عرض مشاركة واحدة
قديم 09-18-2010, 08:48 PM   #5
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

.

لا نستطيع أن نجزم بأن منظومة الملاح باطايع هي المنظومة الحضرمية الأولى أو ان باطايع كان له السبق في النظم لهدي ربابنة البحر السبل لمجاري البحر عبر الموانئ الافريقية واليمنية ، ربما هناك من الرباعيات القليلة لشعراء تعاطوا البحر وعملوا كبحارة بين الموانئ ـ و ذهبت منظوماتهم مع أدراج الرياح واختفت وتلقفتها أيادي الضياع.

ولعل البحث عن مثل تلك المنظومات الرباعية والعثور عليها ، سيكون من شأنه مفيدا للمهتمين بدراسة هذا الجانب من العلوم الملاحية البحرية عند الحضارمة .

ونحن في سياق الكتابة عن المعارف البحرية والملاحية عند الحضارمة لابد من وقفة أخيرة ، والاشارة الى آخر المنظومات البحرية التي وصلتنا ، وفي رأي أنها تعد من أهم الرباعيات الطويلة والشاملة حيث زادت عن 250 رباعية ، وهذه الرباعيات نظمها الشاعر المعروف محمد بن أحمد بن هاوي باوزير الملقب (( بأبي سراجين )) والمتوفى سنة 1997م بغيل باوزير .

والشاعر ( بوسراجين ) من شعراء الشبواني وله قصائد مسرحات تناول فيها أغراض الشعر الشعبي الحضرمي ، وهو ايضا شاعر غني عن التعريف ، وله أهتمامات في توثيق جوانب من التراث نظما ، وقد قال في احد رباعيات منظومته البحرية والملاحية أنه استسقى معلوماته عن الملاحة وما يخص السفن وعوائد البحر ، من ملاح من الحامي اسمه ( محمد عبدالله باعباد ).

هاذي المجاري نقلناها من الصمصوم =عارف مجاري السواعي خورها وقدوم
قائد محــنك وعنـــده كل شي مفهــــوم =كمـــين مرة الى البصـــره يوديهــــــــا
محمد الجـيــــد عـبــدالله وباعبــــــــاد = زوده بالمعــرفـــــه ياخـير والله زاد
يعرف مجاري السواعي والذي يعتـاد =عــز النواخيذ والحامي سكن فيهـا

إلا أنه عاد ليؤكد في أحد رباعياته أنه عمل ايضا في شبابه في المراكب الشراعية 16 سنه بحري ، ثم عمل غواص وصياد وخدم 12 عام في القوارب .

أنا خدمت في البحر ستعشر سنه بحري =الناس تشهد وبن هيان يشهد لي
وبن سبــيتي عوض هـو بالخبــر يدري =.كاتب معانا وهو يكتب مساعيها
ومنظومة الشاعر محمد بن أحمد بن هاوي باوزير ( بوسراجين ) تأتي من حيث الأهمية أنها منظومة شاملة مهمة ومفيدة غطت رباعايتها الطويلة ( 250 رباعية ) شتى النواحي التي تتعلق بالبحر بدءا من صنع الساعية من ( الهيراب ) الذي يعد ساس السفينة حتى آخر لوح فيها.

وذكر الشاعر بوسراجين عادة كان الحضارمة يحرصون عليها وهي في حال الانتهاء من صنع الساعية الكبيرة حمولة سبعة او ستة آلاف فإنها تتوجه اول رحلة لها نحو البصرة (( يوشرونها للبصرة )).

أما لماذا البصرة بالذات ؟؟

يعلل ( ابوسراجين ) ذلك ان البصرة كانت تشتهر بانتاج التمر وكان التمر يعبأ فيها في عبوات تسمى الواحدة قوصرة ووزن القوصرة الواحدة خمسة امنان فإذا استطاعت الساعية حمل 700 قوصرة يحول الحساب الى الامنان و تكون سعتها (( 5×700 = 3500 من )) والمن وحدة قياسية تساوي 28 رطلا ، ثم يتم تحويل وزن سعتها من الأمنان الى الأطنان ، ويتم كتابة ذلك في البيانات الرسمية للساعية المنافيس إذن الغرض من رحلة البصرة هو جلب التمر والتحقق من السعة الوزنية التي تتحملها الساعية . ولهذا يقال ساعية حمولة سبعمائة ، أو ستمائة .

بدأ الشاعر بوسراجين رباعياته كعادة الشعراء في حضرموت باستهلال ديني جميل قال:

بديت بك واطلبك وانته كــــــــــريم الجود = فردا صمد وانته لي في كل محل موجود
ومرزق الحوت لي يرعى البحور السود =وتعلم أســــرار نكتمهــــا ونخفيهــــــــا

ثم تخلص من الاستهلال الديني وبدأ من الرباعية العاشرة في وصف أجزاء السفينة وقال:

وبعد يامستمع اسمع وكن صاحي =باطرّح أبيات من ظلمات كن واعي
بوشر سفينه معي شلمان ولواحي =.ومعي معلم الذي يعرف معانيهــــا
فوق التــــرم ياالمعلم مــد لي هيــــراب =قايس وسحته بالبلطه وانته حاب
وحسب حسابك وكل شي له قدر وحساب =حكم سواسك وعلي في مبانهيا

لقد وصف ( بوسراجين ) أجزاء السفينة وصفا دقيقا فكان وصف العارف الملم ، بل زاد على ذلك بنظرة الشاعر الذي يجيد الوصف ، ولاتفوته شاردة ولا واردة تخص السفينة ، وكما ذكر الملاح سعيد باطايع آلة بحرية كانت شائعة الاستعمال في عصره تسمى (( الباطلي )) تقوم بحساب المسافات ، فإن الشاعر بوسراجين اضاف أن وصف لنا الساعة الرملية التي عدها جزءا من الآلات الموجودة بالسفينة قال :

وعاد ســاعه معــاهم شــغلها ثاني =في وسطها رمل تمشي ياالعول ساني
لاغلق الشق نكش عاشقها الثاني =من زام فرعون واصـحــــابه يلقيهــــا

وبعد الانتهاء من صناعة السفينة ( الساعية ) واستكمل تجهيزها يحرّص الشاعر بوسراجين في رباعياته على حسن اختيار طاقم السفينة (( البحرية )) وعادة لا يقل طاقم السفينة عن اربعة عشر رجلا ويتكون الطاقم من (( نوخذة واربعة سكونية ، ومن تقع عليه مهمة الاهتمام بالدقل ، ووكيل وظيفته اخراج المصروف والمساعدة ، و كاتب ( كراني ) مهمته الحرص على تسجيل وكتابة أموال الناس في السفينة ، وغواص مهمته تفاقد جسم السفينة وحبالها في البحر، ايضا لم يهمل الشاعر ابوسراجين وجود من مهمته الترفيه على البحرية في شل الاصوات ( الغناء ) الخاص بالبحر والضرب على المرواس ليشد بأس البحرية ويرفه عليهم في سفرهم الطويل ، ايضا لم ينسى أن هناك من الذكور (( الأثنيين )) وكما يسمون في الاصطلاح المخلي ( خوينه ) يفضلون العمل في السفن طباخين يقول بوسراجين :

كراني الساعيه يكتب موال الناس = وعاد واحد يشل الصوت بالمرواس
لاشلوا الكف بالكاسر يشد الباس =وعــــاد وحده ( خوينيه ) نسيناهـــا
تطحن طعام العشاء وتساعد السقلان= وتنقل الخبز وتحطه في المهيان
وتطحن البسط بالبكره مع المـــدّان =ولها مغاني مع الشعله تغنيهـا

استمع الى الشاعر ابوسرجين يلقي بصوته جزءا من رباعياته والمتعلق بوصف اجزءا السفينة


التوقيع :
  رد مع اقتباس