عرض مشاركة واحدة
قديم 02-24-2010, 10:00 PM   #13
سرحةالجامع
حال نشيط

افتراضي

الأخوة الأعزاء :
______

إذن فلا مانع من التحدث بنعمة الله عن مولانا رسول الله صاحب الذكرى من بطون القرآن الكريم ,

مادمنا نحافظ على حرمة اخوانه النبيين والمرسلين صلوات الله وسلامه عليهم ونبين ما يجليه لنا

كتاب الله الكريم في مقارنته صلى الله عليه وآله وسلم بهم ابرازاً لفضله على فضائلهم وإن علت

وإظهارا لقدره على أقدارهم وإن جلت , خاصة وان المتكلم بفضله هو رب العالمين جل جلاله وعز شأنه

وهو القائل في سورة البقرة :

( تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات ) 0

قال العلماء إن الذي رفعه الله درجات هو نبينا صلى الله عليه وآله وسلم 0

ونذكّر في هذا المقام ببعض ما جاء في القرآن الكريم عن سادتنا المرسلين أولي العزم وهم خمسة

وعلى رأسهم رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم ويجمعهم قول القائل :

محمد ابراهيم موسى كليمه
فعيسى فنوح هم أولو العزم فاعلم

ومعنى أولو العزم أنهم أكثر الرسل تحملا للشدائد التي قابلتهم في سبيل الدعوة إلى الله عز وجل

فصبروا عليها محبة في الله تعالى 0

يحكي الله تعالى في سورة الشعراء أن مما دعاه به سيدنا ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام :

( ولا تخزني يوم يبعثون * يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم ) 0

بينما يقول تبارك وتعالى في سورة التحريم في حق نبينا عليه الصلاة والسلام وعلى آله :

( يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات

تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم

وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شئ قدير ) 0

فانظروا في المقامين نجد أن سيدنا الخليل عليه الصلاة والسلام دعا ربه ألا يخزيه يوم القيامة

وهو دعاء مستجاب بإذن الله , بينما تفضل الله تعالى على نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فأعطاه النجاة

من الخزي دون سؤال , وامتد فضل الله على الأمة المحمدية فشملها ذلك الفضل الكبير 0


ولقد دعا سيدنا الخليل عليه الصلاة والسلام فقال فيما حكى الله عنه في سورة ابراهيم :

( وإذ قال ابراهيم رب أجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام ) 0

قارنوا بين هذا الدعاء الكريم وبين تفضل المولى عز وجل على ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

في قوله تعالى من غير سؤال :

( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا ) 0

وقد استعارت الآية الرجس للكفر والمعاصي واستعارت الطهارة للإيمان والطاعات

ومن ذلك ندرك أن السادة آل البيت متقون بالفطرة الطاهرة التي فطرهم الله عليها عناية وإختصاصا والله ذو الفضل العظيم 0

وقد حكى الله في سورة طه عن سيدنا موسى عليه الصلاة والسلام أنه قال :

( رب اشرح لي صدري * ويسر لي أمري ) 0

وقد استجاب الله دعوته حيث جاء في تلك السورة أيضا :

( قال قد أوتيت سؤلك يا موسى ) 0

ويخاطب الحق سبحانه رسولنا صلى الله عليه وآله وسلم بما مَنّ عليه من غير سؤال فيقول

في هذا المقام في سورة الشرح :

( ألم نشرح لك صدرك ) 0

كما يقول له :

( إن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا ) 0

فأعطاه سبحانه فضلا منه شرح الصدر وتيسير الأمر من غير طلب 0

ويحكي الله تعالى في سورة مريم تعجبها عليها السلام فتقول عندما بشرها سيدنا جبريل

بغلامها الذكي سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام :

( قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا * قال كذلك قال ربك هو علي هين ولنجعله

آية للناس ورحمة منا وكان أمرا مقضيا ) 0

قارنوا بين قوله تعالى في حق سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام : ( ورحمة منا ) 0

وبين قوله تعالى في حق صاحب الذكرى صلى الله عليه وآله وسلم في سورة الأنبياء :

( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ) 0

يتضح لنا من المقارنة أن رحمة الله التي كانت على يد سيدنا عيسى كانت للمؤمنين

بينما رحمته التي كانت على يد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كانت أعم وأشمل ودخل في

هذه الرحمة حتى الكافرين فلم يُمسخوا أو يُخسفوا كما فعل الله بكفار الأمم الأخرى ,

ويوضح هذا المعنى قوله تعالى في سورة الأنفال :

( وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو أئتنا بعذاب أليم *

وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ) 0

وقد عرض الله على رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن آذاه أهل الطائف أن يطبق عليهم

الأخشبين ( وهما جبلان بمكة ) فقال : " اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون "

فاعتذر عنهم وعندها قال سيدنا جبريل : صدق من أسماك الرءوف الرحيم 0

ودعوة الرسل الكرام على أممهم يستجيبها الله تأييدا لهم وإنتقاما من أعدائهم ولتكون عبرة لمن بعدهم ,

فلقد حكى الله ما كان من سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام حين قال كما جاء في سورة نوح :

( وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ) 0

ويحكي إستجابة دعائه في سورة القمر فيقول تعالى :

( فدعا ربه أني مغلوب فانتصر * ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر * وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء

على أمر قد قدر * وحملناه على ذات ألواح ودسر , تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر *

ولقد تركناها آية فهل من مدكر * فكيف كان عذابي ونذر ) 0

وما أروع ما يقوله الله بعد ذلك : ( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ) 0

ولقد كرر سبحانه هذه الآية في ذات السورة أربع مرات , وكان يكررها بعد أن يبين ما حاق بكل أمة من

أمم سادتنا المرسلين نوح وهود وصالح ولوط عليهم الصلاة والسلام ,

وهو بذلك يكشف لنا عن فضله على الأمة المحمدية فقد جنّبها أنواع العذاب التي أخذ بها غيرها من الأمم

ومَنّ علينا بأن أبقى فينا معجزة القرآن الخالدة تبصرة وذكرى لكل عبد منيب ,

وقد قال تعالى :

( والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى فبشر عباد الذين يستمعون القول

فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب ) 0
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس