عرض مشاركة واحدة
قديم 04-07-2007, 07:23 PM   #1
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي عشرات الفاكسات التي حملت التهاني والتبريكات لرئيس الوزراء الجديد،



هرولة في زمن بلا فرملة
محمد سالم قطن:
أضحكتني تلك (اللمحة الصحفية) التي نشرتها إحدى الصحف الإلكترونية في بلادنا في أعقاب إعلان التكليف الرئاسي للدكتور علي محمد مجور بتشكيل الحكومة الجديدة، فقد أشارت تلك (اللمحة) إلى تلقى سكرتارية مجلس الوزراء وكذلك مكتب مجور عشرات الفاكسات التي حملت التهاني والتبريكات لرئيس الوزراء الجديد، وقد أرفق المهنئون مع تهانيهم السيرة الذاتية والمؤهلات التي يحملها كل منهم في إيماء واضح إلى أن كل هؤلاء


يطمحون لأن تستوعبهم حكومة الدكتور مجور الموعودة، وزراء أو نوابا أو كلاء على أقل تقدير، وحسنا فعل كاتب تلك اللمحة المشار إليها عندما (تتريق) على هؤلاء (الفضوليين) في خاتمة اللمحة الجميلة الغنية بالمشاهد الكاريكاتورية عن حالة قوم يمارسون التزلف والتملق، ويتطاولون بطريقة أشعبية فجة إلى مراكز ومناصب ربما يكونون غير مؤهلين لها، وقد حاول محرر تلك اللمحة الهادفة أن يرد أولئك إلى صوابهم مشيرا في آخر سطورها إلى أن المناصب والمسؤوليات الكبيرة لا تمنح بهكذا هرولة ولا تعطى لطالبيها وفقا لقواعد الشرع وروح القوانين.

ولنا أن نعرف الآن مادام الأمر قد وصل إلى هذا الحد من الهرولة ، أن الزمن الذي نعيشه هو الذي منح هؤلاء وأمثالهم تلك الجرعة الهائلة من الجرأة التي بلغت أعلى مستويات الوقاحة، لدرجة أن كثيرا من عشاق التقرب وطالبي اليد الحكومية أزعجوا الدكتور باتصالاتهم على كل خطوط الهاتف الخاصة به في المنزل والمكتب والهاتف الشخصي، إنها شكل من أشكال الفهلوة التي برزت على مستويات متعددة وفي شتى مجالات حياتنا خلال

السنوات الأخيرة. إذ يندفع الكثيرون دون خجل يضربون بأكتافهم هنا وهناك، يتهيأ لكل منهم أنه قد أصبح فيلسوف العصر ونابغة الزمان.. يتسلح بأشيك الملابس، ويربط عنقه بأعرض أنواع (الكرافتة)، أحدهم كاد أن يختنق عشية أمس، على الشارع العام، والسبب كما علمت بعد ذلك أنه لم يتعود على الربط (الآمن) للكرافتة إلا في الأسبوع الماضي، ويتعمد أحد هؤلاء استخدام بعض الكلمات الكبيرة نوعا ما، على شاكلة (التموضع)، و(الانحسار الديالكتيكي) و(للحيولة دون) وبعض (الرطنات) من اللغات العالمية لزوم الهنجمة على الناس الغلابى والضعفاء.

قديما كان زميلي سالم العبد -أطال الله عمره- قد وضع اصطلاح (حنانيك) عنوانا لبعض الكتابات المتملقة التي يسطرها أصحابها استدرارا لعطايا ومنح المانحين، لكن هؤلاء الذين ذكرتهم (اللمحة) لا يدخلون باب (حنانيك) بهدوء وسكينة المتلقين وإنما بطريقة جديدة مبتكرة خصيصا لهذا الزمن الذي يصفه الواصفون أنه زمن (بلا بريك) أي بلا فرامل، كما قرره مجمع اللغة العربية منذ سنوات. هرولة واستعراض وادعاء طالت كل مجال.

كانت الجرأة قديما قيمة جميلة في حياتنا خاصة عندما تتهيأ من أجل الحق بيانا ودفاعا، واستحالت اليوم على أيدي هؤلاء إلى وقاحة وتطاول ومهانة، وحتى (حنانيك) البريئة التي يلجأ إليها من تمسه الحاجة تضخمت هذه الأيام إلى شيء مرعب يستخدمها هؤلاء في القفز (الماراثوني) إلى أعلى المناصب وأرفع المستويات. هم لا يعرفون معنى أن المسؤولية تكليف وليست تشريفاً ولهذا فهم يرغموننا شئنا أم أبينا على الضحك ولكنه كما قال المتنبي: ضحك كالبكاء !!





  رد مع اقتباس