عرض مشاركة واحدة
قديم 01-05-2014, 02:23 PM   #5
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


حضرموت في عهد الوحدة وهبتها الشعبية

هنا حضرموت / طه بافضل

الأحد 5 يناير 2014

طه بافضل

مقتل شيخ مشايخ قبائل الحموم بمحافظة حضرموت اليمن، يراه فئام من الحضارم بأنه القشة التي قصمت ظهر بعير آلام ومتاعب وإحباطات جمة عانى منها أهل حضرموت بعد الوحدة اليمنية، لقد كانوا يتطلعون لفجر جديد يبدد ظلمة الحكم الاشتراكي الشمولي الجاثم على صدورهم، والمعطل لمصالحهم، والداعس على كل حلم وأمل بانفتاح في شتى المجالات، لقد كره الحضارم الاشتراكي، حتى صار المغترب الحضرمي إذا ولى ظهره لبلده مهاجراً عزم أن لا يعود إليها مرة أخرى إلا لزيارة قريب أو رؤية حبيب! وبعضهم اتخذ من بلاد العالم وطناً له ومستقراً.

جاءت الوحدة اليمنية فصفق لها الحضرميون كثيراً، واندمجوا في تفاعلاتها ومناشطها، وشاركوا في صنع تاريخ جديد لليمن، تبين لهم، فيما بعد، وبأسفٍ شديد، بأنّه تاريخ يخص الشمال بقبائله المستبدة القابضة على مفاتيح الثروة في حضرموت، فالنفط قد تم توزيعه بين شيوخ القبائل الرئيسة، وحراسة شركات النفط وخدماتها هي ملك للشمالي الذي لا يرضى أن تُمس ولو بهبّة نسيم تمر بمحاذاتها، ناهيك عن آبار نفطية وتنقيب لمعادن تُشدد حولها حراسات الجيش دون المتطفل من الشعب أو الدولة لمعرفة مكنوناتها، لأن وارداتها باختصار تذهب إلى جيب المستبد في الشمال.

الحضارم، الذين يُعدون ماركة مسجلة في مجال التجارة، أصبح في عهد الوحدة اليمنية لا مكان لاستثماراتهم، ولا مشاريعهم التجارية، إلا إذا مرت ببيت تاجر أو مسؤول شمالي يشاركه في لقمة عيشه، فمن رضي رضي بالكفاف وأوهم نفسه أنه يستثمر وهو في الأصل يصارع الآلام والمتاعب لأجل الوقوف على قدمية.. ومن حاول أن يرفع عقيرته باستثمار منفرد تم السطو على أرضه التي سيبني عليها مشروعه، وظل يلهث وراء قضاء خانع مترهل بعيد عن مسمى العدل مع المستثمر وحقوقه.

الشركات النفطية والغازية، يفترض أن يكون القدح المعلى من إيراداتها لأبناء أهل المناطق التي تنقب فيها الثروة، ونصيب الأسد من وظائفها، ولكن هذا لم يحصل، بل أعطي لهم الفتات وخلال العقدين من عمر الوحدة تم احتلال هذه الوظائف للوافد الشمالي على حساب الحضرمي الذي ليس له ولأسرته ومدينته سوى الخراب والدمار وبنية تحتية محطمة أو متهتكة؛ فلا طريق مكتمل، ولا مشروع صامد في وجه المتغيرات البيئية، ولا إنقاذ لحياة الناس الصحية التي عانت الأمراض المستعصية من هذا التنقيب.

الحضرمي لا يعرف سيادة الرشوة، ولا مظاهر الخيانة المالية، ولا شيوع الفوضى الأخلاقية، قيمه المتأصلة في أجياله منذ عقود متطاولة من الزمن، تأبى أن تتبدل وتتغير من الطيب الصالح إلى الخبيث الطالح، بل استطاعت أن تصمد وتسوّق إلى بلاد العالم فكانت محطة تغيير كبرى، فالأصل الحضرمي تفوح رائحتة الجميلة في كل بلد يحط رحاله فيه؛ فهو التاجر الحصيف، والموظف الأمين، والسياسي المحنك، والفنان المبدع، له في كل مجال من مجالات الحياة سهم من التميز والنجاح حتى صار علامة جودة يُبحث عنها.

حضرموت حاضنة للعلم والعلماء، وبالرغم من القبضة الحديدية التي انتهجها الحزب الاشتراكي قبل الوحدة ونشر الفكر الشيوعي في المدارس ومحاولات تلقين الناس أصوله وأدبياته إلا أنهم ظلوا متمسكين بصفاء عقيدتهم الإسلامية ووسطيتها التي جعلتهم لا يفتعلون أي مواجهة مسلحة في وجه الاشتراكي بل ظلوا مصابرين رغم ماحدث لبعض العلماء والدعاة من السجن والتنكيل والسحل والتهجير، فالحضرمي لا يجنح عادة للخطأ والتهور ولا يسمح لنفسه بما تحمله من مبادىء وقيم أن يدخل في دوامة صراعات غير محسوبة العواقب

وفي الرياضة كانت الأندية الحضرمية قبل الوحدة تعيش زخماُ كبيراُ من الانجازات والألقاب والبطولات المتواصلة مما أهلها لكي تكون نداً قوياً في مواجهة أندية العاصمة عدن ولكن بعد الوحدة كان مصيرها كمصير بقية المجالات الحياتية في الجنوب خفت صوتها وشحب بريقها وضمرت أشجارها وأغصانها وصارت أكثر أنديتها تتراوح مقاعدها بين الدرجة الثانية وأكثرها في الثالثة.

لقد جاءت هذه الهبة الشعبية في مظهرها العام نتيجة للمقدمات آنفة الذكر، إلا أنها برأيي ينقصها الكثير من مقومات الصمود والثبات والاستمرارية إذا ما علمنا أنها جاءت في وقت تتصارع فيه الكتل الفاعلة في اليمن إلى حد الاقتتال، فربما تكون الهبة هبة لمن أراد لرياحه الهبوب فيغتنمها لمكسب خاص أومنطلق ضيق فلا تجد من الهبة إلا صدى صوتها فحسب!!
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس