عرض مشاركة واحدة
قديم 09-17-2012, 01:38 AM   #585
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


في الذكرى الخامسة والأربعين.. بعث حضرموت

9/16/2012 سالم عمر مسهور

مقدمة
التاريخ ليس ما تصنعه الأعداء ، ولا مكائد الاستعمار ، ولكن ما تصنعه الشعوب ذاتها في أوطانها

مالك بن نبي ـ

هذه هي الذكرى الخامسة والأربعين على سقوط مدينة المكلا بيد الجبهة القومية ، ومنذ السابع عشر من سبتمبر 1967م وكل حضرموت مرهونة بيد أعدائها ، غير أن في الكوب شيء من الماء ، فهنا نظرة أخرى على وطن آخر ...

عام السقوط ..

في العام 1967م كان السقوط الحضرمي المدوي ، ولعل كتاب التاريخ الحضرمي أشبعوا يوم السابع عشر من سبتمبر من ذلك العام الكثير من الأحداث ، وعملوا على توثيق كل ما جرى من تفاصيل المؤامرة على البلاد الحضرمية ، فعام السقوط الذي تناولته كتب التاريخ يحتاج إلى قراءة أخرى من عين أخرى ، وهذا ما يجب ان يكون عليه الحال على مسافة خمسة وأربعين سنة هي عمر طويل دونما شك غير ان الأمم والشعوب لا يجب أن تنظر إلى حجم المأساة بعين الحسرة والألم بل بعين أخرى هي عين الرجاء والأمل ...

أن كان السقوط الحضرمي كان هو الفجيعة المتوارثة ، فماذا يجب على الأجيال الحضرمية أن تستدعيه اليوم على بُعد المسافة بين المأساة والأمل ..؟؟ ، فاليوم هنالك واقع لابد وأن يرصد ، وحقائق على الأرض لابد وأن ينظر لها ويتم التمعن الدقيق فيها ، فليس هنالك من جدارة على طول نواح وبكاء فنستدعي المآسي وعليها نبقى فاغرة أفواهنا دون تخطي النظرة إلى ما تبقى من الممتلىء في الكوب الحضرمي ، فثمة هنالك أن السقوط وأن حدث فما هو غير نصف ما في الكوب ، وهنالك أن السقوط الذي وقع أبقى قدراً من حضرموت ، هذا القدر يكمن في الهوية الحضرمية التي تخطت المأساة ، وهذا القدر المتبقي من الكوب فيه أن الحضارمة مازالوا يريدون وطناً صحيحاً ، وأن ما حدث من كل المأساة المفجعة لم يلغي أدبيات الفكرة السياسية الراسخة ...

هذه نظرة بالتأكيد تخالف في امتدادها ما ألفته العيون الحضرمية التي لا تنظر إلى كتلة من الأهمية إلى أدبيات الحركة السياسية المعاصرة في حضرموت وهي تستلهم من قبل العام 1967م ذلك الموروث السياسي الراسخ الذي صنعه المناضل عمر سالم باعباد رحمه الله واضع دستور جمهورية حضرموت المتحدة ، وذلك الموروث السياسي الذي خلفه المناضل عبدالله الجابري في زمن المأساة وما تلاها ، هنا نظرة توافق مسألة تحتمل شيء غير توزيع الأحزان بقدر ما توزع على الأمة الحضرمية الأمل في زمن مقبل ...

مناضلي الكيبورد

أن الحقبة التاريخية التي شكلت الهزيمة الحضرمية في 1967م هي حقبة تؤكد كل الحقائق على أنها حقبة حملت في ثناياها مشهد تراجيدي صنعه الآخرين بتوريد الخشية والخوف في قلوب الحضرميين ، صناعة التراجيديا السوداء هي الصناعة التي هزمت الشعوب والأمم ، فالمكلا سقطت كما سقطت بعدها سيئون بقلة قليلة من الأعداء ، وقلة قليلة من السلاح ، سوى أن خصوم حضرموت عرفوا كيف يصنعوا التراجيديا في زمن الدراما السوداء ، فشكلت عوامل الخوف والرهبة والخشية رؤوس الحربة في معركة نفسية بدأت وانتهت في ساعات لم تصمد فيها الأقدام التي زلت وانهزمت برغم أنها كانت تمتلك كامل القوة للدفاع عن نفسها ...

العوامل النفسية التي هزمت حضرموت في 1967م واسقطت عواصم السلطنتيين القعيطية والكثيرية كانت مصنوعة من دهاء أشرار خبروا أن الحضارمة رغبة أخرى في حياة آمنة ومستقرة ، حدثت الهزيمة وانقضى الزمان ، ومن الجهل استدعاء الزمن وحتى استعداء منّ كانوا في ذلك الزمن ، فما حدث هو أن نصف الكوب أفرغ من الماء ، وبقي النصف الآخر الذي منه خرج مناضلي الكيبورد يكتبون ، وثم يثرثرون ، ثم يخرجون إلى واقع الحياة مناضلين ، أشباههم في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن أنجز منهم منّ أنجز لوطنه شيئاً مما يريده لأجيال قادمة ستدون في تاريخها أنهم أولاد منضلي الكيبورد ...

هزمت أنظمة عربية لم يكن أحد يتصور هزيمتها ، هزمت لأن مناضلي الكيبورد كتبوا كثيراً عن أحلامهم ، وأخلصوا جداً لآمالهم ، لذلك هزمت تلك الأنظمة المسنودة بكل أدوات الغطرسة والقوة ، وكذلك نحن مناضلي الكيبورد الحضرمي ، هزمنا في ذاتنا أكذوبة الهوان والضعف وأن الغلبة تكون دوماً مع راكب الدبابة وحامل المدفع ، سلاح الحضرمي اليوم ليس هو كيبورداً وماوساً وشاشة رقمية بل سلاحه في ضميره المؤمن بحقه في وطنه ، وبقدرته في تصحيح مسار تاريخ هذا الوطن ...

عاد .. السلطان

أن ما ذهب إليه مناضلي الكيبورد ، أوصلهم بعد سنوات من صراعات شهدت ـ تهكماً ـ تحطم أزراراً وماوسات إلى أن يمهدوا الطريق إلى عاصمة مصر القاهرة ، فهنالك كان السلطان عبدالله بن محسن الكثيري يصنع يوماً للتاريخ الحضرمي ، فأهدانا الحادي عشر من يونيو 2012م نضيفه إلى تواريخنا العظيمة ، نضعه بين عيوننا ، بل وكأني به أنه وضعه في كأسنا الحضرمي ليمتلىء الكأس بشيء من الجسارة الحضرمية ، فكنا على موعد مع صنّاع التاريخ المعاصر ...

المهزومون لن يستطيعوا النظر إلى هذا الواقع ، فاولئك مازالوا في هزيمتهم يصنعون لنا كل يوم نائحة ، ويكتبون لنا عن عدائهم مع أنفسهم ، فقط لأنهم منهزمين ومازالوا عند السابع عشر من سبتمبر 1967م ، أما الأمّة الحضرمية فتنظر إلى السلطان عبدالله بن محسن الكثيري الذي قدم المذكرة الحرمية وسلمها لمندوبي الاتحاد الأوروبي والأمريكي وفي معيتهم سفراء دول مجلس التعاون الخليجي ، هنا منجز حضرمي لم يأتي من فراغ ، ولم يكن بلا مضمون ، فالمرجعية إلى التاريخ تكلمنا اليوم أنه ما حضر من خشية السلاطين في المكلا وسيئون كل من الآخر فوت وحدة البلاد الحضرمية فسقطت الدولتين معاً ، وما نفعت الخشية والريبة أحدهما ...

في الذكرى الخامسة والأربعين لا يجب أن ننظر بعين الخوف والحزن ، بل يجب أن ننظر بعين القوة والفخر ، فهنالك تهاوت مدن واليوم تنبعث أمّة ، هذا هو الفارق بين ذلك الزمن وهذا ، وهذا ما يجب أن يعيه الجيل الحضرمي ، فليس من توقيت ملائم لضخ مزيد من الوجع ، وليس من فائدة مرجوة في الترويج للرهبة ، بل الحاجة للنظر إلى أنه مازال فينا رجال قادرين على قيادة الشعب الحضرمي ، ومازلنا نحمل كل خصالنا الحميدة ، هنالك كثير من الإيجابيات تستحق الحضور حتى وأن كانت المأساة عنوانها الكبير ...
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح