02-23-2013, 05:06 PM
|
#15
|
حال متالّق
|
أستاذي سالم .... لا أتطاول على قامتك و فهمك للأساليب الأدبية و نتاجاتها، أقول : نعم....يمكن اعتبار الأدب مؤسسة كباقي المؤسسات الاجتماعية وظاهرة اجتماعية كباقي الظواهر الاجتماعية الأخرى أو على حد قولك مرآة عاكسة للحالة العامة للمجتمع أو الواقع، إذ يمكن من خلاله الوصول إلى البنية الاجتماعية للمبدع وتنشئته، ومختلف ظواهرها المحيطة بها، والكشف عن التناقضات الحاصلة، التي يحبل بها المجتمع الذي ينتمي إليه المبدع، ولكن عند هذا المفهوم وعندما ينحصر الادب إلى مجرد تفريغ لكبت أو مرض أو عقدة، عندها تغيب الأدبية والخصوصية ويتحول إلى وثيقة تاريخية كباقي الوثائق التي يعتمدها المؤرخ في التأريخ المونوغرافي في الغالب، وربما مسرحا أيضا للصراع الأيديولوجي.
و من ناحية أخرى فأن الإفراط في العناية بالمفاهيم البلاغية التقليدية والاستفادة من التطور اللساني والأسلوبي والتداولي، لمجرد استعراض مقدرات الكاتب و كأنه يضع أمامه قارئا ضمنيا يحاوره افتراضيا، ويضع أمامه أفقا محددا، ليصبح الكاتب نفسه ساعتها قارئا لإبداعه و يصبح أدبا عقيما. أم علينا أن نعاود اجترار الإسقاطات التي أمست من الماضي، مثل قولهم أن عبد القاهر الجرجاني والسكاكي سبقا التداولين في كثير من المفاهيم التي اعتمدوها في التنظير، أو القول إن سيبويه سبق تشومسكي في القول بالنحوية والمقبولية، وابن خلدون سبق أوكيست كونت في علم الاجتماع، و غيره .. و غيره ...فعوض أن نستقرئ التراث ونحتويه، أقمنا له حلبة للسباق وأفرغناه من محتواه ومن إطاره التداولي بفعل الإسقاطات تلك.
في بيئة كهذه هل نحن بحاجة إلى مثل ذلك المنهج التوفيقي الذي نعرفه في النظرية السيميائية في نواحيها وجوانبها المتعددة، خطابا وسردا و بنيوية وثقافة والتي يعدها البعض اليوم أم العلوم بوصفها تأخذ من كل علم طرف؟ ألم يخلق هذا المنهج نفسه مجموعة نقاد حاطبي ليل وغدت السيميائيات في التداول العربي عند الكثير مقصلة نقدية بدلا من أن تكون قيمة إضافية للمشهد النقدي العربي وإثراء له وغدا كل شيء أدبا و فنا. و أصبح النقد تلاعبا بالألفاظ و العبارات.
إلى هنا يا أستاذ سالم .... فإن السؤال النقدي سيبقى مطروحا علينا دوما.والأمر محير بالنسبة للمبدع أي الإتجاهات يسلك حتى يكتب أدبا؟
|
|
|
|
|