[جمال العطاس]

أدب الحوار هو السقف الذي لايجوز بأي حال أن تتجاوزه كل الصراعات الفكريةوإختلافات وجهات النظر وتباين المواقف , وهو المنظِّم الوحيد لكل ذلك . تجاوز هذا السقف يُفضي إلى فقدان القيمة الأدبية للمواضيع ويهيئ مناخات مناسبة للجدل العقيم وبالتالي التمرّد كلياً على الضوابط الأخلاقية والإنجرار خلف المهاترات وسواقط القول . يهمنا جميعاً أن نرى أدباً راقياً وحواراً حضارياً ولن يخلو ذلك من فائدة إذا ماتحقق الجميع وتخلّق بأدب الحوار . الإختلاف المنظّم الذي لايخرق ذلك السقف من وجهة نظري أمر مثري ومفيد حقاً ليس للمتابعين فحسب بل للمتحاورين أنفسهم فالغاية هو ( الإثراء ) وليس ( الإهتراء ) !!
أرى ان قبول وإستيعاب الآخرين وعدم رفض أفكارهم وطروحاتهم هو الأساس في الوصول إلى حوار فكري ثقافي حضاري . لايهمنا مطلقاً ( المعرّف ) أكان معروفاً أم مجهولاً بقدر مايهمنا نوعية طرحه ومدى إلتزامه بأدب الحوار . وإن كنت لاأميل إلى المشاركة بمجاهيل ( المعرّفات ) ولا أحبذها وذلك لقناعات قد ترسخت لدي فإني لاأرى لي حاجة في ذلك مطلقاً . من الممكن الصدام فكرياً بكل جدّية مع أيٍ كان بشرط أن يبقى من نختلف معه موضع الإحترام والإجلال . كما يجب أن نكون في ذلك الموضع لديه , فإذا ماحصل تمرّد على الضوابط من أحد الأطراف فلا غرابة أن يكون هناك تفلُّت وإنسياق للجميع !!
تواجدنا هنا هو لتحصيل الفائدة أيٍ كان مصدرها مجهولاً أم معروفاً شريطة أن نكون في موضع إحترام مانحها لنا , وأن توضع كل الطروحات وبلا إستثناء للنقاش والحوار الهادئ المفيد الخالي من التشنّج والمنزّه عن الأهواء والأغراض .
شخصياً لاأقبل أن تُعطى لي وجبة دسمة في وعاءٍ متّسِخ !! وأزعم ان الجميع لايتقبّل ذلك . وبما ان الجميع يرفض ذلك لماذا إذن إصرارنا على فعل ذلك ؟؟ لاأُبرئ نفسي فالإنسان موضع النقص دائماً . . ولم أبالغ إذا مازعمت بأن لدينا من المشاركين من هم على قدر هائل من المعرفة وبإمكاننا الإستفادة منهم ولديهم القدرة على العطاء المميز _ دون ذكر مسميات _ فالمرجو والمؤمل أن نظهر بمظهر حضاري في حوارنا وأن يكون تسخين الحوار إلى حدٍ مقبول يضعنا في موضع الإحترام في عيون الآخرين !!!!!