفي الحال يقول الشاعر قوله وأمام الحضور فلذلك تتطلب سرعة وتركيز لمواكبة ردود الشعراء , ولتحاشي تكرار القافية ما أمكن إلا إذا تحمل القافية معنى مغاير تماماً عن سابقتها

خميس بن مهنّا

رجل مسن من أهالي منطقة ( المثوّر ) قرب حريضة ولكنه الآن يعيش على ماأعتقد في منطقة قرب حريضة ايضا تسمى ( بامزاحم ) . شاعر مقل جدا ولا يحب الظهور ولكنه جيد في شعره . رجل عاصر الكثير من الأحداث في المنطقة , أعرفه شخصيا وأعرف إبنه صالح حيث كان ولا زال زميلا لي . .

هؤلاء الشعراء الذين عرفتهم من خلال مساجلات الظاهري , وقد فضلت التعريف بهم خصوصا من انتقلوا إلى الرفيق الأعلى , فإن ذلك أعتبره من قبيل الترحّم عليهم وذكرهم بالذكر الحسن . وحيث أني تعلمت منهم وبعضهم له فضل علي في توجيهي واستفدت منه كثيرا .