عرض مشاركة واحدة
قديم 06-08-2010, 08:27 AM   #6
أبوعوض الشبامي
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية أبوعوض الشبامي

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إحساس حضرمية [ مشاهدة المشاركة ]
مواضيع قيمة وجميلة تبذل فيها جهد كبير ربي يحفظك..
نتابعك دائماً نستفيد ونتعلم منك أستاذنا ؛
ربي يوفقك لما تقوم به من جهد جبار في إخراج هذه المواضيع لنابهذه الصورة الجميلة..
أستاذنا أخونا الغالي *أبوعوض الشبامي*
"تقبل مروري وكل شكري وتقديري واحترامي"


اسباب الهجرات الحضرمية


المشاهد لحلقات انتجتها قناة العربية حول (( الهجرة الحضرمية )) شاهدنا كيف اغفل المتحدثون عن الهجرة الحضرمية ذكر الاسباب التي دفعت بالحضارمة مبكرا للهجرة من بلادهم صوب الشرق البعيد الاسيوي والافريقي ، واستمرار روح النزوع للهجرة حتى اليوم وكأن هذا الارث في الحراك الديمغرافي إرثا على الاجيال الحضرمية عبر العصور ان تتوراثه.

الهجرة الحضرمية هي حراك اجتماعي عام نابع من عوامل موضوعية يعيشها المجتمع الحضرمي ولايمكن ان نحصر هذه العوامل على نطاق واحد او ضيق فقد تضافرت تلك العوامل الاجتماعية والطبيعية ودفعت بهذا الحراك الاجتماعي نحو الهجرة الى اقصى مناطق المعمورة .

هناك عوامل عدة كانت من الاسباب التي دفعت الحضارمة نحو الهجرة منها ماهو إقتصادي ومنها ماهو سياسي ومنها ماهواجتماعي . وفي هذه العجالة ننبش في أوراقنا عن الهجرة الحضرمية العامل الاقتصادي وهو من أهم هذه العوامل .

العامل الاقتصادي : يعد العامل الاقتصادي من اهم الاسباب التي دفعت بالحضارمة نحو الهجرة الى جزر الارخبيل الاندونيسي ومن المعروف ان الاسباب الاقتصادية التي يعيشها شعب (( ما )) تؤدي الى حدوث الهجرات والنزوح وانتقال الاقوام من مكان الى مكان آخر. فالانسان منذ العصور الحجرية القديمة كان يعيش في حراك اجتماعي دائم يتنقل للبحث عن الماء والطرائد ، وحين دجّن الحيوانات استمر في التنقل للبحث عن المراعي ، وهذه في حقيقتها دافع اقتصادي الغرض منه تأمين سبل الرزق واستمرار الحياة وتطور هذا العامل الاقتصادي في المجتمعات الانسانية حتى العصر الحديث حيث اصبح الاقتصاد الدافع المهم في هجرة شعوب بكاملها كما قرأنا وسمعنا كيف هاجرت الشعوب من أوربا واستقرت في قارات جديدة (( الامريكيتين واستراليا )) كمثال على اهمية العامل الاقتصادي .

للعامل الاقتصادي تأثيره المباشر والملحوظ دفع بالحضرمي للهجرة نحو الارخبيل الاندونيسي ، إذ ان مناخ حضرموت وقسوة الطبيعة وموجات الجفاف والقحط الشديدين والتي غالبا ماتؤدي الى تدهور الزراعة الفقيرة اصلا ، اضافة الى شحة الامكانيات والموارد الاقتصادية الاخرى في المجتمع الحضرمي تكفي بان تدفع الحضرمي نحو الهجرة الى مناطق شرق آسيا والهند وافريقيا .

كانت حضرموت تشهد موجات من الجفاف تؤدي كثيرا الى مجاعات تضرب المجتمع الحضرمي وتحصد أرواح الألوف من الارواح ، وامام هذه الظاهرة الطبيعية القاسية لاشك انها ستكون سببا كافيا كفيلا بأن تدفع بالحضرمي للهجرة نحو شواطئ واقاليم بعيدة يبحث فيها عن مصادر رزق وعيش يوفر له الاستمرار في الحياة له ولعائلته التي تنظر منه تواصله الاقتصادي عبر ارساله مخصصات مالية دورية تأتيهم عبر البحار البعيدة نحو مراسيهم التي ترنو كل يوم لتلك الصواري القادمة وهي تمخر عباب البحار والمحملة بالمغتربين القادمين يحملون بين جنبات ضلوعهم شوق للحظات اللقاء بعد اغتراب طويل ، ويحملون معهم لذويهم من المال وغيره ما يؤمنهم من غوائل الزمان وتقلباته ، ويحملون ايضا الآمانات المرسلة معهم لبقية من يعرفونهم من القربى والاصدقاء .

لعامل الجفاف وشحة الامطار الموسمية على حضرموت تأثير كبير على تكون نفسية الحضرمي ، حيث اصبح هذا الظمأ والجفاف المادي والمعنوي جزءا من تكوين شخصية الحضرمي .

ايضا لاغرابة حين نرى الحضرمي المهاجر في تلك المناطق الاستوائية النائية والتي تشهد طيلة خمسة اشهر او اكثر من السنة هطول الامطار المستمرة لاغرابة وهو تحت المطر في تلك الاصقاع النائية ان يظل يعيش في تلهف وشغف وترقب لمن ينبأه بأخبار (( الرحمة )) وهي كناية للمطر في المصطلح الحضرمي والتي غالبا ما يسعده كثيرا من يبشره بنزول المطر وفيضان واديه في حضرموت ، و مثل هذا الخبر يسعده ويبعث سروره وربما (( أبرق )) لأهله وقومه مهنئا لهم بنزول ( الرحمة )) حتى ولو حملت تلك (( الرحمة )) معها سيولا غالبا ما تكون قاسية في انحدارها ومدمرة لمن يعترض طريقها ، فتجرف معها النخيل والحرث والضرع . إلا أن فرحة مجيئها انحدارها من بعد حين وانتظار كثير ربما يغفر لها وتبقى (( رحمة )) في عين الحضرمي .

لهذا لايراهن الحضرمي قديما او حديثا على النشاط الزراعي في الحصول على مصادر الدخول والتي من شأنها ان توفر له سبل العيش الكريم وتكفيه الفاقة والحاجة ، لهذا اتجه الحضرمي مبكرا للبحر والعمل في التجارة منذ عهود حضارة حضرموت القديمة . حيث كان لسلعة اللبان والبخور والاطياب والتوابل قيمة اقتصادية كبيرة عند كثير من الشعوب ، وكانت تلك السلع توازي في قيمتها واهميتها (( البترول )) في العصر الحديث . وعلى سواحل حضرموت قامت موانئ قديمة منها ميناء (( قنا )) وسمهرم والشحر وغيره من المواني التي كانت مراكز اتصال بين التجار الحضارمة وبقية الشعوب وانطلق الحضرمي يطوف موانئ العالم القديم بسفنه الشراعية ، ويكتسب الخبرة في مسالك البحار ومعرفة الرياح الموسمية والتي تدفع به سالما نحو الوصول الى مرافئ الشرق البعيدة . وفي تلك المراسئ اكتشف الحضرمي مدنا واقاليم غنية حباها الله بطبيعة زاخرة بالعطاء والتنوع الاقتصادي فنقل ما تنتجه تلك الاقاليم الى اقاليم تطلبه فاشتغل بالتجارة وتوسع فيها مكتسبا الخبرة في التعامل مع تلك الشعوب بعد أن اختلط بها ، واستقر من استقر من الحضارمة في تلك الاقاليم البعيدة ، وتحول الحضرمي من تاجر يبحث عن المال والثراء ، الى داعية اسلامي وسط تلك الشعوب ، يدعي الى دين الله بالموعظة الحسنة ، ولقد كان في سلوك وامانة الحضرمي وتمسكه بدينه ، دليل على حسن اسلامه وصدق رسالة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم . فاصبح المسجد يشاهد مجاورا لدكاكين الحضارمة في تلك الاصقاع النائية ، وينطلق صوت الآذان مناديا للصلاة ولرسالة التوحيد وسط شعوب كانت وثنية أخذت شيئا فشيئا تدخل في دين الله أفواجا .



.



.
التوقيع :

التعديل الأخير تم بواسطة أبوعوض الشبامي ; 06-08-2010 الساعة 08:32 AM
  رد مع اقتباس