عرض مشاركة واحدة
قديم 02-23-2014, 01:48 AM   #132
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


اليمن الاتحادية بين الفشل والنجاح

ابو بكر عباد باذيب السبت 2014/02/22 الساعة 07:45:57



دائما ما تغيب اليمن عن اهتمام وسائل الإعلام باستثناء ما إذا تعلق الأمر بحوادث الإرهاب، أو عمليات التفجير، أو المواجهات المسلحة للقبائل، والاستثناء في ذلك أيضاً يتصل بقضايا الفقر والمرض والزواج المبكر وامتلاك اليمنيين للسلاح، نتفهم ذلك لضرورات أجندة وسائل الإعلام التي تبحث عن الحدث، واليمن بلد كثير الأحداث الدامية التي تتنافس وسائل الإعلام المختلفة لتغطيتها، وبالرغم من ذلك الإحباط الكبير، إلا أن اليمن تخطو ببطء إلى الإمام، تنجز فيما تسمح لها الظروف والإمكانات، ولو على الورق، حيث كانت التسوية السياسية في اليمن نموذج هام ومتقدم مقارنة ببعض أحداث دول الربيع العربي الدامي.

- أنهت اليمن مؤتمر الحوار الشامل الذي جمع فرقاء السياسة والمذهبية والقبيلة والمناطقية على طاولة الحوار، وبدأت اليمن في إعادة بناء شكل الدولة اليمنية في نظام اتحادي فدرالي أُقر من اغلب القوى الفاعلة في اليمن، وبرغم ذلك ما أن تخطو آمال اليمنيين نصف خطوة إلى الإمام، إلا وتتعثر بتحديات الواقع، من اختلال امني، ونفوذ قوى تقليدية، وعبث المال السياسي، والتدخلات الخارجية التي تحبط أي إجراءات حقيقة تسهم في إنقاذ المشهد اليمني من الانهيار.

- بُعد للتاريخ.

ظلت الدولة اليمنية جنوب جزيرة العرب على مدى قرون طويلة محل تجاذبات وصراعات، ما ان تنتهي بتثبيت حكم وتنصيب قيادة ورئيس وقائد، الا وتعود إليها الصراعات من جديد، وظلت الدولة اليمنية فيما بعد الإسلام تتبع دولة الخلافة إما في المدينة "يثرب" بعد دخول الإسلام في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، او في دمشق وبغداد او اسطنبول او غيرها من عواصم الخلافة الإسلامية، وقليلة هي الفترات التي استقلت بحكم نفسها.

وفي قراءة للقرن الماضي من تاريخ اليمن والى ما بعد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين يمكننا ان نؤكد ان اليمن مرت بكافة أشكال الدولة والأنظمة السياسية والأيدلوجية، فبعد الصراعات الطويلة والتي امتدت لقرون بين الأتراك العثمانيين والأئمة الزيدية في اليمن على حكم الدولة المتخلفة والمقسمة بين نفوذ الائمة على المرتفعات الشمالية وسطوة مشائخ القبائل، وبين حكم العثمانيين ورغبتهم في بسط سيطرتهم على جنوب الجزيرة العربية، تراجعت الإمبراطورية العثمانية عام 1918 وحصل شمال اليمن على الاستقلال تحت حكم الإمام يحيى [1].

وفي جنوب اليمن خضعت مدينة عدن منذ 1839 للاستعمار البريطاني، باعتبارها امتداد للإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، وامتداد استراتيجي لمستعمرات الهند، وتمكن الاستعمار من بسط نفوذه على مساحات واسعة من المناطق الجنوبية، والتي أدى الى تفريخ أكثر من 25 سلطنة وإمارة ومشيخة تُحكم عبر سلاطينها وأمراءها ومشائخها تحت سيطرة وولاء الاستعمار باعتبارها محميات بريطانية. [2]

التاريخ الحديث لليمن.

نستطيع الجزم ان التاريخ الحديث لليمن بدأ بعد القضاء على حكم الأئمة في ثورة سبتمبر من عام 1962 في شمال اليمن، والتي ساندتها مصر عبدالناصر حتى كتب لها النجاح وتحقيق غايتها بتثبيت حكم الجمهورية، عقبها ثورة أكتوبر عام 1963 ضد الاستعمار البريطاني في جنوب اليمن، ومن ثم جلاء أخر جندي مستعمر في نوفمبر 1967.

ورغم آمال اليمنيين الكبيرة التي كانت طموحه وحالمة ببناء الدولة الحديثة الا أن ما واجهته اليمن في الشمال والجنوب كان استمرارا لمسلسل الصراعات على السلطة والحكم، ففي الشمال لم تنتهي المواجهات بين الملكيين الساعين لإعادة حكم الأئمة، وبين الجمهوريين المدافعين عن أحلام التحرر والمساواة، إلى ان تم الخروج بتوافق سياسي، ترتب عليه اعتبارات سياسية وتوافق بين مؤيدي الملكية والجمهورية.

وفي الجنوب سعى ثوار أكتوبر من الجبهة القومية للتحرير، والتي كان لها شرف النضال ضد الاستعمار، الى ضم كافة الإمارات والسلطنات المقسمة الى دولة موحدة في جنوب اليمن، وأطلق عليها "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية" في الفترة بين 30 نوفمبر 1967 - 1 ديسمبر 1970، الى ان غُيِر اسمها إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، بعد استحواذ اليسار الماركسي على مفاصل الحكم وإقصاء الجبهة القومية.

مرت فترة السبعينيات على اليمن الشمالي والجنوبي بصراعات داخلية أدت الى اغتيال للرؤساء او الانقلاب عليهم، بالإضافة إلى المواجهات المسلحة بين الشمال والجنوب، والتي سرعان ما كانت تسعى أطراف عربية إلى المصالحة بينهم، وإبرام مسودات لاتفاقيات تمهد للوحدة اليمنية، في القاهرة وطرابلس والجزائر والكويت في فترات مختلفة.

مهدت اللقاءات والمفاوضات والتشاور بين اليمن الشمالي والجنوبي إلى إبرام اتفاق الوحدة في مايو 1990، والذي وصفه الكثير انه جاء على استعجال ولم يناقش التفاصيل الخاصة بالفترات الزمنية والمراحل التي يتطلبها الاندماج والتوحد في كيان واحد، ورأى حينها الرئيسين علي عبدالله صالح في الشمال وعلي سالم البيض في الجنوب، ان الوحدة الاندماجية هي الحل المجدي والأسرع لتحقيق الوحدة وقد كان ذلك، في ظل متغيرات إقليمية ودولية صاحبها انهيار الاتحاد السوفيتي وغزو العراق للكويت.

وسرعان ما دخلت اليمن الموحد في خلافات محتدمة بين شركاء الأمس، شركاء الوحدة، وقامت حرب صيف 1994، التي تمكن فيها الرئيس السابق علي عبدالله صالح من إقصاء شريكه في الوحدة الحزب الاشتراكي اليمني والاستحواذ على حكم اليمن الموحد، بالتحالف مع أنصاره من قيادات الجيش في الجنوب ورجال القبائل والتيارات ذات الخلفيات الإسلامية.

- فشل الرئيس السابق صالح.

حكم علي عبدالله صالح منفردا، وتوفر له ما لم يتوفر لغيره من الحد المعقول من الاستقرار، ومن بسط نفوذ الدولة على كافة الأراضي اليمنية من صعده شرقا إلى المهرة غربا، وسخرت له كافة الإمكانات التي يمكن من خلالها بناء الدولة الحديثة التي طال انتظار اليمنيين لها، إلا انه وشركاءه لم يكن لديهم المشروع الوطني الذي يجمع الجميع، وبدأ الاتجاه نحو تقاسم الثروات والنفوذ والمناصب للمنتصر وحلفاءه، وسعت الأطراف التي تدير الحكم الى إقصاء شركاء الوحدة من الجنوبيين في ظل استثناءات لم تكن مرضية للشارع في جنوب اليمن.

وأدت تداعيات ذلك انفجار الوضع عام 2007م، من خلال احتجاجات شعبية في الجنوب قادتها مجاميع الحراك الجنوبي السلمي، والتي بدأت في تسليط الضوء على حالات الظلم والإقصاء التي نالت من شركاء الوحدة وممن يعتقدوا أنهم كانوا يملكون مقومات الدولة (الشعب - السيادة - الأرض)، وما زاد الطين بله الإجراءات التي اتخذها الرئيس السابق صالح، والتي لم تلبي آمال الشارع او مطالبه.

بالإضافة إلى ما كانت تواجهه الدولة من حروب ضد الحوثيين منذ 2004 وصلت الى ستة حروب، وقبلها التهديدات والمواجهات الإرهابية التي شنتها الدولة مع الإرهاب وتنظيم القاعدة، كل ذلك ساهم في خلخلت قدرة الدولة على الاستمرار في بسط نفوذها، بالنظر أيضاً إلى توجه الرئيس السابق صالح نحو ترتيب البيت الداخلي للإعداد للتوريث، او تعديل الدستور والتمديد.

فجرت كل المعطيات والحيثيات السابقة، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي المتدهور، وهروب الاستثمار ورؤوس الأموال، فجرت الثورة الشبابية الشعبية والتي استفادت من الحراك العربي في تونس ومصر، وخرجت جماهير كبيرة في فبراير 2011م، من مختلف القوى السياسية والاجتماعية والشبابية، وحاول الرئيس السابق علي عبدالله صالح بكل ما أوتي من دهاء فطري وخبرات متراكمة في اللعب بالمتناقضات، وتقديم المبادرات والحلول تارة والضرب والقتل تارة أخرى.

- ربيع اليمن.

توالت الأحداث المتسارعة في اليمن، وتطورت المواجهات بين نظام صالح والشباب في الساحات، وفي خضم ذلك فوجئ اليمنيين في يوم الجمعة الموافق 18 مارس 2011 بمجزرة دامية سميت بـ"مجزرة جمعة الكرامة" أودت بحياة قرابة خمسين من الشباب المعتصمين في ساحة التغيير، أعلن بعدها الرئيس السابق صالح حالة الطوارئ، وأقال الحكومة وكلفها بتسيير الأعمال، بينما دفعت الأحداث الدامية بعض جنرالات الجيش اليمني الى الانشقاق عن تحالفهم الاستراتيجي مع صالح، خصوصا الجنرال علي محسن الذي كان الأقرب لصالح.

وبدأت دول مجلس التعاون الخليجي في محاولة الإسهام في تقديم مبادرة لإخراج اليمن من أزمتها، وأثناء مسلسل طويل من التجاذبات السياسية، ومحاولات الضغط على الفرقاء لتقديم تنازلات تفضي الى فك ألغاز المشهد اليمني، تعرض الرئيس السابق علي عبدالله صالح في الثالث من يونيو 2011 الى محاولة اغتيال بعدما انتهى من صلاة الجمعة في جامع النهدين الذي يقع في القلب من المجمع الرئاسي المعروف باسم "دار الرئاسة"، استهدافه في عملية هي الأبرز التي يتعرض لها صالح طيلت 33 عاما في حكم اليمن، نقل على إثرها الى العاصمة السعودية الرياض لتلقي العلاج، وقتل في الحادثة 11 شخصا من حراسة صالح، بينما أصيب 124 شخصا بينهم عدد كبير من المسؤولين لاسيما رئيس الوزراء، ورئيس مجلس الشورى الذي توفي لاحقا على متأثراً بجراحه.

بعدها تسارعت وتيرة الضغط الإقليمي والدولي للخروج بتسوية سياسية تجنب اليمن مالأت الحرب والاقتتال، وكانت المبادرة الخليجية الأكثر تناسباً مع معطيات الواقع، واستمر الخلاف على بنودها ما بين جدل تنازل صالح عن الحكم، ومشروعية منحه الحصانة، وترتيب الفترة الانتقالية وخارطة الطريق التي اتفق على ان يديرها الرئيس عبدربه منصور هادي كرئيس توافقي لليمنيين. وأخيراً وقع الرئيس السابق علي عبدالله صالح في الرياض في 23 نوفمبر 2011 على اتفاق نقل السلطة في اليمن في ضوء المبادرة الخليجية، ووقعت كافة القوى السياسية عليها، وانتقلت اليمن للمرحلة الانتقالية التي أثبتت الأيام أنها الأكثر دراماتيكية، حيث اتفقت الأطراف على تشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة من يمثلون حزب الرئيس صالح ومن يمثلون القوى الثائرة عليه في الساحات، كما أجريت انتخابات رئاسية حول الرئيس التوافقي كانت شبيه بالاستفتاء على الرئيس هادي وعلى المبادرة الخليجية وعلى المرحلة الانتقالية.

برز المشهد اليمني في التسوية السياسية كنموذج متقدم على المستوى الإقليمي والدولي، وذلك لاتفاق اليمنيين على تغليب مصلحة الوطن الذي يعاني من صعوبات جمه تكاد تفتك بكل مقومات استمراره وبقاءه، وجاءت المبادرة الخليجية ببنود عديدة جاء على رأسها إعادة هيكلة الجيش على أسس وطنية، والبدء بحوار وطني شامل يشارك فيها كافة القوى السياسية والاجتماعية والشبابية والمرأة، وشابت تنفيذ ذلك صعوبات كبيرة، كادت ان تفجر المشهد من جديد في اليمن، لولا تحكيم القوى اليمنية لمنطق العقل الحكمة، بالإضافة إلى دور الضغط الدولي على المشهد اليمني، واهتمامه بضرورة استمرار تحقيق التسوية السياسية لأهدافها، واستصدار مجلس الامن قرارين حول اليمن كان الأول رقم (2014) في أكتوبر 2011 والقرار الثاني رقم (2051) في يونيو 2012، واللذان أشارا بما لا يدع مجالا للشك الى التأكيد على التزام مجلس الأمن بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله السياسي وسلامته الإقليمية، والتأكيد أيضاً على إمكانية فرض عقوبات على الأطراف والقوى السياسية التي تعرقل مسار التسوية السياسية في اليمن.

- مؤتمر الحوار اليمني.

سارت اليمن في مارثون طويل من الصعوبات والعراقيل، فالوضع الاقتصادي المهدد بالانهيار والوضع الامني الهش، والجماعات والمليشيات الإرهابية المسلحة، وضعف الدولة في فرض هيبتها، كل ذلك ساهم ويساهم في تعكير مشهد التسوية في اليمن، ورغم هذا المخاض العسير والطويل، بدأ مؤتمر الحوار الشامل، والذي كان معد له ان يستمر لستة أشهر وإذا به يمتد لعشرة أشهر، سادتها الخلافات والمقاطعات والاحتجاجات والانسحابات والتوافق أيضاً، واستطاع اليمنيون تحقيق الحد الأدنى من التوافق والخروج بوثيقة الحوار الوطني، واختتم المؤتمر في 25 يناير الماضي، والتي توجت أهم قراراته في اختيار النظام الاتحادي الفدرالي لشكل الدولة اليمنية الجديدة، وتفويض رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة ذات قرار نافذ ونهائي لتحديد عدد الأقاليم التي تحتويها "جمهورية اليمن الاتحادية" وهو الاسم الجديد للدولة اليمنية، كما شملت وثيقة الحوار اليمني على موجهات للدستور القادم، وآليات أدارة مؤسسات الدولة وبناء مؤسستي الجيش والامن وفق منطلقات وطنية، وغيرها من القضايا ذات العلاقة بالعدالة الانتقالية وبناء الدولة والحكم الرشيد واستقلال الهيئات والحقوق والحريات.

وتم في العاشر من فبراير الماضي الإقرار النهائي لأقاليم الدولة الاتحادية في اليمن على أساس ستة أقاليم، أربعة في الشمال واثنان في الجنوب، وذلك بعد حوارات ونقاشات في كيفية الصورة القانونية والنظامية لتحقيق إدارة حديثة في الأقاليم تشرف بشكل مباشر على قضايا التنمية والتطوير والنهوض والأمن والاستقرار.

وفي ذلك أكدت اللجنة التي أقرت أقاليم اليمن أنها اعتمد التقسيم على أسس علمية راعت الواقع الحالي والتجاور الجغرافي وعوامل التاريخ والثقافة، واتسمت بمعايير الحياد وإعلاء المصلحة الوطنية في تكوين الأقاليم الاتحادية على أسس التكامل والاستقرار الاقتصادي، وأخذت أيضاً بعين الاعتبار لتجارب العديد من دول العالم الاتحادية.

ومن ذات المنطلقات والحيثيات التي رأت اللجنة أنها استوفت قناعاتها في تقسيم اليمن الى ستة أقاليم، كانت الانتقادات التي وجهت الى هذا التقسيم، حيث يؤكد الحزب الاشتراكي اليمني - شريك الوحدة والحزب الحاكم في جنوب اليمن قبل عام 1990م - عن تمسكه بخيار الإقليمين، ويرى ان هذا التقسيم المقر لن يفضى الى حل للقضية الجنوبية.

والسؤال الذي يفرض نفسه لدى المواطن اليمني البسيط الذي تجرع ويلات خلافات القوى السياسية واحتكام القوى التقليدية ذات النفوذ والمصالح بمقدرات الحياة والثروة والسلطة، هل ستوفر الأقاليم او الشكل الجديد للدولة العيش الكريم والأمن والصحة والتعليم؟ هل الحبر الذي كتبت به القرارات والوثائق يمكن ان يحقق آمال وطموح شعب ناضل ومازال. بالطبع (لا) بتكرارها مئات المرات، فاليمن بحاجة الى إرادة جماعية ليتمكن من مواجهة التحديات، يحتاج الى دولة قوية تستطيع تنفيذ القانون وبسط سيطرتها على سماء وارض اليمن، تحتاج الى مصفوفة كامل من الإجراءات منها المحلي ومنها الإقليمي والدولي لتتمكن من وضع قدمها على اول عتبات بناء الدولة التي ينشدها الجميع.

- التحديات التي لا حدود لها.

عند القرب من المشهد الفوضوي والمتقلب على رماد الأحقاد السياسية، والثارات القبلية، والحسابات التاريخية تبرز التحديات التي لا حدود لها، حيث تواجه اليمن تاريخ من الفساد الفكري والاجتماعي والسياسي والاقتصادي وأيضا الديني، توجه اختلال في القيم والأخلاق والوطنية، ساهم في ذلك الجهل الفطري والمتعمد من الحكام الذين لعبوا على تناقضات الشعوب، على مدى عقود طويلة، حيث كان الاستعداد حاضرا، ففقدت اليمن بسببه حضورها ودورها.

تواجه اليمن تحدي القدرة على التغلب على سعي الرئيس السابق صالح في المزايدة على تردي الأوضاع بعده، وكان هو السبب الرئيسي في مأساويتها، تواجه اليمن تحدي قدرة الدولة على فرض هيبتها على الخارجين عن القانون الذين يعبثون بحياة اليمنيين في ضرب محطات الكهرباء وخطوط أنابيب الغاز والنفط، وقدرة الدولة على الحفاظ على امن المواطنين، تواجه اليمن تحدي ضرورة بناء جيش وطني يكون ولاه لليمن ليس لقبيلة أو طائفة أو مذهب.

تواجه اليمن خطر الأيادي الإقليمية التي تعبث بأمنها ومستقبلها والتي تسعى لفرض واقع جديد في المنطقة عبر تغذية قوى طائفيه مسلحة، كما تواجه بالضرورة رغبة دولية بالسيطرة على دولة تحتل موقعا إستراتيجية في قلب أهم ممرات العالم البحرية، وتواجه اليمن حراكا جنوبيا غاضباً بحاجة الى معالجات حقيقية على ارض الواقع، وليس قرارات سياسية لا تخرج عن حيز العاصمة، معالجات يلمسها المواطن الذي فاض به الإقصاء والظلم وضياع الحقوق، وتواجه اليمن اخطر التحديات والمتمثلة في تنظيم القاعدة الذي يشكل الخطر الدامي.

*الأهرام اليومىخ-

باحث ومحلل حضرمي

التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح