عرض مشاركة واحدة
قديم 07-01-2007, 11:22 PM   #31
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي))


الدولة :  Saudi Arabia
هواياتي :  القراءة والسباحة وتصفح الانترنت
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) is on a distinguished road
سالم محمد بلفقيه ((الشرقاوي)) غير متواجد حالياً
افتراضي

طـــــالــــب



الشرف الرفيع
في العنبر الجراحي
وجبة حوت
في بيت الطالب.
في بلاد المهرة




يقال أنها من بقايا قوم عاد ـ حسب المشاع ـ ولا يمكن لذي عقل راجح أن يحل بها ، فغذائها يأتي من بعيد وسكناها موحشة ، كما قال شاعرها باللهجة الحضرمية:


فهاجروا منها وهجرها البعض ، هي التي امتدح وفودها نبي الرحمة والهدى ، محمد بن عبدالله ـ صلى الله عليه وآله وسلّم ـ وأشاد برجالها وهي التي أسمعت صوتها من به صمم: [ هنا حضرموت .. هنا الأصالة والحداثة والفكر المستنير ] ، منبع الهجرات ومصدر الأعراف والتقاليد الأصيلة .
شهدت هذه الديار صرخات الحرية ومواقف النخوة والإباء منذ أن غزاها البرتغاليون ودكّ قلاعها وحصونها السيد: ( انجرامس ) ، المندوب السامي البريطاني وأبت النخوة إلا أن تستقر في هذه الديار فانتقلت روح الفداء والحماسة إلى الأجيال فكان الطلبة وجهادهم ضد الاستعمار البريطاني مدعومين من ذويهم في القرى والرّيف الحضرمي تحت إشراف مدرسين أجلاء.
وهناك في المهاجر نضال الشرفاء من الذين هاجروا من البلاد الشقية ، في الهند وجزر الملايو وشرق ووسط أفريقيا ، ففكروا وتحدثوا بصوت عال وأسسوا صحفا خطّوها بأياديهم النظيفة ، فعمموا ثقافة المحبة والسلام أينما حلّوا ونزلوا

***


( في وقت مضى كانت العالية أمّ اليتامى:[ مدينة شبام ] تنبض عروبة وتتنفس مقاومة ضد كل باغي )



فتية قدموا من سفوح الجبال وبطون الوديان والمرتفعات الجبلية والصحراء إلى الصفراء: مدينة حضرموت . سميت الصفراء لمنظرها البديع ، الرائع الساحر عند دنو الشمس من المغيب . قدموا حالمين بمستقبل زاهر عجز عن تحقيقه الآباء ، ففارقوا من يحبهم ويحبونه من الأهل في طريقهم إلى العالية وكلهم طموح وعناد في أن يغيروا في مسار حياتهم البدائية التي توارثها الآباء عن الأجداد دون تغيير . فالبدوي بصفاء ذهنه وذكائه ظل ملازما للأمية يقتات على الماشية ، والحضري في المهاجر ، وأغلب من في وادي العجل في صراع قاسي مع الثالوث البغيض.
حضرموت هي واداي العجل ، ويطلق عليها إسم: بلاد النخيل ، وهناك من من كتب: بلاد البخور والعود القافلي . أما مدينة حضرموت ، أمّ اليتامى ، الصفراء ، العالية فهي: مدينة شبام العريقة.
فتية أشداء ، خاصة أولئك الذين قدموا من البادية ، تحسبهم مجندين لما يبدون من انضباط وتحمس ونشاط وحيوية . إنهم طلاب أتوا من مدارس ابتدائية بعيدة ليلتحقوا بالمتوسطة التي تعدّ أعلى مرحلة دراسية في وادي حضرموت ، وعليهم أن يسكنوافي بيت الطالب على نفقة الدولة إلى جوار آخرين قدموا من: الغرف،السويري، ثبي،دمّون، القرية، عينات ..
أبناء البادية يسيرون في مجموعات ولا يتحدثون بانتفتاح إلا مع بعضهم ، أشداء ، منتصبين ، قليلوا الكلام ، يتصرفون بهدوء وحذر كأنما ينفذون توصيات وما ذاك إلا سلوك ممن التصق بالجبال والصحراء وقلّد الكبار في الهدوء والترقب والإتزان منذ أن وعى وأدرك ما حوله ، يميزون عند استقبالهم بين حليق اللحية ممن يلبس الكوفية والصاروم وبين من يتعمم بعمامة البدوي المتحزم بـ [ السباعية ] فيبشون فرحين بلقاء الأخير أكثر دون سابق معرفة ، إعتقادا منهم بأن البدوي للبدوي نسيب أينما حل ونزل.
إذن التهيئة ستكون مدنية ترويضية ، تطبيعية ، تربوية تعليمية لفتية صدق فيهم قول الشاعر علي أحمد باكثير:


ولو ثقّفت يوما حضرميّا = لجاءك آية في النّابغينا



تحت إشراف مدرسين محليين لهم مهابة الأب وسلطة القائد ، تخرجوا من معهد غيل باوزير ومنهم من درس في الجامعة الأميريكية في بيروت ، وآخرون من السودان الشقيق. مدرسون يحبون عملهم وطلبة يحترمون مدرسيهم فنشأت علاقة من نوع خاص: أبوة وبنوة ، مدرس وتلميذ ، صداقة ، محقق صارم مع متهم إما لعدم المواظبة على الحضور أو تكاسل في أداء الواجب أو تدخين سجائر أو غلطة كالتي يقع فيها الكبار ، ثم المحاسبة والعقاب ، وكل ذلك في نطاق الرعاية الأبوية من حيث التوجيه والشفقة وفي احترام التلاميذ الصادق لمدرسهم الأب ، المربي. من العيب أن يمر مدرس على طلبة وهم قاعدون ، ويشعر الطالب عندما يقف أنه أمام رجل مسئول عن كل شيء نفيس وجميل يتطلع إليه. طلبة يرددون بيت أمير الشعراء:

قم للمعلّم وفه التّبجيلا = كاد المعلّم أن يكون رسولا

متوسطتان فقط في وادي حضرموت عام 1962م ، الشق القعيطي ، إحداهما وهي الأقدم في مدينة القَطْن ، عاصمة لواء القطن وإليها يفد طلاب الوديان: [ وادي عمد/ وادي العين/ وادي دوعن ، والسيطان ،وهي مرتفعات الجبال كسوط باتيس وسوط بلعبيد والطلح ، وريدة الدّيني والعبر ومدينة حورة وقعوضه وغيرها من القرى التابعة للسلطنة، والثانية في مدينة شبام التاريخية المشهورة بالتجارة ، عاصمة اللواء: [ لواء شبام ] ، بها مقر النائب والشرطة والقضاء والتي تضم نخبة قليلة من مثقفين أذكياء ، درس نفر قليل منهم في عدن وفي الخارج [ بيروت ولندن ] ومنهم من درس في عاصمة دولة
أخرى لها حدودها وخارطتها وتقسيمها الإداري ، هذا في المفهوم السياسي ، أما في الواقع فإنها أرض حضرمية واحدة تندرج في إقليم اليمن السعيد. تلك الدولة كانت السلطنة الكثيرية. ودرس آخرون في عدن . ينظر إلى المتأنق القادم من عدن أو من له صلة بها بأنه رجل دولي لا صلة له بأرض الغبار الذي يحجب رؤية الديار بين الحين والآخر والجفاف الذي يتضرر منه رعاة الأغنام وجلّهم من البدو الرحل ، ثم إن ملبسهم النظيف ولهجتهم في الكلام وسلوكهم العام يدل على تميزهم وأنهم قدموا من بلد آخر. كل من في حضرموت يتمنى أن يشاهد مدينة عدن التجارية ، الزاهرة في اليوم ذاك ولو ليوم واحد ، فالذين يصفوها لم يراعوا شعور الآخرين خاصة أولئك الذين لا يبعدون عن مطارحهم أكثر من عشرين كيلومتر في أبعد مسافة في الإتجاهات الأربعة . فهي المدينة الموصوفة بالعمار والتجارة والكثافة السكانية ، وبمجرد أن تذكر بخور عدني ينظر إليك باعتبارك إما تاجر أو مغترب في عدن أو صاحب ذوق رفيع
إلي هاتين المدرستين المتوسطين يفد الطلاب ، الفرحين بنجاحهم ، خريجي المرحلة الابتدائية من مختلف ألوية السلطنة ، حالمين بمستقبل زاهر . أما الذين درسوا في [ العُلْمةْ ] على يد [ المعلّم ] ، وهم خريجي الكتاتيب المنتشرة في الوادي فنصيبهم الاكتفاء بما وصلوا إليه من تعليم اقتصر على اليسير جدا من علوم الدين والقراءة والكتابة وقليل من الحساب وما عند الله خير وأبقى وبات عليهم الانخراط في الحياة العملية فالآباء في انتظار برّهم شاءوا أم أبوا ، عمال بناء، من كل حسب طاقته ولكل حسب رزقه المقسوم ، وتستوعب الزراعة والهجرة عدد كبير منهم والذين ورثوا حرفا ومهنا بدائية عن آبائهم في نجارة وحدادة وبعض الحرف البسيطة هم الذين لا يخافون شبح الفقر ولا يظنون بنصيب ينالونه من تجارة لن تبور.
أما مدراس سيئون فكانت تخص أبناء السلطنة الأخرى ، السلطنة الكثيرية ، عاصمتها: سيئون الطويلة ، مدينة عامرة بالتجارة ، مشهورة بالحول ، وهي مناسبة يزور فيها محبي آل البيت ضريح أحد العلويين من عائلة آل حبشي . يقام في هذه المناسبة رقصة الشبواني الشهيرة في حضرموت ، يحضرها لفيف من الشعراء الشعبيين ، فتجد الناس أثناء المعارضات الشعرية واجمين وكلهم آذان صاغية إلى أقوال الشعراء المرتجلة التي تعبر عن أحداث الساعة. تقرأ في الشعر الشعبي الحضرمي الرمزي الجغرافيا والتاريخ والسياسة والفراسة أو الحدس والتنبؤ الذي يطلقون عليه [ الفال ] ، فتعجب من شعراء بعضهم لا يجيد القراءة والكتابة يقولون ما تقوله بعض الدراسات الاستراتيجية اليوم . لكنهم جميعا يتابعون الأخبار والتعليقات السياسية عبر المذياع ثم يتحاورون فيما بينهم بلغة سهلة لا تبتعد عن بعض الحقائق.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ سالم علي عبد الله الجرو ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

شكرا لمن اهداني البطاقة الجميلة .

التعديل الأخير تم بواسطة سالم علي الجرو ; 07-14-2007 الساعة 07:42 AM
  رد مع اقتباس