عرض مشاركة واحدة
قديم 05-02-2011, 12:59 PM   #28
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

.

المدح في شعر خميس سالم كندي



المدح غرضاً من اغراض الشعر منذ القدم سواءا في الشعر الفصيح أوالشعر الشعبي ، ولعله يكون في الشعر الشعبي أكثر لكونه ملتصقاً بالناس ، ويتخذ منه اغلب الشعراء وسيلة من وسائل التكسب عند الولاة والحكام أو عند أهل الجاه والمال ،إلا أني أرى أن هذا الشعر أصبح ممجوجاً فلايقرأ ولايحفظ ، خاصة حين يكون مديحا فارغا .

من الثابت والمعروف أن شعر خميس سالم كندي ليس كله موقفا وقضية ودفاعا عن المقهورين والمهمشين والمظلومين واستشراف عن حال الأمة ومستقبلها ، أو أنه وسيلة تنادي إلى الارتقاء بالمجتمع الحضرمي نحو غاياته الوطنية والقومية ، ليست كل قصائد خميس كندي مشحونة بنزعة من نزعات الثورية ، ( كما يحلو للبعض تسميتها )، بل هناك قصائد للشاعر خميس كندي فيها مديح فارغ ، واستجداء واضح وصريح في طلب العطايا والهبات شأنه شأن شعراء المديح في كل زمان ومكان .
ورب قائل يقول أن المدح من الأغراض المهمة في الشعر سواء الشعبي أوالفصيح ، نعم ربما ذلك ولا ضير من المدح، لكن الضرر يكمن في الممدوح أحيانا الذي لا يستحق هذا المدح، وهنا يخرج الشعرعن هدفه السامي ويتحول مدحه إلى أكذوبة ونفاق وغش من أجل العطايا والهدايا والهبات .

شاعرنا خميس سالم الكندي سلك بشعره في المديح مسلكا يطلب بواسطته عطية اوهبة اواعانة ، و قصيدته المثبوتة في مخطوطة الديوان والتي القاها كما يقول في ( الشهم النبيل قاسم عبدربه العزاني بمقديشوه بلاجوا عرب ) نستقرأ منها مدحا يروم الشاعر منه عطاءا ، قال كندي:

مقصدك لا بلاجوا عرب لا بيت ساكن فيه جيد= الشهم قاسم عبدربه في العرب ماله عنيد
ينادي الطارش بياحيّا وهو عاده بعيد= فاتح لهم برزه ويكرم في قريبه والبعيد
يكرم بلا منــّه وقال الله يفعل مايريد= الجود مايفقر بل ان مولاه دايم مستفيد
الجود من معدنه جاهم ورث ما هو من بعيد= حقه وحق اهله لهم تاريخ في العالم مجيد
نعمك بني عزان ما تلحق رجل فيهم بليد= صوماليا واحباطها باخبارهم ترعد رعيد

ويرتقي شاعرنا خميس كندي في مدحه والمبالغة في وصف المدوح من باب اظهار صفة كرمه ، لأن إظهار صفة الكرم تعد مفتاح العطاء والهبات المنتظرة . وهي ردة فعل تأتي من الممدوح من أجل إثبات هذه الصفة فيه،حتى ولو لم تكن من صفاته وسجاياه ، ولما لايكون كريما وشاعرنا ( كندي ) وصف كرمه بأنه يفوق صفة الكرم في حاتم الطائي . وجعل من شجاعته وعروبته ما تعادل شجاعة سيف الله المسلول ( خالد بن وليد ) وأنـّا لهذا العزاني من تلك الصفات ؟؟ ( إلا أن أعذبه أكذبه ) يقول كندي:


قل ما تشاء من وصف في قاسم رجل ماله عنيد= قلد كرم حاتم وهو يمكن على حاتم يزيد
وفي العروبه مثل الضرغام خالد بن وليد= ذا لي حصل من بعض وصفه والحقيقه باتزيد

بعد الإطناب في كيل المديح لرجل ربما يستحق ذلك ... أو ربما لايستحقه ..!!، يفصح شاعرنا كندي عن هدفه من وراء مدحه فهو يبين للمدوح أنه ( عازم للسفر ) ، ونعلم أن للسفر مصاريف وهدايا وعلى الممدوح أن يفهم الإشارة يقول كندي :


اعطه كتابي واستلم منه على ذلك رصيد= وانقالك شي علم قله ماحدث حادث جديد
غير الذي تسمعه في النشرات واسلاك الحديد= وخوك عازم للسفر ليام ذي ما هي بعيد


ليس هذا ( العزاني) وحده من الذين استأثروا بالمدح وإظهار تلك الصفات في شعر خميس كندي، فهذه قصيدة اخرى قالها ايضا في مدح رجل من اهل بيحان اسمه (حسين يحى البيحاني )يقول كندي في ديوانه ( هذه الأبيات في المفضال حسين يحيى البيحاني واولاده يصف في تجارتهم ومالهم من ايادي بيضاء بمقديشوه ) في هذه القصيدة يعزف شاعرنا ( كندي )على نفس الوتيرة و نغمة الكرم كصفة رئيسة تجمع بين ممدوحيه :


حسين يحيى يفرح إلا بالأوادم لي يجون= له وجه ما يغضب دوام الوقت من لي ينزلون
جميع ضيفانه على ملقاه فيهم يشكرون=يعامل الأمه ويعطيهم على مايشتهون
من حيث ما جيت لحقت الناس به يتخابرون= صوماليا واحباطها من فيض جوده يشربون
الحاصل ان بوحمد وصفه يحير يالذهون= اكبر غني بافريقيا والناس له بايشهدون
فاتح قراشه من دخل فيها تصيبه بالجنون= اربع مائه مسكين لي هم في سحابه يرعدون
فكيف با يهتان وآلاف الأوادم يوكلون= من شركة البيحاني احمد كلهم يتعشون
ذا لي حصل من نظم شاعر وانته أعرف بالرطون=عسى جوابي في عجل يالشهم منك بايكون
جواب لي يفرح الخاطر ويظهرن السنون=

كما ان العزاني ومن بعده البيحاني لهما نصيبا من مدح خميس سالم الكندي فإن رجلا آخر بيضاني اسمه ( علي عبدالله مرجان ) استأثر هو الآخر ومعه اهالي البيضاء بقصيدة مدح طويلة قالها شاعرنا كندي يصف ممدوحه ونشاطه التجاري واعانته للجميع ويقول كندي في ديوانه (( انشدت هذه الأبيات اعترافا مني بالجميل وان كانت الأبيات لاتضفي محاسنهم كلها فجعلتها موجز اوصاف فقط ، مع العلم ان عدد ابيات القصيدة 50 بيتا ارسلها الشاعر الى صحيفة ( فتاة الجزيرة ) العدنية ولطول القصيدة اختصرت الصحيفة القصيدة ونشرت البعض منها فمنها قوله:

هذه الزعامه وكل من قال باتزعم= أمّه يبرهن ويظهر حجة البرهان
كرمه ربي وهو عاالناس يتكرم= والبخل ما يبتني به مجد لأنسان
يكرم كرم حاتمي من غير حد يعلم= يسراه ما شاهدت ماتنفق اليمان


واستطرد شاعرنا خميس كندي في مدح الأثرياء من أهل البيضاء خاصة المقيمين منهم بالصومال وهم لايتجاوزون اصابع اليد في العدد، قال فيهم:

الحاصل ان خبرهم في القطر هذا عم= بنوا مساجد وعمروها بكل مكان
واحيوا رسوم العروبه وسط بر عجم= لولاهموا كان كل عربي نزل يهتان
قد كنت في اثيوبيا باخبارهم نعلم= ايضا وليس الخبر كشاهد لعيان

وفي الختام يوجه شاعرنا خميس كندي خطابه الى صاحب ورئيس تحرير صحيفة ( فتاة الجزيرة ) محمد علي لقمان ويقول له:

هاذي رسالة ابن الأحقاف وتتقدم= الى فتاة الجزيرة صدر القيفان
الى محمد علي لقمان مهتم= بأخبارها له مقاله تحت كل عنوان
شاعر مثقف محامي كل فن يفهم= نهضة عدن والسبب ابناء علي لقمان
لله دره ودر من مثله اتعلم= نفعوا بلدهم ونفعوا باقي البلدان

وبين عزان وبيحان والبيضاء لم يبرح شاعرنا خميس كندي عن مديحه لأهالي البيضاء فهذه قصيدة قالها في حفل كبير أقامه اهل البيضاء حين وصل صالح علوي القربي الى مقديشوه يقول شاعرنا في ممدوحه ( القربي )

يامقديشوه اهدي تحياتش الى الضيف الكريم= صالح ولد علوي اتى زاير وبايصبح مقيم
بالجود والاحسان والاخلاق والعقل الحليم= رجل مدبر بل وعنده قلب ما يغفل فهيم
ذا لي حصل من بعض وصفه والحقيقه جيم ميم= واسهن جوابي في عجل لي يشفي القلب السقيم
عسى الدواء للداء موافق وانته بالحاله عليم= وأدنا إشاره قال كندي كافيه عند الحليم

ليس الممدوح وحده الذي فطن إلى إشارة شاعرنا خميس سالم كندي و يقصده من مدحه ، فالجميع من القراء لا أشك بأنهم فطنوا إلى مغزى تلك الإشارة التي كان يعني بها شاعرنا خميس كندي .

ربما كان نصيب شاعرنا خميس سالم كندي من مدحه ( العزاني والبيحاني والبيضاني ..وغيرهم ) كنصيب الشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى الذي مدح ( هرم بن سنان والحارث بن عوف ) فتلقى منهما هبات وعطايا أفناها الدهر، ولم يبق خالدا إلا ما قاله فيهما الشاعر( زهير ) يشيد بموقفهما النبيل في الاصلاح :

فاقسمت بالبيت الذي طاف حوله =رجال ُ بَنَوه من قريش و جُرهم
يميناً لنعم السيدان وجدتُما=على كل حال من سحيل و مبرم
تداركتما عبساً وذبيان بعدما =تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم
فاصبحتما منها على خير موطنٍ =بعيدين فيها من عقوق ٍ ومأثم
عظيمين في عُليامعدًّ هديتما =ومن يستبح كنزاً من المجد يَعْظم


.



التوقيع :
  رد مع اقتباس