[حد من الوادي]

التاريخ القديم لا يحدد الشعوب اليوم ولا يسقط ارادتها

بواسطة انور سلطان , 22 فبراير 2014,

انور سلطان

للتاريخ القديم اسبابه وشروطه ومنطقه الذي يختلف عن منطق وشروط واسس التاريخ الحديث وقيام الدولة الحديثة. والتاريخ القديم المشترك وغير المشترك لا يعطي لاحد حقا اليوم في الغاء ارادة الاخر وفرض ارادته. والا لاصبحت دول اليوم باطلة وغير شرعية.

الاسماء الجغرافية والتاريخ القديم مسائل لا تحدد الشعوب بالفهوم السياسي الحديث، بل يحددها ارادتها وتاريخها المشترك القريب. هناك عوامل واحداث خلقت الشعوب بالمفهوم السياسي الحديث وخلقت دولها، وهذه لها الاعتبار الاول لانها ترتبط بمصالح هذه الشعوب الان، فالشعوب اليوم وليدة تاريخها الحديث، وليست وليدة التاريخ القديم.

(يمكن اعتبار التاريخ القديم تراث بشري وملك للبشرية قبل ان يكون ملكا لشعب بعينه اليوم، الا اذا كان محصورا في ارض هذا الشعب اليوم، ولم يهاجر هذا الشعب للخارج او تاتي هجرات خارجية الى ارضه بعد احداث التاريخ القديم الذي صنعه اناس سكنوا هذه الارض. اذ التاريخ القديم صنع اناس اختلطوا بغيرهم واختلط غيرهم بهم على مر التاريخ، وفوق هذا له منطقه المختلف).

هذا رد لمحاولة تزييف التاريخ لالغاء اراة الشعب الجنوبي اليوم. فاليكن ما تقولون صحيحا بشان التاريخ، فما قيمته السياسية اليوم؟ هل الاصل التاريخ القديم، ام الاصل هو الشعب وارادته، والانسان صانع التاريخ وصاحب الجغرافيا.

هناك جانب حضاري في التاريخ القديم، جانب الفلسفة والعلم والهندسة والفن، وهو نتاج اناس بعيدين عن السياسية والحروب (وهو تراث انساني عام اليوم) وهناك جانب مظلم هو الوضع الانساني والجانب السياسي الدموي الذي يقوم على حق القوة واستباحة كل شئ، وتقسيم الناس الى فئة لها كل الحقوق حتى أكل لحوم الفئات الاخرى والمجتمعات الاخرى، وفئة مستضعفة لا قيمة لها تعتبر احط من الحيوان. والذي يميز بين الفئتين هو امتلاك القوة والقدرة على السطو.

ولكن اصحابنا يتحدثون وكأن التاريخ القديم مقدس وصحيح ويمثل الحق المطلق. والحقيقة ان التاريخ القديم قام في اساسه على الغزو والظلم والقهر والاستعباد والاسر والقتل والنهب والسلب وحرق المدن العامرة وتخريبها.

وهذا ما عبر عنه القران على لسان ملكة سبأ -التي خربت دولتها مملكة اوسان وعملت قتلا وسبيا وتحريقا- واكده القران بقوله: (وكذلك يفعلون).

{قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ} [النمل : 34]

انور سلطان
22\2\2014