الموضوع: غضب وأدب
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-01-2013, 08:11 PM   #90
مبارك بوشندل
شاعر السقيفة
 
الصورة الرمزية مبارك بوشندل

افتراضي

جاء الاسلام فكانت له في حضرموت نفس المآثر التي تركها في المناطق الاخرى في مجال الحياة العقلية، فحل التوحيد محل الوثنية، والمعايير الدينية محل العصبيات القبلية الضيقة الموروثة من المفاهيم الجاهلية وانتشرت علوم اللغة العربية واتخذت اداب الجاهلية كالشعر والخطابة رونقا جديدا (6).

لم يكن تاريخ هجرة الحضارمة الى الخارج تاريخ حديث انما كانت بوادرها قد ظهرت منذ زمن الخلافة الراشدة، فقد تركوا بلادهم تحت راية الاسلام جنودا واشتركوا في حروب الروم والفرس فحضروا اليرموك والقادسية، كما كانوا ضمن الجيش الاسلامي الذي فتح مصر في عهد الخليفة عمر بن الخطاب (رض) بعدها توالت هجراتهم الى اوطان بعيدة بحثا عن سبل العيش. وشواهد قبورهم التي ما زالت باقية الى الوقت الحاضر خير شاهد على ما اقول.

فسواء كان الحضارمة رحالة او تجارا او جنودا، الا انهم وبقية المهاجرين من بلاد العرب قاموا في نشر الاسلام حيثما حلوا واينما ذهبوا بصورة سلمية متسمة دعوتهم بروح الاخاء والمحبة: ونظرا لقرب المناطق الساحلية الشرقية للقارة الافريقية مثل كينيا والحبشة والصومال وزنجبار وتنجانيقا ومدغشقر الى مضيق باب المندب، فقد ابحر اليها المسلمون العلويون والتجار مهاجرين بأتجاه الغرب من ميناء عدن في اليمن.
بينما الذين هاجروا بأتجاه الشرق بدوا الابحار من ميناء مكلا في حضرموت وحلوا في الجانب الكبير من شبه القارة الهندية، وفي جزائر جنوب اسيا وسيلان و تايلند، حتى وصلوا الى اندونيسيا والملايو والصين وجزر الفلبين في المحيط الهادئ واستقروا فيها، وكان لهم في كثير من هذه الاقطار ثروة ونفوذ وسلطان.
الحضارم في مصر:
في خلافة سيدنا عثمان وصله 100 من رجالات حضرموت واستأذنوه في المسير إلى مصر فإذن لهم ، واختطوا خطتهم في ( الفسطاط ) ولأن كل خطه لها عريفا ومحرسا كان ( الملامس بن جذيمه ) عريف حضرموت . ( 5 ) وضربوا رقما قياسيا في عدد من ولي القضاء منهم ففي الفترة من 84هـ 244هـ حوالي قرن ونصف ولي قضاء مصر تسعة حضارم من بين 15 قاضي من مجموع القبائل الأخرى أي بمعدل قاضي وأحد لكل 18سنه أولهم يونس بن عطية عام 84هـ ثم اوس بن عبد الله عام 86 هـ ثم يحيى بن ميمون 105هـ ثم توبة بن نصير عام 115 هـ ثم حفص بن الوليد عام 124هـ ثم خير بن نعيم عام 120هـ ثم غوث بن سليمان عام 135هـ ثم عبد الله بن لهيعه عام 155هـ ثم لهيعه بن عيسى عام 199-244هـ ، وأقام بمصر من ( حمير حضرموت ) عدد من مشاهير الرجال مثل ( لهيعه بن عقبه ) في عام 100هـ من مشاهير تابعي مصر أما ابنه عبد الله بن لهيعه 96 – 174 فقد ولي قضاء مصر وحدث بها أيضا وهكذا كان الكنديون الحضارم بمصر ما بين قائد وفقيه وقاضي ومحدث . وبلغت هيمنتهم على مصر لدرجه أن الخليفة مروان بن محمد طلب منهم قبول ( حنظله بن صفوان الكلبي ) واليا عليهم بدلا من ( حفص بن الوليد الحضرمي ) فعارضوه ورفضوا طلبه بل قاموا بطرد حنظله بن صفوان من الفسطاط ( 6 ) وكان معاوية يفضل الحضرميين و الازديين في أعماله وكتب إلى واليه ( لا تولى عملك ألا ازدي أو حضرمي فانهم أهل امانه ) ولعلة تأثر بحديث نبوي عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه سلم ( حضرموت خير من بني الحارث ) ( 7 ) .

الحضارم في الكوفة والبصرة :
وهما أكبر مدينتين لمعسكرات الإسلام في عهد الأول وأوت قبائل من حضرموت وصف الكوفة الفاروق بقوله ( جمجمات العرب ) ودعا جميع العرب لتعبئة العامة بما فيهم أهل الردة لتكوين جيوش عربية تحث إمرة سعد فكان من اليمن 2300 مقابل تحث قيادة عمرو بن معد يكرب الزبيدي ومنهم 600 من حضرموت . وكانت قبائل اليمن بالكوفة أكثر من قبائلها . وهكذا مدينه البصرة التي تعج بالناس ومن 255-315هـ توالت غارات القرامطة والزنج عليها كما ادعى النبوة صاحب الزنج ( علي بن محمد ) ووضع أبو طاهر الجنابي السيف في أهلها وانتشر الرعب في النفوس ، فهاجر منها ( أحمد بن عيسى ) بنفسه ومعه نحو سبعين من أهله وبجبالهم الموقرة بالذهب والفضة وغيرها إلى حضرموت هربا بدينهم من الفتن وبأنفسهم من معرات الجيوش وتهم الجواسيس . وبعد المهاجر هاجر من العراق جد ( آل باوزير ) من بني العباس وكان أل باوزير باب بالبصرة يسمى ( باب زينب ) وهي بنت سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس ، وذلك عام نحو 550هـ وانتشرت بحضرموت أسرا حفاد المهاجر ( العلويين ) الذين كما قال ( باوزير ) .
(كونوا لهم كيانا خاصا اثروا به في مجرى الحياة الثقافية والاجتماعية وبتفرغهم للعلم وتجود هم للعبادة احتلوا الصدارة في كثيرا من المواقف ) (8) .
ثم هاجروا من حضرموت لنشر الدعوة الإسلامية في العالم الإسلامي وتبعتهم الأسرار الأخرى ( آل باوزير ) ( 9 ) . و ( آل با فضل ) و ( آل الخطيب ) و غيرهم فنشروا الدعوة الإسلامية في ربوع كثيرة من أنحاء العالم .

دور الحضارم في ( عمان ) :
في أوائل القرن السادس الهجرية أحكم الأكراد استيلائهم على اليمن بما فيها حضرموت ، وعرف عنهم ولعهم بقتل وتنكيل علماء السنة والجماعة المخالفين لهم ، من ضحاياهم من علماء تريم ( يحيى سالم أكدر ) و (علي أحمد بكير ) وغيرهم كما قتلوا على مستوى اليمن بنحو 800 شريف من أولاد الحسنين ، ولذا هاجر كثير من العلماء حضرموت ومنهم العلامة ( محمد بن علي العلوي ) و ( صاحب مرباط ) جد السادة بني علوي الذي تتقل إلى ظفار ونشر بهذا مذهب السنة والجماعة الذي لازال باقيا بها إلى الآن لم تزعزعه الاباضيه كما اتخذ أبنائه من ميناء ( مرباط ) بالخليج معبرا لرحلا تهم إلى الخارج حيث البحر الهندي على شواطئ حضرموت لا تعبره السفن الشراعية في تلك الفترة والإبحار فيه نوع من المجاطره ( 10 ) وبها توفي عام 550 هـ .

دور الحضارم في الهند :
ومع ثورة الخوارج وهجومهم على تريم أو أخر القرن السادس الهجري هاجر من ( قسم / حضرموت ) بنوع ( صاحب مرباط ) المعروفين ( آل عم الفقيه ) إلى الهند ونشروا الدعوة إلى الله في ربوعها كما انتشرت ذريتهم هناك في ( بروج وأحمد آباد – كجرات ) وغيرها . ومنهم عبد الملك بن علوي عم الفقيه ثم ابنه عبد الله الذي توقى إلى درجه الخانات ، ولقب بـ ( عظمه خان ) وإليه تنسب أسرهم الكثيرة التي انتشرت بإندونيسيا ويأتي عليهم . (11) . وهكذا تتابعت الأسر اليافعيه والحضرمية إلى الهند فكونوا حضارة عربية إسلامية ومنهم من ارتبط بالحبيش . ونجح العلماء في نشر مذهب السنه والجماعة وطغى على مذهب الشيعة . واللفت للنظر كيف حولوا بعض ملوكها من التشيع إلى السنه . فبنوا المساجد والمدارس وعند ظهور المطابع الحجرية تأسست عشرات منها في ( دلهي ومعبي ) وغيرها ، وتكونت الطرق الصوفية المعتدلة وقضت على مؤثراث البراهمة أصحاب التناسخ والحلول ، كما نرى ذلك في عشرات مطبوعات ( الطريقة العطاسيه ) و ( الطريقة العيدروسيه ) وغيرهما من طرق السادة بني علوي . والذين انخرطوا في سلكهم من قبائل يافع ( اليزيدي ) و ( لحمدى ) وغيرهم من الجاليات . وتزاوجوا من نساء الهند فاختلطت الدماء وحصل التفاعل الحضاري والتأثر بالعادات من غناء ونقل بعض كلمات من اللغة الهندية إلى الدارجة الحضرمية وغير ذلك .
كان تأثير علماء حضرموت على الهند انهم وجدوا علمائهم مهتمون بعلوم الفلسفة وخاصة فلسفه اليونان والفنون . فصرفوهم إلى علوم السنه والقرآن ومنهم أبو الطيب صديق بن حسن بن علي بن لطف الله نزيل ( بهوبال ) المشهور والذي ينتهي نسبة إلى الحسين بن علي بن طالب صاحب المؤلفات الـ 204 بالعربية والاوردية . (12) .
ولما ثارت الفتن بالهند في القرن الـ 7 هجري فر من أبناء السادة آل عظيمة خان ونزلوا (كمبوجا) مقاطعة جهبا بالهند الصينية الفرنسية فنشروا الإسلام هناك ولم يطيلوا الإقامة بها فسافروا بمراكبهم الـ 8 ذات المجاديف إلى أرخبيل ماليزيا .
لحضارم الذين تولو الأفتاء والتدريس بالحرمين الشريفين

1)عبداللطيف بن أحمد باكثير 911 – 946 هـ
قاضي فضاة الشافعية بمكة المكرمة ، ورحل إلى الشام ودرس في جامع دمشق وولي تدريس بعض مدارسها ، وعاد إلى مكه عام 939 فدرس بالمسجد الحرام وفي 941 ولي قضاء الشافعية بالحجاز ونظر الحرم الشريف وخطبته بعرفات (28)
2) محمد بن أبي بكر الشلي العلوي 1030 – 1093هـ
وقد تولى التدريس فترة من الزمن في الحرم المكي ، مؤرخ فلكي رياضي ولد بتريم وتردد على الهند وتوفي بمكة المكرمة (29)
3)الشيخ محمد سعيد بابصيل 1330هـ تولى الافتاء للشافعية ومشيخة العلماء بمكة المكرمة.
4)السيد حسين بن محمد الحبشي 1258 – 1330 هـ تولى الافتاء للشافعية ومشيخة العلماء بمكة المكرمة (30)
5)الشيخ عمر أبوبكر باجنيد من مواليد دوعن 1274 – 1354هـ يعتمد عليه الشريف حسين بن علي ودرس بالحرم المكي (31).
6)السيد أحمد بن حسن العطاس 1257 – 1334هـ ولد وتوفي بحضرموت تولى التدريس في الحرم المكي ، وطلبوه للإفتاء بمكه فلم يقبل لتفضيله الإقامة في بلدة حضرموت .

نماذج نساء من حضرموت لنشر الدعوة الإسلامية خارج حضرموت :
الشريفة آمنة بنت محمد بن حسين الحبشي 1260- بعد 1333 هـ 1844 – بعد 1915 م
تلقت تعليمها بمدينة سيؤون حضرموت وهي أخت الإمام الكبير علي بن محمد الحبشي صاحب المقام الكبير بسيؤون داعية إسلامية تزوجت على العلامة ( علوي السقاف ) صاحب المؤلفات بمكة المكرمة منها ( شرح فتح المعين ) في الفقه 4 أجزاء ، وأخذت المزيد من الدراسة على والدها ، وزوجها ثم سافرت مع زوجها إلى استانبول حيث قامت بنشر الدعوة الإسلامية في الأواسط النسائية التركية وانتفع بها خلق كثير وعادت المنهج باليمن مع زوجها ، وبعد وفاة زوجها بلحج عادت إلى تركيا واستانفت نشاطها الدعوي بتركيا حيث أقام بها أبنائها فوالت نشاطها وتوفيت في استانبول تركيا (33)
  رد مع اقتباس