الهجرة الحضرمية الى شرق افريقيا وشرق آسيا ودول الجوار جاءت نتيجة عوامل اقتصادية واجتماعية وسياسية وليست بمحض ارادة الحضارم فكانت قدر الحضارمة تدفعهم الرغبة اليها في مزيج من الاجبار والاختيار .
وعبر هذه الهجرة تحسنت دخول الاسر الحضرمية وعاشت تؤمن جاجتها المعيشية من مسكن ومأكل وملبس وغيره من ضروريات الحياة ..!!.
لقد شكلت هجرة الحضارمة نحو الشرق مظهرا من مظاهر القوة والعطاء والخبرة والتفوق للحضرمي ، ولم تعط مؤشرات السلبية والضعف والصورة السيئة للشخصية الحضرمية الفذة ، لهذا ظهرت اسر حضرمية هيمنة على مفاصل التجارة والثقافة والسياسة والنفوذ الاجتماعي والروحي في تلك المهاجر النائية من الشرق الأسيوي ، واصبح المهجر العربي الى جاوه كله من ابناء حضرموت يقول الشيخ علي الطنطاوي ( رحمه الله ) (( والحضارمة اليوم اكثر عرب الجزيرة نشاطا وأبعدهم همة ، وأمتلأت بهم بلاد الشرق الأقصى فلا ترى بلدا في إندونيسيا وفي الملايو يخلو منهم ))
( 1 ).
تصاعدت وتيرة هجرة الحضارمة خلال القرنين الماضيين الى اندونيسيا حتى شكلت جزر هذا الارخبيل وطن ثاني لهم ولعب الحضارمة في تاريخ جزر هذا الارخبيل دورا مهما على جميع الاصعدة الدينية والسياسية وفرض الحضارمة عقيدتهم الاسلامية وعاداتهم الاجتماعية على شعوب تلك الاصقاع وهذه الآثار الواضحة التي تركها الحضارمة في المجتمع الاندونيسي لفتت انتباه واهتمام الاستعمار الهولندي ولا غرابة ان يكلف الهولنديون احدهم في اعداد بحث يسلط الضوء على الظاهرة الحضرمية الفريدة في اندونيسيا فقد اصدر الباحث الهولندي (( فان دين برخ )) كتابا وافيا عن الحضارمة سنة 1886م عنوانه (( حضرموت والمستعمرات العربية في الارخبيل الاندونيسي Hadramaut Den Koloni Arab Di Nusantara )) يقول الباحث (( فان دين برخ )) في كتابه المذكور (( قبل القرن التاسع عشر كان عدد الحضارمة في الأرخبيل الاندونيسي محدودا نسبيا ، ومع ذلك من المسلم به أن أعدادا منهم قد استقرت في جزر الهند الشرقية منذ بضعة قرون .......))
توالت التقارير السرية الهولندية التي توصي الحكومة الاستعمارية الهولندية بالقيام باتخاذ اجراءات تحد من هجرة الحضارمة واصدار تشريعات وقوانين تقلص من نفوذهم ووجودهم إلا ان إندونيسيا كما هو معرف عنها انها تتشكل من 1800 جزيرة والجزر المسكونة تبلغ 6044 جزيرة ، وهذا العدد الهائل من الجزر المنتشرة ساعد على سهولة دخول الحضارمة اليها بالرغم من الاجراءات والصعوبات التي فرضتها الحكومة الاستعمارية الهولندية . التي وصلت حدا ان وضعت قانونا يفرض على الحضارمة تأشيرة تنقل من جزء الى جزء وسط الجزيرة الواحدة من جزر اندونيسيا .
في عام 1904م وصف المستشرق الهولندي (( سنوك هور غرونيه )) وصف القوانين التعسفية الهولندية ضد المهاجرين الحضارمة بقوله (( إن الحضارمة هنا لديهم شعور الناس الذين دخلوا منزلا بابه مفتوح ، لكن لا يسمح لهم بالذهاب ابعد من الدهليز الضيق العتيق زالذين لا يحتكون بالنزلاء الآخرين إلا عندما يذهب هؤلاء الى غرفة أخرى )) .
( 2 )
-----------------------------------------
(1) صور من الشرق في اندونيسيا الشيخ علي الطنطاوي ص185.
(2) كفاح ابناء العرب ضد الاستعمار الهولندي حامد قادري ترجمة زكي باسليمان ص970