عرض مشاركة واحدة
قديم 12-18-2007, 10:42 PM   #14
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي



شبح ثورة برتقالية في جنوب اليمن؟


أرسلت في: 17/12/2007 - 11:17


صنعاء برس-متابعات:
الانتفاضة السلمية لأبناء الجنوب، هذا هو المسمي الجديد لمجلس تنسيق جمعيات المتقاعدين بحسب التصريحات الأخيرة للعميد ناصر النوبة الرئيس الحالي للمجلس، وبالتأكيد فإن هذا يعد واحداً من المتغيرات المهمة علي ساحة النضال السلمي في المحافظات الجنوبية، فالاعتصامات الشعبية والمهرجانات والمسيرات بدأت في التشكل لتأخذ طابع الانتفاضة السلمية التي قد تظهر لاحقاً في صورة ثورة برتقالية، وهو ما بشر به العميد النوبة في قادم الأيام.


السلطة فشلت في دمغ حركة المتقاعدين بالانفصالية ومعاداة الثورة والوحدة ومصالح الوطن رغم أنها حاولت ذلك مراراً، إلا أن خطابها الإعلامي وممارستها الفعلية علي الواقع تجاه هؤلاء الناس أدي إلي نتائج عكسية، فالشارع اليمني صار أكثر تعاطفاً مع حركة المتقاعدين، في حين توجهت الاتهامات بالانفصالية والانقلاب علي مبادئ الوحدة نحو السلطة ذاتها، فالجمهورية اليمنية عادت تحث الخطي ـ بحسب المهندس فيصل بن شملان ـ إلي أوضاع الجمهورية العربية اليمنية بفعل انقلاب حكامها علي مفاهيم الحكم الديمقراطي، كما أن الانفصاليين الحقيقيين هم الذين انقلبوا علي اتفاقيات الوحدة وأعلنوا الحرب ضد مشروعها الوطني الديمقراطي علي حد تعبير الأمين العام السابق للحزب الاشتراكي اليمني الذي يؤكد أن سلطة 7 تموز (يوليو) ألحقت الخزي والعار بتاريخ هذا الشعب لأنها حولت التحرر الوطني إلي نوع مقيت من الإلحاق يتجسد اليوم ـ بحسب وصفه ـ في السياسات التصفوية والانتقامية من دولة الاستقلال وموظفيها مدنيين وعسكريين، ويضيف: إن هذه السلطة ألحقت إساءة بالغة بالوحدة اليمنية عندما أفرغتها من مضامينها الوطنية والديمقراطية وحولتها من مكسب للشعب إلي غطاء لنهب الأراضي لصالح فئة ضئيلة من الفاسدين والمتنفذين.


وفي هذا السياق يقول المهندس محسن باصرة رئيس المكتب التنفيذي للإصلاح بحضرموت: الانفصالي هو الذي يسلب حقي ويسرق ثروتي وينهب أرضي، أما أن أطالب بحقي وحق أبنائي في الثروة والسلطة فهذا حق، وسنطالب بحقوقنا، ونضالنا مستمر حتي تعود الحقوق كاملة غير منقوصة للمواطن والوطن.


السلطة اليوم صارت في قفص الاتهام، وعليها العمل لتبرئة نفسها والسعي لإقناع الناس بأنها ما زالت باقية علي الوحدة، متمسكة بأهدافها ومضامينها، حريصة علي مصالح الشعب الذي ما زال ينتظر خير الوحدة ومنافعها، ولا يكون ذلك بأساليب العنف والقمع والإرهاب، وشراء الذمم، ورفض الآخر، وخلق مزيد من الأزمات وفق نظرية فرق تسد، بل يكون عبر إتباع سياسة تصالحية مع الجميع، وإعادة الحقوق إلي أصحابها، وتكريس مبدأ المواطنة المتساوية بين كل أبناء الوطن الواحد.


لا يكفي طمأنة الناس بأن الوطن بخير وأن الوحدة راسية كجبال شمسان وردفان، ما هي الخطوات العملية علي الأرض؟! السلطة تبدو متخبطة في قراءتها للواقع وفي طريقة تعاملها معه، فالحزب الحاكم يغلق كل منافذ الحوار والتفاهم مع أحزاب المعارضة وجمعيات المتقاعدين، ويذهب بشكل منفرد لاتخاذ قرارات مصيرية، أقل ما توصف بها هو أنها تُعيد إنتاج الأزمات التي يحاول العقلاء حلها الآن، فيما نائب الرئيس يجدد الدعوة لأحزاب المشترك للعودة من جديد إلي طاولة الحوار وهو يعلم جيداً أن حزبه الحاكم هو من تنصل عن مبادئ الحوار، وظل يُراوغ ويستنزف الوقت ويتنكب لشركائه بعد كل اتفاقية يوقعها معهم، بيد أن نائب الرئيس لم ينس وهو يدعو أحزاب المشترك إلي طاولة الحوار أن يومئ من طرف خفي أن القوات المسلحة ستكون لهم بالمرصاد في حال ظلوا علي عنادهم وأصروا علي المضي في برنامجهم!! أما أمين عام الحزب الحاكم فهو يقلل من أهمية تأثير أحزاب المشترك في الشارع، ويري أنهم غير مؤهلين حالياً لقيادته للأسباب التي يذكرها حيث يقول: إن التأثير التي تحدثه المعارضة لدي الناس سيكون ضئيلاً لسبب بسيط هو أن وعودهم هي أفكار لا جديد فيها منذ نشأت هذه الأحزاب، ومقاصدهم ليست شعبية وإنما مقاصد حزبية بحتة، فضلاً عن أن هذه الأفكار مُتناقضة. هذه قراءة باجمال لمدي تأثير أحزاب المشترك في الشارع، وهي في الواقع قراءة ورؤية تتجاهل تماماً المتغيرات والمستجدات التي طرأت علي الساحتين الداخلية والخارجية، والتي كانت أحزاب المشترك أحد عوامل التأثير فيها.
الحزب الحاكم لا يريد الاعتراف بالمشترك كأحد صُناع حاضر اليمن ومستقبله، ولا يريد أن يكون له أي دور حقيقي في النهوض بأوضاع البلاد وانتشالها مما هي فيه، وهو لذلك يرفض كل مشاريع المشترك وتصوراته للخروج بالبلاد من أزماتها، ويعمل جاهداً للوصول بحواراته مع المشترك إلي طريق مسدود ليجد لنفسه المسوغ في أن ينفرد لوحده بتقرير مصير البلاد.

مستقبل مجهول

في الوقت الذي تذهب فيه السلطة بعيداً في قراءتها للواقع اليمني وترفض الاعتراف بوجود أزمة حقيقية في البلاد فإن سياسيين ومراقبين ومهتمين يُبدون قلقهم وخوفهم من المصير الغامض والمجهول الذي ينتظر البلاد، فالأستاذ علي سيف حسن رئيس منتدي التنمية السياسية يري بأن ما يحصل في الجنوب هو ملمح من ملامح اليمن الجديد، ويقول بأن اليمن يمر بنقطة تحول إستراتيجية جداً، عملية الانتقال من اليمن الحالي الذي نحن فيه إلي يمن جديد تختلف فيه الخارطة السياسية وطبيعة الحكم والتركيبة الاجتماعية وطبيعة الاقتصاد، يمن آخر له ملامح مختلفة، ويؤكد أن ما هو موجود في الشارع اليوم هو حراك أعمق بكثير مما تتصوره الأحزاب والأطر السياسية سواءً الحاكمة أو المعارضة، أما الأستاذ عبد الرحمن الجفري ـ رئيس حزب رابطة أبناء اليمن ـ فيبدو قلقاً علي الأوضاع أكثر من قلق بعض رموز السلطة حيث يقول: لم يعد الوقت يُسعفنا في أي تلكؤ عن إنجاز إصلاحات حقيقية وعميقة، إن كل يوم يمضي وليس كل شهر فيه تأخير فإنه يكلف بلادنا غالياً.

لكن للأسف فإن السلطة لا تشعر بذات القلق ـ أو هكذا تحاول أن تبدو ـ من الأوضاع التي تقودنا إليها، وتُظهر لا مبالاتها تجاه كل الأزمات وكل الأطراف المعنية في الداخل!! وعوضاً عن ذلك تُفضل السلطة أن تُيمم وجهها شطر الخارج بحثاً عن حلول لمشاكلها الداخلية.


والسؤال المطروح هنا هو: لماذا تهتم السلطة بالمؤثرات الخارجية وتحسب لها حساباً فيما هي لا تُبدي الاهتمام نفسه بالمؤثرات الداخلية؟! ربما تكون بعض من إجابات هذا السؤال لدي الأستاذ محسن باصرة ـ رئيس فرع الإصلاح بحضرموت ـ فهو أولاً يؤكد ثقته أن الوحدة اليمنية جاءت برضي خارجي ورُفض الانفصال برضا خارجي، وكذلك ستستمر أو ستُجهض بناء علي رغبة خارجية، وثانياً هو يذهب إلي القول بأن الانفصال لن يحصل إلاََّ بمباركة خارجية، ولن تكون دولة مستقلة في الجنوب إلاَّ بمباركة خارجية، ويضيف: وأقصد بالخارج أمريكا، ويري باصرة أن الحل في خيارين اثنين لا ثالث لهما: خلال 3 أشهر إذا لم يُعالج الوضع بصورة صحيحة وجديدة سيكون القادم أصعب، وما لم تستطع السلطة حل القضية خلال الأشهر القليلة القادمة بصورة حكيمة فالخيار الثاني أفضل أن ترحل (السلطة) ولا تُصر علي انفلات الأمور علي الجميع .


إذاً فالعامل الخارجي مهم جداً في استقرار الوحدة من عدمها، والسلطة وإن كانت تحاول طمأنة الجميع بأن لا مخاطر تتهدد الوحدة إلاَّ أنها لا تستطيع إغفال التأثير الخارجي في مسألة كهذه، ولهذا سارعت مؤخراً إلي فتح قنوات الاتصال بمعارضة الخارج ورحبت بعودتها لممارسة حقوقها السياسية سواءً في صف المعارضة أو السلطة كما جاء علي لسان رئيس الوزراء، وخطاب السلطة هذا يتضمن قبولا مبدئيا منها بعودة رموز المعارضة للمشاركة في الحكم بالصورة التي سيُتفق عليها، وهو من جانب آخر محاولة يائسة من قبلها تهدف إلي استيعاب أو احتواء قادة معارضة الخارج مثلما تم ذلك مع البعض منهم (سالم صالح ـ الجفري...)، أضف إلي ذلك فإن السلطة ربما تعمد إلي استخدام بعض شخصيات المعارضة التي تمكنت من تسوية أوضاعها في الداخل لمحاورة رموز المعارضة في الخارج ومحاولة استمالتهم بجزء من كعكة السلطة مقابل تخليهم عن أطماعهم الانفصالية ومحاولتهم العودة بالجنوب إلي سابق عهده.


تبدو السلطة الآن في سباق مع الزمن، فإما أن تنجح في إقناع هؤلاء بالتخلي عن مشروعهم والعودة إلي اقتسام السلطة والثروة معها بحسب التنازلات التي ستقدمها لهم، أو ينجح هؤلاء في تأليب قوي الخارج ضد السلطة وان يتمكنوا من فرض شروطهم وتحديد شكل الدولة التي يريدون.
المصدر: صحيفة القدس العربي.
  رد مع اقتباس