عرض مشاركة واحدة
قديم 05-01-2013, 10:46 PM   #1
أبو صلاح
مشرف قسم تاريخ وتراث
 
الصورة الرمزية أبو صلاح

افتراضي الدوم فستق حضرموت

الدوم فستق حضرموت

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

تعد حرفة الجمع والالتقاط والصيد البري من أقدم الحرف التي عرفتها البشرية في العالم قبل أن ينتقل الإنسان إلى حرف أخرى كالرعي والزراعة وأخيراً الصناعة .
ولقد كانت الجهات التي تمارس حرفة الجمع والالتقاط فات بيئات مناخية معينة أستوطنها الإنسان القديم وعاش فيها وأقام بها حضاراته كالمناطق المدارية الحارة ،ومناطق أخرى من العالم .
وحضرموت أو وادي حضرموت لاشك ولا ريب هو أحد المواطن التي عرفت تطور الحرف فيه ،من بدائيتها إلى حضاريتها ،كون المنطقة قديمة جداً قد عرفت منذ زمان ماقبل التاريخ ،هذا ما أراه ويراه باحثون آخرون يمكن الرجوع أليهم من خلال حديثهم عن النقوش والآثار المكتشفة ؛ وقد وجدت غابات كثيفة من أشجار الدوم (السدر ) في الوادي ،وأستدل بهذا أيضا من اعتماد الإنسان الحضرمي لقرون من الزمن مضت عليه معتمداً على أخشاب أشجار العلب في عمليات البناء للمنازل ،وصنع الأثاث المنزلي وأدوات الإنتاج الزراعي والحرفي على مصادر خامات محلية تنتج من الوديان و سفوح الجبال والهضاب حيث تتواجد هناك .
ثم أن شجرة العلب من فوائدها أن يجنى منها أفضل أنواع العسل "البغية " عن طريق النحل الذي يمتص رحيق زهرها في فصل الشتاء من كل عام .
فيباع بأغلى الأسعار مقارنة بغيره من الأنواع .
وأما الدوم وهو الثمر الذي يشبه في أطوار نضوجه تقريباً شجرة "البن " يعد محصول شجرة السدر ويمكن أن نطلق عليها "العلب " وجمعها "علوب" نسبة للعود والخشب المنتج من الشجرة ،وإذا قيل شجرة الدوم نسبة إلى الثمر الذي تبدأ زهوره تظهر في فصل الشتاء ، بعدها يبدأ موسم تكونه بدء من "الخضم" حتى الاصفرار و انتهاء بالأحمر، ثم تركز العصارة ويصبح في مرحلته النهائية المعدة لإسخدامات أوسع وأكثر فائدة.
والدوم أستخدمه الأقدمون غذاء كاملاً كوجبة بشكل عام عند حدوث الأزمات كالمجاعات التي عرفتها حضرموت في بدايات القرن العشرين وعند نشوب الحرب العالمية الثانية 1939- 1945م،نتيجة لما أصاب حضرموت من جفاف وندرة في الحبوب الغذائية ،فكان الناس يلتهمونه من تحت أشجار العلوب لسد رمقهم خشية الموت من الفاقة .
وهو غني بالمواد السكرية والنشوية وبعض الفيتامينات
التي توجد في بعض أنواع الفاكهة.
ثم أصبح الدوم بعد جفافه وتصلبه تستخرج من داخله (الحاليل ) وهي البذرة البنية اللون التي تساعد على الإنبات بصورة تلقائية للشجرة من جديد ؛ وقد تطورت طريقة استخراجه من صورته البدائية القديمة بواسطة رضخه بالحجارة ،أو على المرضاح ، إلى دوسه بعجلات السيارات في الوقت الراهن كما يفعل بسنابل القمح والذرة قبل استخدام الحاصدات الآلية، وهو بداخل أكياس نايلونية أو قطنية ،ويتبع ذلك طرق تنظيف وتصفية لغرض الحصول على (الحاليل )أو اللوزة الفستقية ذات الطعم اللذيذ التي تتكيس بداخل الدوم.
ويطلق على الدوم بعد خروج غلافه الخارجي بالعجر ،وجمعه عجرات ،وأما مايخرج من استخدام الأغنام له بعد اجتراره وخروجه من فمها يسمى "بلم ".
وحين أشيع في حضرموت أنه علاج لمرضى السكر تهافت الناس على شراءه وزاد الطلب عليه فارتفعت أسعاره بشكل كبير في وقتنا الحاضر فأصبح للعبوة الصغيرة التي لاتزيد عن 20 جراماً بين 1000- 1500 ريال يمني تباع في الأسواق الشعبية وربما صدرت إلى الخارج .
وأما الدوم الجاف بعد طحنه فيقدم كشراب أو عصير في فصل الصيف الحار مخلوطاً بماء بارد وثلج،يطلق عليه (الحتي ) له مذاق حلو طيب ورطب جميل ،يتخذه الأهالي كأحد العصائر في الأرياف الحضرمية وأنتقل مؤخراً إلى المدن في الداخل والساحل من حضرموت ،أعتبره أطباء الطب البديل ،وجاء عنه في كتب الأقدمين أنه علاج لأمراض الصدر والشعب الهوائية وخاصة السعال ألديكي لكونه يخفف من حدة السعال عند الأطفال.
  رد مع اقتباس