الموضوع: الطابور الخامس
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-04-2002, 09:35 PM   #1
ابوعبدالله
حال جديد

افتراضي الطابور الخامس

ظاهرة (الطابور الخامس) ظاهرة اجتماعية لا يخلو منها مجتمع من المجتمعات ولا أمة من الأمم، وتتجلى هذه الظاهرة في أوضح صورها عندما تتعرض الأمم للنكبات والهزائم وحين يظهر عليها عدوها الأجنبي حيث يسارع (الطابور الخامس) الى تقديم خدماته للعدو الغازي يتزلف اليه ويتقرب لديه على حساب أمته ليدخل التاريخ من أسوأ أبوابه؟
ولعل أشهر رجل في تاريخ العرب يضرب به المثل في خيانته للأمة هو (أبو رغال) الذي سارع لتقديم خدماته لجيش أبرهة الحبشي الذي غزا جزيرة العرب وتوجه بجيشه الى الكعبة المشرفة لهدمها ليصرف العرب عن أقدس مقدساتهم فلما عجز العرب عن مواجهة جيشه وعلموا أنهم لا طاقة لهم به قاطعوه فانبرى (الطابور الخامس) يقدم له خدماته فكان (أبو رغال) دليله الى البيت الحرام, وقد هزم الله عز وجل أبرهة وجيشه وحمى بيته المحرم ومات أبو رغال في تلك الغزوة فكان جزاؤه ان ا تخذ العرب قبره مرجما فلا يمر على قبره عربي الا رجمه بالحجارة لخيانته أمته ووقوفه مع عدوها وعدو دينها وصار العرب يضربون به المثل في الخيانة حتى قال الشاعر الأموي جرير يهجو الفرزدق
إذا جاء الفرزدق فارجموه
كما ترمون قبر أبي رغال
وتكرر مثل هذا المشهد التاريخي سنة 656 هجرية عندما غزت الجيوش المغولية الأمة الاسلامية فانبرى الوزير ابن العلقمي صدر الدين الطوسي يقدمان خدماتهما ومشورتهما لملك المغول (هولاكو) الذي قتل الخليفة ورجال الدولة ودمر عاصمة الخلافة وقتل مليوني مسلم في أبشع حادثة عرفها التاريخ الانساني ليصبح ابن العلقمي صدر الدين رمزين للخيانة والعمالة للعدو الأجنبي
وها هو المشهد يتكرر بتكرار النكبات والهزائم فلا يظهر على هذه الأمة عدو خارجي الا ظهر فيها من يشايعه ويقدم اليه خدماته ويبرر جرائمه ويدافع عن سياساته ويبشر بفكره ويدله على عوراتها ونقاط ضعفها كما فعل أبو رغال وابن العلقمي صدر الدين من قبل وقد كان الأول فقيرا والثاني وزيرا والثالث فقيها الا انهم جميعا كانوا من نمط واحد ومن طابور واحد؟
ولعل أشد سلوكيات (جماعة أبي رغال) المعاصرة خطرا هو انها اتخذت من هذه الأعمال مهنة تمارسها في جميع الظروف فرموز هذه الجماعة الذين وقفوا مع المعسكر الشرقي بالأمس ضد الأمة وعقيدتها واستقلالها وتمنوا ان يرفرف العلم الأحمر على أوطانها ولو تحت سيادة الروس واشتراكيتهم هم أنفسهم الذين يقفون اليوم مع المعسكر الغربي ويحرضونه على التدخل في شؤون أمتهم ويبررون ممارساته؟
إنه الطابور ذاته والأشخاص أنفسهم والنفسية الحاقدة ذاتها لم يتغير سوى الشعارات واللافتات فقد أصبحت هذه الممارسات بالنسبة لجماعة أبي رغال المعاصرة مهنة للاسترزاق بل صارت بالنسبة لبعضهم هواية للاستمتاع فلا يجدون ذواتهم ولا سعادتهم الا في صفوف (الطابور الخامس) وفي أحضان (جماعة أبي رغال)

الأمين العام للحركة السلفية
[د. حاكم المطيري]
  رد مع اقتباس