عرض مشاركة واحدة
قديم 11-08-2012, 02:02 AM   #639
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


عشرة أيام في المكلا 2- 2

هنا حضرموت / علي محمد بابطين
الأربعاء 7 نوفمبر 2012


استمرارا لما سبق الحديث عنه ها نحن نستكمل حديثنا عن عشرة أيام في المكلا .

ومما لاحظته في الطبقات المتوسطة وما دونها تأييداً للحرك الجنوبي خصوصاً تحت زعامة باعوم ، وهو حراك نشط مقبل على مزالق أساسية عديدة :

- أولاً صحة زعيم الحراك باعوم والتي تمثل قلقا لدى نشطاء الحراك والخوف من فقد الكاريزما المثيرة للزعيم باعوم عند أنصاره.

-الخلاف المستمر بين قيادات الحراك وهي خلافات في ظاهرها شخصية لكنها تحمل في مضمونها تباين مناطقي وتباين سياسي قد يسبب في انشقاق الحراك بعد نجاحه في الانفصال عن الحكم الشمالي .


-الإرث الاشتراكي للحراك الجنوبي يمثل بعض القلق لدى قطاعات بين السكان المحليين في حضرموت .ورغم أن أدبيات الحراك لا تتضمن الإشارة إلى أي توجه اشتراكي مقبل ، إلا أن القيادات المتزعمة للحراك هي من زعامات الحزب الاشتراكي التقليدية ، وفي الحقيقة أن الحركيين حسب اعتقادي لن يعودوا إلى الحكم كاشتراكيين ، لكن أمراض الاشتراكية ستظل حاضرة ، منها التقاتل الداخلي والذي عُرف به ما كان يسمى باليمن الجنوبي ، كما أن عقليات هؤلاء القادة ستظل مثقلة بالإرث القديم والذي لن يسمح لها بالتعامل مع المجتمعات الجديدة والأفكار التي تنشرها الآفاق المفتوحة ،كما أنه لن يعطيها فرصة للتعامل مع الحركات الإسلامية المتعارضة في المجتمع الحضرمي .

وعلى ذكر الحركات الإسلامية داخل المجتمع الحضرمي فإنه مما ينبغي الانتباه له أنه مجتمع متدين جداً لا يعارض أياً من التوجهات الإسلامية لكنه على الصعيد السياسي لا توجد حركات إسلامية بارزة وتفسير هذه الظاهرة الغريبة يكمن في عدد من العوامل منها:

بروز حركة الإصلاح والتي تعد إسلامية التوجه لكنها تفتقد إلى الشعبية في حضرموت بسبب مرجعتيها الشمالية ،وتبنيها فكرة بقاء الوحدة اليمنية وهي فكرة أفقدتها التأييد ، رغم شخصية قائدها الكاريزمية صلاح مسلم باتيس وحضوره المدعوم من القيادات الإصلاحية في الشمال إلا أنها لا تحضى بأي حضور على الصعيد الشعبي .

كذلك من العوامل وجود الفكر الصوفي في موازاة الفكر المسمى عندهم بالسني وحالة الانقسام خلفت حالة من التوجس ، كما أن وجود القاعدة كعنصر مستهدف من القوى الخارجية ساهم في خلق حالة من النأي بالنفس عن هذه التيارات الإسلامية وعلى كل حال فإن صلاح باتيس والشباب ذا التوجه الإسلامي قد أخطأوا في ركوب حصان الإصلاح الهزيل ، إلا في حال نجاح الإصلاح الشمالي في تولي السلطة في صنعاء مما قد يدفع بالإصلاحيين الحضارمة إلى أفق جديد ، وهو أفق مفتوح على كل الاحتمالات .

هذا ما يتعلق بالتيارات الظاهرة والمؤسسة ، لكن تبقى هناك منطقة وسطى بها قطاعات كبيرة من المجتمع ، تتمنى في قرارة نفسها بل وتحلم بالانعتاق من الخيارين القاتلين بين وحده شمالية وانفصال جنوبي مقلق لكن يعوق هذا الحلم أمر جدير بالاهتمام وهو عدم إيمان هذه القطاعات بإمكانية الخيار الثالث ، وأنه حلم محال بعيد المنال ..

وهم محقون في الحقيقة لعدم وجود كيان سياسي قادر على طرح برنامجه السياسي المستند على الاستقلال ، كما أنه لا يلوح في الأفق أي إمكانية لدعم خارجي قد يدفع بالأمور نحو منحى جديد

وبالنسبة للعصبة الحضرمية كمكون ظاهر جديد يقوم على فكرة الاستقلال الحضرمي وهو أمر جيد كبداية لكنه تكونٌ في طور الإنشاء والتخلق ولم يظهر بعد كعنصر فاعل في سبيل تحقيق الحلم الحضرمي ، ولهذا أسباب ليس هذا موضعها .

كما أنه مما يعوق المشروع الاستقلالي نشوء اتجاهات لإحياء السلطنات القديمة والمتمثلة في السلطنة القعيطية والسلطنة الكثيرية ، وهذا الإحيائية يجب أن تعترف أنها تجاوزها الزمن ، وأصبحت في ظل التطورات التي يشهدها العالم العربي كتقهقر سياسي معيب

لذا فإن القائمين على المشروع السياسي عليهم أولاً الاتفاق على برنامج سياسي أولي يحدد شكل الدولة وحدود الهوية الحضرمية وطبيعتها المنشودة ويمكن القول أن هذه المداولات قد انطلقت شرارتها ، وبظهور عصبة القوى الحضرمية وطرح هذه الأفكار للتداول سيقوي من عضد المشروع السياسي الحضرمي وقد تسنى لي الاطلاع على بيان صادر من مجلس حضرموت الأهلي وهو على ما يظهر حركة مدنية سياسية ، وهو بيان صادر عن حلقة نقاش تمت في يونيو 2002 ، والواضح من البيان الصادر بعنوان “حضرموت الرؤية والمسار” أنه بداية جيدة تؤكد أن الرؤية الحضرمية بدأت في التبلور ، ويذكر البيان الحقوق التي يجب أن يتمتع بها الإقليم الحضرمي حسب التسمية الواردة في البيان وتتركز هذه الحقوق على ثلاثة محاور.

- الحق السياسي وهو حق تقرير المصير وحده الأدنى كما ذكر البيان أن تكون حضرموت إقليماً ضمن نظام فدرالي ، وحده الأعلى وكما هو واضح من سياق البيان الاستقلال الكامل ضمن دولة حضرمية.

- حق التمتع بالثروات الوطنية حيث ينص البيان على حق التمتع بما نسبته ٧٥٪ ، وهذا البند هو صدى لما يتداوله الناس في حضرموت سواء على صعيد النخب أم على صعيد الإنسان العادي في الشارع ، حيث يرى الناس – وهم محقون – أن هناك قرصنة ممنهجة للثروات الإقليمية سواء البترول في المسيلة ، أو في الموارد المتعددة للمعادن النفيسة خصوصاً الذهب ، إضافة إلى ما يسمونه تبديد الموارد السمكية ومنح الامتيازات للشركات للصيد في المياه الإقليمية .

والأمر المثير للاشمئزاز أن هذه الصفقات المشبوهة لا تتم لصالح الدولة وإنما هي لأسر وقوى متنفذه داخل الدولة اليمنية المهترئة. وقد لا يصدق العقل البشري أن امتيازاً نفطياً يجير لصالح شيخ قبيلة أو لوزير ، لكنه موجود في حالة من الفساد الإداري والمالي المتشعب

وتحتاج حضرموت بشده لتأسيس لجنة حديثة لمكافحة ومتابعة الفساد وإيقاف النهب الممنهج لثروات الإقليم ، وهي تجربة ثرية في بلدان كالكويت ومصر وقطر، وقد يفتح اتصال الجنة المدنية الحضرمية لمكافحة الفساد بمنظمات المجتمع المدني في الدول المذكورة ، أفقاً جديداً للمشروع الاستقلالي الحضرمي .

- الحق الأمني ولاشك أن التطرق لهذا الجانب هو صدى للانفلات الأمني ، والمخاوف الأمنية نتيجة عدم وجود الدولة ، ونتيجة انتشار السلاح خصوصاً في المناطق الغربية المجاورة لحضرموت . وقد لفت نظري خلال زيارتي لمنطقة (ميفع) وهي منطقة تجمع للمسافرين إلى ومن حضرموت ، وهي تضم زوراً من مناطق عده ، قلت لفت نظري حجم التسلح الواسع للقادمين من الشمال اليمني في حين يعاني الإقليم الحضرمي من شح في السلاح ، وإن كانت بعض القبائل تمتلك بعض الأسلحة الآلية إلا أنها قليلة ، وقد لفت نظري أننا وخلال رحلتنا إلى بعض الأودية الداخلية أن مرافقي قد استعار سلاحاً آلياً ، وعندما سألته قال أن ذلك على سبيل الاحتياط بسبب تعدد حالات قطع الطريق من قبل عصابات قادمة من الأقاليم الغربية .

وقد ذكر لي مقدم من مقادمة قبائل حضرموت أن الحسنات التي يمكن أن تذكر للحكيم الشمالي – إن كان هناك من حسنات – تضيع أمام سيئة فقدان الأمن ، حتى أن القبائل بدأت في التجمع وإعادة التحالفات القديمة والتفكير في إنشاء لجان شعبية لحفظ الأمن بسبب انفراط عقد الأمن .

وصار من المألوف الحديث عن اختطاف رجل أعمال أو جلب عناصر من المرتزقة لدعم خلاف شخصي حول أراضٍ، أو قتل أفراد من الشعب الأعزل من السلاح.

وليس من الخفي أن زيادة الضغط على مكونات المجتمع الحضرمي المدنية والقبلية سوف يدفع إلى مزيد من التحالف والتسلح لحفظ الأمن في الإقليم الحضرمي .

ختاما نحن أمام لحظة تاريخية تستدعي من رجالات حضرموت في الداخل والخارج التحرك على الأرض ، ودعم المشروع الاستقلالي لضمان مستقبل آمن للشعب الحضرمي ، وكم آلمني مناشدة مسن حضرمي أن نجد طريقا للخروج من هذه الحالة المتعسرة !
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح