[حد من الوادي]

حضرموت مهد الحضاره.. يالمخيال !

12/6/2012 محمد عمر باجنيد

لم يُحضِر احدا من متزعمي يمنية حضرموت تاريخيا أثراً علميا على ان حضرموت كانت جزء من اليمن قبل العام 67م غير مخاطابة إمرؤ القيس لدمون باننا يمانون.. ولعل ذلك المنطق يجعلني انا الحضرمي الدوعني إبن القرين اتقدم بطلب منحي الجنسيه المغربيه بحكم القصيده الشهيره "بلاد العرب اوطاني".. معتمداً على تلك القصيده وإنتشارها في كتبنا المدرسيه. لاسيما ان العماره في الريف المغربي تتطابق مع العماره في وادي حضرموت وكثير من المفردات المغربيه تتطابق مع المفردات الحضرميه..و كانت جداتنا (( حباباتنا )) يقصُن لنا انّ قبيلة بني هلال هاجرت إلى المغرب من حضرموت..إضافة إلى ان رائد علم الإجتماع إبن خلدون الحضرمي ..يجمعنا نحن الحضارمة بالمغاربة..

وبديهي ان يرى المغاربه في اسباب طلبي للجنسيه المغربيه مغالطه ساذجة. فالجنسية المغربيه تُعطى بموجب أنظمه وقوانين وليس (( دحبشه )) لكنني سأنشد لهم على الفور قصيدة بلاد العرب اوطاني ..وامام رفضهم الطبيعي والمنطقي لطلبي ..فإنني اتساءل لماذا اليمنيون يريدونني انا الحضرمي ان اكون يمنيا من زمن إمرؤ القيس ...رغم ان التقاليد الحضرميه وفن العماره الحضرمي لا تلتقي في اي خط مع تقاليد اهل اليمن او فنون عمارتهم اواسلوبهم في الحياه .

في العام 90 م أعلنوا الوحده بالحبر على الورق وفي العام94م اعلنوا الوحده بالرصاص والقنابل على الارض والبحر..لكن قبل العام 90م ..لم تكن حضرموت ضمن اراضي الجمهوريه العربيه اليمنيه ولم تكن خاضعه لسلطانهم ..
فالحكمة.. والحكمة يمانيه تقتضي ان يبداء تاريخ حضرموت اليمني منذ ان مُنِحت حضرموت الجنسيه اليمنيه في العام 67م وتوثقت هذه الجنسيه بالدم في العام 90م اما ماقبل ذلك فهو ضمن ادوار التاريخ الحضرمي المصنوع بفكر الحضارمه ومعاناتهم واموالهم وطين اراضهم .

في اليومين الماضين اطلّ علينا المخرج الكويتي الاستاذ عبدالله حمد المخيال يبحث عن التاريخ اليمني في حضرموت..وقال في حديثه للمكلا اليوم انه جاء ليوثق الحضارة اليمنية في حضرموت مبديا دهشته من عبقرية الإنسان اليمني في تحويل الطين والحجارة إلى اثر بالغ.

والثابت تاريخيا ان صُنّاع حضارة الطين هم من البنائين الحضارمه المهره..إذ لم يكن في ذلك الزمن الذي بنى فيه الحضارمة حضارتهم الطينيه سوى العماله الحضرميه الفائقة المهاره ذات التكلفه المرتفعه ..لكنها ذات مزاجٍ صاف..عاشقه للجمال ..تمنحهم(( قهوة الشروق )) طاقات هائله من الخيال والإبداع.. ومائدة (( قهوة الشروق )) .. مكونه من القهوه الحضرميه بنكهة الزنجبيل والقرفه و الهيل مع حضور قوي للتمر الحضرمي (( المديني ))والحلاة الطحينيه ورغيف (( ضُبعة ))الخمير.

كل ذلك كان قبل ان تحمل دبابات الفاتحين الجدد غصن القات إلى الافواه الحضرميه...

اما العلاقت التي تربط الاشقاء الكويتيين بالحضارمه فترجع إلى الاربعينات والخمسينات من القرن الفارط عندما كان هناك تبادل تجاري بين الكويت والساحل الحضرمي ..مانتج عنه تقارب كبير بين سكان المناطق الساحليه من حضرموت والكويتيين ..وحدث أن تآثر كل طرف بالآخر..لذلك لاعجب ان تنتشر اغنيات رائد الأغنيه الحضرميه الحديثه محمد جمعه خان والفنان محمد سالم بن شامخ في الكويت ..كما اصبح (( الصوت الكويتي)) جزء من ذاكرة جلسات الطرب الحضرمي.. وهو ماجعل من الفنان عبداللطيف الكويتي صاحب جمهور كبير في حضرموت عامه وفي الساحل الحضرمي بصوره خاصه فيما لم يكن للفن اليمني حضورا لدى الجمهور الكويتي في تلك الفتره .

المخرج الكويتي المخيال في حضرموت لتوثيق الحضارة اليمنية ..وكان الاجدر ان يكون في حضرموت لتوثيق عطآت وإبداعات الإنسان الحضرمي القديم .. إذا اراد ان يقوم بتوثيق تاريخ حضرموت الحقيقي ..حضرموت التي كانت تحمل الجنسيه الحضرميه.

كي لا .. يأتي يوم ويكون المخرج المخيال وفيلمه وثيقة على ان حضرموت يمنيه ..ثم يبحث الحضارمه عن مخرج وفيلم آخر معاكس لفيلم المخيال للتأكيد بان حضرموت لم تكن تاريخيا من الدوله اليمنيه.