عرض مشاركة واحدة
قديم 07-30-2014, 01:43 PM   #138
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

العربية اليمنية ملكية وقمهورية" اليمن وثقافة التحالفات " وصراع القبيلة


اليمن وثقافة التحالفات

7/23/2014 بدر محمد باسلمه
المكلا اليوم

لم تشهد أي دولة في التاريخ هذا التغير الكبير والسريع في تحالفات مراكز القوى والاحزاب وخلال فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز ثلاثة أعوام مثل ما هو حاصل في اليمن. حتى الاطراف الاقليمية والدولية اصبحت جزء من لعبة كراسي التحالفات, فهل الاطراف الاقليمية والدولية هي الاصل في توجيه لعبة كراسي التحالفات أم انها تحاول التكيف وفقا للمتغيرات في اليمن من أجل ان لأتفقد مصالحها ؟ .... ولكن الشاهد أن الخاسر الاكبر في هذا المشهد هو امن واستقرار البلد .... والخسارة تكبر حتى الانهيار كلما استمرت لعبة كراسي التحالفات, فمن سيكون المنتصر عندئذ الى جانب تنظيم القاعدة ؟

ثقافة التحالفات هي ثقافة متجذره في فكر شمال الشمال من اليمن, بين حاشد وبكيل , حاشد والامامة , حاشد والجمهوريين , صالح والقبليين , القبليين ورجال الدين, صالح والحوثيين , صالح والقاعدة , الاصلاح والقاعدة .... لم تقم شمال اليمن في يوم على اساس الدولة او النظام بل كانت التحالفات الانية ولأهداف قبلية وفئوية دائما وحتى اليوم هي الوسيلة للحكم , بل ان التحالفات هي الحكم بعينه. الا تقوم الانظمة للدول الاخرى ايضا على تحالفات ؟ بلى , ولكن تحالفات مكونات سياسية لتحقيق أهداف وطنية محددة , تحالفات لبرامج سياسية مشتركة , بينما في اليمن التحالفات قائمة على مصالح فئوية وقبلية وعسكرية او طائفية لا تخدم الا شريحة صغيرة من المجتمع ولفترة محدودة.

تاريخ التحالفات في اليمن قديم جدا ولكن ما يهمنا هي تلك التحالفات التي اثرت ولازالت تؤثر على مجرى الاحداث الان في اليمن ....

تحالفات ما قبل ثورة سبتمبر 1962م

تشكلت دولة الائمة الزيدية من تحالف ذراعي القوة العسكرية القبلية من حاشد وبكيل ورائسها الائمة, حيث اعتمدت دولة الائمة على هذا التحاف القبلي في التوسع خارج حدود حاشد وبكيل الى المناطق الوسطى والساحلية نحو تعز وتهامة. وقد شهدت نهاية هذه المرحلة توجه الامام يحي الى تقليص نفوذ قبيلة حاشد لأطماعهم المكشوفة ال تولي زعامة الدولة.

ثورة سبتمبر 1962م وحتى فترة صالح

مع إدراك قبيلة حاشد الى توجه الامام لتقليص نفوذهم, انقلبت حاشد على الامام وناصرت الجمهوريين في حروبهم ضد النظام الملكي لفترة ثمان سنوات حتى توصل الطرفان الى تحالف جديد بالمناصفة في الحكم والاكتفاء بخروج السلال ومحمد البدر خارج البلاد . لم يستمر هذا التحالف بين مشايخ الجمهوريين ومشايخ الملكيين كثيرا حيث انقلبت حاشد على مشايخ الملكيين مع بداية فترة صالح والتحالف الكبير بين صالح ومحسن والشيخ عبدالله الاحمر وبهذا التحالف تم تدشين مرحلة جديدة من تحالف امبراطورية الاحمر.

رئاسة صالح وحتى بداية القرن الواحد والعشرين

تميزت هذه المرحلة بتحالف رئيس وتحالفات فرعية, التحالف الرئيسي الذي كان يقود ويمتص موارد البلد هو التحالف الثلاثي لا لحمر ( صالح , محسن , الشيخ عبدالله ) وبغرض عمل توازنات ومصالح لإدارة البلد قام صالح بصنع تحالفات فرعية مع احزاب , حزب المؤتمر الشعبي كمظلة لتحالفات مع قوى مختلفة, تحالف مع القوى الدينية والقبلية وتشكيل حزب الاصلاح لضرب الحزب الاشتراكي, التحالف مع القوى القبلية والعسكرية في حربه ضد الجنوب 1994م.

شهدت هذه المرحلة بداية تحالف بين اطراف التحالف الرئيسي وعناصر من تنظيم القاعدة , استغل صالح ومحسن ورقة مكافحة القاعدة للحصول على مزيد من الاموال من السعودية والدول الغربيةوفي طلب المزيد من المعوناتالعسكرية بداية القرن الواحد والعشرين وحتى 2011م

شهدت هذه المرحلة شرخ في التحالف الرئيسي الثلاثي الذي يقود البلد, وقد بدأ هذا الشرح في الاتساع تدريجيا وحتى سقوط هذا التحالف بحرب صنعاء 2011م بين صالح من جهة وعلي محسن وعيال الشيخ عبدالله من جهة أخرى لتنتهي بالمبادرة الخليجية التي جاءت اساسا لانهاء حالة الحرب بين قوى التحالف الثلاث ..

بعد حرب عام 1994م وانتصار صالح , انتهج خطا سياسيا واضحا بهدف الاستمرار في الحكم ثم توريثه لنجله من بعده. هذا التوجه افضى الى تصدعات كبيرة في جسد التحالف الرئيسي, حيث شهدت مسيرة التوريث تساقط حلفاء حقيقيين لصالح في نظام حكمه اما بالموت او الازاحة. لكن الامر اختلف فيما يخص بيت الشيخ عبدالله الاحمر, فأبناؤه لم يقبلوا بالانقلاب على تحالف السلطة ورفضوا اسقاط حقهم في السلطة والثروة وهم يرون انهم الاوصياء على عرش الجمهورية اليمنية وانهم من ينصبون حكامه فكيف يأتي صالح ويريد ان يسلبهم هذا الحق ؟؟؟

أدراكا من صالح لقوة ودهاء محسن عمل على اضعاف القوة العسكرية له بزجه في ستة حروب عبثية مع الحوثيين وفي الوقت ذاته العمل على تعزيز قدرات الحرس الجمهوري والامن المركزي والقوات الخاصة, وهو ما دفع بأطراف التحاف الاخرى لتعزيز قدراتهم العسكرية حوالي صنعاء وبالتحديد في عمران وتخزين السلاح في لواء 310, ولهذا فسقوط عمران لاحقا كان الخاسر الاكبر فيها هما محسن وعيال الشيخ.

فنفوذ علي محسن وابناء الشيخ عبدالله الاحمر بين القبائل ورجال الدين والعسكريين دفع بهم في هذه المرحلة الى خلق تحالفات جديدة مثل المشترك لمواجهة مشاريع وخطط صالح للتوريث ليس ضد المبدأ ولكن رفضا لانقلاب صالح على مبادئ التحالف فيما بينهم ومحاولته الاستحواذ على السلطة والثروة فتطورت المواجهات بينهم لتفضي الى حرب صنعاء 2011م ولتنتهي بالمبادرة الخليجية التي جاءت اساسا لإنهاء حالة الحرب بين قوى التحالف الثلاث ..

المبادرة الخليجية وحتى نهاية مؤتمر الحوار

لم ولن يقبل صالح تخليه عن السلطة وانه لم يعد رئيسا لليمن ولن يقبل بانتصار أعداءه ( حلفاءه سابقا ) وتربعهم وتحكمهم بسلطة البلد... ولم يدخر كل الوسائل لتعقيد فترة حكم هادي واقلاق الامن والاستقرار فيها.. وامام هذا الواقع ومعرفة هادي بالقوة الحقيقية لصالح الجيش وبين القبائل خلق تحالف مع علي محسن والاصلاح بهدف اضعاف صالح... وهي مرحلة شهدت سيطرة اصلاحية على قرارات هادي مما دفع بالكثيرين للتساؤل فيما اذا كان هادي قد ارتمى في احضان الاصلاح كلية ؟؟؟الاصلاح رفض توسعة الحكومة بإدخال الحوثيين والحراك بموجب المخرجات وإقرارها وتعميدها من قبل المجتمع الدولي وكان يريد ان يتفرد بصنع والسيطرة على اليمن الاتحادي... ويبدو ان هادي لعب خلال الفترة على إدارة التوازنات بين أطراف التحالف الرئيسي ومحاولة تجنيب الدخول المباشر كطرف في هذه الصراعات وتجنيب الجيش الرسمي من المشاركة في أي حروب تنشأ بين أطراف النزاع او استغلاله من طرف الاخوان في تصفية حساباتهم مع أطراف أخرى,تماما كما فعلوا في العام 1994م حين تحالفوا مع صالح ضد الحزب الاشتراكي.

وأمام نشوة انتصار الاصلاح ومحسن وعيال الشيخ واعتقادهمبالأهمية المطلقة للدور الامريكي والقطري في المنطقة, انقلبوا على تحالفهم الاستراتيجي مع المملكة السعودية وشنوا هجوما شديدا على المملكة والاسرة الحاكمة معتقدين ان الربيع العربي ( الامريكي ) لا محالة قادم الى السعودية وانها مسالة وقت لأغير ... فبدلا عن السعودية عملوا على نسج تحالفات جديدة مع الدول الداعمة للإخوان, قطر ومصر وتركيا...

وبهدوء وخارج الاضواء مستغلين رفض الاصلاح لمشاركتهم في تشكيل الحكومة, بدأ الحوثيون في ترتيب قدراتهم وامكانياتهم في السيطرة اولا على صعدة ثم التحرك ببطيء لبقية المحافظات المجاورة دون اشعار الاطراف المتصارعة بحجم وخطورة مخططاتهم.

سقوط الاخوان في مصر وحتى سقوط عمران

شكل سقوط اخوان المسلمين واستيلاء الجيش في مصر على الحكم ضربة قوية للتيارات والاحزاب الدينية( الاخوانية ) في العالم العربي, امتد تأثير هذا الزلزال الى اليمن ليتأثر به بشكل واضح الاخوان والاحزاب الدينية الاخرى وكان تأثيره واضحا وقويا على حزب الاصلاح في استمرار ضعفه داخليا وخارجيا وعلاقته بالرئيس هادي وحتى سقوط عمران.

سقوط الاخوان في مصر والموقف السعودي والاماراتي الرسمي الداعم للسيسي, وموقف الدولتين المعلن ضد تيارت الاخوان في العالم العربي شكل نقطة تحول في مكانة وقوة حزب الاصلاح في اليمن وهو ما دفع بالرئيس هادي الى الخروج ببطيء من التحالف مع اخوان اليمن حفاظا على مصالح اليمن مع الدول المجاورة.... صالح المتربص وجدها افضل فرصة للنيل من أعداءه عبر التنسيق لتحالفات اقليمية لضرب اخوان اليمن وقياداته كما وجدها الفرصة الذهبية لعمل تحالف مع الحوثيين للنيل من الغريم المشترك بينهم علي محسن وعيال الشيخ عبدالله الاحمر, فكانت الانتصارات المتتالية للحوثيين ضد مسلحي حزب الاصلاح والقبائل الموالية لعيال الشيخ عبدالله الاحمر وحتى الانكسار الكبير في سقوط محافظة عمران وعاصمتها وسقوط اللواء 310 مدرع الذي كان يعتبر القوة الاحتياطية الاستراتيجية الضاربة للإخوان ولعلي محسن .

ما بعد سقوط عمران ؟؟

واقع وتحالفات ما بعد سقوط عمران من المؤكد انها ستكون مختلفة لان حيثيات الواقع وتوازنات القوى تغيرت تماما :
•اصبح الحوثيون المجموعة الاقوى في اليمن وبذلك فرضت ايرا نفسها بدور قوي في اليمن مستقبلا, اما ان يتم التعايش معها بشكل او يأخر مع الجارة السعودية او خلق تحالفات قديمة وجديدة لمواجهة الحوثيين وبالتالي جولة جديدة من الحروب الداخلية, كما ان زيادة نفوذ الحوثيين يجعلهم في موقع القوة للمطالبة بمنفذ بحري على البحر الاحمر ..ميناء ميدي.

•من الواضح ان ليس هناك على الاقل اعتراض من الجانب الامريكي على التمدد الحوثي في اليمن, فلم يشكل الحوثيين ولا الايرانيين أي تهديد للمصالح الامريكية بل ان التيارات الشيعية تقف بموقف عداء واضح ضد التيارات السلفية الجهادية والقاعدة, فمن الممكن ان يكون الحوثيين الوسيلة المناسبة لأمريكا في مواجهة مخاطر توسع تنظيم القاعدة في اليمن.

•تتفق مصالح صالح ومحسن وعيال الشيخ في هذه المرحلة بضرورة زج الجيش في اتون حرب مع الحوثيون وكل منهم له اهداف الخاصة, صالح يرى ان ورقة الحوثيين قد استخدمها في ضرب أعداءه حتى النخاع واصبحوا الان اقوياء ويجب اضعافهم حتى يبقى هو الاقوى في الساحة فلا يمكن ان يطمئن الى عدم الانقلاب على تحالفه معهم , بينما محسن وعيال الشيخ لا يجدون من وسيلة لاستعادة كرامتهم وهزيمة الحوثيين الا بإحدى البديلين , اما دخول الجيش في الصراع الدائر واضعاف الحوثيين او في الحالة الاخرى السعي لإعادة بناء التحالف من جديد مع صالح.... ومن الواضح ان مساعي الاخوان وصالح قد فشلت في جر الجيش الى معارك مع الحوثيين في عمران او الجوف وهي الخطة التي انتبه اليها هادي لإضعافه, ولم يتبقى مع الاخوان وصالح الا إعادة تحالف الدمار بين صالح ومحسن وعيال الشيخ وخاصة مع تخوف السعودية لتنامي قوة الحوثيين ومن وراءها ايران في اليمن وحاجتها الى تحالف قوي يوقف المد الشيعي , ولكن هذه المرة اذا كان هناك امكانية وحاجة لإعادة انتاج التحالف الدموي الرئيسي فانه سيتم بقواعد وشروط يفرضها الاقوى وهو صالح.

الموقف السعودي الصعب في رفضه للتواجد الشيعي الايراني القوي في خاصرته الجنوبية, هل يدفع به الى إعادة خلق التحالف الرئيسي في اليمن بما فيهم اخوان المسلمين ؟ ولكن هل يقبل صالح إعادة احياء التحالف القديم الرئيسي مع الاخوان او يمكن عمل ذلك بدون الاخوان ؟ واذا جرى العمل على بناء هذا التحالف, ما الذي انجزته الثورة الشبابية حتى الان ؟ وما هو مصير مخرجات مؤتمر الحوار والدستور الاتحادي القادم ؟اليست القضية الجنوبية ومخرجات الحوار وهادي هم اكثر الخاسرين في هذه الصفقة ؟
اذا لم يم توحيد الصفوف وعمل تحالفات واسعة حزبية وشعبية ضد مشاريع إعادة انتاج مراكز قوى التحالف الرئيسي, فان اليمن ستشهد فترة اخرى اكثر دموية من الاضطرابات والحروب.
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح