عرض مشاركة واحدة
قديم 09-25-2012, 01:20 AM   #596
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


حضرموت …وظاهرة (التلوث الحضاري)

هنا حضرموت / أكرم باشكيل
الأحد 23 سبتمبر 2012

عند علماء المناخ باتت ( ظاهرة الإحتباس الحراري) من الظواهر المقلقة لسكان الكون الفسيح والأرض المعمورة منه حيث تزداد معدلات إرتفاح الحرارة فية نظرا للتغيرات الطارئة من لدن الإنسان في سوء الاستخدام الأمثل لكل مكونات بيئته مما ولد خلل في التوازن البيئي الفطري فكانت نتائجه كارثية بالمطلق من جراء هذا الاستخدام السيء ..!!

لعل القاريء يتساءل عن علاقة هذا بعنوان موضوعنا لا من حيث المكان ( حضرموت ) وهو جزء من هذا الكون الفسيح وإنما من حيث ظاهرة جديد طرأت على المكان (حضرموت ) فيما يمكن أن أسميها( التلوث الحضاري ) بكل ما تحمله مفردتي الجملة الأسمية من دلالات ومعاني (التلوث) و(الحضارة) ..!!

عند الحديث عن حضرموت تقفز مفردة ( الحضارة ) متماهية معها أذ أن علماء الآثار فضلا عن الانثروبولوجيا يؤكدون حد الجزم القطعي الإرتباط الوثيق بين المكان ( حضرموت) والحضارة كنتاج طبيعي لنشاط إنسان الموطن( الحضرمي ) الساكن بها .. بل يهتمون بدراسة آثارها الماثلة ماديا وروحيا الى إثبات حالة التمدن التي إنماز بها الحضرمي فباتت سمة من سمات حياته ..!!

مايقودني اليوم للحديث عن فرضية ( المتغير) في ماذهبنا إليه وهو يتسيد الواقع المعاش بل يكاد يلتهمه بسرعة مذهلة في جيلنا الجديد الذي يبدوا أنه ينسلخ شيئا فشيئا عن مكنونات جينات أجداده فيذهب لإكتساب صفات سلوكية ومعرفية بعيدة عن ماهو مألوف من خصائص أجداده الحضرميه..!!

عند الحديث عن ( التلوث الحضاري) كظاهرة تستوقفني حالة التغيير المخيف في قضيتين رئيسيتين تشكلا جذر الحضارة في أي أمة هما : البناء الروحي والهيكل المادي لها ..حيث يتمثل البناء الروحي في مجمل القيم والاخلاق وجوانب التطورالعلمي المعرفي لها من إنتاج فكري ونهضة تربوية تعليمية ..بينما الهيكل المادي في أنماط وأشكال ووسائل العمارة والتخطيط المدني السليم ووكل مايمت بصلة للتعامل السليم في إظهار عمارة الإنسان لأرضه..!!

فخلال ربع قرن من الزمن تعرضت حضرموت لحملة شرسة منظمة إزدادت وتيرتها مع لحظة الإندماج القسري الثاني مع اليمنيين حيث كان الإستهداف لمنظومة القيم فيما بات يعرف بالتلوث الأخلاقي بكل مايحمله من دلالات ومعاني فجاءت نتائجه كارثية ربما سوف نعاني منها على مدىأبعد مما أكتسبه هذا الجيل في سنيه الخوالي.. وقس ذلك على ظاهرة التلوث المادي المتمثلة في جوانب العمران وخصائص البناء والتخطيط المدني للمدن وطرق التعامل معها مدنيا وفق منظومة مكوننا الحضارية ..!!

وإذا تحدثنا عن الجانب المعرفي ومدركات خطورتها فحدث ولاحرج فإنهيار منظومة التربية ل( المدرسة الأبوية) التي قامت عليها أسس التربية ..ناهيك عن طرائق وأساليب للتعليم بالمدارس التي نراها تنتشر كإنتشار النار في الهشيم في مستويات التعليم الأدنى والأعلى فمدارس التعليم الاساسي والثانوي وكذا الجامعات تشهد إجتياحا غريبا مريبا لمفاهيم تعليمية تلوث قيمنا التعليمية التي باتت تنذر بخطر مخيف من جراء هذا الغزو وعدوى الإنتقال المستهدف الى حواضرنا فتمثلناه سلوكا ..!!

أن جل ثروتنا هي في المقام الاول من خلال هذه المنظومة القيمية الحضارية التي يرتكز عليها المجتمع حضاريا واذا لم نتدارك مانحن فيه الآن فقد نصبح غدا في خبر كان وننعي حظنا وموروثنا الحضاري الذي نضيعه اليوم تدريجيا بإكتساب خصائص جديده ملوثة ليست من موروثنا الحضاري في شيء ..!!

نحن في هذا الإطار بحاجة الى إعادة توازننا من جديد والنظر بماهو كائن بنا ويحاك ضدنا وأن نقيم له الندوات والورش والمحاضرات للتنبيه منه وإرشاد ذوي الإختصاص في البحث عن معالجات له سريعة وذات بعد مستقبلي وربما خطوتنا الأولى في إستعادة دور المدرسة الأبوية ثم في إجتراح وسائل جديدة وحديثة لطرائق تربوية في مدارسنا بالتعليم الأساسي والثانوي وإعتماد طرائق حديثة في التعليم الجامعي قائمة على البحث العلمي لا تلقين ( الملازم ) …!!!

الجميع اليوم مشترك في المسؤولية الوطنية إتجاه أمة وأجيال وحضارة يغزوها هذا الغول السرطاني في مهد دارها وليس بمنأى أي فرد منها من خطر هذا التلوث الذي تتعرض له ويكاد يقضي على كل شي جميل فيها ..وحضرموت بها من رجالاتها ما يمكنهم أن يستثيروا الهمم ويبعثوا الطاقات إتجاه الفعل الحقيقي الممنهج للوقاية من خطر هذا التلوث الحضاري الوخيم ..!!
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح