بدأت خلافات الشيخ الفقيه محمد بن سالم البيحاني الفكرية مع نظام حكم الجبهة القومية مع التيار اليساري الذي أزاح قحطان الشعبي من سدة الحكم في ماعرف بخطوة 22 يونيو التصحيحية 1969 ، ومن الإجراءات التي أتخذت ضد البيحاني قرار عبد الله عبدالرزاق باذيب وزير التربية والتعليم يوم 16/5/1971 بتأميم معهد البيحاني وتحويله إلى مدرسة مختلطة ثم تحويله إلى مقر لوزارة الداخلية وكان لهذا الإجراء أثره الكبير في نفس الشيخ البيحاني ومثّل اللبنة الأولى للتحدي بينه وبين سلطات الجبهة القومية .
في رباعياته .....نقرأ وصفا لمرارة الحدث وتأثيراته على نفسه
سمّوك ياعصر الظلام سفاهة = عصر الضياء وأنت شر الأعصر
وتقدّمت فيك الحضارة حسبما = قالوا فياوحشة المتحضّر
وتنوّرت فيكالعقول وإنما = يأتي الشقاء بذلة المتنوّر
والعلم قد يأتي بكل بليّة = ويسير نحوالموت بالمستبصر
ما حيلة العلماء في الجهّال = غلب الهوى وتحكّم الجهّال
وإذا أدار من الأمور صغارها = وكبارها الأوغاد والأنذال
فالموت حلو والحياة مريرة = والغي رشد والرثاء ضلال
فلتهتف الدنيا ويهتف أهلها = عاش الجهول وعالم دجّال
تنحى الشيخ البيحاني عن إدارة العهد بعد التأميم ولزم المسجد (1) وتحت شدة وطأة المضايقة والسب والتهديد بالقتل أنشأ يقول في إحدى رباعياته :
يخوفني بالقتل من لا أخافه = ويحسب اني خامل وجبان
إذا شاء ربي فالمخاوف جمّة = وإن شاء ربي فالحياة أمان
سيحفظني الله العزيز جنابه = وللظالم الباغي علي هوان
وفي الناس محبتي عليه ومعتد = أثيم وفي يوم المعاد يدان
بسبب التهديدات التي تلقاها وعجزه عن استرداد معهده انتقل الى تعز بشمال اليمن وأفصح الشيخ عن مرارة فراق الوطن فقال في إحدى رباعياته :
لايخرج الناس من أوطانهم عبثا = ولا يسيرون من أرض بها خلقوا
إلاّ إذا ضاقت الأرزاق عندهم = فإن أوطانهم من حيث مارزقوا
والحر لا يستطيع الضيم يحمله = من قومه فيراضيهم إذا حنقوا
والناس ليسوا سواء في طبائعهم = وإن يوحدهم الإسلام يغتروبا
في تعز التي أضحت مركزا بديلا لعدن ولجأ إليها من نالهم الضيم والظلم من إجراءات الجبهة القومية ووريثها الحزب الإشتراكي نظم البيحاني قصيدته الهشيرة ما على الصب إذا ماقال آح :
أين ذاك الإنس أين ذاك الإنبساط ( للبيحانــــي ) - سقيفة الشبامي
تلبية لإلتماس تقدّم به علماء عدن بعودة معهد البيحاني منارة للتنوير الديني كسابق ما كان عليه وتحريره من قيود التأميم صدر قرار الرئيس علي عبد الله صالح بضمه إلى وزارة الأوقاف والإرشاد وممارسة نشاطه بإسم معهد البيحاني كمؤسسة دراسية أكاديمية تمنح الطلاب شهادة الليسانس في التوجيه والإرشاد ( أربع سنوات بعد الثانوية )
استعراضنا للتاريخ لا يخولنا بتوزيع صكوك غفران وإدانه وفق الهوى والموقف السياسي لمن اصبحوا في رحاب الله الذي سيفصل بينهم في يوم تسوّد فيه وجوه وتبيضّ وجوه أخرى
سلام .
المرجع :
ندوة جامعة عدن في الذكرى المئوية لميلاد البيحاني ( صدرت في ملف )
(1) مسجد العسقلاني الذي يعرف كذلك بإسم مسجد البيحاني