عرض مشاركة واحدة
قديم 06-11-2003, 02:59 AM   #1
علي أحمد بارجاء
شخصيات هامه

افتراضي قصة أغرب من الخيال

لم يعد يرُق له العيش في قريته , كان يرى غيره من الرجال يرحلون زرافات و وحدانا بحثا عن مكان آخر يجدون فيه سعة من العيش , فكر في الرحيل , و عزم , و توكل على الله , أخذ معه زوجه , و بعض رفقته , كانت زوجه حاملا و على وشك أن تلد , رحلت القافلة متجهة إلى الجنوب , في المكلا حيث البحر خير كثير , و سوق يحول العرق إلى دراهم , الطريق وعرة , و الرحلة طويلة , في مكان ما من الطريق , لم تعد زوج الرجل تحتمل وعثاء السفر , بدت مجهدة , تتصبب عرقا , في ساعة الصفر , صرخت , تجمدت القافلة في موضعها , أسرع الرجل إلى زوجه , إنها ساعة المخاض , ماذا يفعل , إنه لا يعلم من أمر ساعة الميلاد شيئا , منذ أن حدث لأمه ما يحدث لزوجه اليوم , و هو لم يشهد موقفا كهذا , كل من في القافلة رجال , ليس فيهم من الإناث سوى هذه الزوج , و ناقتان , ارتبك , ارتبك الرجال , و زوجه تصيح , و تصيح و تصيح , و فجأة , غاب صياح الزوج , ليعلو بكاء الصبي , بكاء لذيذ , أشرق له وجه الرجل , أسرع إليه رفاقه , أخذوه بالأحضان , يباركون له , أنساهم بكاء الصبي , أمر أمه , تذكروها , أسرع الرجل إليها , تناول خنجره , قطع الحبل السري , لم تشعر به زوجه , ظنها قد نامت , أو غابت عن الوعي , ناول الصبي أحد رفقائه , هب ليٌفيق زوجه , حركها , لم تفق , صب ماء على وجهها , لم تفق , رفع يدها إلى الأعلى , أطلقها , هوت يدها إلى الأرض , ماذا حدث ؟ هل ماتت , صاح برفقته , هبوا إليه , حاولوا أن يفعلوا شيئا , لا حيلة لهم في ما حدث , لقد ماتت , سبحان الله , موت و حياة في آن , بكى الرجل , بكى الرجال , بكت الجبال و الرمال و الصخور , بكى الصبي , أخذه أبوه بحنان , قبله , أشفق عليه , تبادله رفقاؤه , قبلوه , أشفقوا عليه , تساءلوا , ماذا يفعلون به , يحملونه معهم في رحلتهم الشاقة مجهولة المصير هذه , و ماذا يفعلون بأمه , إنها جثة هامدة , لكنها كانت مبتسمة , أيحملونها معهم هي الأخرى , أم يدفنونها في هذه الفلاة ؟ فكروا في حفر قبر لها , و لكن ليس لديهم ما يحفرون به , و الأرض صلبة عطشى , تلفت الرجل , تلفت رفقاؤه , رأوا كهفا في الجبل , لمعت في ذهن أحدهم فكرة , قال : ما رأيكم لو وضعناها في ذلك الكهف , و أغلقناه بالحجارة ؟ لم يكن لهم بد من الموافقة , حملوها إلى الكهف , وضعوها بداخله , بدأوا في جلب الحجارة , بدا الجدار الحجري يعلو , تذكروا مصير الطفل , انطفأت في ذهن الرجل فكرة , إنه يشفق على ابنه و هو ابن ساعته أن يعاني ,
قال بأسى : ماذا لو وضعنا الصبي إلى جوار أمه , اختلفوا , أصر الرجل على ذلك , حمل ابنه , ارتقى الجدار الحجري , حرك جثة زوجه ليجعلها ترقد على أحد جنبيها , وضع الصبي أمامها , أدخل حلمة ثدي زوجه في فم الصبي , ارتقى الجدار الحجري , ظل دمعه ينهمر من عينيه , واساه رفاقه , سدوا فم الكهف , قرؤا الفاتحة , و واصلوا الرحيل .
مض عشرون عاما على ذلك اليوم , كان الرجل في طريق عودته إلى قريته , مرت القافلة في نفس ذلك المكان الذي وضعت فيه زوجه وليدها و ماتت و وضعهما معا في كهف , نعم إنه نفس ذلك المكان , إنه يستعيد كل شئ حدث ذلك اليوم , بكى , تلفت , رأى الكهف , صاح بأعلى صوته : ذاك هو الكهف , نظر إليه من كان معه , لو ينتظر ليفسر لهم الأمر , ذهب يجري مسرعا , اقترب من الكهف , نظر من شقوق بين الحجارة , ذهل , إن ثمة من يتحرك داخل الكهف , لعله حيوان , و لكن من أين سيدخل إلى الكهف , و الجدار لا يزال قائما كما بناه هو و رفاقه , لعلها لم تمت , و ظننا أنها قد ماتت , أو لعله الصبي , ظل على قيد الحياة , و لكن كيف سيعيش بلا طعام و بلا ماء , إنه ابن ساعته حين تركناه و مضينا , كثير من الأسئلة لم يجد لها جوابا , لماذا كل هذه الحيرة و بينه و بين الجواب جدار يسهل إبعاده , القافلة واقفة لم تتحرك , رجال القافلة واقفون في وجوم ينظرون إلى ما يفعله الرجل , و هم لا يدرون سببا لما يفعل , نادى الرجل رفاق سفره أن تعالوا , هبوا إليه مسرعين , حكى لهم حكايته , لم يدعوه يكمل سردها , انقضوا على الجدار الحجري يزيلونه حجرا حجرا , و فجأة , رأوا شابا في مقتبل العمر يختفي فزعا خلف أمه , دخلوا إليه , هدَّؤوا من روعه حتى اطمأن لهم , اقتربوا من المرأة المسجاة , ظنوا أنها نائمة , حاولوا إيقاظها , إنها جثة , و لكنها طرية , كأنها ماتت الساعة , فاللبن لا يزال يملأ ثدييها , سبحان الله , حمل الرجال المرأة , احتضن الأب ابنه , سار به و يده اليمنى على كتف ابنه اليمنى , انطلقت القافلة , وصلت إلى القرية , كان الأب يحاول أن يحادث ابنه في الطريق , لكنه لم يفهم شيئا , و لم ينبس ببنت شفة , لكنه كان يبتسم كثيرا , إن ابتسامته كانت تشبه ابتسامة أمه يوم وضعها في الكهف .
عاش الصبي ( الشاب ) في قرية أبيه , تعلم , أضحى فردا من رجال تلك القرية الأشداء . ((( رُوِيت هذه القصة لي عام 1982م أو عام 1983م , قال راويها أنه يعرف ذلك الشاب معرفة جيدة , و أنه اليوم ( أي عام روايتها ) , لا يزال حيا يرزق . )))
ما رأيكم أهي قصة حقيقية , أم أنها أسطورة ؟؟؟
التوقيع :
إذا كنت في كل الأمور معاتبا
صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه

التعديل الأخير تم بواسطة علي أحمد بارجاء ; 06-11-2003 الساعة 03:06 AM
  رد مع اقتباس