عرض مشاركة واحدة
قديم 02-14-2003, 11:22 PM   #13
محمد بن سلم
حال متالّق

افتراضي

الوجه الثالث : يجوز قتل رجالهم ونسائهم وصبيانهم من وجهين أيضا :

أن يعاقب المسلمون الكفار بنفس ما عوقبوا به فإذا كان الكفار يستهدفون النساء والأطفال والشيوخ من المسلمين بالقتل ، فإنه يجوز في هذه الحالة أن يفعل معهم الشيء نفسه ، لقول الله تعالى : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) وقوله : ( والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ) وقوله : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون ) وهذه الآيات عامة في كل شيء ، وأسباب نزولها لا يخصصها ، لأن القاعدة الشرعية تقول ( العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ) .
فآية : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به .. ) نزلت في المثلة ، روى الترمذي في سننه بسند صحيح عن أبي بن كعب رضي الله عنه لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلاً ، ومن المهاجرين ستة ، منهم حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، فمثلوا بهم ، فقالت الأنصار ، لئن أصبنا منهم يوماً مثل هذا لنربين علهم في التمثيل ، فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) فقال رجل : لا قريش بعد اليوم فقال النبي ? : ( كفوا عن القوم إلا أربعة ) .
وروى ابن هشام في السيرة : أن رسول الله ? قال حين رأى ما رأى – أي من التمثيل بعمه حمزة رضي الله عنه - ( لولا أن تحزن صفية ويكون سنة من بعدي لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير ، ولئن أظهرني الله على قريش ، في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلاً منهم ) فلما رأى المسلمون حزن رسول الله ? وغيظه على من فعل بعمه ما فعل ، قالوا والله لئن أظفرنا الله بهم يوماً من الدهر لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب .. قال ابن إسحاق .. وحدثني من لا أتهم عن ابن عباس : أن الله عز وجل أنزل في ذلك من قول رسول الله ? وقول أصحابه : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولاتك في ضيق مما يمكرون ) فعفا رسول الله ? ونهى عن المثلة .
روى بن أبي شيبة 7/366 قال لما كان يوم أحد وانصرف المشركون فرأى المسلمون بإخوانهم مثلة سيئة جعلوا يقطعون آذانهم وآنافهم ويشقون بطونهم فقال أصحاب رسول الله ? لئن أنالنا الله منهم لنفعلن فأنزل الله : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) فقال رسول الله ? ( بل نصبر ) .
فالمثلة منهي عنها ومحرمة لقول الرسول ? كما جاء عند البخاري عن عبد الله ين يزيد رضي الله عنه ( أنه نهى عن النهبى والمثلة ) قال ابن حجر في الفتح 5/120 المثلة : تشويه خلقة القتيل ، كجدع أطرافه ، وجب مذاكره ونحو ذلك .
وفي صحيح مسلم من حديث بريدة أن النبي ? كان يوصي قادة جيوشه وسراياه بقوله ( اغزوا باسم الله ، قاتلوا من كفر بالله ، اغزوا ، ولا تغلوا ولا تغدروا ، ولا تمثلوا ، ولا تقتلوا وليداً .. ) .
إلا أن العدو إذا مثل بقتلى المسلمين جاز للمسلمين أن يمثلوا بقتلى العدو وترتفع الحرمة في هذه الحالة ، والصبر وترك المثلة أفضل للمسلمين ، أما الرسول ? فالصبر وترك المثلة في حقه على الوجوب لأن الله سبحانه وتعالى أمره بالصبر وقال له : ( واصبر وما صبرك إلا بالله ) وقال للمؤمنين :
( ولئن صبرتم ) ندباً على الصبر ، فالشاهد من الآية أن المثلة محرمة وارتفعت الحرمة في حال المعاقبة بالمثل ، والآية عامة فيجوز أن يعامل المسلمون عدوهم بالمثل في كل شيء ارتكبوه ضد المسلمين ، فإذا قصد العدو النساء والصبيان بالقتل، فإن للمسلمين أن يعاقبوا بالمثل ويقصدوا نساءهم وصبيانهم بالقتل لعموم الآية .
قال ابن مفلح في الفروع 6/218 نقلاً عن شيخ الإسلام ابن تيمية : إن المثلة حق لهم ، فلهم فعلها للاستيفاء وأخذ الثأر ، ولهم تركها ، والصبر أفضل ، وهذا حيث لا يكون في التمثيل بهم زيادة في الجهاد ، ولا يكون نكالاً لهم عن نظيرها ، فأما إذا كان في التمثيل الشائع دعاءً لهم إلى الإيمان أو زجراً لهم عن العدوان ، فإنه هنا من باب إقامة الحدود والجهاد المشروع . و انظر الاختيارات لشيخ الإسلام 5/521.
قال ابن القيم في حاشيته 12/180 : وقد أباح الله تعالى للمسلمين أن يمثلوا بالكفار إذا مثلوا بهم وإن كانت المثلة منهيا عنها فقال تعالى : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) وهذا دليل على جدع الأنف وقطع الأذن وبقر البطن ونحو ذلك هي عقوبة بالمثل ليست بعدوان والمثل هو العدل ، وأما كون المثلة منهيا عنها فلما روى أحمد في مسنده من حديث سمرة بن جندب وعمران بن حصين قال ما خطبنا رسول الله خطبة ( إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة ) .
فإن قيل فلو لم يمت إذ فعل به نظير ما فعل فأنتم تقتلونه وذلك زيادة على ما فعل فأين المماثلة ؟ ، قيل هذا ينتقض بالقتل بالسيف ، فإنه لو ضربه في العنق ولم يوجبه كان لنا أن نضربه ثانية وثالثة حتى يوجبه اتفاقا ، وإن كان الأول إذا ضربه حصول واحدة واعتبار المماثلة له طريقان إحداهما اعتبار الشيء بنظيره ومثله وهو قياس العلة الذي يلحق فيه الشيء بنظيره ، والثاني قياس الدلالة الذي يكون الجمع فيه بين الأصل والفرع بدليل العلة ولازمها فإن انضاف إلى واحد من هذين عموم لفظي كان من أقوى الأدلة لاجتماع العمومين اللفظي والمعنوي وتضافر الدليلين السمعي والاعتباري فيكون موجب الكتاب والميزان والقصاص في مسألتنا هو من هذا الباب كما تقدم تقريره وهذا واضح لا خفاء به ولله الحمد والمنة .
وكلام العلامة ابن القيم المتقدم رد على من قال : وكيف تقتلون نساء وصبيان المقاتلة إذا فعلوا هذا بنساء وصبيان المسلمين ؟ وكيف تأخذون ثأركم من غير الفاعل ؟ والله يقول : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ) .
وهذا الإيراد باطل و ينتقض حتى لو قلناه على المقاتلة فكيف يقاتل النبي ? مقاتلة قريش والذي نقض العهد هم بني بكر بن وائل أو قادة قريش .
وكيف يقتل النبي ? رجال وشيوخ وأجراء بني قريظة وهم لم ينقضوا العهد بل نقضه كبراؤهم وأهل الرأي منهم فقتل بجريرتهم سبعمائة نفس ، واسترق من بقي .
وأيضاً كيف يجيز العلماء المثلة مطلقاً برجال العدو ولم يشترطوا أن تكون المثلة بالفاعل ؟ .
ولو أن رجلاً قتل آخر فلماذا تتحمل عاقلته الدية ويغرمون والذي ارتكب الجناية فرد منهم وهم لم يشاركوه ورغم ذلك تحملوا جريرته ؟
وفي مسألة القسامة أيضاً كيف يجيز الشرع لخمسين رجلاً من أولياء المقتول الذين لم يشهدوا القتل ، على أن يقسموا على رجل مشتبه به بأنه قتل وليهم ثم يدفع لهم برمته ليقتلوه ؟ كيف يُقتل في هذه الحالة والإدانة هنا لم تكن مؤكدة بالطبع كما هي في حالة الإقرار أو الشهود ؟
وجاء في الصحيحين كذلك من حديث رافع بن خديج رضي الله عنه قال كنا مع النبي ? بذي الحليفة من تهامة فأصبنا غنما وإبلا فعجل القوم فأغلوا بها القدور فجاء رسول الله ? ( فأمر بها فأكفئت ) ، فكيف يعاقب الرسول ? هؤلاء بإتلاف اللحم وهو من الغنائم التي لم تقسم بعد وللجيش جميعاً حق فيه ، والذي اعتدى هم الذين أغلوا بها القدور فقط ، فلم تكون العقوبة جماعية ؟ .
قال ابن حجر في الفتح : وحمل البخاري الإكفاء على العقوبة بالمال وإن كان ذلك المال لا يختص بأولئك الذين ذبحوا ، لكن لما تعلق به طمعهم ، كانت النكاية حاصلة لهم .
وأيضاً يرد على الإيراد المتقدم بعموم قول الله تعالى : ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة .. الآية ) وقوله : ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً ) .
و الشريعة جاءت بمثل هذه العقوبات لمثل تلك الحالات من الجرائم ، لأن هذه الجرائم التي حمل الشارع عقوبتها غير الجناة هي معاص تعتبر جماعية بإمكان الجماعة إذا علموا أنهم سيعاقبون بها أن يجبروا الجاني على أن يكف عن ذلك ، لذا جاءت الشريعة بعقاب الجماعة من أجل الفرد ، حثاً للجماعة وتحريضاً لهم على أن يأخذوا على يد الجاني قبل أن يفعل ذلك والله أعلم .
وراجع كلام ابن القيم المتقدم ليتضح لك المعنى .
والآيات المتقدمة لا تقتصر على المماثلة في القصاص فقط بل هي عامة مع المسلم أو الذمي أو المعاهد أو الحربي ضمن ضوابط تؤخذ من أدلة أخرى لا مجال لذكرها قال القرطبي 2/357 : قوله تعالى ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) وقوله تعالى ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) قالوا وهذا عموم في جميع الأشياء كلها وعضدوا هذا بأن النبي ? ( حبس القصعة المكسورة في بيت التي كسرتها ودفع الصحيحة وقال إناء بإناء وطعام بطعام ) أخرجه أبو داود ، ثم قال ... لا خلاف بين العلماء أن هذه الآية أصل في المماثلة في القصاص فمن قتل بشيء قتل بمثل ما قتل به وهو قول الجمهور ما لم يقتله بفسق كاللوطية وإسقاء الخمر فيقتل بالسيف ، وللشافعية قول أنه يقتل بذلك فيتخذ عوداً على تلك الصفة ويطعن به في دبره حتى يموت ويسقى عن الخمر ماءً حتى يموت ، وقال ابن الماجشون إن من قتل بالنار أو بالسم لا يقتل به لقول النبي ? ( لا يعذب بالنار إلا الله ) والسم نار باطنه وذهب الجمهور إلى أنه يقتل بذلك لعموم الآية .
وأفتى شيخ الإسلام بمقتضى عموم الآية في رد سؤال ورد عليه فقال في الفتاوى 30/ 362 : عن رجل أُخذ ماله ظلما بغير حق وانتهك عرضه أو نيل منه في بدنه فلم يقتص في الدنيا وعلم أن ما عند الله خير وأبقى فهل يكون عفوه عن ظالمه مسقطا لما عند الله أم نقصا له أم لا يكون ، أو يكون أجره باقيا كاملا موفرا وأيما أولى مطالبة هذا الظالم والانتقام منه يوم القيامة وتعذيب الله له أو العفو عنه وقبول الحوالة على الله تعالى ؟ .
فأجاب : لا يكون العفو عن الظالم ولا قليله مسقطا لأجر المظلوم عند الله ولا منقصا له بل العفو عن الظالم يصير أجره على الله تعالى فإنه إذا لم يعف كان حقه على الظالم فله أن يقتص منه بقدر مظلمته وإذا عفا وأصلح فأجره على الله وأجره الذي هو على الله خير وأبقى قال تعالى : ( وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله انه لا يحب الظالمين ) فقد أخبر أن جزاء السيئة سيئة مثلها بلا عدوان وهذا هو القصاص في الدماء والأموال والأعراض ونحو ذلك ثم قال : ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) .. ثم قال .. وقد قال تعالى : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) وأباح لهم سبحانه وتعالى إذا عاقبوا الظالم أن يعاقبوه بمثل ما عاقب به ثم قال ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) فعلم أن الصبر عن عقوبته بالمثل خير من عقوبته فكيف يكون مسقطا للأجر أو منقصا له ؟ أهـ مختصراًَ .
وإذا كانت المماثلة جائزة في حق المعتدي المسلم في القصاص فكيف بها في حق المعتدي الحربي ؟ ، قال النووي في المهذب 2/186 فصل إذا قتل بالسيف لم يقتص منه إلا بالسيف لقوله تعالى : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) ولأن السيف أرجى الآلات فإذا قتل به واقتص بغيره أخذ فوق حقه لأن حقه في القتل ، وقد قتل وعذب فإن أحرقه أو غرقه أو رماه بحجر أو رماه من شاهق أو ضربه بخشب أو حبسه ومنعه الطعام والشراب فمات فللولي أن يقتص بذلك لقوله تعالى :
( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) ولما روى البراء رضي الله عنه أن النبي ? قال ( من حرق حرقناه ومن غرق غرقناه ) ولأن القصاص موضوع على المماثلة والمماثلة ممكنة بهذه الأسباب فجاز أن يستوفى بها القصاص وله أن يقتص منه بالسيف لأنه قد وجب له القتل والتعذيب فإذا عدل إلى السيف فقد ترك بعض حقه فجاز .
قال الشوكاني في نيل الأوطار 6/39 : قوله تعالى ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) وقوله تعالى :
( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) وقوله تعالى : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) والحاصل أن الأدلة القاضية بتحريم مال الآدمي ودمه وعرضه عمومها مخصص بهذه الثلاث الآيات . أهـ مختصراً
قال ابن القيم في إعلام الموقعين 1/328 : قوله ( فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) وقوله ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) وقوله ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) يقتضي جواز ذلك - إي العقوبة بالمثل في الأنفس والأعراض والأموال - وقد صرح الفقهاء بجواز إحراق زروع الكفار وقطع أشجارهم إذا كانوا يفعلون ذلك بنا وهذا عين المسألة وقد أقر الله سبحانه الصحابة على قطع نخل اليهود لما فيه من خزيهم وهذا يدل على أنه سبحانه يحب خزي الجاني الظالم ويشرعه ، وإذا جاز تحريق متاع الغال بكونه تعدى على المسلمين في خيانتهم في شيء من الغنيمة فلأن يحرقوا ماله إذا حرق مال المسلم المعصوم أولى وأحرى ، وإذا كانت المالية في حق الله الذي مسامحته به أكثر من استيفائه فلأن تشرع في حق العبد الشحيح أولى وأحرى ، ولأن الله سبحانه شرع القصاص زجرا للنفوس عن العدوان وكان من الممكن أن يوجب الدية استدراكا لظلامة المجني عليه بالمال ولكن ما شرعه أكمل وأصلح للعباد وأشفى لغيظ المجني عليه وأحفظ للنفوس والأطراف ، وإلا فمن كان في نفسه من الآخر من قتله أو قطع طرفه قتله أو قطع طرفه وأعطى ديته والحكمة والرحمة والمصلحة تأبى ذلك وهذا بعينه موجود في العدوان على المال .
وبعد هذه النصوص المنقولة عن أهل العلم وبيان أن العقوبة بالمثل الواردة في الآيات ليست خاصة بالمثلة التي كانت سبباً لنزول أحدها ، بل هي عامة في القصاص والحدود والمعاملة مع الكفار ومع فساق المسلمين الظلمة ، فإذا جاز الاقتصاص من المسلم بمثل جريمته ، فلأن يجوز معاملة الكافر الحربي بمثل معاملته للمسلمين من باب أولى .
ومن المشاهد أن الكفار اليوم لا سيما أمريكا تقتل أبناء المسلمين ونساءهم وشيوخهم بغير ذنب اقترفوه ، فهاهم يحاصرون العراق منذ عقد من الزمان ولم يقتل إلا الشعب المسلم ، وفي قصفهم للعراق لم يضروا الحكومة العراقية بضرر بالغ بل أضروا المسلمين فقتلوا مئات الآلاف منهم ، ولو أن المسلمين عاملوا أمريكا بالمثل لجاز لهم أن يقتلوا بضعة عشر مليون مدني ، فبصاروخ واحد قتلت أمريكا ما يربوا على خمسة آلاف مسلم في ملجأ العامرية ببغداد أثناء حرب الخليج ، لو كان الفاعل لعمليات أمريكا مسلما لكانت هذه العمليات فقط رد دين مقابل حادثت ملجأ العامرية التي فجعت المسلمين ، ناهيك عن الحصار الذي أودى بحياة أكثر من مليون ومئتي ألف مسلم ، وأيضاً فعدوان أمريكا لا زال مستمراً على الأبرياء في العراق ، فإن آثار الأسلحة الفتاكة التي أصابت أرض المسلمين بالفساد وأصابت مئات الآلاف من الأبرياء بأمراض غريبة أشهرها سرطان الدم لا زالت ظاهرة للعيان ، بسبب اليورانيوم المنضّب وقد بلغت وفيات الأطفال فقط خلال هذه السنوات بسبب ضربات أمريكا مع الحصار أكثر من 750000طفل (ثلاثة أرباع مليون!) ، إن إفساد أمريكا في العراق يعادل مئات الأضعاف مما أصابها في عمليات الثلاثاء المبارك .
وإذا نظرت إلى حصار أمريكا لأفغانستان فإنك ترى العجب العجاب فضحايا الحصار يصل إلى سبعين ألف مسلم ، أما الأوبئة والأمراض والفقر فإنه ارتفع إلى نسبة 95% في الشعب الأفغاني المسلم كل هذا تسببت به أمريكا بالدرجة الأولى ، وقد أُمطرت أرض المسلمين بسبعين صاروخ فلم نجد من يستنكر هذا الإرهاب ولا قتل الأبرياء .
وأدر طرفك إلى فلسطين لترى منذ أكثر من خمسين عاماً حرب أمريكا للمسلمين من خلال اليهود ، نتج عنها خمسة ملايين مشرد و 262 ألف شهيد بإذن الله و 186 ألف جريح و 161 ألف معوق ، ولا زال الحصار على إخواننا في فلسطين بعون أمريكا مشدداً منذ أكثر من عشرة أشهر قتل خلاله من جراء الحرب الصهيوأمريكية على المسلمين أكثر من ألف ومائتي مسلم وجرح ما يزيد على واحد وعشرين ألف مسلم .
وفي الصومال تدخلت أمريكا بحجج إنسانية لتفسد في الأرض فقتلت ثلاثة عشر ألف مسلم وحرقت أبناء المسلمين ، وفعل الجنود الأمريكيون بأبناء المسلمين وبنسائهم الفواحش ، ودفنوا نفياتهم النووية في أرض الصومال المسلمة ، ولا زالت أرض المسلمين تعاني من العدوان الأمريكي عليها .
والسودان حاصرتها أمريكا سنين ولا زالت وضربتها بالصواريخ عازمة على قتل أهل الخرطوم جميعاً ، لأنها ضربت ما كانت تزعم أنه مخزون أسلحة كيماوية ولو كان توقعها صحيحاً لتسربت تلك الغازات من جراء الضربات الجوية ولقتلت أهل الخرطوم جميعاً ، ولا زالت أمريكا تقف بشكل علني وراء الصليبيين في جنوب السودان وتسعر الحرب التي راح ضحيتها أبناء المسلمين واقتصادهم .
هذه بعض قضايا المسلمين التي دخلت أمريكا فيها بشكل علني ومباشر لقتل الأبرياء والإفساد في أرض المسلمين ، ناهيك عن القضايا التي تقف وراءها أمريكا كما هو الحال في الفلبين وأندونيسيا وكشمير ومقدونيا والبوسنة وغيرها ، وبإمكان المسلم أن يقول كل مصيبة تحصل للمسلمين فإن لأمريكا يد طولى فيها إما مباشرة أو غير مباشرة .
فهذه أمريكا لا تأبه بشعب ولا بشعوب لا إسلامية ولا غير إسلامية بل لا تحرص إلا على مصالحها حتى على حساب قتل البشرية جميعاً ، فضحاياها عشرات الملايين منذ أن تسلطت على العالم منذ نصف قرن ، فكيف تُوقف أمريكا عند حدها وكيف تكف يدها عن العدوان ضد المسلمين ؟ ، إن الشريعة الإسلامية لم تكن ناقصة أبداً ففي الشريعة حكم بالقصاص من كل معتدٍ أثيم ، فأمريكا تقتل المسلمين بأسلوب بطيء ولا يمكن للضعفاء من المسلمين أن يعاقبوها لأنها لا تواجه أحداً بل تضرب عن بعد أو تحاصر ، فالحل الأمثل لهؤلاء الطغاة أن يعاقبوا بمثل ما عاقبوا المسلمين واعتدوا عليهم به ، فكيف تُطلق يد أمريكا لقتل نسائنا وصبياننا وتشريد المسلمين وضربهم متى شاءت وكيف شاءت وأين شاءت ؟ ويحرم على المسلمين أن يعاملوها بالمثل ؟ إن الذي يقول بهذا إما جاهل أو جائر ظالم للمسلمين ، يسعى لحماية أمريكا لتزيد من التقتيل والتشريد في المسلمين .
ومن أنواع المعاملة بالمثل فإننا سنطبق قانون أمريكا عليها :
فبسبب صدام وحزب البعث عاقبت شعبا بأكمله فقتل بقنابلها وحصارها ملايين من المسلمين العراقيين.
وبسبب أسامة بن لادن حاصرت الأفغان وضربتهم بالصواريخ فمات عشرات الآلاف من المسلمين.
وبسبب (مصنع موهوم) ضربت السودان فدمرت مصنعا للأدوية و قتل من فيه من المسلمين .
وهكذا .
ونقول نحن معاملة بالمثل بسبب ذنب (الحكومة الأمريكية) وطريقتها في (معاقبة الشعوب ) بسبب (الأفراد) ، سنطبق هذا القانون فنعاقب شعبها بسبب (الحكومة)!.
ثم ما الذي يغضب أمريكا وأذنابها إذا عاقبنا بالمثل فهذا هو قانونها ، أليست هي التي تصدر الحكم على من تشاء ثم تضربه بحجة أنه إرهابي أو داعم للإرهاب ؟ وتقتل غير الفاعل وتهلك الأبرياء ولا ترى في فعلها هذا أدنى حرج .
نعم نحن سنعمل بقانونها هذا وسنتخذ مبدأها غطاءً ، اليهود إرهابيون وأمريكا تدعم الإرهاب الصهيوني في فلسطين ، أليس من حقنا أن نصدر عليها حكماً بضربها وفقاً لمبدئها ؟! بلا شك نعم من حقنا ذلك.
إذا ما الذي يغضبها ويغضب العالم ؟! فإن أردنا أن نعاملها بالمثل جازت العمليات شرعاً ، وإن أردنا أن نعاملها وفقاً لقانونها جاز هذا الفعل في نظامها العالمي الجديد !!! .
إن مما لا شك فيه أن قتل نساء وصبيان وشيوخ أمريكا ومن في حكمهم من غير المقاتلة أنه جائز حلال بل هو من ضروب الجهاد التي أمر الله ورسول ? بها ، لقول الله تعالى : ( فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم ) وقوله : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) إلا أنه لا يجوز للمسلمين في قتل المعصومين من الأمريكيين أن يزيدوا في القتل على أربعة ملايين شخص من غير المقاتلة وتشريد أكثر من عشرة ملايين أمريكي !! ، حتى لا نتعدى وتكون العقوبة زائدة على المثل والله أعلم .
الوجه الثاني :
أن يُبيتون كما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام من حديث الصعب بن جثامة ، قال : سُئِل رسول الله ? عن الذراري من المشركين يُبيَّتون فيصيبون من نسائهم وذراريهم ، فقال : هم منهم ، متفق عليه ، وفي رواية : أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له لو أن خيلاً أغارت من الليل فأصابت من أبناء المشركين ، قال : هم من آبائهم ، رواه مسلم .


الفصل الثامن :شبهة من يرى عدم جواز العمل ضد المصالح الأمريكيه واليهودية في جزيرة العرب :

إن كثيراً من المجاهدين الأبطال ومحبي الجهاد يرون العمل ضد اليهود والنصارى خارج جزيرة العرب أما في داخلها فيرفضون ذلك لأسباب سوف اتناول حلها إن شاء الله في هذا الفصل .
السبب الأول :
يقولون هُناك مفاسد عظيمة ذكروا منها أن هناك مفسدة على إخواننا المجاهدين حيث سوف تقوم الأنظمة الخائنة بسجن المجاهدين والتضييق عليهم .
فنقول الله المستعان أي مُضايقة أعظم من المضايقة التي نعيشها اليوم ، إخواننا في سجون الأنظمة العميلة ومنهم من هو مطارد من بيته ومنهم من هو في سجون أمريكا التي أبرزها ( كوبا ) ومنهم من هو مطلوب عندهم ومنهم من هو ممنوع من السفر مسحوب جوازه فأي مضايقة أعظم من هذه المضايقة .
فوالله الذي لا إله غيره ولا رب سواه أن أبو جهل وصناديد قريش لا يرضون بالذل الذي نعيشه اليوم الذي رضيه اليوم عباد الدنيا وزخارفها .
السبب الثاني :
ومنهم من تنطلي عليه شبهة أنهم معاهدين .
فانظر إلى الفصل السابع قد بينت فيه الأدلة الواضحة في ذلك .
السبب الثالث :
وهو الذي لم يصرح به كثيرون لكن القرائن واضحة وهو الجبن والخوف .
فنقول سبحان الله كيف تخاف أيها المجاهد وأنت تذهب إلى أراضي الجهاد وتُعرض نفسك للخطر وغير ذلك من التضحيات ، ثم كيف تكون هناك شجاع وهنا جبان .
وأقول لمحبي الجهاد أيضاً أين التضحيات في سبيل الله .
كيف سوف ينتصر الدين وأنا وأنت لم نُضحي بشيء في سبيل الله ، ولا تغتر بعملك ولا تغتر بما قدمته في سبيل الله فإن الأمر أعظم من ذلك كله .


الفصل التاسع : الشروط العُمرية:
وها هي الشروط العُمرية التي فرضها عمر على أهل الذمة في زمانه ، وتالله لو حلف حالف بأن النصارى الذين يعيشون بين أظهر المسلمين لم يطبقوا شرطان منها أو ثلاثة لم يحنث في حلفه ، فرضي الله عنك يا عمر لو رأيت ما أُحدث وبُدِّل بعدك .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله : ( فصل في شروط عمر بن الخطاب رضي الله عنه التي شرطها على أهل الذمة لما قدم الشام ، وشارطهم بمحضر من المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم ، وعليه العمل عند أئمة المسلمين لقول رسول الله ? : ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي ، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) ، وقوله ? : ( اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ) لأن هذا صار إجماعاً من أصحاب رسول الله ? الذين لا يجتمعون على ضلالة على ما نقلوه وفهموه من كتاب الله وسنة نبيه ? .
وهذه الشروط مروية من وجوه مختصرة ومبسوطة ، منها ما رواه سفيان الثوري ، عن مسروق بن عبد الرحمن بن عتبة ، قال : كتب عمر رضي الله عنه حين صالح نصارى الشام كتاباً وشرط عليهم فيه: أن لا يحدثوا في مدنهم ولا ما حولها ديراً ولا صومعة ولا كنيسة ، ولا قلاية لراهب ، ولا يجددون ما خرب ، ولا يمنعوا كنائسهم أن ينـزلها أحد من المسلمين ثلاث ليال يطعمونهم ، ولا يؤوا جاسوساً ، ولا يكتموا غش المسلمين ، ولا يعلموا أولادهم القرآن ، ولا يظهروا شركاً ، ولا يمنعوا ذوي قرابتهم من الإسلام إن أرادوه ، وأن يوقروا المسلمين ، وأن يقوموا لهم من مجالسهم إذا أرادوا الجلوس ، ولا يتشبهوا بالمسلمين في شيء من لباسهم : من قلنسوة ، ولا عمامة ، ولا نعلين ، ولا فرق شعر ، ولا يتكنوا بكناهم ، ولا يركبوا سرجاً ، ولا يتقلدوا سيفاً ، ولا يتخذوا شيئاً من سلاحهم ، ولا ينقشوا خواتيمهم بالعربية ، ولا يبيعوا الخمور ، وأن يجزوا مقادم رؤوسهم ، وأن يلزموا زيهم حيث ما كانوا ، وأن يشدوا الزنانير على أوساطهم ، ولا يظهروا صليباً ، ولا شيئاً من كتبهم في شيء من طريق المسلمين ، ولا يجاوروا المسلمين بموتاهم ، ولا يضربوا بالناقوس إلا ضرباً خفياً ، ولا يرفعوا أصواتهم بقراءتهم في كنائسهم في شيء في حضرة المسلمين ، ولا يخرجوا شعانين ، ولا يرفعوا مع موتاهم أصواتهم ، ولا يظهروا النيران معهم ، ولا يشتروا من الرقيق ما جرت عليه سهام المسلمين ، فإن خالفوا شيئاً مما اشترط عليهم فلا ذمة لهم ، وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من أهل المعاندة والشقاق ) .
الفصل العاشر : جواز قتل من يحمي الكفار من الأمريكان وغيرهم

قال شيخ الإسلام رحمه الله :
( وقد اتفق العلماء على أن جيش الكفار إذا تترسوا بمن عندهم من أسرى المسلمين وخيف على المسلمين الضرر إذا لم يقاتلوا فإنهم يقاتلون ، وإن أفضى ذلك إلى قتل المسلمين الذين تترسوا بهم ، وإن لم يخف على المسلمين ففي جواز القتال المفضي إلى قتل هؤلاء المسلمين قولان مشهوران للعلماء .
وهؤلاء المسلمون إذا قتلوا كانوا شهداء ، ولا يترك الجهاد الواجب لأجل من يقتل شهيداً ، فإن المسلمين إذا قاتلوا الكفار فمن قتل من المسلمين يكون شهيداً ، ومن قتل وهو في الباطن لا يستحق القتل لأجل مصلحة الإسلام كان شهيداً .
وقد ثبت في الصحيحين عن النبي ? أنه قال : ( يغزوا هذا البيت جيش من الناس ، فبينما هم ببيداء من الأرض إذ خُسف بهم . فقيل يا رسول الله ! وفيهم المكره . فقال : يبعثون على نياتهم ) ، فإذا كان العذاب الذي ينـزله الله بالجيش الذي يغزوا المسلمين ينـزله بالمكره وغير المكره ، فكيف بالعذاب الذي يعذبهم الله به أو بأيدي المؤمنين ، كما قال تعالى : ( قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين ونحن نتربص بكم أن يصيبكم الله بعذاب من عنده أو بأيدينا ) .
ونحن لا نعلم المكره ولا نقدر على التمييز ، فإذا قتلناهم بأمر الله كنا في ذلك مأجورين ومعذورين ، وكانوا هم على نياتهم ، فمن كان مكرهاً لا يستطيع الامتناع فإنه يحشر على نيته يوم القيامة ، فإذا قتل لأجل قيام الدين لم يكن ذلك بأعظم من قتل من يقتل من عسكر المسلمين . أهـ
قلت إذا كان هذا كلام شيخ الإسلام في المكرهين والحديث واضح ، فكيف بمن اختار حماية الكفار من أجل الدنيا والمال فإنه يقتل ونيته إلى الله ، وإن تركنا حراس الأمريكان سوف يقتلونا دفاعاً عن الأمريكان إذاً فالأمر واضح جلي .


الفصل الحادي عشر: جواز قتل أعوان الظلمة دفاعاً عن النفس المسلمة:
قال الشيخ عبد العزيز الجربوع فك الله أسره وثبته على الحق آمين :
فلو سأل سائل وقال ما حكم الإسلام في رجل يقتحم علي داري وأنا في مأمن ( نائم بين نسائي ) وإذا بالبيت يداهم علي وعلى عرضي ويكشف ستر نسائي ويهتك في بلد يدعي أصحابها تطبيق الإسلام يقومون بأفعال أستنكرها أبو جهل عندما قيل له لماذا لا نتسور على محمد ـ ? ـ بيته ، فقال أبو جهل لا والله لا أفعل فتتحدث العرب عني أني أروع بنات محمد ـ ? ـ .
الجواب لا شك في جواز قتله .
قال النووي رحمه الله تعالى في المجموع في حال أقل من هذه الحال : قال الرسول ? : ( إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان ) رواه البخاري ومسلم ، قال أصحابنا: ويستحب للمصلي دفع من أراد المرور لحديث أبي سعيد المذكور.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ? قال : ( إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين ) رواه مسلم ، ويدفعه دفع الصائل بالأسهل ثم الأسهل ويزيد بحسب الحاجة وإن أدى إلى قتله ، فإن مات منه فلا ضمان فيه كالصائل .
فهنا جواز قتل المار بين يدي المصلي فما بالكم بمن داهم البيت في الظلام الدامس على المؤمنين غير رجال الحسبة ، فإنهم يداهمونها على الطواغيت الذين لا حرمة لهم ولا لمنازلهم إذ أنها منازل أُعدت لحرب الله ورسوله والصد عن سبيله فلها حكم الحرابة ، ناهيك أن المداهم هنا هو الصالح والمدهوم هو المفسد الفاجر ، بينما الصورة الماضية على النقيض ، فالمداهم هو الفاجر العربيد والمدهوم هو العالم الصالح والمؤمن العابد .
ويقول الشوكاني رحمه الله تعالى في النيل : باب دفع الصائل وإن أدى إلى قتله وأن المصول عليه يقتل شهيداً ، فعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : ( جاء رجل فقال يا رسول الله أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي ، قال : فلا تعطه مالك ، قال : أرأيت إن قتلته ؟ قال : هو في النار ) رواه مسلم وأحمد وفي لفظه : يا رسول الله أرأيت إن عدا على مالي ؟ قال : ( أنشد الله ) ، قال : فإن أبوا عليَّ ، قال : ( أنشد الله ) ، قال : فإن أبوا علي : قال : ( قاتل فإن قتلت ففي الجنة وإن قتل ففي النار ) ، فيه من الفقه أنه يدفع بالأسهل فالأسهل .
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي ? قال : ( من قُتِل دون ماله فهو شهيد ) متفق عليه ، وفي لفظ : ( من أُريد ماله بغير حق فقاتل فهو شهيد ) رواه أبو داود والنسائي والترمذي وصححه .
وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال : سمعت النبي ? يقول : ( من قُتِل دون دينه فهو شهيد ومن قُتِل دون دمه فهو شهيد ومن قُتِل دون ماله فهو شهيد ومن قُتِل دون أهله فهو شهيد ) رواه أبو داود والترمذي وصححه .
قال الشوكاني بعد أن ذكر المسألة الفقهية التي دلت عليها الأحاديث المذكورة آنفاً وهي جواز قتل من صال عليك يريد مالك .
قال رحمه الله تعالى : كما تدل الأحاديث المذكورة على جواز المقاتلة لمن أراد أخذ المال تدل على جواز المقاتلة لمن أراد إراقة الدم والفتنة في الدين والأهل ، وحكى ابن المنذر عن الشافعي أنه قال : من أُريد ماله أو نفسه أو حريمه فله المقاتلة وليس عليه عقل ولا دية ولا كفارة ، قال ابن المنذر : والذي عليه أهل العلم أن للرجل أن يدفع عما ذكر إذا أُريد ظلماً بغير تفصيل … إلى أن قال … وأحاديث الباب مصرحة بأن المقتول دون ماله ونفسه وأهله ودينه شهيد ، ومقاتله إذا قتل في النار لأن الأول محق والثاني مبطل … أهـ


ويتبع الشرح ...

التوقيع :
أبحث عن كل جميل .. وطن ، أرض ، منزل ، امرأة ..!

التعديل الأخير تم بواسطة محمد بن سلم ; 02-14-2003 الساعة 11:28 PM
  رد مع اقتباس