عرض مشاركة واحدة
قديم 02-14-2012, 09:13 PM   #12
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي

شحير ومدينة يفوح منها رائحة التمباك


لازلنا نسير في ركب (الكولونيل" دانيال فان در ميولين والرحالة الجغرافي"لدكتور. هـ . فون فيسمان) في الوقفة السابقة المتوجه إلى وادي حضرموت عبر خط الطريق القديم مروراً بشحير والشحر إلى الشرق من مدينة المكلا عاصمة السلطنة القعيطية في عام 1931م ،وتقع شحير قريباً من ساحل البحر العربي , وتبعد عن مدينة غيل باوزير بنحو 9 كيلومتر فقط .
كتب" الكولونيل" دانيال فان در ميولين" وهو يصف رحلته (تقع قرية شحير على الجانب الأبعد من الساحل, يقال إن سكانها 1500 [ لاشك أن هذا العدد قد تضاعف كثيراً في وقتنا الحالي ] يعيشون في أكواخ من الطين. وينتصب منزل الشيخ [ يقصد الشيخ الوالي أو الحاكم على هذه المنطقة يعرف "الماس "وهو من حاشية السلطان القعيطي الذي كان يحكم المكلا] في مكان بارز, والمنزل هو أيضا الحصن الذي يدافع عن المدينة ضد الهجمات. وفي المصطبة [ يقصد الدكة ] مدفعان صدئان. توجد في الجدران السميكة فتحات في كل طابق, والنوافذ صغيرة. مضيفنا هو "الشيخ الماس", الذي استقبلنا بحفاوة في مجلسه. وبناء على رغبتنا أمر بإعداد مكان لنا فوق السطح, لكن كان علينا أن ننتظر حتى يتم إبعاد النساء عن طريقنا. فقام مضيفنا بالتأكد من أن النساء اختفين خلف الأبواب المغلقة قبل أن يسمح لنا بمصاحبته إلى أعلى000)وفور الإنتهاء من أستقبال الضيوف وتقديم الشاي لهم مع بعض الفواكه البطيخ والتين الطازج والمر والحلو تعرف الزائر على مضيفه الشيخ "الماس " الذي كان ينتمي إلى أسرة السلطان, ووصفه الزائر بقوله : (وبه لمسات من دم هندي) ويمكن الرد على هذا أنه من تأثير الهجرة إلى الهند ولعلاقته الأسرية بمؤسس السلطنة القعيطية عمر بن عوض القعيطي الذي كان أحد الأثرياء في حيدر أباد بالهند 0
وقد كان في المنزل في نفس الوقت العامل أو الحاكم الذي يتولى أمر السلطنة في منطقة غيل باوزير وهو بالمناسبة أخو الشيخ "الماس "وقد طلب منهم زيارة غيل باوزير وحفزهم للزيارة بأن ذكر لهم مزارع التمباك الشهيرة التي يملكها هناك وتعد المنطقة من أفضل روائع الجزيرة العربية قال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةوألح علينا أن نزور غيل باوزير أغنى وأغنى وأجمل بقعة في الجزيرة العربية،ووعدناه أن نعبر على الغيل في رحلة العودة.)لكنهم لم يزورها إلا بعد عودتهم من تريم ووصولهم المكلا رجعوا مرة أخرى لزيارة الغيل 0
لم يكن في حسبان (الكولونيل" دانيال فان در ميولين والرحالة الجغرافي"لدكتور. هـ . فون فيسمان) أنهما على موعد زفاف لأحد الأهالي في نفس الليلة التي وصلوا فيه "شحير " ليستمتعا ويشاهدا الرقص الفرائحي للزفاف في تلك الليلة في "شحير "جنوب مدينة المكلا قال نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة مكنتنا من موقعنا المتميز فوق السطح [ يقصد هنا الريم كعادة أهل وادي حضرموت يصعدونه للمبيت في ليالي الصيف الحارة ] أن نشاهد الاحتفال. ثم أضيئت مصابيح الغاز [ التريكات ], وبدأ بعد ذلك الرقص في الساحة, فوقف الرجال والنساء قبالة بعضهم البعض في صفوف طويلة, ثم أخذوا يقتربون ويبتعدون عن بعضهم مع إيقاع أرجلهم وتصفيق أيديهم. ويشاركون كلهم في غناه رتيب متواصل, يكررونه باستمرار بنفس اللحن. [ ولعله المريكوز المشهور في بعض مناطق حضرموت كالبوادي ،ويستبعد أن يكون الشرح بالمزمار المعروف بالظاهري الذي يعتمد الرقص فيه على الزفانة أو المشترحة التي تلاحق الرجل المشترح بصدرها وهو ممسك بيدها ويجذبها نحوه كما هو متعارف عليه في هذا الشرح ] أما كلمات الأغنية الفعلية فيقوم بإلقائها شخص واحد. كلهم يحفظون الأغاني القديمة ويجدون متعة في تكرار مقاطع منها ويجدون أيضا حماسة متزايدة من ذلك التكرار) هذا نوع من عدة أنواع من الشروحات الحضرمية من الملاحظ أن الهجرة إلى الهند وشرق أفريقيا لعبت دوراً في نقل بعضاً من أهازيج وطبول وأغاني من هذه البلدان و نقلها المهاجرون الحضارمة إلى بلدانهم 0
وقد أستمر الحفل إلى ساعات متأخرة من الليل قريباً من الفجر حيث قال :(000 ويتساقط العرق على صدور الرجال المكشوفة, لكنهم لم يرهقوا إلا قبيل الفجر، عندها هدأ صخب الاحتفال.أيقظنا السائق قبل أن يحل الضياء بأصوات بوق سياره أمام القلعة. فهو يعلم أن علينا أن نسافر إلى الشحر ونعود عن طريق الساحل قبل ارتفاع المد.)
وقبل أن نواصل السير معهم إلى الشحر وصولاً إلى وادي حضرموت نود أن نقف حول زيارتهما إلى مدينة غيل باوزير مادمنا قريبين منها بالرغم من أن زيارتها كانت بعد العودة من تريم حسب ماجاء في الكتاب0
رحلة غيل باوزير:
أستقلوا سيارة خاصة وضعها الوزير السيد أبوبكر المحضار تحت تصرفهم كما فعل من قبل. وكان ذلك في الرابع والعشرين من شهر يوليومن عام 1931م. وقد أطلق الزائر على غيل باوزير أسم (مدينة التمباك) ووصفها أيضاً بالمدينة التي تفوح منها رائحة التمباك وذكر بعض مشاهداته فيها من مزارع التمباك (التبغ ) التي يجني منها السلطان القعيطي دخلاً كبيراً ويصدر التمباك إلى الخارج لدول عربية كمصر وسوريا وبلدان أخرى وتقوم عربات النقل بنقل أكياس التمباك, البالغ طولها 200 ياردة, من الغيل إلى المكلا وذكر أنه يجلب لها السماد من المكلا وأماكن أخرى كالجزر في عرض البحر.وقال أن غيل باوزير ليس بها مظاهر من الجمال الطبيعي الملفت للنظر لكنه استثناء من هذا القصر السلطاني حيث قالنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة000 ليس في مدينة غيل باوزير مظاهر جمال ما عدا القصر الكبير العتيق وبعض المساجد ) ويسمى هذا القصر باغ السلطان. وهو صورة مصغرة من تاج محل الشهير في البناء الهندسي الشرقي. وأصبح بعد الاستقلال الوطني للجنوب عام 1967م بيتا للضيافة ومنتجعا عاما. وتدهور كثيرا بعد عام 1995م ولم يعد صالحا للاستعمال كما جاء في هامش الصفحة من المترجم .
ومن الجدير ذكره أن غيل باوزير: تقع إلى الشمال الشرقي من مدينة المكلا وتبعد عنها نحو (43 كيلومتر)، وهو أرض زراعية واسعة فيها ينابيع ماء غزيرة جارية عليها كثيراً من أشجار النخيل وأكثر ما يزرع عليها التبغ - ويعرف هناك بالتنباك - وهو من أجود لأنواع المشهورة في حضرموت .
ومن الملاحظ أن الجودة تعود لعدد من العوامل المساعدة في زراعته في هذه المنطقة وقد توفرت لها المتطلبات الملائمة للزراعة من ذلك التربة المناسبة وتوفر المياه والتسميد بثلاثة أنواع من السماد حتى أنه أصبح عالي الجودة وقد نقل الزائر معلومات مفيده من غيل باوزير حيث قال: (يوضع السماد [ روث أو مخلفات الحيوان والإنسان والطيور ] للتمباك ثلاث مرات: الأولى بفضلات الطيور "الغوينو, والثانية بالسمك [السمك هنا يقصدالمجفف فهو سمك العيد الصغير, وبعد أن يجفف يسمى وزيف، ويجفف على مساحات واسعة عند ساحل البحر.], والثالثة بروث البهائم وفضلات الإنسان. ويروى بماء صاف وبكمية معلومة. ويوضع كل نوع من السماد في الزمن الصحيح. وتأتي أفضل أنواع الغوينو من جزيرة على الساحل الصومالي تمتلك السلطات البريطانية امتيازا فيها. ويوجد نوع آخر من الغوينو في جزيرة في بئر علي غرب المكلا )وهكذا تنتهي زيارتهما لغيل باوزير على أن نستأنف الوقفات لاحقا من الشحر سعاد الزبينة0.)

التعديل الأخير تم بواسطة أبو صلاح ; 02-14-2012 الساعة 09:27 PM
  رد مع اقتباس