عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-2006, 01:22 PM   #17
الدكتور أحمد باذيب
حال قيادي
 
الصورة الرمزية الدكتور أحمد باذيب


الدولة :  المكلا حضرموت اليمن
هواياتي :  الكتابة
الدكتور أحمد باذيب is on a distinguished road
الدكتور أحمد باذيب غير متواجد حالياً
افتراضي الشاي في التراث الحضرمي : بقلم قمران


تذوق شاي السماور (البخاري) الحضرمي

------------------------------------------------------------------------

تحية مفعمة برائحة التراث..،،
من المعروف أن شراب الشاي شراب شعبي منتشر في شتى دول العالم .. وشجرة الشاي من النباتات الاستوائية تنمو في ظروف مناخية مناسبة لها .. وقد ساهمت الإمبراطورية البريطانية في نشر شراب الشاي في الدول التي كانت تستعمرها ..
وغدا للشاي عند الإنجليز جلسة خاصة تسمى ( after non tea) شاي الظهيرة .. وتفنن الإنجليز في تنمية وتطوير زراعة وصناعة وتعبئة الشاي في الدول التي كانوا يستعمرونها ( سيرلانكا والهند وشرق إفريقيا وغيرها من الدول .
وفي القرن التاسع عشر الميلادي دخل الشاي إلى حضرموت على استحياء بواسطة المهاجرين الحضارمة القادمين من جاوا ( إندونيسيا) والهند .. وكانت عادة شرب - قهوة البن - عادة شعبية منتشرة بين جميع الطبقات الاجتماعية .. فالقهوة مشروب رخيص الثمن وسريع التحضير في مجالس الأغنياء والفقراء والبادية والحضر على حد سواء .

والشاي الحضرمي يطبخ في وعاء يسمى ( السماور) نسبة إلى بلدة سماور أوكما يسميه البعض ( البخاري ) نسبة الى بخارى وهما من مدن دول آسيا الوسطى فيما يعرف بالإتحاد السوفييتي سابقا . باسعار باهضة من أجل تحضير الشاي. واكتسابه النكهة والطعم المميز.
وتنافس الناس في شراء أواني ( العدّه (الخاصة بتحضير الشاي والعدة مجموعة الأواني من سماور وأباريق وفناجين وصحون وملاعق وغيرها لغرض تجهز وتحضير هذا الشراب الشعبي الذي احتل في الوجدان الحضرمي محلا ساميا وأصبح شرطا يلزم به كل عريس لعروسته . واحتلت جلساته منزلة لا منافس لها .
واليوم نافس الشاي ( العسل الحضرمي ) في المكانة الأدبية التي احتلها في الشعر الشعبي وذلك يعود أن العسل غالي الثمن بينما الشاي رخيصا في ثمنه
زد أن العسل في زماننا هذا صار عرضة للغش بنما لا يخضع تحضير الشاي للغش .
أيضا أن العسل ليس له تقاليد وطقوس في تحضيره وجلساته مقارنة بالشاي الذي احتل هذا الجانب عن جدارة وتفوق .
وهذا الجانب للشاي جعل من الشعراء يفضلونه على كل مشروب عرفوه .

ففي إحدى الأغنيات الطربية الشهيرة نسمع ذكر الشاي البخاري مقروناً بوجود الأحبة:

ودي بسمْرة أنا وإياه = في وسط بستان وألا بانظلي..
شوف البخاري على يمناه = .من كاس هاني يسقينا وبسقيه..

وفي أخرى:

ياصاحب الشاهي تفضل = أسقتنا من كاس شاهي هني..
فنجان من شاهيك يطفي = لوعتي يازين الفنون..
و يقول ىخر
يافرحة الخاطر إذا شفته معدي.. = باينبسط بـُه قلبي المحزون
وبأطفي أحزاني ومن شاهيه بأتهنى بشربُه = وبألتذ ّ بحنّات الملاعق في الفناجين !

وعلى ذكر الملاعق ..فإن من عادات شرب الشاي في حضرموت أن يتم شرب الشاي بوجود الملعقة الصغيرة الخاصة به في الكأس أثناء الشرب ومن المعيب أن يخرجها الشخص وينحيها جانباً !! ولذلك مسكة خاصة يتقنها الجميع حتى لا يتسبب ذلك بمشكلة أثناء الشرب

والشاهي البخاري ليس كأي شاي إذ لابد عليك أن تنتظر طويلاً حتى يصلك ..فعملية غلي الشاي تتم عبر البخار المتصاعد من ( السموار) وهو الجهاز المستخدم خصيصاً لهذا الغرض ولابد من كتم إبريق الشاي بقطعة قماش وقد تطول المسألة لأكثر من نصف ساعة ..والجميع ينتظر برضا تام.!
الجميل هو كأس الشاي اللذيذ بعد هذا الانتظار..حيث يبقى الماء المغلي أسفل البيالة وتعلو طبقة الشاي الكثيفة هامة " البيالة" وهناك من يشرب تلك الطبقة لوحدها دون خلطها بالماء !! يكون منظرها أكثر من رائع..وطعمها هو طعم الشاي حقاً..لا يشبهه أي شاي آخر ..
وهذه الصورة ..لعدة " مصغرة" للبخاري في حضرموت...

وليس من قرأ كمن ذاق
  رد مع اقتباس