عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-2006, 01:25 PM   #18
الدكتور أحمد باذيب
حال قيادي
 
الصورة الرمزية الدكتور أحمد باذيب


الدولة :  المكلا حضرموت اليمن
هواياتي :  الكتابة
الدكتور أحمد باذيب is on a distinguished road
الدكتور أحمد باذيب غير متواجد حالياً
افتراضي

وقد كتب ابو عوض الشبامي عن الشاي
http://www.alshibami.net/saqifa/show...D3%E3%E6%C7%D1

الشـــاي في الأدب الحضـــرمي...!!!

--------------------------------------------------------------------------------

.

من المعروف أن شراب الشاي شراب شعبي منتشر في شتى دول العالم .. وشجرة الشاي من النباتات الاستوائية تنمو في ظروف مناخية مناسبه لها .. وقد ساهمت الإمبراطورية البريطانية في نشر شراب الشاي في الدول التي كانت تستعمرها ..
وغدا للشاي عند الانجليز جلسة خاصة تسمى ( after non tea) شاي الظهيرة .. وتفنن الانجليز في تنمية وتطوير زراعة وصناعة وتعبئة الشاي في الدول التي كانوا يستعمرونها ( سيرلنكا والهند وشرق افريقيا وغيرها من الدول .

وفي القرن التاسع عشر الميلادي دخل الشاي الى حضرموت على استحياء بواسطة المهاجرين الحضارم القادمين من جاوا والهند .. وكانت عادة شرب - قهوة البن - عادة شعبية منتشرة بين جميع الطبقات الاجتماعية .. فالقهوة مشروب رخيص الثمن وسريع التحضير واحتلت ركنا مهما في زوايا الصوفية وجلسات الصالحين وحلقات الذكر والموالد ومجالس الاغنياء والفقراء والبادية والحضر على حد سواء .
وفي بدء دخول شراب الشاي تبنت تحضيره وشرابه الطبقات الميسورة والغنية وذلك نظرُا لتكاليف تحضيره الباهضة من شراء اوراق شجرة شاي والسكر الذي كان يجلب من اراضي بعيدة ايضا طول مدة وفترة تحضيره وتجهيزه .
ولكن سرعان ما بسط الشاي نفوذه وحضوره على التقاليد الاجتماعية الحضرمية وغدت جلسات الشاي تقليدا اجتماعيا حضرميا مميزًا يوحي بالذوق الرفيع في لحظات الراحة والضيافة والفن .. وتبارى الخاصة من الناس والعامة منهم في استحداث وابتكار طقوس تحضيره والتأنق في طبخه وتحضيره . وجلب وشراء ( السماور ) نسبة إلى بلدة سماور أوكما يسميه البعض ( البخاري ) نسبة الى بخارى وهما من مدن دول آسيا الوسطى فيما يعرف بالإتحاد السوفييتي سابقا . باسعار باهضة من أجل تحضير الشاي. واكتسابه النكهة والطعم المميز.
وتنافس الناس في شراء اواني ( العدّه ) الخاصة بتحضير الشاي والعدة مجموعة الأواني من سماور وأباريق وفناجين وصحون وملاعق وغيرها لغرض تجهز وتحضير هذا الشراب الشعبي الذي احتل في الوجدان الحضرمي محلا ساميا واصبح شرطا يلزم به كل عريس لعروسته . واحتلت جلساته منزلة لا منافس لها .
واصبح للحضارم في وادي حضرموت ولعا شديدا بشرب الشاي وتأنق كبير في طبخه وإدارته وتفنن في أدواته وجلساته واستعماله وتأنقوا فيه كثيرا حتى انهم اختلفوا في كيفية صبّه فأختار بعضهم أن يكون ثلثين من الكأس وان يبقى أعلاه فاضي ولكن من يدعي أنه اكثر تأنقا وتفننا فإنه يفضل الشاي أن يكون في نصف الكأس وان يبقى أعلاه فارغا وفي ذلك يقول شاعر حضرمي :



ولكن العلامة عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف يفضل ان يكون كأس الشاي ممتلئا ( دهاقــًا ) اشارة إلى قوله تعالى ( وكأسا دهاقا ) أي ممتلئــًا ..وحين سمع الشاعر العلامه بن عبيد الله هذا البيت رد عليه

وللشاعر عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف قصيدة جميلة يصف فيها جلسة شاي قضاها في روضة من رياض النخيل في ( قرن سيئون )

وهكذا يقر الشاعر عبدالرحمن بن عبيدالله السقاف باعجابه لمنظر الشاي وهو يحتل انتصاف الدنان ويبدو ان كل الحضارمة يشاطرونه هذا الاعجاب ومن بينهم ابي عوض الشبامي والذي له ولع بالشاي خاص يقر فيه ان انتصاف فناجين الشاي دليل على افتنان من تكلفت بصنعه وتحضيره وصبه
والغواني الحسان واللواتي يجلسن خلف ( عدة الشاي ) كم اوحين من جلساتهن وصبهن للشاي للشعراء بقصائد رقيقة تفيض بالمشاعر الجميلة كالقصيدة التي قالها الشاعر صالح بن علي الحامد وسماها ( الشاي ) يبرر العلة من أن لا يكون كأس الشاي ممتلئا ( دهاقـًا ) ويصف إنتصاف الشاي في الكأس حتى خيل له من شفافية الفنجان في يد ساقيه كأن الفنجان يقوم بذاته يقول :
نعطف على الأدب الشعبي من شعر الدان لنستمع ما تعنيه حنات المعالق عند هؤلاء العاشق وما هي مدلولاتها عندهم ... إذ لا تطيب جلسات سمر الدان الحضرمي دون جلسة الشاي وطقوس تحضيره ...
و لا يحلى سمر للعشاق إلا مع رشفات الشاي و للشاعر العاشق خواطر ومشاعر يسجلها لحظة إجتماع المحب و السماور منتصبا شامخا يتوسط العدة ليضيف رونقا للجلسة ويشكل مصدرًا رومانسيا تفيض منه ينابيع الألهام سوى للشاعر والمغني أو العاشق والمحبوب . و اذا كان الشاعر صبا مولعا بضنينه ومحبا لا ترق له المتعة الحسية ولا تكتمل جمالية الجلسة واللقاء والوصال الا بوجود محبوبه عند جلسة الشاي وهذا ما قاله الشاعر مستور حمادي

إلاّ ان الشاعر الشعبي سليمان بن عون يرسم لنا لوحة جميلة من لوحات شعر اغاني الدان الحضرمي وفيها يصور محب عاشق وحبيبة معشوقة جمعتهما جلسة شاي وامام زحمة ( عدّة الشاي ) يختار شاعرنا فنجان واحد فقط منها ليتناوبا الرشفات منه تارة هو وتارة محبوبته ذات الأنامل المخضبة

حقا إنها صورة من صور جماليات شعرنا الشعبي لا يدرك كنة معناها إلا عاشق مجرب ومحب مولع وفنان مبدع ...!!!
ولكن حين تفرض التقاليد الاجتماعية سلطانها واعرافها ويصبح الوصال محالا ... وخاصة إذا كان المحبوب في قصر عالٍ وتضيق السبل على العاشق فلا يدرك حيلة تعجل بساعة الوصال فما على العاشق سوى التصبر وخاصة حين يطوف حول دار من يحب خلسة و يسمع حنين المعالق في الفناجين ويزداد فؤاده الملتاع حنينا الى ربة هذه المعالق والفناجين ويتمنى ان يخلط كأسه كاساتها
أما الشاعر مستور فإن حنات المعالق في الفناجين تبعث فيه قلبه لواعج الشوق الى محبوبه وتهيج الذكريات فتتحول الثواني والدقائق الى جمرات في دمه والسبب أن وليفه ترك عظمه مدقدق

نافس الشاهي ( العسل الحضرمي ) في المكانة الأدبية التي احتلها في الشعر الشعبي وذلك يعود أن العسل غالي الثمن بينما الشاي رخيصا في ثمنه
زد ان العسل في زماننا هذا صار عرضة للغش بنما لا يخضع تحضير الشاي للغش .
ايضا أن العسل ليس له تقاليد وطقوس في تحضيره وجلساته مقارنة بالشاي الذي احتل هذا الجانب عن جدارة وتفوق .
وهذا الجانب للشاي جعل من الشعراء يفضلونه على كل مشروب عرفوه .
وشاعر الدان حداد بن حسن الكاف من هؤلاء الشعراء الذي خظي الشاهي بطعم ونكهة خاصة عندهم وتلذذوا بطعمه وشربه ولحظات جلساته مع من يحبون فكان الصفاء والهناء واطفاء للوعة كالتي وصفها حداد بن حسن ب ( كير في باطني مرشون ) وقوله :




حينما كان الشـاي مقتصرا على الطبقات الميسورة كان يعد شربه من مظاهر النعمة ولا سيما حين يمزج مع الحليب ( شاي لبن ) وهو شراب من كان يحظى بالتدلل عند أهله وخاصة من صغار السن وحين يكون المحبوب صغيرًا في السن فإن أهله يدللونه بهذه السقيا التي عبر عنها الشاعر في كلمات تلك الأغنية التي غناها الفنان محمد جمعه خان

التعديل الأخير تم بواسطة الدكتور أحمد باذيب ; 09-01-2006 الساعة 01:34 PM
  رد مع اقتباس