عرض مشاركة واحدة
قديم 04-16-2011, 09:02 AM   #14
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي


.
أدرك عبيد صالح بن عبدات أهمية وجود خميس سالم كندي ضمن اسوار مدينته بوصفه شاعرا طموحا متمكنا في نظم الشعر الشعبي متيقظ الذهن والذاكرة سريعة البديهة لديه قدرة فائقة على اكتساب الثقافة الذاتية والالمام بالقضايا السياسية والاجتماعية ، فقربه منه وأدناه حتى اصبح من جلساءه الخاصين ، واصبح وسيلة اعلام ( قبلية ) تمجد نظما ونثرا في ذات بن عبدات وتطنب في وصف بطولاته وكرمه وشهامته ومقاومته وشجاعته ... ومثل تلك الوسيلة الاعلامية العربية التقليدية تكون مهمة الشاعر سهلة ، خاصة حين تهب له العطايا والهبات ويدنى من مجالس شيوخ العشيرة أو اصحاب الجاه والسلطان . لهذا لا تعقد مناسبة بالغرفة إلا وكان لشاعرنا كندي حضورا فيها ، ولا تعقد جلسة في مجلس بن عبدات إلا وخميس كندي ضمن الحضور ، وفي تلك المجالس كانت الغرفة تستقبل الزعامات التقليدية الحضرمية وتستقبل الشعراء والأدباء وكان بن عبدات على معرفة ودراية واطلاع عما يدور من حوله وما يدورايضا في بقية انحاء العالم عبر الاستماع الى محطات الراديو ، وكانت له وجهات نظره الخاصة التي كثيرا ما كان يستمع اليها خميس كندي ، وتشكلت منها ثقافته الذاتية في الاحداث الاجتماعية والسياسية فأختزلها في ذاكرته ليعبر عنها فيما بعد شعرا خلد فيه وقائع تلك الأحداث التي عاصرها.

لزم الشاعر خميس سالم كندي بن عبدات حتى اطلق عليه لقب ( شاعربن عبدات ) .

كان عبيد صالح بن عبدات حريصا على اقامة مساجلات الدان في بيته في الغرفة عند زيارة الوفود له ، وحتى اثناء الحصار وقصف الطائرات على مدينته لم تنقطع جلسات سمر الدان عن الغرفة ، ويروي الشاعر خميس سالم كندي هذه المساجلة التي دارت بينه وبين الشاعر عمر بن شيخ بن طاهر اثناء زيارتهما هو والاستاذ سعيد عوض باوزير( المؤرخ المعروف ) لمدينة الغرفة عام 1940م بعد ضربها بالقنابل روى لنا كندي بعضا مما دار بينهما في تلك المساجلة :

قال كندي:

ذافصل والثاني بغينا اخبار منك ياالرضي= اخبار من مدين وبا تخبرك من قرية ثمود
ايضا ومن مذهبك شافعي او حنفي= لأنك قريت العلم يابوشيخ في ( اسكول) الهنود
فرد عليه عمر بن شيخ :

مالك ومال الصوب لول والزمان الاولي= كلما طفينا النار باترشن على البرمه بعود

فقال كندي:

الأوله عدّت وعاد المشكله لب باتجي= وعادها إلا باتجي وحده تحوش بالكبود

فقال عمر بن شيخ:

انتم شوافع قال بن طاهر ونحن مالكي= والحنبلي اتراك اما زيد تبعوه الزيود
ياسامعين الصوت شوا هذا ولد ماهو بتي= باينكش الخيشه وقد ميزاننا قيم العمود

لقد كان الشاعر خميس سالم كندي يتمتع بمساحة واسعة من الحرية في التعبير والجهر بالرأي الصريح ، تمتع بها حين كان في اكناف بن عبدات وإقامته داخل اسوار مدينة الغرفة ، كان كندي يتمتع بحصانة وحماية من لدن بن عبدات فلهذا لم يجبن عن التعبير او توجيه النقد الصريح أو المبطن فقد طال بشعره قبائل حضرموت والانجليز ، في حين ان بقية شعراء الداخل الحضرمي يمتلكهم الجبن والخشية والخوف من انتقام الحكام او القبائل إذ هم عبروا بشعرهم عن مواقفهم وآراءهم .. وفي ه المساجلة الثانية التي دارت بين خميس كندي وعمر بن شيخ بن طاهر في تلك اُلأثناء نستقرأ شيئا من ذلك :

قال كندي :

هاجس معي مسعور إذا تقبض بواحد ما أفتك= وكل من لاجاب جوده بانجيبه بالصميل
غن ياعمر بن شيخ في الساحه وهت ما معك=كل مادخلت لابلد عادتك تمضيها جميل
وقلوبكم يا اهل البنادر مثل قلوب السمك= ومن تربى عاالسمك لازم يقع قلبه ذليل
فرد عليه عمر بن شيخ

يامامعيه في لساني كن قرشي ما سلك= لاسلك في الخيصه ولا في سوق سمعون الكحيل
وانته من الغرفه وذا الرجال ما مساعد معك= وأنا عمدت الغيل ما بين المعلم والقبيل
وإن جيت باتكلم لحقت السمن جاسي في العكك= والسارق المسبوب جالس في سقاية بن عقيل

رحب الحضارمة بصفة عامة عقد هدنة السلام بين القبائل المتناحرة ، ورحبت بما سمي ب ( صلح انجرامس ) ، يقول الدكتور عبدالله الجعيدي في نفس المرجع السابق ص 226

(( بدأ انجرامس أعماله بترسيخ هدنة بين القبائل المتنازعة في المنطقة وقد نجح في ذلك عن طريق إغراء رؤساء القبائل بالمل والسلاح الى جانب التلويح باستخدام القوة العسكرية والقصف الجوي للمناطق بالطائرات نجح في إبرام ( 1400 ) معاهدة صلح مع رؤساء القبائل الحضرمية باسم السلطانين القعيطي والكثيري وبهدذه المعاهدت فرض انجرامس على معظم القبائل الحضرمية الهدنة الاولى المعروفة بصلح ( انجرامس ) لمدة ثلاث سنوات 1937م الى 1940م ولا شك ان هذا العجج الكبير من التوقيعات يعطينا مؤشرا عن حالة التجزئة القبلية التي تعيشها حضرموت آنذاك ..))

مما لاشك فيه أن اتفاقيات السلام لها مردوداتها الايجابية النافعة للحضارم ، فقد رحبت بها جميع اطياف المجتمع الحضرمي التي عانت كثيرا من مظاهر الفوضى والانفلات الأمني والتناحر القبلي لهذا قال الشاعر هادي عسكول

معاد بي شغب من زانه وقرح الروم= ولعاد خصمي يراومنا ولارومه
وسيل وادي عدم مربط برأس السوم= كل يطاول فزع لا سنكسر سومه
الله يخليك يامهلاب علب الدوم= ظلل على الناس وان ناشو حلق دومه
ياحضرموت ارقدي وتبلغي في النوم= لاصاح صايح ولا خايف زعل نومه


وللشاعر خميس سالم كندي آراءه الخاصة حول اتفاقيات الهدنة عبر عنها في بضع قصائد سنأتي لاحقا على ذكرها ، إلا أن خميس كندي اعترف بعد مضي عقدين من الزمن في قصيدته التي نشرتها له صحيفة الطليعة في 9 ديسمبر سنة 1965 بأهمية الهدنة والصلح العام بين قبائل حضرموت حيث اشاع هذا الصلح الأمن في ظل الجمود الذي كان تعاني منه حضرموت ويقول :

من ناحية ساد الهدؤ والأمن في ظل الجمود= ولكن المستعمر الغاصب بذل كل الجهود
كي يفرض نفوذه ومنانا بشيء ماله وجود=

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة





.



.
التوقيع :
  رد مع اقتباس