عرض مشاركة واحدة
قديم 08-17-2012, 12:28 AM   #563
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


حضارمة يتناولون السياسة .. ويلوكونها

8/16/2012 المكلا اليوم / الرياض / كتب: سالم عمر مسهور

مقدمة

السياسة فن منع الناس من التدخل فيما يخصهم. - بول فاليري

مع ختام شهر رمضان الفضيل وجدت الضوء الذي في آخر النفق ، فعلى رغم انها الليالي الأخيرة وعلى رغم كثير من المنغصات فقد وجدت ما لم أجده على مدى سنين ، وعلى هذا سيكون الحال والمقال ، وبه سبحانه نستعين ونتكل ...

الكوب الفارغ

لطالما عرفنا معشر الحضارمة في مجالسنا حديثاً طويلاً عن السياسة ، حديثاً يمتد بنا في غالبه من نقطة البداية في سبتمبر 1967م ، فمن هنالك بدأت حضرموت رحلة الشقاء السياسية ، ومن هنالك فقط تتشكل في مجالسنا تعبيرات الحزن والبؤس الحضرمية ، ونحن كغيرنا من الشعوب نتباكى على ما هو فارغ من الكوب متجاهلين في داخلنا أننا قد شربنا هذا الجزء من الكوب ودخل في احشائنا ، وأنه ـ أي ما شربناه ـ أصبح جزء من دمنا ودخل إلى خلايانا وامتصته عظامنا وتغلغل في عقولنا ، حالة مفرطة في الحزن تأتي في غالب المجالس الحضرمية بل وحتى العربية إلا ما استفاقت على ما أشعل بع محمد البوعزيزي نفسه في حين غفلة من كل العرب ليستفيقوا على واقع آخر لم يألفوه من قبل ...

أن جرجرة التاريخ البائس ، وتفنيد لحظاته العابسة ليس عملاً سياسياً بمقدار ما هو تبديد لطاقات ومدارك العقول ، بل هو تنفيس لنفوس تحمل في خواطرها حجماً هائلاً من تراكمات التعب والحزن والغضب ، لذا نأتي في عمومنا وخصوصنا إلى المجالس ونحن نريدها رغبة لتفريغ مخزونات توازي مخزونات النفط الأمريكية التي تحدد سعر براميل النفط في الأسواق العالمية ، تقريع للتاريخ ، وتقريع لمّن عبثوا في تاريخنا ، بكاء وعويل وكثير من نواح نمارسه جلداً لتواريخ بائسة ، ولا أنكر أنها محفز لأولئك الغارقين في عوالم أخرى منها يتجاهلون ما هم ؟؟ ومنّ هم ..؟؟ وكيف هم يمنيين جنوبيين وأضحوا شماليين ، ثم ها هم منّ يريد توثيقهم بجنوب مبهم المعالم ...

قد نصيب أو نخطأ في توصيفنا لحالة مجالسنا الحضرمية المسكونة بالألم والوجع ، وقد نصب ماءً بارداً على رؤوسنا في مجالسنا العامرة برجاحة الرأي وتفنيد ما اختلط من هذا وذاك ، ولكننا نتجرد في الرأي حول أنها مجالس لا تذهب إلى السياسة ومضامينها بل وغاياتها ، فلقد أفرطت الأجيال الحضرمية سرداً لتاريخ موطنها حزناً على حزن ، وهماً على هموم ، وحان لهذه المجالس أن تتناول السياسة كما تناولها معاوية في دمشق ، والقانوني في اسطنبول ، وعبدالعزيز على الهضبة النجدية

الوطن الجامع

تحت تأثيرات الأوجاع والملمات تتلاشى غالباً مفردات الأفكار الإيجابية فنبقى دوماً خاضعين لهذه التأثيرات ، بل أن الشعب الحضرمي وصل إلى درجة أكثر من ذلك تجاوباً منه إلى ممارسة طقوس الموت السريري ، ولو أن الحضارمة نظروا إلى وطنهم بنظرة أخرى تحمل ما يكمن في حضرموت من ذلك الثراء الفاحش الذي يحتاج إلى فقط لحالة اخرى من النظر إلى ما تبقى من ذلك الكوب الذي شرب منه الشعب الحضرمي ، فماذا بقي في الكوب ...؟؟؟

بقي في الكوب الوطن الحضرمي بأصالته وهويته وتاريخه ، بقي في الكوب إرث يتجاوز عن خمسة ألآلاف عام من الحضارة ، وبقي في الكوب أجيال خلفت من أجيال سبقت الأمانة والشهامة والنخوة ، وبقي في الكوب نحن بما فينا من زخم يريد للوطن حظه ونصيبه بين أشقائه العرب ، هذا ما تبقى فلماذا كل الحسرات على ماضٍ ذهب ولن يعود ..؟؟ ، حان لنا أن نمسك بزمام المبادرة بذلاً وعملاً ونباهةً وجهبذةً مازالت تنبض فينا كما تنبض في الشرق الآسيوي يوم عبر قومنا إلى ما بعد البحار البعيدة ليضعوا بذارنا هناك فنبتت وأثمرت وأتت أكُلها ...

ما نحتاج إليه المشروع الوطني القادم ، حضرموت وطن كلنا يتهامس به سراً وفينا من يجاهر به الملأ غير عابىء بغير وطنه المسكون في ذاته ، قرارنا الذاتي يجب أن يأتي من رأسنا ، من عقولنا التي صنعت وتصنع ، من سواعدنا التي بنت وتبني ، هذه هي حاجتنا ، وتلك هي غايتنا ، التجرد من الأوجاع والآلالم ليست فعلاً محالاً بقدر ما نحتمل من معاصرتنا التاريخية للحالة الراهنة في الربيع العربي ...

حضرموت .. الدولة

لن ننجح في حضرموت بغير أن يكون في الذات الحضرمية إيمان مطلق بحقنا الوطني والسيادي على كامل ترابنا الحضرمي ، الميراث السياسي لن يقدم لنا أو يؤخر واقعاً يغاير هذا الواقع المعاش مفجوعاً ومصاباً بجلطات في القلب والمخ والأطراف المصابة بالشلل ، علينا أن نغذي الرئة الحضرمية بأوكسجين من طبيعة حضرموت من واديها وسهلها ، وهذا هو العمل التاريخي الجسور الذي على الحركة الوطنية الحضرمية أن تقدمه في تأطير صحيح لماهية الدولة الحضرمية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ...

لم تخرج نداءات الحرية من غاندي ولوثر كينج ومانديلا وغيرهم من علامات التاريخ السياسي بدون إرداف من آخرين قدموا مشاريع نهضوية سياسية جامعة وقادرة على المضي خطوات بعد خطوات ، ليس لأحد حق في التثبيط ونشر روح الهزيمة ، وليس لأحد من حق في استئثار قرار الحرية للوطن ، الاستقراء في التاريخ ليس يعني فقط البكاء عليه ، بل يعي أيضاً تسخيره لمشروع وطني ينسجه رجال في مواضعهم ، وأن كانت غرفاً صغيرة يخلو منها غير الأمل في وطن حر كريم ...

ما نعنيه من كل هذا السرد هو أن تخرج الأقلام الحضرمية بمشاريع يقرأها العالم ، يقرأها وزراء خارجية العرب ، ووزراء الاتحاد الأوروبي ، ويتمعن فيها قادة دول الآسيان في الشرق الآسيوي ، على العالم أن يقرأ في المشروع الحضاري الحضرمي تفاصيل التفاصيل تكوين الدولة السياسي بداية من الدستور وانتهاء بحقوق الإنسان في مشروعنا الحضرمي السياسي الجامع ، لن يتوافق الكل على المشروع السياسي ، فحتى الولايات الأمريكية تعيش صراعات متوالية بين الجمهوريين والديمقراطيين وكذلك البريطانيين بين العمال والمحافظين ، عدم التوافق المطلق لا يعني الرفض والتخلي بل يعني الجد والجهد والاجتهاد في رسم الملامح لدولة ستكون حاضرة العرب والدنيا فقط أن نحن بذلنا لها مهرها الغالي ...

تقبل الله صيامكم وقيامكم وكل طاعتكم وجمعنا الله بكم في وطننا حراً شامخاً ،وكل عام وأنتم بخير وعساكم من عواده
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح