عرض مشاركة واحدة
قديم 05-05-2011, 12:25 PM   #30
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

.


الرثاء في شعر خميس سالم كندي


لم نظفر في ديوان الشاعر خميس سالم كندي بقصيدة يرثي فيها قتيلا من قتلى حركة تمرد ( بن عبدات ) وإن كانت إحصائيات سير عمليات حرب بن عبدات لم تشر الى عدد القتلى أثناء تلك الحملة التي يبالغ في وصفها المتحرشون بكتابة التراث والتاريخ ، والمتنطعون بالمزايدات الثورية ، ويصورون قصف الغرفة على انه : (( طلقات متتاية من الجو على أهل الأرض ومن يدري لعل بريطاني تجرب آخر صيحة من سلاحها في الوقتذاك )) انظر كتيب المتحرش سالم الجرو ( بلاد الاحقاف رموز كنوز ص 89 .
بينما العلامة بن عبيدالله يقول في بضائع التابوت :

(( واستمر القصف بعد ذلك عشرين يوماً، وعدد طلعاتها تقل يوما وتكثر يوماً آخر، وصل عددها في أحد الأيام تسعاً في الصباح تسعاً في المساء. إلا أنه ومع كثافة هذا القصف فإن الأضرار الناتجة عنه كانت طفيفة، ذلك أن معظم القنابل التي ألقيت لم تنفجر )).

و يعلل ابن عبيدالله ذلك قائلاً: أن الحكومة الانجليزية لم تكن جادة في رمي الغرفة إذ لم تخل من الرحمة مع تهيب العار في رميها إذ لا يبيحه قانونهم ولكنهم اضطروها إليه ففعلت وبالغت في كتم الأخبار حتى لم يظهر لها أثر في الخارج .
ويبدو أن الهدف هو إرهاب ابن عبدات وإجباره على الاستسلام بأقل ما يمكن من الضحايا المدنيين.

يعد البعض مواقف الشاعر خميس كندي لصالح بن عبدات وحركته الفاشلة ، ذلك من خلال تقييمهم لبضع قصائد لاتتعدى اصابع اليد في العدد ، نظمها شاعرنا كندي أثناء ذلك الحصار ، حين ساقته الأقدار أن يكون ضمن سكان تلك المدينة الصغيرة المحاصرة ، و ما يجب إليه التنويه أن شاعرنا خميس كندي مذ أن ترك بن عبدات محاصرا في ( غرفته ) ثم مستسلما ومنفيا الى إندونيسيا ليلقى المنية هناك سنة 1963م لم يرثي شاعرنا خميس كندي بن عبدات ، بل لم يشر إليه في أي قصيدة نظمها أثناء إقامته في المهجر الصومالي . وكأن بن عبدات وتمرده فجر كاذب لم يظهر بعده فجر صادق إلا بعد الاستقلال سنة 1967م .

لذا يجب الإشارة الى أن ديوان الشاعر خميس كندي لا توجد فيه سوى قصيدة واحدة يرثي فيها شخص واحد اسمه ( مبارك بن محمد بن كوير ) ربما كان هذا الشاب عزيزا عند شاعرنا ، وله مكانة خاصة ، فأستحق منه الرثاء لما له من أيادي بيضاء في مساعدة اليتامى والأرامل والمحتاجين ، وقبل وفاة هذا الشاب وعندما كان يعاني من مرض عضال أعيا الأطباء علاجه ، نظم شاعرنا كندي قصيدة قال عنها : ( هذه القصيدة يخاطب أهل الطب لما عجزوا عن معالجة الشاب النبيل مبارك بن محمد بن كوير ). وقد نحى شاعرنا في نظم قصيدته منحى شعر مشائخة العلم في حضرموت ، إذ يمزجون الشعر الفصيح بالعامي ، يقول في قصيدته :

أطباء السوء لماذا ما بذلتم= جهودكموا لمحمود الصفات
مبارك بن محمد بن كويرالذي= يشكو من اعضاء فاترات
إذا لم تستطيعوا معالجته= فلاحاجة لفتح القنواتي
دعوا ( اسبتالكم ) للدنس مسرح= وتسكنه البنات الراقصات
إلا ياليتني كنت طبيبا= لاكنت قد عملت الواجبات
وابذل ما استطعت من جهود= ولو في ذلك استعدم حياتي
وأعره كل عضو في صاح= وإن مت تهنيت ممات

أما لماذا هذا الإهتمام الذي حظي به هذا الشاب المريض ( مبارك محمد بن كوير ) من قبل شاعرنا خميس سالم كندي ، فإن الإجابة على هذا السؤال نستشف جزءا منها من ثنايا هذه الأبيات :

سلوا عنه اليتامى والأرامل=تجدهن في البيوت ثاكلات
فهو كهف لهن وأمان= من آفات السنين الغابرات

ربما تلك محمدة وأي محمدة تحتسب لهذا الشاب النبيل ( كما وصفه شاعرنا كندي )، فمن تلك سجاياه وحسن لخصاله واخلاقه يستحق المديح والثناء في حياته ، ويستحق المواساة عند مرضه وأحزانه ، ويستحق الرثاء بعد مماته، هذا ما فعله شاعرنا خميس سالم كندي حين عجل القدر بحياة هذا الشاب النبيل واختطفه من بين أهله وأحبابه واصدقاءه ، فقال كندي في مقدمة قصيدة الرثاء ( هذه القصيدة مرثاة في فقيد الشباب الشاب النبيل مبارك بن محمد بن كوير وهو من أعز أصدقاء الشاعر )) قال كندي في رثاءه :

ياراحلا بالعز والمجد إلى= دار البقاء في جنة الرضوان
واليت للفردوس يا ابن محمد= كي تلقي بالحور والولدان

ثم يصف شاعرنا خسارة فقدان هذا الصديق النبيل ،والضربة القاسية التي تعرض لها حين فاضت رواحه الى بارئها، فترك بعده الحزن والأسى على فراقه ، حزن عم بلاد الصومال والأحقاف ،و قضى على آمال وأماني شاعرنا كندي الذي قال :

خسر الشباب خسارة فادحة= هل يتعافى بذلك الخسران
فيالها من ضربة قاسية= قضت على الآمال والأماني
يا ايها الراحل قد فارقتنا= والكل منا ذاهل حيران
ياليت روحك شاهدت ما خلفته= من أسى بالصحب والأخوان
فاالكل باكون بزفرات وعبرات= ودمع جرح الأجفان
رحت وخلفت البلاد كافة= تشكوا الأسى في غاية الأحزان
خلفت حزنا للبلاد ما ثلا= حزن سيبقى دايم الأزمان
لا في مقاديش والاحقاف بل= حزن يعم سائر البلدان

ما لبث شاعرنا خميس كندي حينا من الدهر يستذكر صديقه ويكفكف دموع العبرات والزفرات، ويبث شكواه ونجواه وحزنه العميق على فقدان أعز اصدقائه فيقول:

يا خيرة الأصحاب قد تركتني= في هذه الدنيا سمير اشجان
ياليت أمّي لم تلدني بل ولا= ياراحلا ما شاهدت اعياني
يامقديشوه أبكي عليه واندبي= شاب نشأ في طاعة الرحمن
خدم البلاد بجهده حتى استوت= راجحة في كفة الميزان


للموضوع بقية مع الغزل والأخوانيات والسياسة في شعر خميس كندي.






.
التوقيع :

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعوض الشبامي ; 05-05-2011 الساعة 12:28 PM
  رد مع اقتباس