عرض مشاركة واحدة
قديم 04-04-2006, 08:06 PM   #1
عاشق القبه الخضراء
حال نشيط

Thumbs up (((تفسير قوله تعالى (الرحمن على العرش استوى)

الحمد لله رب العالمين, له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن,
والصلاة والسلام الأتمان الأكملان, على سيدنا محمد أشرف المرسلين, وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين.

أما بعد, أيها الأحبة,

هذا درس مفيد جداً في تفسير قول الله تعالى:{الرحمن على العرش استوى}

إعلموا أن استوى يأتي في لغة العرب بمعنى الإعتدال, ويقال استوى بمعنى استقر, ويقال استوى الملك على السرير, أي جلس عليه, ويقال استوى الراكب على الفرس, هذا معناه الاستقرار, ويقال استوى الرجل جالسا, أي كان مضطجعاً, ثم استقر جالسا, ويقال استوى بمعنى قهر,

{الرحمن على العرش استوى} كلمة استوى في هذه الآية معناها القهر ليس الجلوس والاستقرار والاعتدال والتمام, فإن هذا لا يليق بالله تعالى,

الله تبارك وتعالى لا يتحول من صفة إلى صفة,

فإذا قيل اعتدل الشيء معناه سبقت له حالة غير حالته الآن,

كذلك لا يليق بالله تبارك وتعالى أن يقال استوى بمعنى تمَّ, فلم يبق معنىً يليق بالله تعالى إلا القهر,

العرب القدماء الذين نزل القرءان بلغتهم كانوا يقولون استوى بمعنى غلب وقهر قال الشاعر:

فلما علونا واستوينا عليهمُ ****** جعلناهم مرعىً لنسر وكاسر

استوينا عليهم معناه غلبنا وقهرنا

أما تفسير استوى بالجلوس في حق الله فهو شتم لله تعالى لأن الجلوس صفة المخلوقات من إنسان وحيوانات وغير ذلك, فهذا شتم لله.

حبة الخردل والعرش سواء بالنسبة إلى أن الله خالق هذا وهذا,

فمن قال الله جالس على العرش فقد شتم الله ما مدح الله,

كيف يوصف الله بصفة المخلوق

بالنسبة إلى ذات الله العرش وحبة الخردل سواء,

هو سبحانه وتعالى أوجد حبة الخردل, هو سبحانه وتعالى أوجد العرش.

فمن جعل الله جالسا على العرش, جعله متشرفا بشيء خلقه هو,

العرش والأرض السابعة بالنسبة إلى ذات الله على حدٍّ سواء.

العالم حجم كثيف وحجم لطيف,

الحجم الكثيف كالإنسان والشجر والشمس والقمر, واللطيف كالضوء والروح والظلام.

الله تعالى خلق هذا وهذا فلا يشبه هذا ولا هذا, ليس حجما,

لا يَمَسُّ ولا يُمَسُّ ولا يُجَسُّ كما قال الإمام زين العابدين

معناه الله ليس حجماً لأن الحجم هو الذي يُمَس.

كذلك الله موجود بلا مكان لأنه ليس حجماً الحجم هو الذي يتحيز في مكان.

لو كان الله جسماً لطيفاً كضوء الشمس لكان له مكان فضوء الشمس له مكان يبدأ ببقعة وينتهي ببقعة والظلام كذلك والريح كذلك

الله ليس له مكان لأنه خالق الحجم كله. كيف يكون في مكان وجهة وهو خالق الجهات الست قبل أن تكون كان موجوداًَ الله خلقها وكان موجوداً بلا مكان

هؤلاء الذين يقولون الله قاعد على العرش كالمشبهه ما عرفوا الله,

الله غنيٌّ عن كل شيء,

هم جعلوه منتفعاً بخلقه, والله لا ينتفع بشيء من خلقه,

خلق العالم لينتفعوا بمعرفته فمن عرف الله وآمن به نال السعادة الأبدية في الآخرة.

الله ما خلق العالم لينتفع به هو. ثم العرش في الفراغ, والسماوات في الفراغ, وهذه الأرض في الفراغ, الله أمسك كل هذه الأشياء من الهُوِيِّ بقدرته

لولا أن الله حبسها بقدرته ما يمنعها من الهُوِيّ.

العرش ما الذي حبسه من الهُوِيّ, والكرسيُّ الذي تحت العرش والسماوات وهذه الأرض من منعها من الهُوِيِّ إلى أسفل؟

الله منعها,

فكيف يحتاج الله الذي أمسكها بقدرته إلى شيء منها للجلوس عليها؟!!

ما عرفوا الله, الذين يعتقدون أن الله حجم قاعد على العرش, هؤلاء كفروا بقولهم حجم,

الله تعالى يقول:{ليس كمثله شيء} هذه الآية تعطي أن الله ليس حجماً ليس متحيزاً في جهة,

الإنس والبهائم الله جعلهم متحيِّزين في جهة تحت,

التحيز في الجهات من صفات الخلق

الله جعل قسماً من خلقه في جهة تحت وقسماً في جهة اليمين وقسماً في جهة اليسار إلى غير ذلك,

سخفاء العقول الذين يقولون الله قاعد على العرش

لأن القاعد له حجم خلقه الله عليه والجلوس صفة من صفات الخلق كذلك الحركة والسكون من صفات الخلق

الخالق لا يوصف بالحركة ولا بالسكون.

كل صفة من صفات الخلق الله منزَّهٌ عنها, الحركة والسكون والجلوس والتحيز والتطور والتغير من حال إلى حال والجهل والعجز والنقص, كل هذا مستحيل على الله تبارك وتعالى.

نسأل الله عزَّ وجل أن يثبتنا على عقيدة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وأن يُكرمنا برؤيته عليه الصلاة والسلام وأن يزيدنا علماً وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
.
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس