لا ينبغي لأحد ممن يعوّل عليه أن يعظّم ولا أن يثني على الجاهل
[1] وإن كان ممن له نسب شريف وسلف صالح . فإن تعظيمه
والثناء عليه في الظاهر قد يفتنه في دينه ، ويغرّه بالله ويزهده في العمل الصّالح ويلهيه عن التّزوّد لآخرته.
وكيف يغترّ أحد بنسب مجرد عن التّقوى
[2] أو يعتمد عليه؟ بعد قول رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلّم"
" يا فاطمة بنت محمد ، لا أغني عنك شيئا " الحديث الصحيح.
وقد تفطّن لذلك جماعة من الشعراء فضلا عن الأئمّة والعلماء حتى قال بعض الشعراء:
لعمرك مــا الإنسان إلاّ ابن دينــه = فلا تترك التّقوى اتّكالا على النّسبِ [3]
فقد رفع الإسلام سلمان بن فارسٍ = وقـد وضـع الشّر الحسيب أبا لهبِ
وقال المتنبّي:
إذا لم تكن نفس الشّريف كأصله = فماذا الذي تغني رفاع المناصبِ
وقال آخر:
وما ينفع الأصل من هاشمٍ = إذا كانت النّفس من باهلهْ
وهو ما أيّده مفتي الديار الحضرمية ، العلامة النّحرير ، المجاهد ، الشاعر ابن عبيد الله السقاف ـ رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته ـ في ذات الكتاب: (
بلاد الأحقاف ـ رموز وكنوز ) ص. 118
قال في إحدى قصائده:
وقد بحّ صوتي بالنّصيحة بينهم = ولكنّهــم عــن كــلّ فـائــدة صـــمُّ
ومن كان منهم فيـه نسك فإنّه = تولّى عليه الضّعف واشْتمل الوهمُ
يريدون مـن أهل القبور معونةً = وأنّى يعين الناس مـن ضمّه ردْمُ
وقد عمّتهم داء الدّهان بأسرهم = وإن حملوا رُقط المكائد واعْتمّــوا