عرض مشاركة واحدة
قديم 03-30-2013, 12:03 AM   #42
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


الحراك و بنعمر ... والإرادة الشعبية لأبناء الجنوب

عبدالوهاب الشرفي الجمعة 2013/03/29 الساعة 07:04:22


يضل موقف الحراك الجنوبي تجاه قضيته هو الموقف الاعلى إيجابية من بين الجميع تجاه قضاياهم . والسبب في هذا المستوى الاعلى من الايجابية هو جدية نخب وقيادات الحراك في تعاطيهم مع القضية التي يحملها الحراك الجنوبي . ولذلك لم يسجل على الحراك اي تنازلات في مطالبه , لا تحت تأثير ضغوط الخارج ولا تحت مخاوف وتخويف الداخل , ولم يسرّ " جوهريا " في الية للحل لا تلقى قبولا من الارادة الشعبية له .

استطاعت الارادة الشعبية للحراك الجنوبي ان تبقى نفسها بعيدا عن " تلوّيات " السياسة وعن تلوّن السياسيين , وان تبقي المواقف والقرارات تجاه قضيتها نابعة من وحي تطلعاتها , وان تسلم ازمّتها لنخب وقيادات ليس امامها الا الجدية في ادارتها لقضيتها اذا ارادت ان تستمر كماهي نخب وقيادات للحراك . فالحقيقة على الارض تقول ان قضية الحراك الجنوبي هي قضية جماهير الحراك وليست قضية النخب فيه . ويمكن القول ان لأبناء الجنوب طريقتهم في تكويّن اوعيتهم السياسية والاجتماعية وفي العمل من خلالها , وهي طريقة لا تتخذ فيها النخب والقيادات القرارات والمواقف للجماهير , وانما الجماهير هي التي تحكم قرارات ومواقف نخبها وقياداتها . وهذه الطريقة هي التي جعلت من الحراك الجنوبي نموذج مثالي في إدارة العمل الشعبي الواسع , حيث تودي فيه النخب والقيادات دورا تنظيميا مستجيبا للإرادة الشعبية ويتخذ قراراته من وحيها لا العكس , بحيث تتخذ النخب والقيادات القرارات والمواقف وتلقّنها للجماهير , والتي عليها ان تكيّف مواقفها ومزاجها بل وأرادتها بالكامل تبعا لقرارات ومواقف النخب والقيادات ,وهذه الاخيرة هي الطريقة التي تلقى استجابة لدى ابناء محافظات الشمال .

اختلاف الطريقة هذا بين ابناء المحافظات الجنوبية وابناء المحافظات الشمالية يأتي تبعا " للتركيبة المزاجية " المختلفة بينهما , ويمكن القول ان شريحة المجتمع من ابناء المحافظات الجنوبية هي صانعة قيادات , بينما شريحة ابناء المحافظات الشمالية هي صانعة اصنام .

كنت قد كتبت لفتة للمبعوث الاممي جمال بن عمر في صفحتي على الفيسبوك اثناء ترتيبه للاجتماع مع بعض قيادات الحراك الجنوبي في دبي , ناصحا له ان الطريق الاقرب لنجاح مقصده في ضم الحراك الجنوبي لمؤتمر الحوار الوطني هو التوجه للإرادة الشعبية للحراك الجنوبي , و ليس في اهدار جهوده لجمع نخب وقيادات الحراك لاجتماعه في دبي . و قلت حينها ان عليه ان يعود الى صنعاء ويعمل على ان يصدر فخامة الرئيس هادي مجموعة من القرارات الجدية والجريئة لمعالجة عدد من الاختلالات فيما يتعلق بالنفوذ والسلطة والثروات , وحينها فقط سيمكن له ان يبلغ مقصده ,وسيجلب جميع او اغلب قيادات الحراك الجنوبي الى مؤتمر الحوار الوطني .

عندما كتبت ذلك لم اكن اقصد " تكسير مجاديف " جمال بن عمر وانما العكس كنت اريدها ان تعمل , وكنت اشير له صادقا على الاسلوب الذي سيمكّنه من ان " يجيب نتيجة " , وان يسهم في" حلحلة " قضية الجنوب باتجاه الحل بشكل حقيقي لا بشكل ديكوري , وبشكل كامل لا بشكل ناقص , لأنه مهما حاول ان يرفع من سقف حصيلته – سواء في حضور المؤتمر او في النتائج التي سيخرج بها المؤتمر تجاه القضية الجنوبية - فلن يتمكن من ان يحل مشكلة الجنوب بعيدا عن الارادة الشعبية هناك , ولن يقضي على بقاء مشكلة الجنوب بشكل او باخر وبنسبه او بأخرى مهما فعل .

كنت اضع في اعتباري عندما كتبت ما كتبته , تلك النقطة المتعلقة بالاختلاف في " التركيبة المزاجية " لدى ابناء الجنوب عنها لدى ابناء الشمال , فعندما كان بن عمر ينجح في لقاءاته مع القيادات والنخب لمختلف الاوعية السياسية والاجتماعية في المحافظات الشمالية , كان ذلك لان الطريقة فيها هي ان قرارا ت ومواقف تلك النخب والقيادات هي التي ستنعكس على ارادة الاغلب في المجتمع وبطريقين , الاول هو الاستجابة لها وتكييف ارادة المستجيبين وفقها , والثاني التحول الى المراقبة ودونما معارضة جدية لها .

في ما يتعلق بالحراك الجنوبي كان على جمال بن عمر ان يعمل وفق الطريقة التي تناسب ابناء الجنوبية كي ينجح . كان عليه ان يسعى في " تطبيب " الارادة الشعبية لأبناء الجنوب عن طريق الدفع بإصدار مجموعة القرارات التي ستجعل الارادة الشعبية هناك تستجيب لذهاب لحوار ابتداء , لأنها اذا ما استجابت هي لذلك فهو ما سينعكس على القرارات والموقف نخب وقيادات الحراك التي كان يسعى للحصول عليها منهم , وكان سيسهل عليه ان يحقق النتيجة التي يسعى لها في جلب الحراك الجنوبي الى الحوار الوطني وفي حل قضيتهم كأحد نتائجه .

هذه " التركيبة المزاجية " لأبناء الجنوب تستوعبها نخب وقيادات الحراك الجنوبي تماما , وهي تعرف انها هي التي ستخسر اذا حاولت ان " تعزف " مع بن عمر منفردة بإرادتها دون ان يكون ذلك استجابة للإرادة الشعبية للحراك , وتعرف ان الارادة الشعبية تلك ستجاوزها اذا فعلت ذلك وستخلق قيادات جديدة لها , بينما لن تتأثر القضية الجنوبية باي " عزف " منفرد لهم .

وحده جمال بن عمر الذي لم يكن يعرف ذلك , وبالتالي لم ينجح في مسعاه مع نخب وقيادات الحراك الجنوبي .وما فعلته هي هو انها قسمت نفسها الى قسمين , قسم صغير " يطيّب نفس " فخامة الرئيس هادي و" نفس " بن عمر, تفاديا للأثار السلبية التي قد تلحق مساعيها لتكويّن موقف دولي متفهم تجاه القضية الجنوبية , بينما القسم الاكبر من النخب والقيادات بقي هناك لينظّم اداء الحراك الجنوبي على الارض وكما تريده الارادة الشعبية .

[email protected]
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس