عرض مشاركة واحدة
قديم 02-11-2003, 10:54 PM   #2
الطايرالميمون
حال نشيط


الدولة :  شبام حضرموت (العلية)
هواياتي :  كل جديد
الطايرالميمون is on a distinguished road
الطايرالميمون غير متواجد حالياً
افتراضي

ب- مدينة تريم :-

تريم من أهم المدن في مديرية سيئون ، وتقع شمال شرق مدينة سيئون في وادي حضرموت حيث يبدأ وادي المسيلة ، يعود أقدم ذكر لمدينة تريم إلى مطلع القرن الرابع الميلادي عندما حاصرها السبئيون كما جاء في النقش الموسوم بـ ( Ir. 31 ) ، ثم ظهرت في مطلع العصر الإسلامي كعاصمة لوادي حضرموت حيث كان يقيم فيها العامل ( لبيد بن زياد الأباضي ) عامل الخلفاء الراشدين ، وكانت بين حين وآخر تتبادل مع شبام زعامة الوادي إلى عام (203هـ) عندما جاء الزياديون إلى حضرموت وأصبحت بذلك خاضعة لهم ، قام الحسين بن سلامة ببناء الجوامع في تريم ، وكذلك في شبام وقد اشتهرت هذه المدينة بكثرة مساجدها حيث وصل عددها إلى ثلاثمائة وستون مسجداً ، وهذا العدد كبير نسبياً إذا ما قورن بحجمها وعدد سكانها ثم أخذ هذا العدد بالتناقص بسبب ظهور المساجد الكبيرة التي تستوعب أعداداً غفيرة من المصلين فتهدم بعضها وتوسع البعض الأخر مما أدى إلى تقلص العدد ليصل في الوقت الحاضر إلى مائة مسجد تقريباً لا تزال عامرة بالمصلين لقد كانت مساجد تريم الكثيرة في معظمها مصليات أو مساجد صغيرة ثم تداخلت ببعضها أو توسعت وتحولت إلى مساجد كبيرة أو جوامع تقام فيها صلاة الجمعة والجماعة وفي أثناء عملية التوسيع أو الترميم أدخلت على بعضها تحسينات وأعيد تصميمها على شكل هندسي بديع ومثال على ذلك المسجد الجامع المقام في قلب مدينة تريم والذي يرجع تاريخ بنائه إلى ما قبل ألف عام ، أي ما بين (375 – 402هـ) ، إذ يروى أنه بني في عهد الحسين بن سلامة الذي ولي الحكم في اليمن عام (375هـ) وقد بني هذا المسجد ضمن مساجد أخرى بناها في أماكن أخرى ، حيث عرف عنه أنه كان يبني مسجداً بين كل مرحلتين ، والحسين بن سلامة هو أحد موالي دولة بني زياد ، وكانت عمارة هذا المسجد قد تجددت عدة مرات منذ أنشأه ، إذ كان أول تجديد له عام (581هـ) ، أي بعد حوالي قرنين من بنائه ، أما التجديد الثاني فكان في عام (585هـ) أي بعد أربع سنوات من التجديد الأول ، وجدد للمرة الثالثة في عام (960هـ) ، ثم تم توسيعه عدة مرات لاحقة ، حتى صار على ما هو عليه اليوم بعد توسيعه الأخير في عام (1392هـ) ، تـصـل مساحـة الـجـامع اليوم إلى ( 19110 قدماً مربعاً ) ، وتحمل سقفه ستون دعامة إسطوانية ، قطر الواحدة (16 بوصة) ، وللمسجد ثمانية أبواب ، وتزينه المنارة التي بنيت في منتصف الجدار الشرقي للمسجد ، ويبلغ ارتفاعها (115 قدماً) ، ويقع الجامع في الطابق الثاني ، أما الطابق الأول (الدور) الأرضي فقد أفتتح في ديسمبر من عام (1972م) كمكتبة تضم معظم المخطوطات ، وأطلق عليها اسم مكتبة الأحقاف .

وإلى جانب المسجد "الجامع" في تريم توجد مساجد أخرى لا تقل عنه جمالاً وسعة وحسن تصميم مثل مسجد بن علوي وهو من أشهر مساجد تريم وأكثرها زواراً بالمصليين وهو مسجد قديم أسسه الإمام علي بن علوي في حوالي عام (530هـ) ، بني من الطين والنورة على أجمل صورة ، أعيد ترميمه عدة مرات ثم بنيت له منارة في آخر بوابة ذات شكل جميل ، وطول المسجد من جهة المشرق إلى الغرب إثنان وثلاثون ذراعاً ونصف وربع الذراع ، وطول الرواق القبلي أربعة عشر ذراعاً ونصف ، وطول الصحن ثمانية عشر ذراعاً وربع ، وعرضه من جهة الشمال إلى الجنوب سبعة عشر ذراعاً وربع تقريباً .

ومن مساجد تريم الشهير مسجد المحضار الذي بناه عمر المحضار بن عبد الرحمن السقاف ، وهو مقصد زوار تريم لما يمتاز به من فن هندسي جميل في عمارته ، خاصة منارته الشامخة التي يبلغ ارتفاعها حوالي (175 قدماً) ، وهي مربعة الشكل وبداخلها درج للصعود إلى أعلاها ، وكان بناؤها في حوالي (1333هـ) ، والغريب فيها أو الشي المدهش أنها بالرغم من ارتفاعها الشاهق إلا أنها مبنية من اللبن ـ الطين ـ وجذوع النخيل ، وهذه المئذنة من تصميم الشاعر والأديب أبوبكر بن شهاب المتوفي في عام (1334هـ) ، وتنفيذ المعلم عوض سلمان عفيف التريمي الذي سبق له أن بنى قبة الحبشي بسيئون ، ونعود إلى مكتبة الأحقاف التي سبق أن ذكرنا بأنها تحتل الدور الأرضي من مبنى جامع تريم ، فهي مكتبة دعت الحاجة إلى إقامتها نظراً لكثرة المخطوطات في مدينة تريم والمدن المجاورة ، وذلك لكون تريم كانت تتمتع بمركز علمي مرموق في وادي حضرموت منذ القرن الرابع الهجري ، واشتهرت بوجود المكتبات والأربطة والمعاهد والزوايا العلمية ، وكثرة العلماء الإجلاء ، وكانت بها مجموعة من العائلات الشهيرة التي شغفت بجمع وشراء المخطوطات والكتب في مختلف ألوان المعرفة والعلوم ومن شتى المصادر من بقاع الأرض، كما توجد عائلات و شخصيات من العلماء في مدن أخرى بالوادي ملكت هي الأخرى مكتبات خاصة ولكنها جعلتها وقفاً على طلبة العلم والعلماء ، وبعد أن وضعت بعثة مصرية مختصة بالمخطوطات " عام 1970م " ، دراسة لتجميع مخطوطاً في مكتبة الأحقاف بتريم التي أنشئت في شهر ديسمبر من عام (1970م) ولكن هذه الدراسة لم تنشر ، وتضم المكتبة اليوم حوالي (5300) كتاباً مخطوطاً في شتى المعارف والعلوم ( التفـسير ، الفـقه ، الحديث ، الصرف ، اللغـة ، الأدب ، التاريخ ، السيرة النبوية ، الطب ، الرياضيات ، الفلك ، وغيرها من المعارف والعلوم) ، ونتيجة لأن إنشاء مكتبة الأحقاف كان بطريقة جمع المكتبات الخاصة نجد أن هذه المكتبة تتكون من عدة مكتبات هي : مكتبة الكاف بتريم ، مكتبة آل بن يحي ، مكتبة الربـاط ، مكتبة بن سهل ، مكتـبـة الحسيني، آل الجنيد ، وغير ذلك ، وحملت كل مكتبة اسم صاحبها كتخليد لذكراه وكل مكتبة لها فهرست خاص بها ، إلا أنه مؤخراً تم فهرست المكتبة بطريقة حديثة وتحوي المكتبة تحفاً نادرة من المخطوطات القيمة إما لندرتها أو لقدم نسخها وجودته ، أو مخطوطات أصلية تعتبر النسخ الأم .

1- حصن العـر :

يقع حصن الـعـر في تريم وفي شرق سيئون ، ويبعد عنها بنحو (71 كم) ، وهو عبارة عن أطلال لحصن أثري يقع على تلة صخرية ترتفع عن مستوى الوادي بقرابة(50 قدماً) ، يعود تأريخه إلى فترة ما قبل الإسلام ، واستمر أيضاً حتى الفترة الإسلامية .

بالنسبة لفترة ما قبل الإسلام فيحتوي الموقع على عدد من القطع الأثرية الحجريـة القديمة المزخرفة ، منها قطع حجرية عليها نحت بارز لزخرفة نباتية متداخلة قوامها تفريعات وأوراق وعناقيد عنب ، وهناك قطعتان حجريتان عليها رسوم لوعول ، منظراً رسم عليه رجل ، ومناظر صيد حيث تبدو على إحداها ، منظر لرجل يمتطى صهوة جواد ويصوب بيده اليمني رمحاً طويلاً باتجاه أسد واقفاً على رجليه ، كما توجد أجزاء من أعمدة حجرية مزخرفه ـ أيضاً ـ ، ومعظم تلك القطع الأثرية هي عبارة عن بقايا لديكور أحد المعابد القديمة يعتقد بأنه واحداً من معابد الإله سين حيث تنتشر في المنطقة الشرقية من وادي حضرموت على وجه الخصوص معابد للإله "سين".

ويتم الصعود إلى الحصن الذي أقيم على موقع المعبد السابق من الجهة الجنوبية الشرقية ، عبر ممر صخري متعرج ، وعليه توجد بقايا أساسات وجدران لمباني خاصة جدران الأسوار ، وبعض المنشآت في الحصن داخل ، وهناك أيضاً صهريج للماء ، وبئر آلا أنه من غير المعروف تماماً تاريخ إنشاء وبناء هذا الحصن وكذلك متى تم هجرة ـ أيضاً ـ لكن لا يعرف بالضبط متى تم بناء هذا الحصن وكذلك متى تم هجره .

2- قرية قســم :

قرية قسم تقع إلى شرق سيئون ، وتبعد عنها (56 كم) ، هي بلدة كبيرة نسبياً على الضفة الشمالية لوادي حضرموت شرقي مدينة تريم تبعد عنها بحوالي (20 كم ) ، وتقع القرية على الطريق المرصوف بالحجارة الذي يربط بين المناطق الشرقية حتى قبر هود وتنتشر في الطريق حواليها القلاع ، والحصون الأثرية على الجبال وكذلك أفران صناعة النورة التقليدية ، وعدد من القرى التقليدية على ضفة الوادي الشمالية .

ومنطقة قسم زراعية خصبة تحفها أشجار النخيل ، وتزرع فيها مختلف المحاصيل الزراعية ، وتمتاز بصفة خاصة بقصورها المبنية باللبن وهي قصور جميلة البنيان أبرزها قصر ( قيس بن يماني ) الذي يشبه قصر السلطان بسيئون ، وكذلك قصر ـ بن إبراهيم السقاف ـ الذي استخدمت في تزيينه زخارف إسلامية رائعة ، وأبوابه ونوافذه محلاة بالزخارف مما جعل المبنى بشكل عام تحفة معمارية فريدة.

3- عينات :

تقع قرية عينات شرق سيئون ، وتبعد عنها بنحو ( 52 كيلو متراً ) وتقع على بعد (16 كيلومتراً ) شرقي مدينة تريم .

يعود تاريخ هذه القرية إلى النصف الأخير من القرن السادس عشر الميلادي حيث ارتبط بها الشيخ أبوبكر بن سالم أحمد الذي يعود إليه وإلى أولاده بناء قبابها السبع الشهيرة التي تتوسط مقبرة البلدة وقد كان الشيخ أحد أبرز الشخصيات الدينية والاجتماعية ، وكان حكماً في النزاع بين القبائل، وكانت قرية عينات بذلك ذات دور هام في الأحداث السياسية والاجتماعية بالمنطقة .

أما معالم القرية الآن فهي تلك السبع القباب التي تزين مقبرتها وهى قباب مبنية باللبن مطلية من الداخل والخارج بالنورة البيضاء ومباني القرية يسودها الطابع التقليدي للعمارة السائد في قرى الوادي.

4- حصن النجير :

يقع حصن النجير إلى الجنوب الشرقي من مدينة سيئون على بعد نحو(40 كيلومتراً ) شرقاً وهو حالياً عبارة عن خرائب واقعة على قمة جبل يبعد حوالي (15 كيلومتر) من شرقي تريم ، ولم يبق من معالمه سوى بضعة جدران قد تهدمت أجزاؤها العلوية ، وهذه الخرائب هي بقايا حصن ورد ذكره لدى الإخباريين في العام الحادي عشر للهجرة .

و كان لهذا الحصن ثلاث طرق يتم الصعود عليها من أسفل الوادي إلى أعلى قمة الجبل لتؤدي إلي داخل الحصن.

5- قبر النبي هود :

يقع قبر النبي هود شمال شرق مدينة سيئون بمسافة (140 كم) ويقع علي سفح جبل إلى جهة الشرق من بئر برهوت ، فقد جاء ذكر النبي هود في القرآن الكريم في سورة الأعراف في الآيات من (65 - 69) وكذلك بأنه نبي من أنبياء الله أرسله إلى قومه وهم في الأحقاف وهم في سورة هود قوم عاد وقد اعتبر الكثير من المؤرخين والنسابين أن الأحقاف هي المقصود بها حضرموت وقد تواترت الروايات في موضعها على وجه الدقة في حضرموت وموضع القبر فيها وقد جمع الأستاذ /عـبـد القادر محمد الصبان الروايات التاريخية عن وفاة هود وقبره نوردها على النحو التالي :

1- يقول الواقدي : ما يعلم موضع قبر نبي من الأنبياء إلا ثلاثة : قبر إسماعيل فانـه تحت المزياب بين الركن والبيت وقبر هود فانه في حقف من الرمل تحت جبل من جبال اليمن عليه شجرة تندي وموضعه أشد الأرض حراً " وقبر رسول الله ( ص) " فان هذه قبورهم بحق .

2- يقول الهمداني : يروي لنا الهمداني قصة الرجل الحضرمي الذي أتى الإمام على بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) يسأله ذات يوم فقال له علي : أعالم أنت بحضرموت ؟ قال : إذا جهلتها فما أعلم غيرها ؟ قال : أتعرف موقع الأحقاف ؟ قال : كأنك تسأل عن قبر هود ؟ قال علي لله درك ما أخطأت قال : نعم خرجت وأنا في عنفوان الشباب في أغلمة من الحي ونحن نريد أن نأتي قبره لبعد صيته فينا وكثرة من ينكره فسرنا في وادي الأحقاف أياماً وفينا رجل قد عرف الموضع حتى انتهينا إلى كثيب أحمر فيه كهوف مشرقة فانتهي بنا ذلك الرجل إلى كهف منها فدخلناه فأمضي فيه فانتهينا إلى حجرين قد طبق أحدهما دون الآخر وبينهما خلل يدخل فيه النحيف متجانباَ فدخلته فرأيت رجلاً على سرير شديد الأدمة طويل الوجه كث اللحية قد يبس على سريره وإذا مسست شيئاً من جسده أصبته صلباً لم يتغير ورأيت عند رأسه كتابة بالعربية " أنا هود الذي أمنت بالله وأسفت على عاد لكفرها " يقول جواد على : في كتابه المفصل في تاريخ العرب القديم وزعم الرواة أن هوداً ارتحل هـو ومن معه من المؤمنيين بعد النكبة التي حلت بقومه الكافرين من أرض عاد إلى الشحر فلما مات دفن بحضرموت ويدعى الرواة ، أنه قبر في وادٍ يقال له وادي برهوت غير بعيد عن بئر برهوت التي تقع في الوادي الرئيسي للسبعة الأودية .

إبـن بطوطـة : قد رأيت على مقربة من مدينة ظفار اليمن بموضع يقال له الأحقاف بنية فيها قبر مكتوب عليه هذا قبر هود بن عابر ( صلى الله عليه وسلم ) وقد شارك المؤرخون المحدثون حول الموضوع بإسهاب ومن تلك الإسهامات :

يقول مؤرخ حضرموت الكبير الأستاذ / صالح الحامد في كتابه " تاريخ حضرموت ج 1 .

من أشهر وأبرز المآثر القديمة بحضرموت قبر هود عليه السلام الواقع بالقرب من وادي برهوت شرق فغمة بنحو من (10 أميال) على سفح الجبل في الشعب المعروف بشعب هود وكونه بحضرموت والمنقول المتواتر خلفاً عن سلفٍ وعلى كل حال فلا يوجد قبر للنبي من الأنبياء غير نبينا ( ص) يبلغ في صحة تعين قبره ما بلغ منه قبر النبي هود ، فقد كاد أن يتفق المؤرخون على أنه بحضرموت وفي القرآن الكريم ما يدل على ذلك قال تعالي " واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف " وموضع الأحقاف لا خلاف فيه شرقي حضرموت .

تلك هي أهم الروايات التاريخية قبر النبي هود كما ذكرها الأستاذ / الصبان في كتابه " زيارات وعادات زيارة نبي الله هود "

- المهتمون بالأنساب اليمنية القديمة يعتبرون النبي هود الأب لقحطان الذي تفرعت منه الجذور اليمنية على أختلاف أسمائها لذلك يقتضي الأمر أن يكون موضوع قبر النبي هود هو نفسه المعروف باسمه في حضرموت بالفعل وذلك لإجماع الإخباريين عليه ، ونضيف إلى أولئك الإخباريين ما ذكره قتادة بن دعامة البصري الذي توفي في عام (118 هـ) أن الأحقاف والاسم الذي يطلق على وادي حضرموت ويطلق على مدينة الشحر مدينة عاد وهم قوم النبي هود ، وكان قتادة عالماً بأيام العرب وأنسابهم والقبر أتخذ منذ القدم طابع جذاب منذ عصور ما قبل الإسلام فقد كانت تقام عنده أحد أشهر أسواق العرب في الجاهلية وهذا السوق في سفح الجبل الذي يسمي هود في أسفل مسيلة وادي عدم ، وكان يقام بعد حصاد خريف التمر حيث تتم زيارة قبر النبي هود ، وهي زيارة ترتكز على عادات وطقوس دينية متميزة استمرت حتى وقتنا الحاضر حيث تقام سنوياً في شهر شعبان وقبل التعرض لطبيعتها سوف نبدأ أولاً بوادي برهوت ثم القبر وعادات وطقوس زيارته .

وادي برهوت ـ بئر برهوت : جاء عند بعض الرواة أن برهوت كانت بئراً بحضرموت وأن فيها أرواحاً والحقيقة يوجد وادٍ يقال له وادي برهوت نسبت إليه البئر ويحتمل صالح الحامد في كتابه تاريخ حضرموت أن تكون برهوت اسم لأرض واسعة ، فقد جاء في أخبار التبابعة ذكر أرض برهوت ، والتبابعة هم الذين حكموا اليمن في القرنيين الرابع والخامس الميلاديين .

أما الآن يوجد وادي برهوت حاملاً الاسم نفسه وبه الجب أو المغارة التي يقال أنها بئر برهوت وبجوارها يوجد ضريح النبي هود عليه السلام وقد ذكره الشعراء المخضرمون الجاهليون ، قول كليب بن أسد بن كلب الحضرمي ولعله كان من سكان وادي برهوت وفد إلى رسول صلى الله عليه وسلم ومعه هدية أمه ثوب من نسيج يدها ليسلم ويقدمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يخاطبه :

من وشْي برْهوت تهوي لي غذافرة أتيتَ ياخير من يحفى وينتعلُ

شهرين أعملها نصاً على وجــل أرجوا بذاك ثواب الله يارجلُ

وجاءت مآثر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أمير المؤمنيين علي بن أبي طالب رضي الله عنه في شأن بئر برهوت وأن بها أرواحاً وقد روى الهروي عن الأمام علي رضي الله عنه وأخرجه الطبراني في معجمه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم " قال شر بئر في الأرض برهوت " والروايات كلها تدل على أنها كانت بئراً وهي الموجودة ألان على شكل كهف أو مغارة وتوصف بأن لها صوتاً ، وأن لها رائحة نتنة ، ونقل أبن هشام من أخبار يعرب بن قحطان أنه أتاه أتٍ فقال له يا يعرب هلا جعلت نقباً في الجبل الأغر من أرض برهوت في غربي الأرض فإنه معدن عقيان وانقر شرقية فانه معدن لجين ففعل ، ثم إنه يستخرج الجوهر من العقيق فكثر اللجين والعقيان في أرض اليمن .

ب : قبر النبي هود وعادات وطقوس زيارته :-كان موضع القبر متوعرا غير ممهد ، وفي القرن التاسع الهجري قام الشيخ الفقيه حكم بن عبدالله باقشير المتوفى سنة( 87هـ – 879 هـ) بعمارة المشهد عمارة تامة وبناه بالحجر والنورة ، وأقام عليه قبة ومهد محيطه من جهة الغرب وذلك ليقابل الزائرين وجهه ويجلسوا مستقرين ، ثم أضيفت العمارة بعد ذلك فقد بنى السيد الشريف الفاضل أبو بكر بن محمد بلفقيه قبة ضخمة على جانب الحجرة المتصدعة في نحو نصف القبر عام (1097 هـ) ، وقد تعددت العمارة ـ أيضاً ـ حتى العصر الحاضر ، فقد مهد السيد علوي بن عبدالله الكاف الدرج المعروف اليوم ، وبنى حول القبر موضعاً واسعاً ، وبنى حول الصخرة المسماة " الناقة " بناءاً من الحجر ، وردمه وسوَّاه ، فتهيأ هناك موضع واسع يتسع لجموع الزوار ، وطلى ذلك كله بالنورة ، أصـلـح ذلك كـله بكل إحكام .

وقد كان منذ عهد غير قريب موسم لزيارة النبي هود يجتمع حوله الناس منـذ عصر ما قبل الإسلام ، فقد نقل الأستاذ الحامد عن كتاب السعادة والخبر في مناقب آل باقشير إذ قال : ذكر أن ذا القرنيين زاره بحضرموت ، وقال ذكر ابن هشام أن النبي سليمان بن داوود زاره ـ أيضاً ـ وأنها سارت به الريح إلى الأحقاف ليزور قبر هود عليه السلام ورآه ثم أنصرف ومر على البحر حتى بلغ عدن .

وعن جواد علي كما جاء في كتابه المفصل في تاريخ العرب القديم أن هناك بعض المستشرقين يرون أن هذا المكان الذي فيه قبر هود هو الموضع الذي ذكره الكتاب والذي زعموا فيه الرومان أن قبيلتين من قبائل جزيرة اقريطس كريت ارتحلتا عن الجزيرة التي تقع في البحر الأبيض المتوسط لتتجه إلى موضع قبر النبي هود الذي كان يضم مئات من القبائل العربية ، فكانت من أقواهما وسكنتا على مقربة من موضع القبر .

جـ) زيارة القبر بعد الإسلام : جاء عند الهمداني المتوفى في (355 هـ) أن قبر هود كان يزوره أهل حضرموت و أهل المهرة في كل وقت أي في كل عام . وفي القرن السابع الهجري في عهد الشيخ عبدالله باعباد القديم كان في زيارة الموسم يذهبون فيه مع الشيخ عبدالله وذلك بعد فراغ الناس من أشغال جني التمر وتعبئته وكانوا يعتمدون على توقيت غير الأشهر القمرية في هذا الموسم ، وأول من جعل موسم الزيارة على الشهر القمري هو الكبير أبو بكر سالم العلوي المتوفى سنة (992 هـ) إذ جعل توقيت زيارة قبر النبي هود في شعبان وجعل المبيت هناك ليلة النصف من شعبان ، إذ كان هو يقيم هناك من الليلة الحادية عشر منه وقيل أن أول من رتب الزيارة في ذلك الحين هو شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن ذلك من حيث التوقيت ، أما من حيث طريقة الزيارة فقد انتقلت كيفية الزيارة في عهد الإمام عبدالله بن أبي بكر العيدروس ( 811-865هـ الموافق 1408-1460م ) من الكيفية الفقهية إلى الطريقة الصوفية التي لا تقتصر على السلام والترحم بل تتناول التوسل والاستمداد والتبرك بالمزار له .

د- عادات وطقوس الزيارة :- يجري أولاً الإعداد للزيارة وتبدأ بحث الوعاظ للناس في المساجد منذ جمادى الثانية على زيارة نبي الله هود ويقولون إنه لا ولاية تعقد لولي بحضرموت إلا بجوار وفي حضرة نبي الله هود ، ويستمر إعلام الناس في مجالس الوعظ الأسبوعية والليلية وتتلى القصائد المحبذة للزيادة كقولهم من قصيدة عبدالله بن علوي الحداد :

ياوجيه إنها هبتّ رياحُ السعودِ

واومض البرق في الداجي من اقصى النجودِ

ذكرتني ليال قد خلت حول هودِ

شعب قبر النبيْ المرسلْ وفي العهودِ

ياليالي الرضا عودي ليخضَّر عودي

باللقا والتداني بعد طول الصدودِ



الـتـهـويـــدة



في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب تقرأ في المساجد والجوامع قصة الإسراء والمعراج كما هو في معظم مناطق اليمن وبعض المناطق الإسلامية وعند الانتهاء تكون التهويدة ، وفي آخر يوم أربعاء من شهر رجب تقرأ قصة المولد بتريم وعند الانتهاء تكون التهويدة وهى تسجيعات تحث على زيارة قبر هود وعند كل آخر تسجيعة تغنّى لفظة الجلالة ثم يقول الجميع بأصوات مرتفعة " هود يا هود "

يا غافل أذكـــر الله وقل لا إله إلا الله

موجود في الكون الله الله الله الله

يا هود يا نبي الله

ياللي كلّمة الغزال وحنّت عليه الجمال

رسول الله مولى بلال شفيع الخلق عند الله

ياهود يا نبي الله

وبعد الانتهاء من التهويدة يصطف الناس صفوفاً وتبدأ الأراجيز في مجاميع كل مجموعة تتكون من (20 ـ 50 شخصاً) ويتوسطهم شلال ( أي حادي ) أو نشاد يتغنّى بالقصائد ، والمجموعة تردد الترجيع الذي لقّنهم إيُاه من أراجيز الأعلام " يا زائرين النبي " و" يا نبي الله جئنا إليك " ويستمر الحادي يتلو أهازيجه والجميع يرددون بعد كل بيت " يا نبي الله جئنا إليك " وتعتبر هذه الليلة إشهاراً ( أي الدعوة إلى الزيارة ) ويعتبرها الحاضرون والمرتجون ليلة سعد فيرددون " يا ليلة السعد عودي " .

الـخِـبْرِة:-

بكسر الخاء وسكون الباء وكسر الراء وسكون الهاء هكذا تنطق منذ يوم السابع والعشرين في رجب ومما قبله وكل مجموعة من الناس تكون لنفسها ملتقى وتربط بعضها في بعض لتتهيأ للمسير وترتبط ، ويقال لهذا الارتباط " الخِبْرِه " ولكل خبره رئيس ينظّم أعمال الخبره ولوازمها وما تحتاج إليه وينظّم الأعمال والواجبات لكل الرفقة .

الرحيل إلى قبر هود

يختلف يوم الرحيل فأهل علوي يرحلون من بلدهم قبل أهل حدراء ، وعلوي من سيئون وغرب وحدراء من تريم وشرق ، والتسمية منبعثة من علو الوادي وانحداره ، فأهل شبام وسيئون ومن كان غرب شبام يكون رحيلهم قبل أهل تريم ومن بعدهم .

قبل الرحيل يتفق مع أهل الجمال ، وتعرض الجمال بتريم في محل بارز وساحات كبيرة ويتقرر الجعل ( أي أجر الجمل ) ويقوم بالجعل " الفصّال " وهو الدلال يقوم بالعمليّة برباط الأجير والمؤجر وللفصل والفصّال التزامات وروابط وعادات ، وتخضّب الجمال والحمير بالحنّاء وتكتب عليها التعويذات ، " وحالياً يستخدم كثير من الناس وسائل النقل الحديثة " .

تدريب النوق على الركض

قبل العرض تقوم البادية من المناهيل وغيرهم بتدريب الجمال على الركض لتحوز قصب السبق عند السباق ، ولقد اشتهرت الجمال المهرية بالسرعة .

الـسّـــرج



لكل جمل أو ناقة سرج يتفنن الزوار في السروج كما يتفننون في خرج البهيمة ـ وهو الحقيبة يوم المسير أو يوم الرحيل

بالنسبة لأهل علوي فان الميعاد المحدد للرحيل هو يوم الرابع أو الخامس لشهر شعبان وبالنسبة لحدراء يوم السابع من الشهر أو التاسع والحديث عن التحديد للأيام هو قبل السيارات ، وتقسم الأيام إلى مراحل وعند الصباح الباكر يتوافد الجميع إلى الساحة الكبيرة ويمشي الجميع أولاً لزيارة الأضرحة الموجودة بكل بلد " كجزء من الزيارة " وتخرج العدّة والخابة ـ أي الألعاب الشعبيّة ـ على اختلاف أنواعها ، يقوم بهذا أهل الحوف والعمال .

ويمشي المناصب والسادات والمشائخ قبل أهل العدّة والخابة وتزغرد النساء ، وتتم الزيارة الأولى للمشاهد والأضرحة الموجودة بالبلدة ، ولكل بلدة من بلدان حضرموت مناصب وسادات ومشائخ يتزعّمون القوم ويتقدّمونهم ، وينطلق الركب بالحفاوة والإكرام .

وعند كل ضريح من الأضرحة والمزارات التي هي على الطريق يقف الركب جميعاً ليزور ذلك الضريح .

ولكل بلدة منصب أو مناصب على اتفاق بينهم في الحط والترحال ، وقبل تحرّك الركب ينادي المنادي ليقول إن السادة والمشائخ فلان وفلان يقولون الأبراد بموضع كذا والمبيت بموضع كذا والرحيل مـن المكان أو البلدة ساعة كذا ، وهناك ضوابط ولوازم يحتّم العـرف والتقاليد بأتباعهم لها ، فلا يمكن تخطّي الأمر .

الخفارة أو السيّارة

لا يمكن أن يتحرّك الركب إلا ومعه خفير " سيّر " من القبائل المجاز لهم الخفارة لقوّة شكيمة قبيلتهم كالمهرة والمناهيل وغيرهم ، فكل ركب بلدة لها خفراء يسيرون جنباّ إلى جنب مع أوّل الركب وآخره ، والخفير يتقيّد بالمواعيد التي يحددها المنصب للركب ، وإذا تعدّى أحد القبائل على أي محاط بالخفارة من الركب فان الخفير وقبيلته مسؤولون عن تلطيخ الدم ويعتبر عاراً على القبيلة كلها ، فالقبيلة يجير أدناها وللخفراء مناطق محددة ، ( ذلك هو واقع معاش قبل الثورة ) .

بعثات العاملين قبل الزيارة

قبل الزيارة يرحل العمال المندوبون لإصلاح المنازل و " الخدور " ويرحل المشائخ آل باعبّاد قبل مسير الركب ليمهّدوا الطريق ويصلحوا ما خرب من المساجد أو المآثر حول القبر باعتبار أن لهم اليد الطولى في هذه الزيارة ومنذ أيام الشيخ عبدالله القديم .

أيام العطلة السنويّة

تعتبر أيام الزيارة أيام عطلة عن العمل بالنسبة للمزارعين والعمال ، فالفلاحون يعتبرون أيام الزيارة ثمانية أيام ، وهي أيام استراحة لهم ، وهم يعدّون أنفسهم بالتمتّع بهذه الأيام وفي شعارهم الشعبية في هذه المناسبة ما يأتي :

يا فرحة القلب لا قالوا دخلْ شهر هودْ

ثمانية أيام في راحه ونحـنـا قعـودْ

وشهر هود هو شهر شعبان ، ولتقدير الزيارة سمّي الشهر وأطلق عليه شهر هود ، وهذا الاسم معروف لدى العمال والفلاحين ولدى كثير من الشرائح الاجتماعية الأخرى ومشهوراً أكثر من شهر شعبان .

المواصلات

استعمل الناس للزيارة قبل السيارات وسائل النقل المعهود من جمال عليها السرج أو الشــدخ أو

الهودج ليحمل عدداً أكثر ، وخصصت كل خبره ـ أي رفقة ـ جملاً أو راحلة للزاد ويقال له راحلة

الزّواد .

واستعملت الحمير والبغال كما استعمل الآدمي لنقل الآدمي ، " فالميانة " يستعملها الأثرياء ـ وهي عبارة عن هودج مستطيل يكون الراكب في وسطه ويمكن للراكب أن ينام فيه ويحمله أربعة من الرجال بالتناوب ـ ويخصص " للميانة " مجموعة من الناس ويتولّى أحدهم الغناء ويرددون الترجيع ، وللميانة أشعار خاصة ونغم خاص إلى حركة السير المتعجلة أقرب ، وأغلب الزوار من العمال يمشون على الأقدام .

المراحل

تعتبر بلـدة تريم وأهل تريم هم الأصل في الزيارة كما تعتبر الوقفة بدخلة آل الشيخ أبو بكر بن سالم ، ولذا فإن عوائد الزيارة وترتيبها مرتبط بأهل تريم ويأتي دور سيئون وأهل سيئون في المرتبة الثالثة حتى أنهم ليس لهم زيارة خاصة بهم إلا في الوقت المتأخر .

وأهل تريم يقسّمون المراحل إلى أربعة مراحل وفي كل مرحلة عرض وسباق للجمال ودخلة وألعاب وأناشيد حتى يصلون إلى الشعب .

عوائد أثناء المسير

منذ أن يتحرّك الركب فهو يعيش عوائد وتقاليد وأغاني وأناشيد منها ما هو مستحسن ومنها ما هو غير مستحسن .

عند بدء السير من مرحلة إلى أخرى يتجمّع الذين يسيرون على الأقدام ليرتجزوا أهازيجهم وأغلبها توسلات بالأولياء من الأموات ، ويجتمع الركّاب ببعضهم البعض ليأخذوا في الأهازيج أيضاً .

الوُعِيلة والعبيب

الوُعِيلة هو الذي لم يقم بزيارة هود من قبل هذه الزيارة ، وهذا يلقي من الجمهور شماتة " ويٌعبْعبون عليه " ـ والعَبْعَبة كهدير الجمل على الناقة وتخرج من بعض الشفاة لَعاب وتفل يؤذي الإنسان ويكاد يبكي ويتضارب معهم فتراهم يلفّون حوله بأصوات مزعجة ـ .

لكن المناصب يقولون الضحكة في هود كالتسبيحة في غيرها ، وهؤلاء السذّج يريدون أن يضحكوا الناس على العويلة ، وعلى العويلة عندما يصل قبر هود وتشاهد عيناه القبر عليه رأس غنم كفدية تعطى للخبرة هدية منه وإلا فالويل له إن حرم الخبرة حقّها .

الألـقـاب

لكل بلدة أو قرية من قرى حضرموت غالباً لقب تلقّب به على غير رضى به ، وعندما يمر أي ركب يردد بصوته في ترديد جماعي لقب تلك البلدة أو القرية ليثير حفيظتها ومن الناس من يتندّر عندما يسمع لقب بلدته ومنهم من يغضب ويقوم للمضاربة .

ولقد نظم عبدالله بن عمر بن يحي " الميدان في ألقاب البلدان " وهي مدوّنة من خمسائمة بيت حوت ألقاب المدن بالتسلسل الجغرافي مبتدأ من سيحوت حتى وصل إلى المكلا .

عـادات الـزيــارة

دخول شعب هود يبيت الركب في فغمة أو يبحر وهي على أميال من شعب هود وتكون هذه أخر مرحلة إلى الشعب وتكون فيها السمرات بالمغاني والأهازيج ، وفي الصباح يرحل القوم ، وعند دخولهم للجبل تكون الدخلات بالزوامل والخابات ويتقدّم المناصب ويصل كل منصب إلى خدره وينادي إن الزيارة ستكون الساعة كذا ليخرج الجميع إلى النهر .

الخَدور

بُنيت في شعب هود مدينة كاملة من البيوت وخطَطت بها أسواق وأماكن للبيع والشراء ، ويملك هذه المدينة الأثرياء والتجّار ، ولكل قبيل خدر ـ أي بناية ـ والخَدر ينطقها الحضارم بالفتح ويعنون بها البيت ، وتستعمل فقط أيام الزيارة ثم تبقى خالية وتعطى تراخيص البناء على الأرضيّة من المشائخ آل باعبّاد فهم الذين يمنحون الترخيص والإذن بالبناء ويصرفون ما يحصلون عليه على الترميمات في القبر والمسجد .

الغسل في النهر

تتوافد كل مجموعة زوار من بلد إلى النهر وإلى الناحية التي يقف فيها الحبيب المنصب ، وكل بلد يتقدّم زوارها منصب وحبيب أو شيخ ويبدأ ون في نزع ثيابهم للغسل إلا ما يستر العورة ويغتسلون في النهر .

الـسـَقـيـا

تتزاحم الزوار على المنصب أو الحبيب أو الشيخ وهو يسقيهم بيده من النهر تبرّكاً به وهو يرمز إلى الشرب من الكوثر يوم القيامة .

الـركـوع عـنـد الـحـصـاة

عندما ينتهي الغسل والسقي يتأهّب الجميع لأداء مراسيم الزيارة ، وقبل التحرّك يركع كل زائر ركعتين أمام حصاة تعرف بحصاة عمر ـ أي عـمـر المحضار ـ نـقـيـب العلويين المتوفى سـنة (893 هـ الموافق 1487م) ، يركع الجميع ركعتي سنّة الوضوء ويتوجّهون إلى بئر التسلوم .

الـتـسـلـيـمـة

يقف الجميع أمام بئر التسليمة والمعروفة الآن والتي يقال عنها أنها ملتقى أرواح الأنبياء والرسل والأولياء الصالحين ، كما إن بر هوت ملتقى أرواح الكفّار ، كان الأخيار والأشرار كلّهم بحضرمـوت ، يقف الجميع ويتقدّم الحبيب أو المنصب أو الشيخ ، ولا يقوم بالتسليم في الغالب إلا من ينتمي إلى العلويين فيبتدئ بالسلام على الرسل والأنبياء مبتدأ بمحمد ( صلى الله عليه وسلّم ) ، ثم يقول السلام عليك وعلى جبريل وعلى أدم إلى أخر السلام على الأنبياء والمرسلين والملائكة ، ثم يتوجّه الجميع إلى زيارة القبر .

أمـام الـقـبـر

بعد التسليمة عند بئر التسلوم يتوجّه الجميع في زجل دعائي إلى القبر ويقفون بتجاهله ويسلّمون ومثل التسليمة الأولى وهم قيام ، ثم بعد انتهاء التسليم يجلسون ويقرأ ون سورة هود ثم ترتّب الفاتحة ، يرتّبها الحبيب المنصب ويستمد ويسأل ويتوسّل ويطالب بتحقيق المطالب ثم يخرجون ويرددون :

إن قيل زرتم بما رجعتم ياسيّد الرسـل ما نقول

قولوا رجـعـنا بكل خير وأجتمع الفرع والأصول

الـنـاقـة

الناقة المتحجّرة يزعم العوام إن ناقة هود تمخّضت ثم صارت حجراً وقد بني حول الصخرة المسمّاة الناقة بناء من الحجر وردم وسوّي فتهيأ هناك موضع للزوار يسع الجموع وطلي بالنورة

ويقول الأستاذ الحامد : أنه أصلح ذلك بكل إحكام علوي بن عبدالله الكاف وصرف على تلك البناية والإصلاح مالا يستهان به يقدر بنحو خمسة آلاف من الريالات .

بعد الانتهاء من الزيارة الأولى عـنـد الضريح يخرج الجميع إلى عـنـد الصخرة الناقة المتحجرة ـ أي التي صارت حجراً ـ وتقرأ قصة المولد النبوي في هذا المحل ثم يقف المذكر وتنشد القصائد الوعظية وترتل الفاتحة .

ومحل الناقة وأمام الضريح من الأماكن والمحلاّت المقدّسة والتي تطلب فيها قضاء الحاجات واستنزال البركات ودفع الكربات ، ثم تنقضي الزيارة الأولى ويرجع الناس إلى خدورهم .

أيـــام الزيارة

يقضي الزائرون أيام الزيارة وهي أربعة أيام وأوقات الزيارة اليوميّة تبتدئ قبل الفجر وتمتد إلى طلوع الشمس ، وفي هذا الوقت تقرأ سورة هود ثم يحدو الحداة بالمأخذ وهي عبارة عن توسّلات وطلبات من النبي هود لزوّاره ويردد الجميع الترجيع ويذكر المذكر ولا يتعدّى تذكيره الترغيب للزيارة وذكر الموت ومحبّة أهل الفضل وما إلى ذلك .

ثم ينفضّ الجمع بعد طلوع الشمس ويعود المناصب إلى بيوتهم وفي المساء يأتي دور الزيارة اليوميّة الثانية وتبتدئ بصلاة المغرب عند القبر ثم يقرأ الجميع سورة هود ، وبمثل الزيارة الأولى وتنتهي بصلاة العشاء عند القبر يعود المناصب .

السمرات والألعاب الشعبية

تقام في ليالي الزيارة ألعاب شعبيّة ورقصات الشبواني والخابة ، فكل بلدة تقوم بألعابها وأمام بيت منصبها وحتى الليل .

الــدخـــلات

تفد وفود الزوّار إلى شعب هود ولكل وفد ولكل بلد دخلة وزيارة لنفسه تشتمل على الصفات التي حددناها .

أمّا بالنسبة لكل بلد غير تريم فلها دخلة واحدة فقط ، أما تريم فإن لكل بيت من بيوت العلويين دخلة وزيارة غالباً ، دخلة آل بلفقيه ، دخلة آل الحدّاد ، دخلة آل شهاب ... الخ ، وهكذا وفق نظام خاص فلا تتقدّم واحدة على الأخرى فالالتزام والربط موجود .

سباق الجمال والنوق

يقام السباق بين الجمال قبل الدخول إلى الشعب ، ولأهل تريم في هذا السباق القدح المعلى فأنهم يقومون بالسباق ويتكرر السباق مرات قبل الوصول إلى الشِعب وعند الوصول وعند الرجوع من الزيارة .

الـوقـفـة

تكون الوقفة يوم الحادي عشر بزيارة آل الشيخ أبوبكر بن سالم وزيارة آل شهاب ، ففي اليوم الحادي عشر تكتمل وفود الزائرين ومن أدرك الوقفة فقد أدرك الزيارة والوقفة يوم الحادي عشر من شعبان صباحاً .

ويدخل آل الشيخ أبوبكر بن سالم بالطبالة والأهازيج والطبول ويجتمع الناس من كل الزوار ، ويكون لزيارتهم ودخلتهم زجل عظيم ، وتعتبر دخلتهم الدخلة العظمى وهي في مراسيمها لا تختلف عن الأطر المقيّد بها نظام الزيارة كما ذكرنا إنما تمتاز بالطبالة والطبول والبيارق وكثرة الناس .

وتأتي دخلة آل شهاب بالنسبة لكثرة المشاركين بعد دخلة آل الشيخ فالمرتبة الأولى لأل الشيخ أبوبكر والمرتبة الثانية لآل شهاب ، لقد ذكر الإخباريون أن الشيخ أبوبكر بن سالم هو الذي أعاد ربط أيام الزيارة بالتوقيت القمري في شعبان وذكر بعضهم أن الذي أعاد ربط الزيارة بالتوقيت القمري هو شهاب الدين أحمد بن عبد الرحمن السقاف ولهذا الاعتبار كان لزيارة آل الشيخ وآل شهاب ميزة كمؤسسين في الأطر الجديدة .

دخلات القبائل أو زيارات القبائل

تطلق لفظة القبائل على حملة السلاح وللقبائل نصيب في زيارة هود فقد كان المهرة يزورون القبر هم وأهل حضرموت كما ذكر ذلك الهمداني في صفـة جزيرة العرب : " وحـيـث قبر هـود النبي ( صلى الله عليه وسلم ) وقبره في الكثيب الأحمر ثم منه في كهف مشرف في أسفل وادي الأحقاف وهو وادٍ يأخذ من بلد حضرموت إلى بلد مهرة مسيرة أيام وأهل حضرموت يزورنه هم وأهل مهرة في كل وقت " ، ويقول كتاب المحّبر إن سوق " شحر" شحر مهرة تقام تحت ظل الجبل الذي عليه قبر هود وكان التجار تتخفر فيها ببني محارب بن هرب من مهرة .

وفي عصر يوم الحادي عشر من شعبان تكون دخلة القبائل المناهيل يتقدمهم ويزور بهم منصب آل حامد وتكون الزيارة بالمراسيم المحددة من الغسل في النهر والتسليمة والزيارة أمام القبر والمولد عند الناقة ، وتمتاز بإطلاق العيارات الناريّة من البنادق وإقامة النصع وإطلاق العـيارات حتى يصاب النصع .

يوم العاشر

يعتبر يوم العاشر عيد الزوار بالشعب فينحرون الأغنام ويأكلون ألذّ المأكولات ويتفنّنون في الطهي للطعام وفي أجناس الطعام من الهريسة وغيرها .
  رد مع اقتباس