عرض مشاركة واحدة
قديم 04-17-2011, 02:13 AM   #212
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


الهوية الحضرمية والجهوية اليمنية

المكلا اليوم / كتب: الدكتور / احمد باحارثه 16/4/2011

لئن اعترفنا نحن الحضارمة باندراج أرضنا ضمن المفهوم الواسع لليمن الذي يشمل جغرافيًا معظم جنوب جزيرة العرب ، فإننا لا ينبغي أن نتناسى أن لليمن عند الآخرين مفهومهم المناطقي الجهوي جنوبًا أو شمالاً ، ومن ثم فإن بقاءنا مستقبلاً سياسيًا ضمن مفهوم اليمن يجب أن يحدده مدى سعة أفق جيراننا في الجهتين في الأخذ بهوية جديدة جامعة تعتمد على التنوع واحترام الخصوصيات بين كل أقاليم اليمن ومن بينها حضرموت .

فمنذ اندماجنا تحت مسمى اليمن بجهته الجنوبية ثم بجهته الشمالية ونحن في غبن من كلا الجهتين على السواء ، وليس صحيحًا أن تجاهل هويتنا وتاريخنا كحضارم قد نشأ بعد عام تسعين بل إنما هو تكريس لما كان هو حاصل أصلاً منذ 67 ، وهو ما لاحظه بعض كبار مثقفينا ممن رحلوا عن دنيانا قبل قيام الوحدة بين الجهتين ، فمثلاً تجاهل تاريخنا وأعلامنا في مقررات التعليم شكا منه الأستاذ محمد بن صافي السقاف (ت1989) حين قال في نهاية السبعينيات :

" أرى مقررات المدارس الابتدائية والثانوية ولا أرى من يذكر نصاً لأدبائنا وشعرائنا من أمثال شاعرنا ابن عبيد الله والحامد والشاطري والبار وباكثير وابن شهاب من هذه النصوص المليئة بها دواوينهم أو صحفنا ومجلاتنا القديمة كأن البلاد منها جرداء مقفرة " .

ذلك لأنهم لم يعترفوا بهذه الصحف والمجلات أصلاً لأنها ببساطة حضرمية وليست جنوبية بشهادة أحد سكان الجهة الجنوبية وهو الأستاذ عمر الجاوي الذي لاحظ غياب ذكرها في مؤتمر عقد في عدن عن الصحافة المحلية ، فقال :

" إذا كانت الدراسة تعني بالمحلية جنوب الوطن فلماذا تجاهلت الصحف والمجلات التي صدرت في حضرموت أو التي أصدرها الحضارمة في إندونيسيا وغيرها " .

إنها الهوية التي كان يفاخر بها الحضارمة قبل نكسة 67 بحضارة عاد وإرم وبلاد الأحقاف واللبان ، ثم استبدلنا بها حضارة سبأ ومأرب التي باتت أساطيرها تتلى علينا بكرة وأصيلاً ، وأبدلونا عن الأحقاف بجنتين تنبت البن والقات بديلاً عن اللبان والبخور ، وإذا نظرت إلى الشعار الجهوي فلن ترى فيه غير سد مأرب وثمرة البن .

كل ما في الأمر أن أصحاب الجهة الجنوبية قد أصابتهم لعنة الحضارمة فشربوا معنا بعد 90 من ذات الكأس الذي سقونا منها من قبل ، إلا إن هؤلاء كانوا أكثر تمردًا وجرأة منا فجأروا بقضيتهم الجنوبية وفتشوا عن هويتهم القديمة تحت مسمى ( الجنوب العربي ) ومن ثم نادوا ( وبكل وقاحة ) ودون أي مراعاة لأي جهة كانت بالاستقلال وفك الارتباط .

أما نحن الحضارم فمتواضعون جدًا ومأدبون للغاية ونحس بالآخرين ولا نريد أن نجرح شعور أحد ، ونخجل أن نظهر هويتنا المستقلة رغم تجذرها وأصالتها ، فما أن أعلنا عن مطالبنا حتى قمنا مراعاة للآخرين في الجهتين بصياغة عبارة ( تطمين ) فيما عرف بإعلان حضرموت فقلنا وبكل أدب وتواضع ( لا رغبة لنا في إقامة دولة مستقلة خاصة بنا ، وعليه فإننا لا نشكل تهديدًا لأحد ) ، وأنا لا أدري منذ متى أصبح الحضارمة مصدر تهديد لجيراننا ، سواء قبل انضمامنا معهم أو بعدها ، وما الذي تركناه لإخواننا الحوثيين ليقولوه وهم الذين يمتلكون كل أنواع الأسلحة الفتاكة والدكاكة ، وما الذي تركناه للجنوبيين وهم الذين ملأوا الفضاء بطلب الاستقلال ، أم إننا نطمئن الذين هم حريصون على ضم حضرموت أرضًا فقط لأجل سواد نفطنا لا غير ، حيث لا نفط لا مع الجنوبي ولا مع الحوثي !!

إنني لم أعد أدري من هو المتضرر من الآخر أنحن الحضارمة أم إخواننا في الجهتين ، وكل ما أعرفه حتى الآن أننا بهذه العبارة القصيرة نصادر سنين طويلة رزحنا خلالها تحت نير الجهتين ، ونحتاج منهم هم لبيان اطمئنان لنا لمستقبلنا الذي يجب أن نصيغه وحدنا دون تدخل أو وصاية منهم وتحت أي مبرر ، فهل سيتركوننا نفعل ذلك ثقة برسالة الطمأنة .

بل نحتاج منهما معًا لاعتذار لنا إن لم أقل تعويضات عما خسرته حضرموت وأبناؤها بسبب القبضة الحديدية التي حكمت بها من كلا الجهتين تحت تخبطات السياسة الرفاقية الجنوبية ووساوس العقدة الشمالية .

أقول أخيرًا إن مجلسنا الأهلي اليوم قد أصبح في مرحلة متقدمة سبق فيها السلطة المحلية من حيث شرعيته وشعبيته ، ومن ثم فإننا تحتاج منه ومن نظرائه خطابًا أقوى وأدق وأشمل لطموحاتنا ، أما إخواننا في سائر اليمن فنقول لهم بكل أدب واحترام : إن أردتمونا فأخرجوا أنفسكم أولاً من ضيق الجهوية إلى سعة الهوية ، أو .. ( كل حي يروح لحاله ) و( كل واحد يشوف مصلحته أحسن ) .
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح