[حد من الوادي]

50 عاماَ من التصفيق

المكلا اليوم / كتب: محمد عمر باجنيد28/3/2011

وقف (( جدي )) رحمه الله ... يصفق كثيرا ً .. بصوره أثارت فضول مجتمعنا الصغير المكون من 12 فردا.. في الذهاب إلى حيث كان يقف الرجل العجوز (( جدي)) ومعرفة اسباب حرارة تصفيقه فقد راودنا الظن في انه قد إستمع إلى خطاب حماسي لجمال عبدالناصر وتفاعل معه..او انّ مقطعاً من إحدى أغاني أم كلثوم أطربته .. لاسيما ان اغنياتها كانت تُشغِل الجماهير العربيه كما هو حال الخُطب التي كان يلقيها جمال عبدالناصر وتُذاع في الراديو ...ويستمع إليهما قطاع كبير من الماء العربي إلى الماء العربي...

جدتي(( حبابتي)) رحمها الله .. كانت تضحك من فضولنا وقالت كلاماً كان غريباً علينا في ذلك الزمن إذ قالت ان جدكم إكتشف ان شاعرية حافظ إبراهيم اكثرقوة من شاعرية احمد شوقي لكن الإعلام احسن إلى احدهما وتجاهل الآخر....(( لم تقصد جدتي بالإعلام قناة الجزيره بحالٍ من الاحوال)).

اما شقيقي الكبير فبدى اكثر ميلاً إلى الطرافه إذ قال يبدوا انّ جدي تفاعل مع العلقه الساخنه التي تلقاها محمود المليجي من فريد شوقي ((المليجي وشوقي ممثلان كانا كثيرا العراك في السينما المصريه ))..

وصلنا إلى غرفة جدنا فوجدناه لازال يصفق والسبب أنه إستمع إلى تصريحاً نارياً اطلقه الملاكم الامريكي المسلم محمد علي كلاي ... وكان جدي واصدقاؤه يصفقون و(( يشترحون )) عند كل تصريح للملاكم المسلم اكثر من فرحتهم بإنتصاراته على خصومه في الحلبه...

وورثنا نحن عن جيل جدي حُب التصفيق والإعجاب بالكلام .. فما كان منا إلا ان خرجنا إلى الشوارع نصفق ونغني عند عودة قحطان الشعبي إلى عدن زعيماُ للجنوب .. ثم اعدنا التصفيق مرة اخرى لسالم ربيع علي ... ووصل الامر إلى علي ناصر محمد وحظى بنصيب وافر من التصفيق .. حتى آلت إلى على سالم البيض فكان من الفائزين بتصفيقنا....

ثم كانت الوحده والفرح الجنوني بها... والتصفيق لها من ابناء حضرموت وبقية ابناء الجنوب ... وظنّ جيلنا ان الوحده هي الإنجاز الاخير و نهاية التصفيق وخاتمة النضال من اجل مستقبل افضل ورغيف عيش اكبروراتب يتزايد ولن تنقصه مظاهره تطالب بتخفيضه

وانّ الايادي التي توجعت من حرارة التصفيق لن تصفق مرة اخرى و ستتفرغ للعمل والبناء والتنميه...

والآن..وفي عهد الوحده إفترقنا في اسباب التصفيق بين مُصفق للمطالبين بإستعادة الجنوبيين لدولتهم ومُصفقين من اجل تنحي الرئيس وآخرون يُصفقون كي يبقى الرئيس..

هرِمنا .. كما هرِم اباؤنا ومات اجدادنا وهم يُصفقون .. ويصفقون ثم يصفقون للحلم القادم .. يصفقون لكل من تحدث قائلاً (( بانسوي وبانلقي وبانعمل وسوف)) ..

ثم نكتشف انّ الباء حرف جر واداة تعريف لبعض العائلات الحضرميه اما السين فهو الحرف المظلوم في لغة العرب .. وهو قوة إستقواء بالخارج لما لن يكون ((الوعود غير المحققه )).

فماذا سنترك لابناؤنا بعد كل (( التصفيق المدوي )) الذي ورثناه عن الاجداد...

صفق اجدادنا لعبدالناصر فورث جيلنا القدس عارية تبيح عزة نهديها لمن رغبا كما ورد على لسان شاعر يرثي سيف خالد بن الوليد الذي تحول إلى خشب.

وأنست ملامح هيفاء وباسكال مطربه كانت تجد تصفيقاً عظيماً وهي تغني بالساعات إسمها أم كلثوم..

اما الوحده فأكدت وجود شعبين تحت علم واحد وإسم واحد ورسخت في اذهان الناس الجنوبي ــــ الشمالي.. فذهب التصفيق القديم في الهوى وبقي المصفقون ....فهل نحن محقون في التصفيق .. لما يحدث امامنا اليوم من إعتصامات ومظاهرات ومطالبات...؟

الكثيرون يمنون النفس ان لايتذكرهم احفادهم .. أنهم مٌصفقون... وانهم لم يورثوهم بلداً مثل ماليزيا او سنغافوره .. او كوريا الجنوبيه ..

و المؤلم حقاً لو أتى الاحفاد وقالوا ان جيلنا الحالي لم يتأثر ولو قليلاً بجيرانه في الخليج التي يكاد معظمها يبداء عصر الحكومات الإليكترونيه في وقت فشلنا في بناء صرحاً تعليمياً نموذحياً واحدا او مستشفى يطمئنون للعلاج بداخله