عرض مشاركة واحدة
قديم 01-15-2012, 01:06 AM   #19
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


آراء واتجاهات

عدن الهوية identity of Aden-

الأحد 15 يناير 2012 12:27 صباحاً

اديب قاسم

لست أهدف لان أكون رومانسيا ولا حتى ان أكون مثاليا ، ذلك عندما أتحدث في كتاباتي عبر الصحف عن عدن .

عندما اكتب عن الخلفية الذهبية لعدن أبان حقبة استعمارية ، ليس في هذا تمجيد للاستعمار .. غير أنها عدن التي شهدت مافي هذا العالم من إمكانيات لقيام مجتمع مدني معاصر .. كان مجتمعا (( كوزموبو ليتاني)) cosmopolitan..



واليوم لم يعد كذلك وقد احتوت عدن كثير من تلك العناصر الأجنبية التي انصهرت في بوتقة عدن العربية .. وليس الأمر متوقفا على إخوتنا بل أبائنا وأهلنا المنحدرين من المناطق الداخلية hintherlands أكانت في الجنوب أم في الشمال اليمني !.. فالجميع من ولدوا أو عاشوا ردحا طويلا من الزمن في حضن عدن ، وتركزت فيها حياتهم وجرى فيها نسلهم حتى غدت مستقرهم بصفة الديمومة وهي عنصر الثبات للمواطنة المستقرة بكل مكتسباتها : السكن الثابت ، اللهجة ، الثقافة، الانخراط في هيكلها المؤسسي المتمثل في الوظيفة العامة – الانشغال بالروح العامة لعدن – من انخراط الأجيال الشابة منذ وقت مبكر في مدارسها ..من ارتيادهم لمنتدياتها الثقافية الفنية والأدبية ، وحتى السياسية ومنذ نهوض عدن في مطلع القرن العشرين ... كانت هذه هي الوحدة الثقافية لعدن .



وبالانتقال إلى تولي زمام التجارة مع بدء تشكيل المجتمع البرجوازي العدني .. هذا المجتمع الذي تشكل وسط هذه البيئة حتى ماقبل قيام الثورة ضد المستعمر الأجنبي .. لم يكن لنا موقف محدد ومؤطر إزاء مختلف الطبقات .. بل لقد استوعبت هويتنا الاجتماعية : العامة من أبناء الشعب (( من الطبقة الوسطى الدنيا إلى الطبقة الوسطى العليا)) إلى جانب البرجوازية الصغيرة .. وكنا نتضافر في كل نشاط اجتماعي من شأنه ان يحقق لنا مزيدا من التعاطف .. ومزيدا من المكتسبات للحياة الإنسانية في عدن في إطار قوى المجتمع المدني الواحد : حيث شهدت عدن أوج ازدهارها في النهضة التعليمية ، وفي ظهور الصحافة العدنية ، وبروز الرعيل من الأدباء والمثقفين ثقافة سياسية ممن أصبحوا أعلاما ممثلين للأوساط الاجتماعية ..



هكذا تحددت هوية عدن بمبرزين من المعلمين ، وبالأطباء وبالمحامين، وبالمثقفين المبدعين من رجالات الفن والأدب والصحافة .. إلى جانب أقطاب التجارة ممن أسهموا في نهوض عدن العمراني ..وكانت أهم السمات البارزة ان عرفت عدن ببيوتها : (( بيوت المال ، بيوت العلم ، بيوت أهل اليسار والرعاية الاجتماعية وغيرها من سائر البيوت المتفوقة في مختلف مسارات الحياة حتى البيوت الصغيرة بألقابها العائلية ))والتي تنحدر من الداخل والخارج ، ولم تعد على ارتباط وثيق بجذورها العريقة .. لم تعد تعرف وطنا يحفظ هويتها غير عدن لايغادرها العدني إلى مكان أخر إلا وعاد إليها .. إلى عدن . وقد تداخلت فيها مختلف الأعراق التي كانت تتألف من عائلات واسر قديمة توافدت من القرى الصغيرة أو من وراء البحار والى ذلك فالسكان يرتبطون معا برباط القرابة أو المصاهرة من الانتماء لأهل عدن !: وهذه هي الوحدة الجنسية .



غير هذا كانت الخلفية الذهبية لعدن ، قد تمثلت بمعالمها التاريخية الأثرية .. بمينائها الكبير الاستراتيجي وموانئها الصغيرة التي تحوي المراكب الشراعية وقوارب الصيد..

وشواطئها الجميلة الممتدة ..بعاداتها وتقاليدها واحتفالياتها الشعبية (( بما يشمل دورة الحياة )) .. بجوامعها العريقة الشهيرة وقد عرفت بأئمتها الثقات الإجلاء غير مانشهده الساعة وقد وسد الأمر لغير أهله !.. بكنائسها وكنسها ومعابدها وكانت قبلة للسائح والزائر الأجنبي (( غير المسلم)) وفي ما ان الدين كله لله ... بفنادقها السياحية الراقية ودور السينما وأماكن اللهو كالأندية والمسابح والبساتين ... ببحيراتها الضحلة lagoons التي تزحف فيها البجعات البيضاء balican والفلامنجو (( البشروس)) flamingo والنورس gull (( وكلها محميات طبيعية جراء ردمها تحت طائلة النهب ))...بطواحينها الشهيرة العملاقة windmills (( وهي عنصر جذب سياحي طالما ورد ذكرها اقترانا بالطواحين الهولندية ، غير منافعها العملية لأحواض الملح )) .. بميادينها العامة ومايعرف بالمتنفسات open arias ...


بطرقها الضيقة التي كانت تعبر عليها عربات الخيل ... وبطرقها المسفلتة الطويلة التي تخترق البحر ((الطريق البحري)) caociwai ...


ببواباتها التي شقت في الصخور الصلدة ... وبتلالها العارية الجرداء المتحدة بلون السماء والبحر ... بأسواقها الشعبية المزدهرة وقد شملت صناعاتها الشعبية التقليدية إلى سائر المنتجات التي تضخها السوق العالمية ، ولاننسى مطارها الدولي بوابتنا التالية المنفتحة على الشرق والغرب .



اليوم ، يعيش أهل عدن تحت خط الفقر والمهانة والإذلال ، ذلك ، من جهة جراء دعاوي (( الاشتراكية )) التي أفقرت الأغنياء وزادت الفقير فقرا ! ... ومن جهة أخرى جراء أدعياء (( الوحدة )) التي أكلت الأخضر واليابس ولم تزدهم إلا بؤس على بؤس ! فالإنسان مسحوق ومشوه ومسلوب ...


الأرض يجري سحبها من تحت أقدام أهل عدن .. المعالم والآثار وسائر الوسائط الثقافية يجري تدميرها وإتلافها أو نقلها إلى خارج عدن –عمل مغرض ومبيت غايته تشويه التركيبة الديمغرافية لعدن ومحو الهوية !.. من هنا أقول ان نشاطنا السياسي ، الثقافي والاجتماعي يجب ان ينصب على الهوية الاجتماعية لأهل عدن ، وبنضال لاهوادة فيه حتى يمكن للحياة ان تتحول إلى فرحة عظيمة بعودة الروح لعروس البحر العربي .

*عن صحيفة "عدن الغد" الورقية

adenalghad.net/articles/1610.htm

جميع الحقوق محفوظة لعدن الغد © 2012
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح