عرض مشاركة واحدة
قديم 03-18-2008, 12:32 PM   #1
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي في سـوق الطّعـام

في سوق الطعام

كنت مع القوم في سوق الطّعام أبيع وأشتري ، أفنّد الحب المغشوش حسب زعمي وجهدي المتواضع رغم الصفعات التي تلحق بي بين الحين والآخر كلّما اشتبك طرفان أو أكثر ، وما أكثر الاشتباكات مع حرّات جئن إلى سوق الطعام للتزود بزّاد !!!
على ذكر الزّاد ، سألت حرّة ذات يوم:
ـ هل تريدين زادا؟ فردّت على الفور:
ـ ( وقل للمؤمنين يغضّوا من أبصارهم .. ) . الزّاد زاد التّقوى.............
رغم أنّي لا أدري ماذا فعلت إلا أنّي شعرت بالخجل وأيقنت أن لغة التخاطب مع هذه الحرّة الكريمة ضرب من حالات الخطر.
نأيت بنفسي بعد صفعات ولكمات على الوجه ، يسمّونها في سوق الطعام [ ضرب تحت الحزام ] .
فتحت دكّانا خاص بي ، دون سجل تجاري طبعا ، لديّ فقط تصريح من الشبامي.

سألوني:
ـ أين أنت يا المشاغب ، منذ أمد لم نرك في سوق الطّعام؟
أشرت إلى دكّاني:
ـ هناك ... في المبنى ذاك افتتحت محلاّ خاصّا بي ، فلم لا تزورني؟ . قال أحدهم:
ـ كيف نزورك وأنت تكمم الأفواه؟ ، فكلّما استعدّ أحدنا لشتم الآخر وقفت في المنتصف ، وكأنّك إمام مسجد؟. وقال آخر: أنت ثقيل تكتم الأنفاس . عرفت أن أحدنا عاجز.................
نظرت إلى من حولي ، فوجدتهم حريصين على كسب رضاه ورضاي ، فانصرفت صامتا إلى دكّاني.
زارني أحدهم وكنت به فرحا ، وقرأ:
السّمن الطبيعي
قلت له:
ـ لا . هذا المكتوب:
( اليمن الطّبيعي )
يشكو من ضعف النظر بسبب غلاء الأسعار كما قال.
كم فرحت بآخر لمّا زارني ، لكنه توعّدني ، وآخر قوله:
ــ اشرب من البحر ، فمــاذا أنت فاعل؟-------------------


رائع ومثير أن تدخل في حوار هادف ، وكم هو مزعج ومنفّر عندما تختلط الأوراق ويختلط الحابل بالنّابل وتقرأ كلاما تدفع به عصبيّة وهوى وعقدة التّفوّق.
ذات مرّة حاورت صفيّان ، ولم أدر أنه كبير بالوهم بين أقربائه ومحبّيه . يعتقد هذا المسكين أنه ملم بكلّ شيء ولا يدري أن نصف المعرفة قول:
لا أدري

منذ أن فتحت دكّاني الخاص بي وأنا أنام ، قرير العين حتى الساعة الثالثة صباحا ، وما كنت لأصحو لولا خلاطة مولينكس في مطبخ جاري الملاصق لغرفتي . زوجة جاري أو خادمته يخلطون أو يطحنون شيئا عند تمام الساعة الثالثة ، تزيد قليلا أو تنقص قليلا ، وما أن تهدأ حتى أسمع صوت محرّك رأس تريللا واقفا تحت الشّبّاك ، يستعدّ صاحبه بتسخينه والتأهّب للذهاب إلى الشّركة.
بعد صلاة الفجر ، أسمع العم عبده يصبّح على جاره صاحب البوفيه بأعلى صوته:

صباح الخير
أنا البارح ما فيه يشوف أنت . من هنا أبدأ يومي الجديد بالسماع إلى لغة جميلة نحبّها..... اسمعها مكسّرة ، أول من يتأثر بها الطفل الذي كان في ديارنا سابقا يذهب إلى مضارب البادية للتعلم ، هو اليوم في أحضان:
( بابا ... أنا اليوم يروح بقاله جيب كبز ......
ماما ما فيه بسل......
التوقيع :

التعديل الأخير تم بواسطة سالم علي الجرو ; 03-18-2008 الساعة 12:53 PM
  رد مع اقتباس