حضرموت .. قادمة وإن طالت المسافات ؟!
31 - أغسطس - 2016 , الأربعاء 02:39 مسائا (GMT)
■ قد يجد البعض في الحوارات الحضرمية تطلع إلى الماضي اكثر منه تفكير في المستقبل .. هذا ما يبدو في حواراتهم المتقاطعة على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ، ومنها او اهمها مجاميع الواتس آب المشارك فيها مختلف الفئات و الشرائح ـ السمار و الجادون ، أهل الرأي و الهواة او على الاصح العاطفيون ـ المنساقون خلف عواطفهم و رغبويتهم إلى درجة التطرف في الرفض و القبول لمن لا يشاطرونهم حضرميتهم او يرون في دولة يمانية اتحادية .. لا يمنية ، حلا يمكن ان يستعيدوا من خلالها حضرموت كإقليم له خصائصه الجغرافية و الاجتماعية ، فضلا عن أبعاده التاريخية و الثقافية إلى درجة رفض الجنوب و المشاريع التي تطالب باستعادة دولة اليمن الديمقراطية او اقامة دولة الجنوب العربي الاتحادية ؟!.
هذه الحالة " الغليان " ليست بالضرورة العودة إلى الماضي ، ماضي السلطنات التي وجدت في ظل الامبراطورية العثمانية او خلال العزلة التي فرضتها تلك الامبراطورية على حضرموت ، ولا تلك السلطنات التي حددت مساحاتها او رسمت حدودها " شركة الهند الشرقية " لتضعها بريطانيا تحت حمايتها بمسمى " محميات عدن الشرقية " بل ولا حتى ماضي ما بعد سبتمبر 1967 أي ما بعد توجيهات بريطانيا لقوات جيش البادية الحضرمي بتسليم حضرموت لعناصر الجبهة القومية ، قبيل انسحابها من عدن في نوفمبر من ذات العام الذي تحولت خلاله حضرموت إلى ثلاثة ارقام في التقسيم الاداري لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية .
□ بكل تأكيد استعادة الماضي في الحوارات الحضرمية.. لا يعني ذلك الماضي القريب ولا البعيد بقدر البحث عن حضرموت ، في ماضي دور ومكانة حضرموت العربي و الإسلامي ، و هو أمر فرضه حاضر ميت لم يعد مقبولا الاقتراب من جيفته، التي ظلت دون دفن لأسباب استثمارية سياسية ـ محلية و اخرى يمنية واقليمية و دولية ، حتى تظل هذه الجيفة ـ الجنازة ، وسيلة لاستمرار قوى الماضي ، و كأنه لن يستطيع دفنها الا من تعود على روائحها النتنة ممن اسهموا في صنع هذا الحاضر ـ الميت او الجيفة .
ذلك هو الامس .. ولا اظن حضرموت متطلعة إليه و لن تعود من خلاله ، فلا حياة في الأمس ، ولا مع حاضر ـ يجتر أمسه ليهرب عن مواجهة مستقبله ، او يبحث عنه من خلال من نصبوا أنفسهم قيادات .. أو نصبوا رغم دورهم كأدوات لإنتاج هذا الحاضر ، والبقاء حراسا عليه رغم تحلله ، من خلال طروحاتهم في استعادة الدولة الجنوبية أو اقامة " دولة الجنوب العربي الاتحادية " و هي طروحات لا تخدم غير أطراف الأزمة و الحرب اليمنية ، الانقلابية أو الشرعية .. التي اضحت طرفا، مجرد طرف في مقاربة كيري وزير خارجية الولايات المتحدة.
هذه الشرعية اليمنية ، لم تعد طرفا الا في نظر المجتمع الدولي ..خصوصا بعد عجزها عن استعادة الدولة في عدن وحضرموت ، رغم كل هذا الدعم العربي لها و رغم أهمية عدن و حضرموت السياسية و الاستراتيجية في مواجهة الإنقلابيين ، هذا العجز السياسي و القصور الاداري مرصود من قبل المجتمع الدولي الذي ربما اعطى اشارات للإنقلابيين لكي يذهبوا إلى تشكيل المجلس السياسي ، لتصبح الشرعية مطالبة باستئناف المحادثات معهم و مشاركتهم حكومة وحدة وطنية كطرف في الأزمة و الحرب التي طالب كيري بضرورة توقفها ، و تسليم السلاح أطرافها إلى طرف ثالث ـ ربما كان أمريكيا من خلال الأمم المتحدة .
هذا الحاضر اليوم .. قد يكون مختلفا و يبعث الحياة في جثة ميتة و إن لم تغادر روائحها ، الا انها أي الجثة و إن بعثت فيها الحياة فلن تعدو عن كونها مصطنعة و قابلة للموت ، فهل نستطيع ان نغادر نحن هذه الحوارات و نفكر في كيفية دفن هذه الجثة ، و نبعث الحيوية في هذا الحاضر المتجمد و نحول الدعوات إلى الأمس حركة حية من أجل الغد ؟!
□□□
سؤال الاجابة عليه تكمن في تغير تفكيرنا من البحث عن حضرموت في الماضي إلى البحث عنها في المستقبل ، و من خلال الاجابة على سؤال : هل حضرموت قادرة على قيادة هذه المرحلة لدفن مشاريع استعادة الدولة اليمنية الديمقراطية و اتحاد الجنوب العربي السابق و المتجدد في جنوب عربي اتحادي ؟
من هنا نبدأ فحضرموت المؤهلة للاضطلاع بدور عمود بنيان الدولة الاتحادية اليمانية هي أيضا الأكثر مقدرة على قيادة الدولة الحضرمية من باب المندب و حتى صلالة جنوب سلطنة عمان .. الا ان هذا الدور يتطلب ان يدرك الاخوة الجنوبيون ان لا جنوب دون حضرموت وان حضرموت ليست رهينة بالمسميات الجهوية ، و بالتالي عليهم مغادرة نظرتهم الضيقة و تفكيرهم القاصر تجاه حضرميتهم ، و كما ان على الحضارم مغادرة البحث عن حضرموت في الماضي و التفكير في حضرموت من ميون إلى المهرة !!.
□□□□
حضرموت .. مؤهلة لقيادة مغادرة الماضي على ان يغير الحضارم تفكيرهم في الخلاص من ما وضعوا فيه منذ 1967 ويدرك الجنوبيون انهم الامتداد الاجتماعي و الجغرافي الحضرمي ، وبناء على ذلك مغادرة خوفهم افتقاد حضرموت .. بمعنى اخر على الجميع التفكير بجدية في مغادرة الماضي .. بكل طروحاته و شعاراته إلى مستقبل على حضرموت قيادته .. و إن تكاثفت المعيقات وتباعدت المسافات ؟!.
جميع الحقوق محفوظة لموقع الملعب 2013© تصميم و إستضافة MakeSolution.com