عرض مشاركة واحدة
قديم 03-26-2016, 02:00 PM   #191
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


حكاية نائب سفير مع الأعلام الجنوبيّة



مواطنة جنوبية ترفع علم بلادها من شرفة منزلها في عدن
السبت 26 مارس 2016 01:07 مساءً
عدن(عدن الغد)خاص:
كتب: أمين اليافعي


أراد نائب سفير دولة كبيرة في صنعاء زيارة المناطق الجنوبيّة، ودولته هي إحدى الدول العشر الراعية لـ"مؤتمر الحوار الوطني". كان نائب السفير يجيد اللغة العربية فقد سبق له الدراسة والعمل في تونس ولبنان، وكان يُدخن الشيشة ويمضغ القات كمحاولة منه للتغلغل في الأوساط السياسية والحقوقية اليمنية


كان قد تم تعيينه قُبيل انعقاد "مؤتمر الحوار الوطني" بقليل، وكانت هذه الدولة تُحاول أن تفهم الأزمة في اليمن كما هي على أرض الواقع وليس من خلال تصورات جاهزة تفرضها حسابات المصالح والمقايضات. لهذا السبب عزم نائب السفير القيام بجولة في المدن والمناطق الجنوبيّة للتعرف عن قربٍ على طبيعة القضية الجنوبية التي كانت أبرز قضية ستُطرح لاحقاً على طاولة مؤتمر الحوار.
وفي سبيل هذه المهمة، أرتدى ملابس محليّة خالصة، وضع المشدّة على رأسه، وأستغل سيارة عادية حتى يأخذ راحته كاملة في هذه الرحلة، ولم يرافقه من صنعاء سوى سائق السيارة، ودليله في نفس الوقت.

بدأت الرحلة من صنعاء عن طريق ذمار - الضالع - الحبيلين - لحج - عدن، لاحظ نائب السفير الأعلام الجنوبيّة المرسومة على طول الطريق وفي شوارع المدن التي مر بها. عندما وصل عدن، ولاحظ أيضاً وجود الكثير من الأعلام الجنوبية المرفرفة بصمتٍ على كل مساحة متاحة لكي يُرسم عليها علم، سأل مرافقه (السائق) عن السر في انتشار كل هذه الأعلام وهو يتظاهر بعدم معرفته التامة بخلفية وجودها. رد عليه المرافق بأن هؤلاء جماعة من الفوضويين لا يتجاوز عددهم الألف، وهذا العلم هو علم الانفصال، وقد ظهر نشاط هؤلاء الآن فجأة ليحاولوا إعاقة عملية الانتقال السياسي في اليمن، وفي شبهات كثيرة تحوم حولهم وتتحدث عن أن "المخلوع" هو من يدعمهم ويقف وراء نشاطهم وتحركاتهم ورسومهم ( إلخ الأسطوانة التي كانت ترددها وسائل إعلام أحد الأطراف السياسية في صنعاء ليل نهار).

مكث نائب السفير في عدن بضعة أيام حاول أن يتعرّف أكثر على الرأي العام وعلى المدينة نفسها. بعدها واصل رحلته مع مرافقه نحو المهرة ماراً بأبين - شبوة - حضرموت!. وكلما حلّا بمدينة، كان يسأله عن سر هذه الأعلام المنتشرة في كل مكان، فكان المرافق يَرد على سؤاله بنفس الإجابة.

في فترة لاحقة عاد هذا النائب إلى عدن في إطار ورشات عمل قامت برعايتها سفارته، وفي أكثر من مناسبة كان يُحدِّث الحضور عن قصة رحلته الطويلة من الضالع إلى المهرة، وحديثه مع سائقه، وما شاهده من مئات الآلاف من الأعلام المرسومة على الجدران والبيوت والشوارع وفي كل مكان من مناطق الجنوب. فكان يقول ضاحكاً وهو يستدعي حديثه مع السائق: " يعني كل هذه الأعلام رسمها ألف شخص، ومن باب المدب للمهرة!".
قصة نائب السفير ومقولته معروفة جداً في عدن.

طبعاً مع التنويه هنا إلى هذه المعلومة الهامة: وقتذاك كان القيام بعمل صغير كرسم علم الجنوب بطلاءٍ باهتٍ أو حتى بطباشير على جدارٍ متداعٍ يُكلف المرء حياته.. إيه والله العظيم، يُكلف المرء حياته!

التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس