عرض مشاركة واحدة
قديم 02-24-2010, 09:59 PM   #12
سرحةالجامع
حال نشيط

افتراضي

أيها الأخوة المؤمنون :
_____________

إنكم تستطيعون أن تتصوروا كم أفاض ويفيض الله على أحب أحبابه من عطائه بدوام صلاته عليه

وهو شرف ما بعده شرف , فضلا عن صلاة الملائكة والمؤمنين من عرب وعجم على مر الأوقات واختلاف الأجيال ,

فلا تعجبوا بعد ذلك أن تكون رسالته الكبرى رحمة للعالمين من الانس والجن والملائكة وكل خلق الله تعالى 0

والفيض الذي يغمر الله به روح حبيبه الاول صلى الله عليه وآله وسلم ليس متقيدا بقيد الحياة الجسدية ,

فقد عقد الله له الزعامة على الأنبياء والمرسلين قبل أن يظهر برسالته على هذه الأرض :

فقال تعالى :

( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه

قال أأقررتم وأخذتم على ذلك إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين ) 0


وهذا يفسر لنا قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " آدم وما دونه تحت لوائي ولا فخر " 0

وقوله : " لو كان موسى حيا ما وسعه إلا اتباعي " 0

كما يفسر لنا لماذا حشر الله له ليلة الإسراء الأنبياء والمرسلين فصّلوا وراءه في بيت المقدس

مؤتمين به صلى الله عليه وآله وسلم ,

وفي ذلك يقول أمير الشعراء شوقي رحمه الله :

أسرى بك الله ليلا إذ ملائكة
والرسل في المسجد الأقصى على قدم

لما خطرت به التفوا بسيدهم
كالشهب بالبدر أو كالجند بالعلم

صلى وراءك منهم كل ذي خطر
ومن يفز بحبيب الله يأتمم

ونسأل الله في هذا الشهر المبارك أن يرد الينا القدس والمسجد الأقصى

وأن يدمر أعداءنا ويحرر سائر بلاد المسلمين من رجسهم إنه سميع مجيب 0


أيها الأعزاء :
______

إن مؤدى هذا الميثاق الذي أخذه الله على سادتنا الأنبياء والمرسلين وأخبرنا به رب العالمين أن

الإمامة العامة هي لمولانا رسول الله صاحب الذكرى حتى على أصحاب الشرائع التي سبقت

في زمانها ظهور رسالته , ومعنى الميثاق أن الله تعالى قال لأنبيائه ورسله الكرام : أردت أن تكونوا

أصحاب شرائع تدعون الناس بها إلى ربهم وإلى العمل بأحكامه 00

لكن سبقت مشيئتي أن يكون لكم كبير أختم بشريعته السماوية وهي شريعة تصدق شرائعكم وتزيد عليها ,

فإذا ظهر في أزمانكم كبير رسلي هل تؤمنون به وتكونون جنودا تحت لوائه وتنصرون دعوته وهل توجهون

أممكم إلى اتباعه وطاعته قالوا : نعم نقر بزعامته وإمامته علينا وعلى أممنا مادمت أنت ياربنا أردت ذلك ,

قال الله تعالى لهم فاشهدوا وانا معكم من الشاهدين 0

وقد يقول قائل لكن جاء في كناب الله عن أولئك الذين سبقوه :

( أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده ) 0

فكيف يتفق مع ذلك أن يكونوا هم مقتدين به ؟

ويجيب على ذلك شيخ التصوف الأكبر سيدي محيى الدين بن عربي فيقول إن الله تعالى قال له :

( فبهداهم اقتده ) 0 وهداهم هو شرعه لأنهم نابوا عنه في أممهم حتى يظهر شرعه في أمته

وهو صلى الله عليه وآله وسلم مأمور بشرعه , ولذلك لم يقل لهم : فبهم اقتده ,

بل قال : ( فبهداهم اقتده ) 0 وكلام سيدي محيى الدين بن عربي يدفع بقوة وهم الإشكال

الذي قد يبدو لبعض الأفهام القاصرة 0

فأي شرف هذا لمولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , حيث ظهر أخيرا فتقدم على الرسل الكرام

الأولين صلوات الله عليهم أجمعين 000 فكان كالعنوان يكتب آخر ويقرأ أولا , ذلك الفضل من الله وكفى به عليما ,

ولهذا قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه مخاطبا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :

" بأبي أنت وأمي يا رسول الله لقد بلغ من فضيلتك عند الله أنك كنت آخر النبيين بعثا وقُدِمت عليهم في القرآن " 0
فقال تعالى :

( وإذ أخذ الله من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا )0
أيها الأخوة المؤمنون :
___________

لقد أبرز كتاب الله الكريم فضائل سادتنا المرسلين صلوات الله وسلامه عليهم وقص علينا من أنبائهم ما ملأنا

إكبارا لهم وإعجابا بهم ونحن إن تحدثنا في فضل مولانا رسول الله عليهم , إنما نثبت لهم الفضل مع بيان فضله عليهم ,

وحاشا أن نقصد الإساءة إليهم أو الانتقاص من أقدارهم التي شاء الله أن تكون مرفوعة على الدوام ,

وإنما نتحدث بنعمة الله علينا وعليهم في إكرام الله تعالى لسيدنا صاحب الذكرى ,

وكيف نسئ إليهم وقد نهانا هو صلى الله عليه وآله وسلم عن ذلك حيث قال :

" لا تفضلوني على يونس بن متى " 0

وإنما خص أخاه يونس بالتحديد حيث نوه القرآن عنه بقول الله الكريم :

( فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم * لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء

وهو مذموم * فاجتباه ربه فجعله من الصالحين ) 0

وقد يشوه بعض الجهال بسوء فهم قصته الرائعة , فقد غضب لله واستنجد في بطن الحوت بالله ,

وقبل الله تسبيحه حين قال :

( فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون ) 0

وما كان أروع تسبيحه عليه السلام وقد بلّغه الله إلينا :

( وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك

إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه وكذلك ننجي المؤمنين ) 0
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس