عرض مشاركة واحدة
قديم 10-22-2012, 03:13 AM   #622
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

افتراضي


متى يأخذ الحضارم "زمام" حماية أنفسهم ؟

10/22/2012 المكلا اليوم / كتب: صالح علي السباعي

حكيم الصين "لاوتسي" صعد يوماً مع تلاميذه إلى قمة جبل ينساب منه الماء إلى أسفل، فسأله احد التلاميذ قائلاً: يا أستاذ لما ينساب الماء إلى أسفل ولا يصعد إلى أعلى ؟ فأجابه "لاوتسي" يأبني أن الطبيعة لا ترفع من أراد النزول؛ ما قاله "لاوتسى" قبل مئات السنين ينطبق اليوم على حضرموت في القرن الواحد والعشرين، من بلد شاسع له تاريخ مشرق تعدى الآفاق، إلى الانحدار إلى "محافظه" تتربع على رأس قائمة المحافظات الأكثر فقرا "تقرير الجهاز المركزي للإحصاء" بينما هي في واقع الأمر ليست محافظه وإنما هي"المحفظة" التي يصرف منها على دولة "بني الأحمر". دون أن نغرق في التفاصيل لقد حصل ما حصل وانحدرت حضرموت إلى قاع الهاوية السحيقة، ونحن اليوم نبحث عن حبل الإنقاذ، وقد استبشرنا خيراً "بالحراك السلمي" وما وصل إليه من تطور أنعش الآمال، وربما الكثير منا قد حلم بقرب قطف الثمار، لكن كما يبدو أن بعض الأحلام ليس من السهل أن تتحول إلى حقيقة، وقد صحونا من حلمنا على الانحدار الجديد الذي صنعه هذه المرة "قادة الحراك" الذي تعصف به العواصف هذه الأيام، الأمر الذي وضع الحراك على مفترق الطرق وتعدد الخيارات، وبذلك تكون كل الاحتمالات مفتوحة، خصوصاً إذا ما عرفنا أننا نعيش تحت سيطرة منظومة سياسيه عسكريه قبليه، لا تعترف بما يطلق عليه اليوم النضال السلمي، اعتمدت تاريخياً في حل مشاكلها على العنف والقوه وجبروت القبيلة الضارب جذوره في أعماق التاريخ، ومن السذاجة الاعتقاد بان هؤلاء سيعيدون الحقوق إلى أهلها بطريقه سلميه، وطالما الأمر كذلك على النخب الحزبية والوجاهات الدينية والقبلية التفكير مليئاً في تشجيع العامة على ابتكار وسائل جديدة قادرة على فرض واقع جديد، غير الواقع الموجود اليوم، وان لا يتوقف نشاطها على المسيرات والزوامل، بينما الحفارات تعبث بأحشاء الأرض وتستنزف خيراتها دون حسيبا أو رقيب، فماذا يريد النظام أكثر من ذلك؟ أليس الثروة هدفه ؟.

اعرف أن البعض سيقول أن نضالنا سلمي ونحن شعب ينبذ العنف، وكلنا مع السلم ونبذ العنف، ولكن ماذا سنفعل لو فرضت علينا خيارات جديدة كما فرضت الحرب في 94م ؟ بقصد القضاء على مطالبنا، أو أن الشيخ صادق الأحمر "قرح" معه القات في ساعة سليمانية، وخرج بجيشه المليوني لمحاربة الجنوبيين الرافضين دخول الحوار، فماذا أعددتم لمواجهته ؟ مظاهره سلميه ؟ أم رقصة شبواني حضرميه ؟ أم ستدعونه لمناظرة مع احد أعضاء تيار مثقفو جنوب جديد؛ علمنا التاريخ وهذا ما نعيشه اليوم أن من لا يملك وسائل حماية نفسه يصبح وجبه سهله للوحوش المفترسة بكل أنواعها، لا أريد أن يقول البعض نحن شعب متطور أو حتى مدني اعتقد أن مثل هذه العبارات مطاطية لا تنطبق علينا اليوم، التطور هو أن تكون مكتفياً ذاتياً تزرع غذاءك وتنسج ثيابك وتملك قرارك وتقدم مساهمات ثقافيه وعلميه ومخترعات تغير في مسارات الإنسانية، ونحن الله يستر علينا، لازال بيننا وبين التطور مراحل طوال، وحتى لو فرضنا ذلك أننا متطورين، هذا لا يعني بان يتخلى الناس عن مسؤولية حماية أنفسهم، في أمريكا ومدن أوروبا المتطورة أجمل الجميلات يحرصن على الاحتفاظ بوسائل الحماية في بيوتهن وبعضهن يحملن مسدسات في حقائبهن لحماية أنفسهن، والمشاهير وأصحاب الأعمال يدفعون آلاف الدولارات مقابل حمايتهم، رغم وجودهم في بلدان متطورة فعلاً ويسودها القانون، ومع ذلك هم يعتقدون أن عالم اليوم لا قيمة فيه لتحضر الإنسان ومدنية سلوكه، لأن اللصوص والغزاة لا يعيرون اهتمام لذلك، لكنهم يحسبون ألف حساب لمن يحمل وسائل الدفاع عن نفسه، هكذا هو الحال في الدول المتحضرة فما بالك في دولة القبيلة، نحن لا ندعو للمواجهة أو الاعتداء على احد، وإنما ندعو كل إنسان أن يتحمل مسؤولية الدفاع عن نفسه وعرضه وأرضه وهو واجب مقدس كما نعتقد، إذا امتلكتم عناصر الدفاع عن أنفسكم سيكون لكم المستقبل، وما عدا ذلك لا مستقبل لكم، وربما قد تجدون أنفسكم تعيشون وضعاً أسوء مما انتم عليه.

قد تثير هذه السطور بعض المتمصلحين من الأوضاع الحالية، وقد ينصب بعضهم نفسه مدافعاً عن الباطل ضد الحق، وربما بعضهم قد ينسى تصريحات الشيخ صادق ويتهمنا بأننا نحن الذين ندعو إلى إدخال البلد في متاهات الفوضى، ومثل هؤلاء نقول لهم نحن لا نتمنى ذلك، بل نتمنى الخير والسلام لكل الناس، لكننا قبل ذلك نتمنى الخير لأنفسنا والحصول على حقوقنا التي صادرها الآخرين دون وجه حق، وفوق ذلك كما يقول المثل الحضرمي "شل حقك ودقك" وهاهم من سلمناهم أمرنا يستقوون علينا اليوم ! لماذا ؟ لأننا تخلينا عن امتلاك وسائل حماية أنفسنا واتكلنا على حماية دوله تمارس "التمييز" بين مواطنيها، اعتبرت حمل السلاح وامتلاكه حق من حقوق أبناء الشمال، ومنعت هذا الحق عن الحضارم وأبناء الجنوب، بل أنها لا تسمح بمحاكمة من يقتل حضرمي أو جنوبي من أبناء الشمال، وكلنا يعرف انه منذ عام 90م حتى اليوم لم يحاكم قاتل واحد في حضرموت أو في الجنوب، بل أهالي الضحايا يجبرون على التنازل عن دماءهم مقابل صرف "رويتب" للضحية أو توظيف أخيه أو احد أبناءه "حارس" في شركة نفط تعمل مؤقتاً على ارض حضرموت، وبعدها ينتهي كل شيء، حتى القبائل الحضرمية للأسف تتصارع فيما بينها على وظائف الحراسات في الشركات، لكنها عاجزة عن اخذ دماء أبناءها،

عند كل حادث نسمع جعجعتها ولا نرى الطحين، بالأمس قتل "بن حبريش" زعيم الحموم وأحسنهم، واليوم "بارشيد" زعيم السيبان وأحسنهم، وبين هؤلاء في الطريق سقط الكثيرين، تم التنازل عن دماءهم ! لماذا ؟ لأن القبائل الحضرمية أصبحت لا تملك وسائل حماية كافيه ولا تجد من يدعمها من أصحاب الأموال من بني جلدتها، كما هو الحال في معظم مناطق الشمال هناك من يعمل على تقوية القبيلة ويستفيد من هذه القوه في فرض شروطه على الأرض، وحينها لن تأتي شركه لتعمل في أرضه دون موافقة القبيلة ولن تأتي وزارة النفط لتقول هذه أراضي الدولة وهذه ثروات سياديه، وكلنا يعرف أن حكومة "باجمال" دفعت في أيامها "سبعه مليارات ريال" تعويضات للقبائل المحيطة بمطار صنعاء، مقابل ارض المطار، بينما "آل الاحمر" يستلمون من الدولة إيجار "مطار سيئون"، لأن في حضرموت "محد يكلم سعد"، بعد أن تخلى معظم أبناء القبائل الحضرمية عن صفات الشدة والمواصفات القبلية وركن أبناءها إلى الدعة والحياة المدنية يشرب "البيبسي" بدلاً عن القهوة ويأكل "الجالكسي" بدلاً من التمور، ويبحث عن محامي يأخذ له بدم أخيه القتيل، وهذه ليست من أعراف القبيلة، فأما أن تكون قبيلي تعطى القبيلة حقها أو ترفع الراية البيضاء وتتخلى عن هذا اللقب، إضافة إلى أن بعضهم صدق مثل أبناء المدن ما يقوله البعض عن ثقافة ومدنية حضرموت، وهي كلمة حق أريد بها باطل، فتباً للثقافة وتباً للحضارة والمدنية إذا لم استطع بهما الحصول على حقوقي ودفع الأذى عن نفسي، تخلينا عن حماية أنفسنا وتنازل البعض عن دماء أبناءهم لكي يعيشوا، هو ما جعل الدولة ممثله في الثلاثي الأحمر "صالح، محسن، حميد" يتعاملون مع حضرموت بطريقة "اشربي وإلا نحرتش" وجعل أبناء المناطق الأخرى يستبيحون حرمات حضرموت ويهدرون دماء أبناءها، وهذا هو الابتلاء الذي ابتلينا به ونسأل الله زواله، وهو القادر على كل شيء، ونحن على ثقة أن الله سيكون معنا والى جانبنا نحن المظلومين، لكن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، واعتقد أن وقت التغيير قد حان وعلينا أن نعطى مسألة حماية أنفسنا كل الاهتمام، وان يأخذ هذا الموضوع حقه من النقاش، الكل عليهم تحمل المسؤولية الحضر قبل البادية، لأن المدن الحضرمية كلها في أجندات اللصوص لمهاجمتها فيما لو إنهار النظام وهو احتمال وارد حدوثه، اذكر انه أثناء شدة الأزمة العام الماضي، شاهدت أثناء مروري في احد المحافظات مجاميع كبيره مجتمعين أكثر من مائتين سيارة، سالت السائق وهو من أبناء تلك المنطقة عن سبب تجمع هؤلاء، ابلغني أنهم بانتظار مكالمة من "المكلا" تفيدهم بأن النظام في حضرموت قد انهار، بعدها سيتم الانطلاق نحو حضرموت لنهب الممتلكات بالإكراه، كما حدث في حرب94م، فقلت لما لا يتوجه هؤلاء إلى صنعاء بلد القصور والبنوك والأموال ؟ قال صاحبنا في صنعاء سيأكلهم الرصاص ولن يعودوا بالغنائم بسلام، قلت نعم الأخوة ونعم الجيران، أين منكم حقوق الجار التي حدثنا عنها الإسلام يا هؤلاء ؟ العالم اليوم في الألفية الثالثة ونحن في زمن "جنكيز خان"، ثم تذكرت أغنية بن سعد الشهيرة "يستاهل البرد من ضيع دفاه" ولا حول ولا قوة إلا بالله.

لذلك نحن نقول على الحضارم أن يعرفوا انه لا احد يتعاطف معهم ولا مع مطالبهم، ولا احد في هذا العالم مستعد أن يحميهم أو أن يضحى من اجلهم لكي يحصلوا على حقوقهم، هذه استحالة ووهم كبير، عليهم أن يفعلوا ذلك بأنفسهم إذا أرادوا العيش بكرامه، على الذين ينفقون الأموال في شراء الذهب لتجميل نساءهم وبناء قصورهم وشراء السيارات ووسائل الترفيه، عليهم قبل كل ذلك شراء وسائل الحماية لتلك القصور وحماية نساءها، قد يقول قائل الأمور بخير ونحن مستعدين لكل الاحتمالات، هذا ما نتمناه، وأنا لا أخاطب الفئة المستعدة وإنما خطابي لمن لا يزالون يكتفون في بيوتهم بحفظ "البواكير وعصيان رقصة العدة" لهؤلاء نقول الزمن لم يعد زمنا للرقص والغناء، وإنما نحن على مفترق طرق "نكون أو لا نكون" كما يقولون، ونحن نستغرب بل ونتعجب من البعض كيف يتهادى راقصاً وهو مكبل بالقيود، علينا أن ندخل ثقافة مساعده على تغيير واقعنا، وان ندرك أن النظام الحاكم ليس معنا ولن يحمينا، وقد يتحول حاميها إلى حراميها، وحينها لن ينفع الرقص والغناء حتى وان كان كما يقولون من "التراث"، ولن تنفع القصور ولن تشفع الأموال، لأن البقاء في هذه البلاد "سيبقى" للأقوى وليس للأفضل، فهل نتعض ؟.

[email protected]
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح