عرض مشاركة واحدة
قديم 01-14-2013, 11:07 PM   #45
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

اليمن" أنصتوا….. إيران تطرق الأبواب


أنصتوا….. إيران تطرق الأبواب

هنا حضرموت / علي محمد بابطين
الأحد 13 يناير 2013


تحدَّث مسؤولون يمنيون شماليون عن النفوذ الإيراني المتزايد في اليمن ، واللافت أن هذه الأحاديث جاءت في سياقات مختلفة بين الحكم السابق والحكم الحالي الذي جاء برعاية سعودية ، وكذلك فقد كان حديثاً ليناً فيه اعتراف بحق إيران في النفوذ إلى داخل الأطياف اليمنية ، بل إن ( عبده الجَندي ) المحسوب على تيار علي عبدالله صالح دعا إيران إلى مساعدة اليمن .

فما المغزى من وراء هذه الرسالة الواضحة ؟

أولاً يجب الاعتراف على أن لإيران قدم في اليمن ، خصوصاً في دعم الحركة الشيعية الحوثية في الشمال اليمني فهي تسير وفق الطموحات الإيرانية لتأسيس مراكز قوى تستطيع التأثير في السياسات الإقليمية ، أنها تريد في الجزيرة العربية نفس التأثير الذي تركه حزب الله في لبنان والمنطقة المحيطة به.

ولا يختلف المشهد السياسي والاقتصادي في لبنان عن اليمن كثيرا ، وتعتمد إيران في الموضعين على التوجهات الشيعية المذهبية والاستفادة منها إلى أقصى الحدود وتوظيفها لصالح النفوذ الإيراني .

غير أنه ومن الواضح أن الحركة الحوثية لم تستطيع الوصول إلى الدور الذي يمثله حزب الله ، وهذا لسبب بسيط أن الوسيط السوري ليس موجودا في المشهد اليمني ، ورغم السياسة التي اتبعها النظام السابق في اليمن والقائمة على غض الطرف عن التحركات الحوثية ، إلا أنه لم يصل إلى دور الوسيط السوري فموضع القدم الذي يأمله النفوذ الإيراني لم يكن كافياً لتفعيل مركز قوة إيراني واضح .

والسياسة الإيرانية واضحة المعالم فهي سياسية توسعية بامتياز ، لكنها تستخدم الجانب المذهبي وتحاول الاستفادة منه في سبيل خدمة سياستها التوسعية ، وتحاول إضعاف القوى العربية الواقعة غرب آسيا وخصوصاً المملكة العربية السعودية ، ومعها كوكبة دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء دولة عمان والتي تربطها بإيران علاقات جيدة رغم التنافر المذهبي الواضح.

ويمكن القول بأن إيران تؤمن بالمبدأ القائل بأن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم ، لذا هي تسعى بصرامة لتحقيق أهدافها وكل ما يساعد على ذلك .

ولا شك أن السياسة الإيرانية موجهة بالدرجة الأولى بعد سقوط صدام حسين إلى إضعاف الدور السياسي السعودي ، لأنه ببساطة العقبة الوحيدة أمام النفوذ الإيراني الفارسي وهذا العداء رغم التنافر المذهبي الحاد إلا أن هذه العلة ليست سبب الصراع وإنما سبب العداء الإيراني للدور السعودي هو ما يلي :

القوة الاقتصادية للدولة السعودية وعلاقتها القوية وتماثلها المذهبي مع كثير قوى البلدان العربية ، وقوة تأثير صوتها.

التعاون السعودي الغربي ، ورغم وجود توجسات من الدور الغربي خصوصاً الأمريكي إلا أن الولايات المتحدة لا تُظهر ذلك لسبب بسيط هو أن السعودية أثمن من أن يتم فقدانها ، وحاجة الأمريكان للدور السعودي الفاعل في مواجهة ما يسمى بالإرهاب حاسمة ولا يمكن لأي جهد أن ينجح بدون الدور السعودي ، كما أن المخزون النفطي السعودي حاسم ضمن الصعيد الاقتصادي العالمي.

إذن فيمكن القول أن الغرب يهتم جداً بالوقوف إلى الجانب السعودي في مواجهة إيران عملياً ، لكنه يغض الطرف عن نشاطاتها التوسعية في لعبة توازنية معقدة .

وهذا التوازن يتيح له استخدام النفوذ الإيراني التوسعي كبعبع لإخافة الأنظمة الخليجية ، ودفعها إلى تنفيذ متطلبات غربية متزايدة.

إذاً من الواضح المؤكد أن إيران تسعى إلى خلق مناطق قوى لها أو تحييد مراكز قوى في مواجهتها مع السعودية ، التي يبدو أنها الوحيدة القادرة على منع تحقق هذه السياسة التوسعية ، وتسعى إيران في مخطط مكشوف على تحييد الدور المصري القوي وفك الارتباط بين مصر ودول الخليج العربي ، وهو ما قد تنجح فيه في ظل السياسة الرعناء المتوجسة التي تقوم بها أوساط خليجية بعد وصول الإخوان إلى الحكم.

ولاشك أن تحييد الدور المصري وهو القدر الذي ستكتفي به إيران لأن مصر أكبر من أن تستطيع إيران ابتلاعها وهضمها ، لذا فهي حريصة على تحييد الدور المصري وهذا مما سيساهم بلا شك إلى توسع دائرة النفوذ الإيراني في المنطقة.

كما أن السياسة السعودية المترددة بعد أحداث التاسع من سبتمبر سيساعد في تقوية هذا النفوذ ، وللأسف فإن المعسكر الحليف للسعودية يعيش حالة من التردد كذلك وهم في الجملة عبء أكثر من كونهم حلفاء.

وفي اليمن يبدو أن الدور السعودي يعاني من مشكلات عديدة أكثرها نشأ بسبب السياسات اليمنية التي نفذها علي عبدالله صالح باقتدار ، فهو جعل من اليمن بؤرة من بؤر القلاقل التي لا تنتهي والتي أصابت السياسة السعودية بالصداع ، ولم تستطع المبادرة الخليجية ووصول هادي – الرئيس الضعيف – للحكم إيقاف هذه الحالة المزرية. ولم تستطيع السعودية إنهاء الوجود الحوثي بنفسها وليست صنعاء بأحسن حال فهي تشهد صراعاً قابلاً للتفجر، والعجيب أن صنعاء رغم ضعف قبضتها من الأقاليم الشمالية لازالت متشبثة بالأقاليم الجنوبية التي قدمت لها مع طبق من عسل مسموم .

ولا عجب أن يقال أن اليمن تعاني من الوحدة ، بل هي التي أوقعت اليمن في هذه المشكلات المتزايدة لأنها أضعف من أن تستفيد من الوحدة سياسياً ، وهي وإن استفادت من عمليات نهب مبرمجة، لكنها مكاسب شخصية لا تعود للدولة اليمنية بفائدة ونتيجة لهذه المواقف المتعارضة والمتقاطعة فإن كل الأطراف المتصارعة تلوِّح بالورقة الإيرانية في وجه الحكومة السعودية.

كما أن وجود القاعدة أو التيارات الدينية والتي سمح لها الوضع اليمني المتداعي بالوجود يمثل صداعاً للقيادة السعودية .

وستحمل الأيام القادمة العديد من الاحتمالات المذهلة في الوضع اليمني ولن ينفع التردد السياسي في حل أزمات اليمن بل سيزيدها تشعباً ، ويبقى على الشعوب في آخر المطاف أن تختار بين سعي صادق لتحقيق أهدافها المشروعة وأن تكون جزء من عالم مشتعل ، أو أن تكون ضحية هذه المطامع وترضي من الغنيمة بالإياب.

أخيراً ما المفترض على السياسة السعودية أن تقوم به لمواجهة النفوذ الإيراني المتزايد .

والذي نراه ونعتقده أنها يجب أن تسير في مسارات غير ترددية وهي :

- المسار السوري بإسقاط الرئيس السوري وإقامة حكومة تنأى بسوريا عن دور الجسر الشيعي بين إيران وحزب الله في لبنان وهذا بدوره سيضعف الوجود الإيراني الشيعي في لبنان وسيعيد للنفوذ السعودي وجوده السابق.

-إعادة ترتيب الأوضاع السياسية في اليمن بفك الارتباط بين القوى المتصارعة ، وهي أمام خيارين إما إعادة الوضع إلى ما قبل الوحدة وتقسيم اليمن إلى دولتين ، أو الأخذ في الاعتبار القوى الجديدة وأهمها أنصار استقلال حضرموت لكنها ستظل مراقبة للمعارضة الجنوبية والحضرمية وقدرتها على إيصال مشروعها والدفاع عنه ، وفي حال نجاح العصبة الحضرمية أو أي قوة حضرمية أخرى في تجميع الصوت الحضرمي وإثبات وجودها القوي ووضوح برنامجها السياسي ، فإن التقسيم الجغرافي سيتم اعتماده على ثلاث دول وسيتم بلا شك ترضية الأطراف المتضررة سواء في التقسيم الثنائي أو التقسيم الثلاثي ، وسيكون الحضارمة هم الطرف المتضرر في حالة العودة إلى ما قبل سنة الوحدة المشؤومة ، بينما سيكون الطرف الجنوبي هو المتضرر من إعطاء حضرموت حقها الاستقلالي.

ولا شك أنه السعودية خلافاً لما حدث سنة ١٩٩٤ إبان محاولة الانفصال الأولى باتت مطلقة اليد من قبل القوى الدولية والمحلية الفاعلة باستثناء إيران لذا فهي إمام منعطف تاريخي ، ومع ذلك فهي لكي تقوم بهذا الدور عليها أن تتخلص من سياستها الخارجية المترددة.

كذلك ومع قدرة السعودية على رسم الأوضاع في جنوب الجزيرة العربية إلا أنها لن تكتب قدر هذه المنطقة وعلى القوى المحلية أن تكون لها اليد الطولي في صنع مستقبلها .

فأنصتوا أيها الحضارمة إنني أطرق أبوابكم فهل من مجيب…
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس